6 استراتيجيات لتصفية ذهنك وجعل دماغك أقل ضبابية

5 دقائق
تصفية الذهن
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: في عالم اليوم السريع الخُطى، نقع في الحيرة والضياع أمام ازدحام المهمات والمسؤوليات والمعلومات؛ لذا فإن تصفية الذهن هي وسيلتنا لمواكبة عجلة الحياة السريعة وإيجاد السلام الداخلي.

هل عشت هذا الشعور من قبل؛ أن يُطلب منك إنجاز مشروع ما أو الانتهاء من مهمات العمل المتراكمة، أو الاعتناء بأفراد عائلتك إلى جانب المساعدة في الأعمال المنزلية، ووجودك إلى جانب صديقك، والكثير الكثير من المهمات، فيمتلئ رأسك بالأفكار وتهمل احتياجاتك وتفقد تركيزك؟ اطمئن ولا تقلق، وإياك أن تُصاب بالإحباط، فثمة طرائق فعالة لتصفية الذهن وتحسين التركيز.

لماذا نفقد صفاء الذهن؟

عادة ما نفتقر الوضوح العقلي ونفقد صفاء الذهن نتيجة سببين رئيسَين؛ وهما:

  • تسابق الأفكار: الانتقال من فكرة إلى أخرى وعدم الاستقرار على فكرة واحدة.
  • ضبابية الدماغ: الصعوبات المعرفية واضطراب الذاكرة بضبابية الدماغ؛ إذ يعاني المصاب بها صعوبات عدة؛ ومنها:
    • صعوبة التفكير والتركيز.
    • النسيان أو فقدان الذاكرة القصيرة المدى.
    • مواجهة تحديات في التخطيط والتنظيم وإدارة المهمات المتعددة.

6 استراتيجيات لتصفية الذهن

من أجل تصفية الذهن والتركيز، تُمكنك تجربة الاستراتيجيات التالية:

1. تحديد المخاوف

إذا كنت تشعر بالقلق، يمكن أن يساعدك التوقف والتفكير في سبب القلق على التعامل معه؛ إذ توصّل الباحث في علم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا الأميركية (University of California)، ماثيو ليبرمان (Matthew Lieberman)، في الدراسة المنشورة في مجلة العلوم النفسية (Psychological Science)، إلى أن التعبير عن المشاعر يمكن أن يساعد على تخفيف التوتر والقلق. 

فعند التعبير عن الحزن أو القلق أو الغضب في كلمات، ينتقل نشاط الدماغ معظمه من اللوزة الدماغية إلى قشرة الفص الجبهي. بعبارة أخرى: ينتقل النشاط من منطقة تحفيز استجابة الكر أو الفر (Fight or Flight Response) إلى قشرة الفص الجبهي التي تساعد على اتخاذ القرارات العقلانية وتمنع السلوك اللاعقلاني؛ وهذا يعني أن التعبير عن المشاعر يمكن أن يسهم في تخفيف التوتر والقلق.

اقرأ أيضاً: كيف تتغلب على التشتت وتستعيد تركيزك لتَسعد في حياتك؟

2. اليقظة الذهنية

اليقظة الذهنية هي ممارسة الانغماس الكامل في نشاط ما، بدلاً من الانغماس في أفكارك حول أشياء أخرى، وتدريب نفسك على الوعي الذاتي يمكن أن يكون مفيداً بطرائق متعددة:

  • البقاء موجوداً ومركزاً على ما يحدث حولك: عندما تكون حاضراً، تتمكن من التركيز على نحو كامل، على زميلك في العمل في أثناء شرحه كيفية تنفيذ مهمة صعبة مثلاً، بدلاً من التفكير في مهماتك ومشكلاتك المتعددة.
  • توجيه الاهتمام إلى مهمة واحدة: ما يساعد على تنحية الأفكار الثانوية التي تشتت انتباهك جانباً إلى حين الحاجة إليها.
  • تخفيف التوتر: من خلال تعليمك كيفية التعامل مع الأفكار المشتتة للانتباه والإقرار بها، والسماح لها بالانصراف.

اقرأ أيضاً: كيف تتخلص من التوتر بممارسة تأمل اليقظة الذهنية؟

إليك كيفية ممارسة اليقظة الذهنية في خطوات بسيطة:

  • ابحث عن مكان هادئ ومريح للجلوس.
  • حدد مدة زمنية للتأمل؛ ما بين 5 و10 دقائق إذا كنت مبتدئاً.
  • اجلس على نحو مريح؛ مثلاً على كرسي مع قدميك على الأرض في أي وضعية تفضّلها.
  • ركّز على التنفس واستشعار الهواء وهو يخرج ويدخل خلال عمليتَيّ الشهيق والزفير.
  • عندما يتشتت انتباهك، ما عليك سوى إعادة توجيهه بلطف إلى التنفس.
  • لا تحكم على نفسك أو تستسلم للأفكار التي تشغل بالك؛ بل عُد فقط إلى التركيز على التنفس.

3. التعبير بالكتابة

عندما تجد صعوبة في تحديد ما يُقلقك ويسبب اضطرابك، ربما تساعد كتابة أفكارك في مذكرات يومية على تحليل الأفكار المضطربة. تشير الدراسة المنشورة في مجلة علم النفس التجريبي (Journal of Experimental Psychology: General)، إلى أن كتابة المذكرات تخفف من فوضى الأفكار المزعجة؛ ما يمكنه تخفيف التوتر وتحسين الوظائف المعرفية والذاكرة العاملة.

يمكن أن تساعد قراءة ما كتبته من أفكار بعد ذلك على تحديد الأنماط والمشكلات البارزة؛ إذ بعد جلسة كتابة حرة، قد يتجلى أمامك بعضُ المخاوف الذي لم تكن على دراية به، فتعمل على حله. تُمكنك تجربة ما يلي:

  • كُن منتظماً، وخصص 15 دقيقة على الأقل للكتابة كل يوم. غالباً ما تكون الكتابة مساءً في فترة ما قبل النوم الوسيلة الأفضل لمتابعة هذا الروتين.
  • اكتب كل ما يخطر في بالك، وتجنَّب التحفظ على نفسك أو حذف الأفكار.
  • احتفظ بمذكراتك معك لتتبع أي أفكار صعبة أو متكررة خلال اليوم.
  • راجع ما قرأته ولاحظ التغيرات التي طرأت والأمور التي بقيت على حالها.

اقرأ أيضاً: 6 نصائح لتحمي نفسيتك من الانهيار في الأوقات الصعبة

4. التخلص من الفوضى

قد يكون الحفاظ على الوضوح العقلي في بيئة تعمُّها الفوضى من أكثر الأمور صعوبةً؛ إذ أشارت دراسة   منشورة في مجلة علم الأعصاب (Journal of Neuroscience) إلى أن الفوضى التي تضم العديد من محفزات القشرة البصرية تعوق عملية التركيز، ومحاولة إنجاز المهمات.

إذا كان لديك بالفعل الكثير من المهمات، فقد تكون إضافة مهمة تنظيف المنزل أو المكتب مهمة مُربكة. ومع ذلك، ليس عليك إنجاز كل شيء في آنٍ واحد؛ إذ يمكنك البدء بالمهمات الصغيرة لبضع دقائق كل يوم. على سبيل المثال؛ ابدأ بإزالة أي أطباق متراكمة في غرفتك وضعها في غسالة الأطباق، أو قم بطيّ الملابس النظيفة وضعها في خزانة الملابس.

اقرأ أيضاً: 7 نصائح للتخلُّص من الفوضى في منزلك بسهولة

5. ممارسة التمرينات الرياضية

هل لاحظت سابقاً أنك تصبح أكثر قدرة على اتخاذ القرارات والتحكم بمشاعرك بعد التمرين؟ في الواقع، للتمرينات الرياضية فوائد تتجاوز إدارة الوزن وحرق السعرات الحرارية؛ إذ تُمكنها تصفية الذهن وزيادة الوضوح العقلي بصفة عامة نتيجة قدرتها على:

  • تحسين المزاج: أشار الباحثون في البحث المنشور في دورية الإدراك والعاطفة (Cognition and Emotion)، إلى قدرة تمرين الجري الصباحي على تعديل المزاج والتفكير بوضوح أكثر والعمل بفعالية لبقية اليوم.
  • تحديد الأهداف وحل المشكلات والتخطيط: حيث أشارت الدراسة المنشورة في دورية بلوس وان (PLOS One)، إلى أن ممارسة تمرينات الآيروبيك لمدة 20 دقيقة كفيلة بزيادة تدفق الدم إلى القشرة الأمامية؛ وهي المنطقة من الدماغ المرتبطة بعمليات التفكير "من النوع التنفيذي"؛ ما يخلق زيادة ملحوظة في النشاط العصبي المرتبط بهذه الأنواع من الوظائف التنفيذية.
  • نمو خلايا عصبية جديدة: كشفت دراسة نُشرت في دورية علم وظائف الأعضاء والسلوك (Physiology & Behavior)، أنه يمكن للتمرين الرياضي أن يحفز إنتاج عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ (BDNF)، وهو بروتين يشارك في نمو الخلايا العصبية الجديدة. تشارك الخلايا الجديدة في منطقة الحُصين المرتبطة بتعلُّم المهارات والذاكرة، على وجه التحديد، فيما يُعرف بـ "التعزيز المعرفي" مباشرةً.

اقرأ أيضاً: 3 تمارين بدنية ستساعدك على التخلص من التوتر

6. تحسين نوعية النوم

قد تعرف من أنجبَتْ طفلاً مؤخراً ذلك الإحساس المُرهِق المرافق لها طوال اليوم؛ إنه ليس فقط النعاس بل أيضاً تقلب المزاج وضبابية الدماغ؛ أي عدم القدرة على التفكير على نحو صحيح أو تذكر أي شيء عموماً. 

ووفقاً للدراسة المنشورة في دورية الطب الصادرة عن مجموعة نيتشر (Nature Medicine)؛ يعطل الحرمان من النوم قدرة خلايا الدماغ على التواصل بعضها مع بعضه؛ ما يؤدي إلى هفوات عقلية مؤقتة تؤثر في الذاكرة والإدراك البصري.

علاوة على ذلك، تتداخل قلة النوم مع قدرة الخلايا العصبية على تشفير المعلومات وترجمة المدخلات العصبية إلى تفكير واعٍ. فإذا كان سبب ضبابية دماغك هو قلة النوم، فمن المرجح أن تستعيد صفاء ذهنك عندما تحصل على قسط كافٍ من النوم. ويمكن للنصائح التالية أن تساعدك على النوم:

  • استثمر في مرتبة سرير ووسادة مريحة لدعم عمودك الفقري وتجنب الأوجاع والآلام، والحصول على الاسترخاء العضلي.
  • احجب الضوء في أثناء النوم؛ إذ يؤثر الضوء في إيقاع الساعة البيولوجية؛ لذا احرص على استخدام ستائر معتمة أو ارتدِ قناع النوم لحجب الضوء.
  • قلل الضوضاء، أو احجبها بالضوضاء البيضاء.
  • تجنب التعرض للأجهزة الإلكترونية قبل ساعتين من النوم على الأقل.
  • استحم بالماء الدافئ أو مارس اليوغا.

اقرأ أيضاً: لماذا يجب أن تصبح شخصاً صباحياً؟

جرّب تقنيات تصفية الذهن هذه للعثور على ما يناسبك منها، ثم حاول دمجها في روتينك اليومي، وستجد أنك تكتسب تدريجياً حالة ذهنية أكثر وضوحاً وهدوءاً.