هل هناك علاقة بين القلق وتساقط الشعر؟

القلق وتساقط الشعر
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يشكل تساقط الشعر مشكلة مزعجة لكثير من الناس، ويمكن أن يسبب لهم الكثير من الأذى العاطفي المرتبط بعدم تقبّل الصورة الذاتية والخوف المستمر من التعليقات السلبية من الآخرين أو حتى تأثّر علاقاتهم الشخصية. العلاقة بين تساقط الشعر والقلق ليست مصادفة، فهناك العديد من الأسباب لذلك، ولكن أهمها أنه عندما يتعرض الناس للتوتر، فإن أجسامهم تطلق الكورتيزول، ويمكن أن يسبب هذا الهرمون تساقط الشعر في بعض الحالات.

إذا كنت تعاني من تساقط الشعر نتيجةً للقلق، فمن الجيد أن تعرف أن العلاقة ليست دائمة وأنه يمكنك التحكم فيها ولن يكون لذلك أي تأثير على صحة الشعر على المدى الطويل، ومن المهم معرفة أن هناك العديد من الطرق للتعامل مع تساقط الشعر الناتج عن القلق والتوتر، واحدة منها هو التحكم في مستويات القلق لديك.

القلق وتساقط الشعر: ما العلاقة؟

يُعد تساقط الشعر من بين الأعراض الشائعة للقلق، وغالباً ما يساهم الخوف الدائم من المشكلة في تفاقم المشكلة، حسب رأي خبير علم النفس في كالم كلينك ميكا ابراهيم (Micah Abraham)، الذي يخبرنا أن الرابط الأساسي بين القلق وتساقط الشعر هو التوتر، وذلك لأن القلق يمكن أن يخلق مجموعة من الضغوط طويلة الأمد والمستمرة، التي تؤدي بدورها إلى العديد من الأعراض نفسها أي أعراض القلق، فالعيش في حالة قلقٍ دائم تزيد من مستوى الضغط النفسي والجسدي بشكل دائمٍ أيضاً.

وبما أنه قد توضّح أن التوتر هو الصلة الرئيسة بين القلق وتساقط الشعر، يشير المختصون من المركز الكندي لعلاج القلق (Anxiety Centre) إلى علاقة التوتر بالتحفيز المفرط (Hyperstimulation)، حيث تنشط السلوكيات الناتجة عن القلق الاستجابة للتوتر، ما يترجمه الجسم على أنه حالة طوارئ، فيبدأ بإفراز الطاقة والموارد التي نحتاجها عادة عندما نكون في خطر، وهي على سبيل المثال هرمون الكورتيزول المعروف باسم هرمون الإجهاد أو التوتر والذي يلعب دور المنظم لعمليات عديدة داخل الجسم كضغط الدم وأداء القلب والأوعية الدموية.

تكمن المشكلة الجوهرية في عدم قدرة الجسم على التعافي الطبيعي من وجود مستويات مرتفعة لهرمونات التوتر في الدم لفترة طويلة بسبب السلوك المفرط للقلق، ما ينتج عنه ما يسمى بالتحفيز المفرط للاستجابة للتوتر (Stress-response Hyperstimulation)، ويؤدي هذا الفرط في تنبيه الجسم إلى حالات الخطر -حتى لو لم تكن حقيقية- إلى إجهاد الجسم بشكل مزمن.

ووفقاً لمركز القلق الكندي، ينشط التوتر المسارات المناعية العصبية ويعزز الالتهابات العصبية التي توقف نمو الشعر، علاوة على ذلك، تسبب الاضطرابات الهرمونية ترقق الشعر وتساقطه من خلال التأثير المباشر على هرمونات أخرى مثل هرمونات الأندروجين التي يؤدي تواجدها بكثرة إلى تراجع بعض بصيلات الشعر وموتها.

علامات تساقط الشعر الكربي

إن الاسم العلمي لتساقط الشعر الناتج عن التوتر هو تساقط الشعر الكربي (Telogen effluvium)، وهو واحد من أكثر أنواع تساقط الشعر شيوعاً في العالم، وهو مرتبط بالضغوط العاطفية الشديدة. وتشير طبيبة الأمراض الجلدية والباحثة في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن نيرا ناثان (Neera Nathan) إلى ثلاث علامات تحدد الإصابة بتساقط الشعر الكربي، وهي كالتالي:

  • التساقط المفاجئ: يحدث التساقط المفاجئ للشعر بعد حوالي ثلاثة أشهر من الحدث المحفز للقلق، وهو ما تصفه الطبيبة نيرا بنوبة التوتر، فحين تدخل بصيلات الشعر في مرحلة التيلوجين قبل الأوان، تستغرق الدورة حوالي ثلاثة أشهر حتى تكتمل، فيبدأ الشعر بالتساقط.
  • تزايد وتيرة التساقط: حين يتزايد نمط تساقط الشعر، حيث يمكن ملاحظة تساقط الشعر أو زيادة مفاجئة في تساقطه في الحمام أو على غطاء الوسادة أو في أركان المنزل، إذ يمكن أن يتساقط ما يصل إلى 50% من شعر فروة الرأس في حالة تساقط الشعر المرتبط بالتوتر، وتؤكد الطبيبة نيرا أنها هذه النسبة لا تسبب الصلع الكامل.
  • الطبيعة المؤقتة: رغم أن تساقط الشعر يكون مؤقتاً في معظم الحالات ويعاود الشعر نموه بعد فترة، لكن يمكن أن لا يعود الشعر بالكامل إلى كثافته الطبيعية في بعض الحالات الأخرى، حيث يكون تساقط الشعر الكربي حينها طويل الأمد وهو نمط موجود لدى النساء، كما يمكن أن يستمر لسنوات، فيكون مزمناً.

3 طرق لعلاج تساقط الشعر الناتج عن التوتر

لا يجب أن تفقد الأمل إذا كنت تعاني من تساقط الشعر بسبب مستويات القلق والتوتر العالية لديك، لأن هذه المشكلة هي مؤقتة في العادة. فوفقاً لطبيب الأمراض الجلدية وجراحة زراعة الشعر روبرت هابر (Robert Haber)، الشفاء التام يحدث غالباً بعد عدة أشهر إلى سنة، إذا كان تساقط الشعر ناتجاً عن التوتر.

ويضيف هاربر أن مصادر التوتر التي يمكن أن تؤدي إلى هذه الحالة تشمل الأسباب التالية: الولادة والمرض والحمى والجراحة والضغط العاطفي وفقدان الوزن بشكل كبير.

لذلك يقترح الخبراء من ويب إم دي (WebMD) ثلاث خطوات يمكن القيام بها للتعافي من حالة تساقط الشعر الذي يسببه التوتر:

1. النظام الغذائي الصحي

يُعد سوء التغذية والجوع والنظام الغذائي القاسي من العوامل المسببة لتساقط الشعر الكربي حسب ما جاء في مجلة البحوث السريرية والتشخيصية (Journal of Clinical and Diagnostic Research) لعام 2015، فتناول الأطعمة المحتوية على الفواكه والخضروات والحبوب والبروتينات الخالية من الدهون يساعد في اتباع نظام غذائي متوازن.

2. المكملات الغذائية

قد يمثل النقص في فيتامينات معينة مثل فيتامين دال وفيتامين باء 12 والزنك وبروتين الفيريتين أحد أسباب تساقط الشعر الناتج عن التوتر، وفقاً لما جاء في دراسة نشرت في مجلة الأدوية والأمراض الجلدية (Journal of Drugs and Dermatology) في 2016.

3. إدارة التوتر

إن التحكم في مستويات التوتر من شأنه عكس عملية تساقط الشعر، لذلك ينصح بطلب الاستشارة والعلاج، إلى جانب بعض تقنيات إدارة التوتر التي يمكن القيام بها في المنزل، وتتضمن مجموعة من الممارسات الإيجابية مثل اليوغا والتأمل والتنفس العميق وقضاء الوقت في الهواء الطلق.

والجدير بالذكر أن القلق وتساقط الشعر حالة شائعة وقابلة للعلاج، خاصة إن كانت ناتجة عن تساقط الشعر الكربي، إذ يؤكد المختصون أنها حالة مؤقتة ويمكن عكس تساقط الشعر، على الرغم من أن هذه العملية بطيئة عموماً، إذ قد تستغرق شهوراً أو سنوات، غير أن الأخذ بنصائح الخبراء في إدارة التوتر بشكل جيّد قد يسهم في تسريع عملية نمو الشعر مجدداً.

المحتوى محمي !!