الصمت العقابي بين الزوجين: ما تأثيره في صحتك النفسية؟ وكيف تواجهه؟

5 دقائق
الصمت العقابي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: الصمت العقابي هو رفض التواصل الشفهي مع شخص آخر وتجاهله، وقد يأخذ شكلاً من أشكال الإساءة العاطفية عندما يُستخدم للسيطرة على الشريك أو التلاعب به. فما النصائح التي يمكنك اتباعها للتعامل مع هذا النوع من العقاب؟

قد يكون الصمت في بعض الأحيان أبلغ من الكلام وأكثر حكمةً من قول كلمات جارحة تندم عليها لاحقاً، خصوصاً في العلاقة الزوجية. ومع ذلك، فقد يلجأ بعض الأزواج إلى الصمت، ليس مراعاةً لشعور الشريك وإنما كوسيلة للسيطرة عليه ومعاقبته؛ وهو ما يُعرَف بـ "الصمت العقابي" (Silent treatment). فما هو الصمت العقابي بالتحديد؟ وما آثاره السلبية في العلاقة الزوجية والصحة النفسية؟ وما الخطوات الصحيحة للتعامل مع الشريك الذي يعاقِب بالصمت؟

اقرأ أيضاً: 5 نصائح لتعزيز التواصل بين الأزواج

ما هو الصمت العقابي؟

الصمت العقابي هو رفض التواصل الشفهي مع شخص آخر وتجاهله أو التعامل معه وكأنه غير موجود أساساً، وهو شكل من أشكال النبذ الاجتماعي وأداة شائعة تُستخدم في أثناء الخلافات في العديد من أنواع العلاقات الإنسانية لإلحاق الألم.

في الواقع، قد يلجأ الأزواج إلى المعاملة الصامتة نتيجة العديد من الأسباب؛ كأن يُستخدَم الصمت كأسلوب لتجنُّب الخلاف خصوصاً عندما لا يعرف الشخص ماذا يقول، أو كأسلوب للتواصل عندما لا يعرف الشخص كيف يعبّر عن مشاعره ولكنه يريد إظهار انزعاجه ومشاعره للشريك، أو قد يُستخدَم بنيّة معاقبة الشريك والسيطرة عليه، فيأخذ في هذه الحالة شكلاً من أشكال الإساءة العاطفية (الإيذاء النفسي) وذلك كما في الحالات التالية:

  • تطبيق الصمت بغرض إيذاء الطرف الآخر.
  • استمرار الصمت لأيام أو أسابيع متتالية أو لمدة زمنية أطول.
  • انتهاء الصمت عندما يقرر الشخص ذلك.
  • التحدث مع الجميع ما عدا الشريك.
  • استخدام الصمت لإلقاء اللوم على الشريك وجعله يشعر بالذنب.
  • استخدام الصمت للتلاعب بعواطف الشريك أو السيطرة عليه أو الضغط عليه لتغيير سلوكه.

يختلف الصمت العقابي عن الصمت الذي يُستخدم كحاجة للتهدئة أو إعادة تجميع الأفكار، فالصمت العقابي يحدث بشكل متكرر ويستمر لفترات طويلة، ولا ينتهي إلا عندما يعتذر الطرف الآخر أو يتوسل أو يستسلم للمطالب أو يغير سلوكه.

اقرأ أيضاً: 14 استراتيجية لإنقاذ علاقتك الزوجية

تأثير الصمت العقابي في الصحة النفسية للشريك

يستخدم كل من الرجال والنساء الصمت العقابي في العلاقات على الرغم من أنه طريقة غير مثمرة لحل الخلافات، فقد يسبب الصمت العقابي مشاعر سلبيةً مثل الغضب والضيق، أو قد يعزز مشاعر الخوف والضعف، بالإضافة إلى أن الأشخاص الذين يشعرون بالتجاهل والنبذ على نحو منتظم قد يعانون من تدني مستويات احترام الذات والانتماء ويشعرون بغياب المعنى من حياتهم.

علاوة على ذلك، قد تسبب الإساءة العاطفية الشعور بالوحدة واليأس، وقد تكون عاملاً مسهماً في بعض الأمراض؛ مثل الاكتئاب، ومتلازمة التعب المزمن، واضطراب الألم الليفي العضلي.

حيث أشارت إحدى الدراسات إلى أن الصمت العقابي ينشّط القشرة الحزامية الأمامية من الدماغ؛ وهي المناطق نفسها التي تسجل الألم، وهذا يعني أن الناس لا يشعرون بالألم العاطفي فقط عند المعاناة من الصمت العقابي؛ وإنما قد يشعرون أيضاً بمستوىً معين من الألم الجسدي قد يؤدي إلى ظهور آثار جانبية جسدية ضارة مثل تغيرات الوزن، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات النوم.

اقرأ أيضاً: المشروعات والأحلام المشتركة مفتاح العلاقة الزوجية الناجحة

تأثير الصمت العقابي في العلاقة الزوجية

بغض النظر عن كيفية استخدام الصمت في العلاقة الزوجية، فإن المتلقي سينظر إليه على أنه شكل من أشكال الرفض والنبذ، وسيؤدي إلى جرح الشخص الذي يعاني منه وقد يسبب ضرراً في العلاقة الزوجية لا يمكن إصلاحه، ومن بعض آثاره نذكر:

  • تحطُّم الثقة بين الزوجين: إن ألم الرفض والنبذ الذي يعاني منه الشريك قد يضر بالثقة العاطفية ويدمرها، وخصوصاً عند اقتناع الشخص الذي يعاني من الصمت بأن شريكه سيؤذيه مرة أخرى لاحقاً.
  • الشعور بالاستياء: قد يدفع الصمت العقابي الشريك إلى التصرف بطريقة يشعر أنها غير عادلة؛ أي الاعتذار غير الضروري أو تحمُّل مسؤوليات شخص آخر، وقد يتراكم الاستياء بمرور الوقت ويسبب ضرراً للعلاقة الزوجية.
  • التأثير في العلاقة الحميمية والإلفة: قد ينشأ العديد من الحواجز العاطفية والجسدية بين الأزواج عندما تتحطم الثقة بينهما ويتراكم الاستياء بمرور الوقت؛ ما قد يؤثر في الشعور بالرضا والسعادة والالتزام، وقد يجعل العلاقة الزوجية عرضة لمشكلات إضافية.

اقرأ أيضاً: 4 مبادئ للحب الدائم بين الزوجين

كيف ترد على الصمت العقابي؟

نظراً لتأثيره الخطِر في الصحة النفسية والعلاقة الزوجية، فإن معرفة كيفية الاستجابة للصمت العقابي قد تكون أمراً بالغ الأهمية. لذلك؛ ولمساعدتك على تخفيف التوتر وبدء التواصل مع الشريك؛ ضع في اعتبارك استخدام النصائح التالية:

1. أعطِ الشريك بعض الوقت

قد يحتاج الشخص الذي يتبع أسلوب الصمت العقابي إلى بعض الوقت ليهدأ ويستجمع أفكاره ويفهم مشاعره ويكتسب وجهة نظر واضحة. أعطه بعض الوقت لذلك، وتذكَّر أن للصمت أكثر من دافع واحد.

2. افهم الدافع واعترف بمشاعر الشريك

قد يستخدم الشريك الصمت حينما لا يمتلك الأدوات اللازمة للاستجابة على نحوٍ مختلف، وقد لا يعرف ماذا يفعل عند تعرضه للمشاعر القوية فيصمت؛ كما قد يكون الصمت أيضاً استجابة سلبية عدوانية لتجنُّب التواصل المباشر مع شعوره بالألم.

في الأحوال جميعها، قد يساعدك فهم دوافعه على التعامل معه في المستقبل. وبالطبع، يمكنك أن تطلب من الشريك أن يشرح مشاعره، وأن تستمع بتعاطف دون أن تتخذ موقفاً دفاعياً أو استفزازياً. وفي حال استجاب الشريك بطريقة تهديدية أو مسيئة، فمن المهم أن تبتعد عنه حتى يهدأ.

3. وضِّح شعورك

أخبر الشريك كيف يؤلمك الصمت العقابي، وكيف أنه يجعلك تشعر بالإحباط والوحدة، وهو أمر لا تريده ولا تحتاجه في العلاقة. اشرح له أنه لا يمكنه حل المشكلات بهذه الطريقة، وكن واضحاً بشأن هذه المشكلات.

اقرأ أيضاً: الطلاق الصامت: غريبان تحت سقف واحد

4. استخدم لغة تعاونية في التواصل

عندما تبدأ في التواصل مع الشريك، حاول أن تسمِّي الموقف؛ كأن تقول: " ألاحظ أنك لا تكلمني أو لا تستجيب لي"، فهذا من شأنه أن يخلق أساساً للتفاعل بينكما على نحو أكثر فعالية.

وحاول استخدام عبارات تتضمن الضمير "نحن" فهي عبارات تشير إلى الرغبة في التعاون، وتجنَّب استخدام العبارات التي تبدأ بالضمير "أنت"، لأن الجمل الاتهامية أو محاولة إلقاء اللوم قد تجعل الأمور أسوأ.

تذكَّر أنه وعلى الرغم من أنه ليس خطؤك أن يقرر الشريك اتباع الصمت العقابي، فأنت تتحمل مسؤولية الاعتذار إذا كنت قد فعلت شيئاً خاطئاً. تجنَّب تصعيد الموقف أو استفزاز الشخص الصامت بهدف دفعه إلى الكلام، لأن هذا من شأنه أن يزيد حدة الصراع.

5. ضع قواعدَ محددة للتصرف عند حدوث الخلافات

فكِّر في إجراء محادثة وجهاً لوجه مع الشريك وتوضيح بعض القواعد من أجل تواصل أفضل في المستقبل. وضح القواعد وما هو مقبول أو غير مقبول للتصرف والتحدث مع بعضكما بعضاً عندما تسوء الأمور بينكما، ووضح كيف ستتجنب الصمت العقابي للمضي قدماً. أصغِ جيداً إلى ما يقوله الشريك وكرره حتى تكون واضحاً بشأن ما تتوقعانه من بعضكما بعضاً.

6. تجاهَل الصمت

في بعض الأحيان، وعندما يكون الصمت العقابي عبارة عن نهج سلبي عدواني، فإن ما يريده الشريك هنا هو أن يجعلك تشعر بالسوء بما يكفي لأن تقوم بالخطوة الأولى؛ أي أنه ينتظر منك أن تسأم وتستسلم لمطالبه.

وفي هذه الحالات، مارس حياتك وعملك كما لو أن الصمت العقابي لا يزعجك. قد يكون القول أسهل من الفعل؛ لكن حاول تشتيت انتباهك بممارسة الأنشطة الخارجية أو الانغماس في كتاب جديد أو غير ذلك؛ إذ عليك أن تُظهر للشريك أن الصمت العقابي ليس وسيلة للحصول على ما يريده منك.

7. دافع عن نفسك

عندما تتصاعد الأمور الى إساءة عاطفية، فأنت لست في علاقة صحية. لكن وفي حال كنت تعتقد أن هذه العلاقة تستحق الإنقاذ، فقم بوضع حدود صارمة حول السلوك المقبول وكيف ينبغي للشريك أن يعاملك، واقترح على الشريك أو لكليكما الحصول على استشارة نفسية من المختصين لحل مشكلات العلاقة وتحسين التواصل، ووضح بدقة ماذا سيحدث عند تجاوز الشريك للحدود الموضوعة. قد يكون الحل الأخير في حال عدم وجود أمل في أن يتغير الشريك هو إنهاء العلاقة.

اقرأ أيضاً: الطلاق ليس نهاية العالم: إليك كيفية التعامل مع تبعاته النفسية

8. تجنَّب استخدام بعض السلوكيات

عند الاستجابة للصمت العقابي، فثمة بعض الأمور التي عليك تجنُّب القيام بها؛ مثل:

  • الرد بغضب وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد الخلاف.
  • التوسل والاستجداء ما قد يشجع على تكرار السلوك فقط.
  • الاعتذار لإنهاء هذا الوضع حتى و إن لم تفعل شيئاً خاطئاً.
  • أخذ الأمور على محمل شخصي وتحميل نفسك المسؤولية، فأنت لست مسؤولاً عن الطريقة التي يختار بها الآخرون معاملتك.
  • التهديد بإنهاء العلاقة ما لم تكن مستعداً للقيام بذلك.

ختاماً، لا تتعلق المعاملة الصامتة دائماً بالإساءة العاطفية، فقد يفتقر بعض الأشخاص إلى مهارات التواصل الفعال، وقد يحتاج القليل من الوقت لحل الأمور. ومع ذلك، قد يلجأ بعض الأزواج إلى الصمت العقابي كوسيلة للسيطرة والإساءة العاطفية، وهنا لا بد من معرفة كيفية التصرف على نحوٍ صحيح.

المحتوى محمي