ماذا تعرف عن النهج النفسي لإنقاص الوزن؟ وكيف تطبقه؟

5 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: إن فقدان الوزن لا يتعلق بالحلول السريعة أو الاستغناء عن أطعمة معينة أو مغذيات كبيرة؛ بل بإحداث تحولات سلوكية والالتزام بالعادات الصحية وتعديل علاقتك بالطعام وممارسة الرياضة. وعلم النفس هو ما يدعم هذه التغييرات طويلة المدى، باتباع بعض النصائح والحيل النفسية.

يمكن أن يكون فقدان الوزن عملية محبطة وصعبة، خصوصاً عندما تفشل الحميات الغذائية أو تأتي بنتائج عكسية؛ وذلك ببساطة لأن فقدان الوزن ليس تحدياً جسدياً فحسب؛ بل اختبار نفسي أيضاً. 

في الواقع، يعاني العديد من الأشخاص فقدان الوزن لأنهم يعتمدون على قوة الإرادة وحدها؛ لكن دعني أخبرك بسرٍّ شاركته أستاذة علم النفس الاجتماعي والصحي في جامعة مينيسوتا (University of Minnesota) ومؤلفة كتاب “أسرار من مختبر الأكل” (Secrets From The Eating Labترايسي مان  (Traci Mann): “قوة الإرادة؛ الشيء الذي نلوم أنفسنا جميعاً لعدم تحلينا به، فهي في كثير من الأحيان صفة أسطورية، وبالتأكيد ليست شيئاً يمكن الاعتماد عليه لفقدان الوزن”. أي أنها غالباً ما تكون غير كافية للتغلب على الحواجز النفسية التي تؤثر في عاداتنا الغذائية.

فإذا كنت قد جربت الحميات الغذائية معظمها دون نتيجة، ربما يكون الوقت حان لتغيير ما هو أكثر أهمية؛ عقلك. فسواء كنت ترغب في التخلص من بعض الوزن أو إجراء تغيير جذري  في نمط حياتك، يمكن لهذه الحيل النفسية أن تساعدك على تحقيق أهدافك وتحسين صحتك.

اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين الاكتئاب واضطرابات الطعام؟ دراسة جديدة تجيب

الحواجز النفسية: لماذا نفشل في إنقاص الوزن؟

لتتمكن من فقدان الوزن باتباع علم النفس الغذائي، لا بدّ أولاً أن تحدد العقبات النفسية التي تواجهك للتغلب عليها:

التشوه المعرفي: “كل شيء أو لا شيء”

التفكير بطريقة “كل شيء أو لا شيء” هو أحد انماط ما يُعرف في علم النفس بـ “التشوه المعرفي”، ويعتقد الأفراد الذين يتبنونه بأنهم إما ناجحون إذا تمكنوا من إنقاص الوزن، وإما فاشلون تماماً إذا لم ينجحوا في المهمة؛ وهو ما قد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعدم القدرة على السيطرة على الأكل أو الحفاظ على وزن صحي وفقاً لدراسة نُشرت في مجلة البدانة (Journal of Obesity).

الصورة السلبية لشكل الجسم

إذا كنت تحاول إنقاص الوزن فأنت غالباً تسعى إلى تغيير شكل جسمك لعدم رضاك عنه، وهو أمر لا حرج فيه بطبيعة الحال. لكن بالنسبة إلى بعض الناس، يرتبط شكل الجسم بقيمة الذات؛ لذا فقد يواجهون الإحراج في الأماكن العامة، ويتجنبون النشاط البدني، ويتبعون أنماط غذائية منخفضة المحتوى بالسعرات الحرارية دون تعويض للقيمة الغذائية.

الضغوط النفسية

يلجأ بعض الناس إلى الطعام باعتباره وسيلة لتهدئة مشاعرهم عندما يتعرضون إلى التوتر والضغط؛ وهو ما قد يعوق فقدان الوزن بعد طرائق:

  • الإفراط في تناول الطعام: وجدت دراسة منشورة في دورية مينيرفا لطب الغدد الصماء (Minerva Endocrinology) أن تناول الطعام بإفراط قد يتحول إلى آلية تكيف مزمنة لإدارة ضغوط الحياة.
  • اتباع نمط غذائي غير صحي: قد يميل من يتناول الطعام بإفراط بتأثير الضغط، إلى اتخاذ اختيارات غير صحية. حيث وجد البحث المنشور في دورية المغذيات (Nutrients) أنه عندما نكون في حالة عاطفية، فإننا غالباً ما نبحث عن الأطعمة التي تحتوي نسبة عالية من الطاقة والسكر والدهون المشبعة، حتى لو لم نكن جائعين.
  • تجميع الدهون: توضح مختصة الصحة النفسية سارة النابلسي، إن الجسم يكون في إحدى حالتين؛ إما حرق الدهون وإما تخزينها، وفقاُ لحالته النفسية. فعندما يكون الجسم في وضعية راحة؛ أي يشعر بالأمان، يدخل في برنامج حرق الدهون؛ لكن في الضغوط النفسية، يفعّل الجسم برنامج تخزين الدهون، بتأثير ارتفاع نسبة هرمون التوتر (الكروتيزول)؛ حيث ينقل هذا الهرمون الدهون من أماكن تخزينها في الجسم إلى البطن وتجميعها فيه؛ ما يعوق محاولة فقدان الوزن.

اقرأ أيضاً: لا تعلّق على وزنه وأكله: إليك 5 جمل لا تقُلها للمصاب باضطرابات الطعام

8 استراتيجيات نفسية لإنقاص الوزن

يمكن لبعض الاستراتيجيات النفسية أن تساعدك على تجاوز الحواجز النفسية التي تعوقك عن فقدان الوزن؛ وأهم تلك الاستراتيجات:

  • تحديد الهدف

أظهر البحث المنشور في المجلة الدولية للتغذية السلوكية والنشاط البدني (International Journal of Behavioral Nutrition and Physical Activity)، إن تحديد الهدف يحفزك فعلياً على تغيير سلوكك، سواء كان ذلك فقدان قدر معين من الوزن، أو تناول طعام صحي، أو ممارسة المزيد من التمارين الرياضية. 

من خلال التعمق أكثر في دوافعك، يمكنك الوصول إلى ما يُعرف بـ “الصورة الشاملة”؛ وهي الهدف أو الغرض النهائي الذي تكتشفه من خلال عملية طرح السؤال “لماذا؟”؛ حيث إن ربط أفعالك اليومية بهدفك الأكبر يوفّر لها المزيد من السياق والمعنى؛ ما قد يساعدك على تجاوز الضغوط والتحديات اليومية.

  • حدد أهدافاً صغيرة

ركز على الأهداف الصغيرة التي من شأنها تحسين نمط حياتك دون أن تُحدث تغييراً جذرياّ فيها؛ مثل:

  1. تناوُل المزيد من الخضروات والفواكه كل يوم.
  2. ممارسة نشاط بدني مدة 30 دقيقة يومياً.
  3. صعود الدرج عوضاً عن استخدام المصعد المتحرك.
  • خداع الدماغ بمضغ العلكة

يمكن لبعض الحيل النفسية أن تخدع الدماغ للشعور بالشبع والرضا المؤقت؛ ما يقلل الرغبة في تناول الطعام، ويمنحك شعوراً أطول بالامتلاء؛ مثل مضغ العلكة. أفادت دراسة نُشرت في دورية الشهية (Appetite) بأن مضغ العلكة المحلاة يؤدي إلى تحفيز دماغك للاعتقاد بأنك على وشك تناول الطعام، من خلال  توفير التحفيز الحسي مع عدد قليل من السعرات الحرارية؛ ما يساعد على قمع الرغبة الشديدة في تناول الطعام، كما أن هذا لا يمنحك شعوراً بالامتلاء فحسب؛ بل يضمن أيضاً إبقاء فمك مشغولاً بحيث لا يتمكن من تناول الطعام. 

  • كسر الدورات

حتى بعد النجاح بفقدان الوزن نتيجة الالتزام بالحمية الغذائية، فإن أغلب الناس يعودون إلى اكتساب ما فقدوه بمجرّد إيقاف الحمية؛ لذا فإن الأمر يتطلب تغييراً جذرياً في العادات وأنماط السلوك لأن أنماط السلوك عبارة عن دورات مكررة من العادات، ولن يحدث تغيير ذو معنى حتى نكسرها.  

تنصح مختصة التغذية سينثيا ساس (Cynthia Sass) بمحاولة تحديد السلوكيات التي تؤدي إلى زيادة الوزن، ثم تغييرها ببطء وخطوات صغيرة بحيث يمكنك التعامل معها بسهولة دون الشعور بالحرمان. على سبيل المثال؛ إذا كان نمط حياتك يستدعي منك تناول وجبة متأخرة في الليل، حاول تغيير الوجبة من البسكويت أو رقائق البطاطس إلى فواكه أو خضروات، وفي اليوم التالي اجعلها مشروباً خالياً من السعرات الحرارية.

  • تعلم تقنيات الاسترخاء

لمواجهة ضغوط الحياة اليومية، يمكنك اللجوء إلى تقنيات الاسترخاء؛ مثل التنفس العميق واليقظة الذهنية واليوغا، بالإضافة إلى تجنب مسببات التوتر من أشخاص وأماكن.

وقد وجد باحثون في دراسة منشورة في مجلة الطب السلوكي (Journal of Behavioral Medicine) أن أسلوب التخيل الموجه يساعد على إنقاص الوزن؛ وهو تقنية تتضمن التركيز على الصور الذهنية الإيجابية لتحفيز التغيرات الجسدية في الجسم؛ مثل أن تتخيل نفسك بالوزن المطلوب، وكيف تشعر، وتصوّر نفسك منخرطاً في سلوكيات صحية مثل تناول وجبات مغذية وممارسة التمارين الرياضية؛ ما قد يساعدك على اتخاذ اختيارات صحية.

  • إعطاء الأولوية للنوم

ربطت العديد من الدراسات؛ بما فيها تلك المنشورة في دورية بي إم جيه (BMJ)، بين عادات النوم غير الصحية وسلوكيات الأكل المفرط وزيادة الوزن. لذا فإن تحسين نوعية النوم يعد طريقة ملائمة للتغلب على العقبات النفسية لإنقاص الوزن؛ ويتضمن ذلك:

  1. النوم المبكر في موعد محدد كل ليلة والاستيقاظ في الوقت ذاته كل صباح.
  2. الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية قبل النوم.
  3. محاولة تقليل الضوضاء.
  4. النوم في الظلام الدامس، تُمكنك تجربة قناع النوم أو الستائر الحاجبة للضوء.
  • الحديث مع النفس

عوضاً عن لوم نفسك وانتقادها مثل “لا يمكنني إنقاص وزني أو الحفاظ عليه”، “أنا سمين جداً”، أو “لا أمتلك جسداً يؤهلني للانخراط في نشاطات خارجية”، حوّل الحديث السلبي عن النفس إلى تشجيع لها. يساعد الحديث الإيجابي مع النفس على إعادة توجيه أفكارك والبقاء إيجابياً.

  • كافئ نفسك: احتفل بالانتصارات الصغيرة

تتكون رحلة فقدان الوزن من سلسلة من الانتصارات صغيرة؛ لذا امنح نفسك مكافأة على إنجازاتك، الأسبوعية أو حتى اليومية، يمكنك الذهاب إلى السينما أو أي مكان آخر مفضل لك، المهم أن تكون مكافأة غير تناول الطعام تُشعرك بالسعادة.

في الختام، إذا لم تُجدِ الإرشادات السابقة نفعاً فالأفضل حينها استشارة مختص نفسي لتحديد الأسباب النفسية التي قد تعوقك عن فقدان الوزن، وأفضل الحيل لتجاوزها.

اقرأ أيضاً: 10 نصائح ستجعلك تتناول الطعام عند الشعور بالجوع فقط

المحتوى محمي !!