ملخص: إذا اختل توازن النفس، فقد يُصاب الجسد، وهذا بالضبط ما يحدث لنا عند الإصابة باضطراب المعدة النفسي أو (المعدة النفسية).
محتويات المقال
إن كانت معدتك تؤلمك، فقد تعتقد أن السبب هو خلل وظيفي في بطنك. حسناً هذا صحيح؛ لكن الجاني هنا قد يكون دماغك!
من بين أمراض الجهاز الهضمي، توصف المعدة العصبية أو المعدة النفسية بـ "الحرباء". فعلى الرغم من وجود أعراض نموذجية مثل آلام الجزء العلوي من البطن والشعور بالامتلاء؛ لكن يمكن أن تحدث مشكلات أخرى في الجهاز الهضمي، وتختلف هذه الأعراض وشدتها ما بين مصاب وآخر. وبشكل عام، لإيجاد علاج المعدة النفسية لا بد من التعرف إلى أهم أعراضها.
ما هي المعدة العصبية؟
عندما تكون على وشك إجراء اختبار أو مقابلة عمل، أو عندما تكون في حالة تأهب لصعود المسرح والتحدث أمام حشد غفير، تشعر بألم في معدتك يبدو كحجارة تضربها وتُثقلها، وهذا ما يُعرف بـ "المعدة العصبية" أو "عسر الهضم الوظيفي" (Functional dyspepsia)، وهذه المشاعر الجسدية هي أحد الأمثلة على كيفية تأثير مشاعر الشخص في جسده.
المعدة العصبية اضطراب في الجزء العلوي من البطن. غالباً ليست هناك مدعاة للقلق؛ لكن إذا كنت تعاني من أعراض مستمرة، فقد ترغب في التفكير في زيارة مقدم رعاية صحية.
اقرأ أيضاً: قد يصل إلى حد التغيب عنها: تعرّف إلى قلق الاختبارات
دماغ البطن: كيف يتأثر الجهاز الهضمي بعوامل القلق والتوتر؟
يحتوي الجسم على جهاز عصبي معقد ومنفصل يُعرف بـ "الدماغ الثاني" أو "دماغ البطن"، وهو الجهاز العصبي المعوي. يمتد هذا الجهاز من المريء إلى فتحة الشرج، ويتألف من نحو 500 مليون خلية عصبية، ويصل طوله إلى 9 أمتار، ويتصل بالدماغ بواسطة قناة ثنائية الاتجاه هي العصب المبهم.
وفقاً للاختصاصية النفسية جاكلين سبيرلينغ (Jacqueline Sperling)؛ يُنتج الجسم غالبية الناقل العصبي السيروتونين الذي يؤثر في الحالة المزاجية، في الجهاز الهضمي؛ أي عندما نكون في مواجهة مع مؤثر خارجي مسبب للخوف أو التوتر، يمكن للدماغ أن يتواصل مع القناة الهضمية، والعكس صحيح.
اقرأ أيضاً: ما أنواع القلق المفيدة للدماغ؟
أسباب المعدة النفسية
منذ آلاف السنين، كان الفرار آلية الدفاع الأولى التي يواجه بها الإنسان مخاوفه؛ حيث يتأثر الجهاز العصبي السمبثاوي (اللاإرادي) بالمؤثر الخارجي، فيحفز الجسم على إفراز هرمونات التوتر (الأدرينالين والكورتيزول)، التي تعمل على إرسال الطاقة إلى العضلات والرئتين للمساعدة على الهرب؛ ما يُعرف بـ "استجابة الكر أو الفر" (Fight or Flight Response).
إلا أن المحفز الخارجي حالياً قد يستمر لأكثر من بضع ساعات، ولم يعد الهروب خياراً ملائماً في لحظات الخوف أو القلق، ومن ثَمّ فقد تكون هذه الآلية مضرّة وتسبب اختلال توازن الجسم أكثر من أن تكون مفيدة.
تستجيب النهايات العصبية في المعدة لهرمونات التوتر التي يطلقها الدماغ ضمن استجابة الكر أو الفر، وتقلل الهرمونات بدورها ضخ الدم إلى المعدة والأمعاء، وتحوله نحو العضلات والرئتين؛ ما يؤدي إلى تباطؤ المعدة.
كما تؤدي الاستجابة للتوتر والقلق الخارجيَّين إلى شد عضلات الجسم؛ بما في ذلك عضلات المعدة، وتسبب هذه التأثيرات مجتمعةً شعور الألم في المعدة.
اقرأ أيضاً: هل يسبب القلق تشنج العضلات؟
محفزات المعدة النفسية
يتضمن بعض مسببات المعدة النفسية المرتبطة بالتوتر ما يلي:
- الضغط.
- القلق.
- اضطرابات الاكتئاب؛ مثل الاضطراب ثنائي القطب.
- الفصام.
- متلازمة القولون المتهيّج.
- التهاب الأمعاء.
- نمط الحياة غير الصحي؛ كالتدخين وشرب القهوة والإدمان على الكحول، وكلّها عادات تؤثر في بطانة المعدة.
أعراض المعدة العصبية
قد يكون الشعور المرافق للمعدة العصبية مؤقتاً، ويتضمن شعوراً بـ "فراشات البطن" أو تشنج المعدة يزول بزوال العصبية. ومع ذلك، يمكن أن يُصاب الجسم بالتوتر المزمن نتيجة الإجهاد المتواصل؛ ما يسبب مشاعر عصبية مزمنة في المعدة تترافق مع أعراض جسدية في أجزاء مختلفة من الجهاز الهضمي؛ مثل:
- اضطراب المعدة أو عسر الهضم.
- متلازمة القولون العصبي.
- انتفاخ البطن.
- الألم والتشنج.
- الإسهال.
- الإمساك.
- الغثيان.
- فقدان الشهية أو إشارات الجوع غير المتزامنة.
- الشبع المبكر.
- زيادة الحاجة إلى التبول أو التبرز.
- الألم الموضعي أسفل عظمَيّ القص.
- الحموضة المعوية.
اقرأ أيضاً: ما هي أعراض القلق النفسوجسدية؟
علاج المعدة النفسية
يختلف علاج المعدة النفسية باختلاف المسبب. عندما يكون الشعور ناتجاً من القلق أو التخوف المرافق لأحد المواقف مثل التكلم على الملأ أو انتظار نتائج الاختبار، فإن تهدئة النفس وإدراك أن الشعور مؤقت، يمكن أن يضعا حداً لاستجابة التوتر بحيث تعود المعدة إلى طبيعتها في غضون 20 دقيقة أو أكثر. وفي المقابل، عندما يكون الشعور بالمعدة النفسية ناتجاً من الإجهاد المزمن، فقد تطول فترة التعافي.
بشكل عام، يمكن التخفيف من حدة أعراض المعدة النفسية وتسريع عملية التعافي منها باستخدام بعض علاجات المعدة النفسية؛ مثل:
- العلاج السلوكي: يمكن للطبيب أو المعالج النفسي مساعدة المصاب بالمعدة النفسية على تقليل التوتر، أو توجيهه للتعامل بشكل أفضل مع الضغوط، سواء كانت في العمل أو المنزل أو المدرسة أو غيرها.
- الأدوية: قد يقلل بعض أدوية علاج الاكتئاب والقلق الإجهادَ المسبب للمعدة النفسية.
- التأمل: يتضمن التأمل الاستلقاء أو الجلوس في جو هادئ، والتركيز على التنفس لمدة تتراوح بين 10 و15 دقيقة يومياً، ويمكن أن يقلل التوتر والقلق.
- الغذاء: ثمة أغذية تزيد شدة أعراض المعدة النفسية؛ مثل القهوة والصودا والأغذية المصنعة، بينما تساعد الأغذية الغنية بالألياف كالخضار والفواكه، والغنية بالبروبيوتيك كالزبادي، على تخفيف القلق. وبشكل عام، يوصى بتناول وجبات صغيرة ومتكررة بدلاً من الوجبات القليلة العدد والكبيرة الحجم.
- النشاطات اليومية لتخفيف التوتر: مثل كتابة اليوميات أو الاستماع إلى الموسيقا أو الرسم أو التحدث إلى الأصدقاء.
- العلاجات الطبيعية: مثل الزنجبيل أو النعناع.
اقرأ ايضاً: شفاؤك من المعاناة النفسية يبدأ بتقبُّل ذاتك
في الختام، ضع في اعتبارك إن وجود ارتباط بين التوتر والمعدة النفسية لا يعني بالضرورة أن المعدة النفسية ناتجة من اضطراب نفسي أو أن الاضطراب النفسي ناتج من العصبية؛ بل من المرجح أن يكون مزيجاً من الاثنين.