6 إرشادات فعالة تخلصك من التفكير بطريقة “كل شيء أو لا شيء”

4 دقيقة
كل شيء أو لا شيء
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: على الرغم من أن العالم مليء بالألوان الكثيرة وتدرجاتها المختلفة، فإنه يوجد بعض الأشخاص الذين لا يستطيعون رؤيته سوى باللونين: الأبيض أو الأسود، وذلك نتيجة وقوعهم في فخ تشوه معرفي يُدعى: “كل شيء أو لا شيء”، فهم إما أن يقوموا بمهامهم على أكمل وجه أو لا يؤدونها من الأساس، فما العلامات التي تؤكد أن الشخص يتبع هذا النمط من التفكير؟ وكيف يتخلص منه؟ هذا ما سنجيب عنه في مقالنا.

هل تجد نفسك أحياناً تفكر بطريقة الأبيض والأسود؟ بمعنى أنه إما أن تقوم بالمهام المطلوبة منك على أتم وجه أو تتركها نهائياً؟ إذا كان هذا السلوك يسيطر على حياتك فربما تعاني من تشوه معرفي يُدعى: “كل شيء أو لا شيء”، وفي الحقيقة أن التفكير بهذه الطريقة يلغي تماماً المساحة الرمادية الموجودة في حياتنا ويتسبب في عرقلتنا بشكل واضح، لذا سنتعرف في هذا المقال إلى أهم علاماته وكيفية التغلب عليه.

ما التفكير بطريقة “كل شيء أو لا شيء”؟

تشير المختصة النفسية مها الزهراني إلى أن الشخص الذي يفكر بطريقة الأبيض أو الأسود يرى الأمور كلها إما جيدة أو سيئة، ولا يوجد لديه أي حلول وسط، ما يجعله يضع لنفسه مهمات شبه مستحيلة بمعايير صارمة.

ويعد التفكير بطريقة “كل شيء أو لا شيء” أحد أنواع التشوهات المعرفية، وينتشر بالأخص بين الأشخاص الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب أو نوبات الهلع، أو من يميلون إلى الكمالية، ولا يتيح هذا النمط من التفكير أي فرصة لبناء وجهات نظر متوازنة تجاه الأمور.

3 أمثلة للتفكير بطريقة “كل شيء أو لا شيء”

يؤكد المختص النفسي سلطان العصيمي على أنه إذا وجد الشخص نفسه يفكر بطريقة أن كل شيء يفعله نتيجته إما النجاح أو الفشل ولا شيء بينهما، أو أن الأشخاص من حوله إما ملائكة أو أشرار، فمن المحتمل حينها أنه يعاني من التفكير بطريقة الأبيض والأسود، وإليك أمثلة أخرى للتوضيح:

  1. ذهب مازن إلى مقابلة توظيف نسي خلالها بعض المعلومات التي ينبغي عليه قولها، ما جعله يظن أن من يجري معه المقابلة شعر بالانزعاج منه، فدفعه ذلك إلى الاعتذار عن استكمال المقابلة وغادر المكان.
  2. تجتهد سارة باستمرار للالتزام بنمط غذائي صحي يتضمن تناول الخضروات والفواكه والبروتينات، لكنها لبت يوماً ما دعوة إحدى صديقاتها لحضور حفل زفافها وتناولت بعض الأغذية غير الصحية، ما جعلها تتوقف عن الاستمرار في النظام الغذائي الصحي لظنها أنه أصبح لا جدوى من ورائه، وأيضاً توقفت عن ممارسة الرياضة.
  3. فقد سعيد وظيفته مؤخراً وعلى الرغم من ذلك فهو ما زال يتمتع بنواحي إيجابية في حياته مثل صحته الجيدة وعائلته الودودة وأصدقائه المخلصين، لكنه رفض الاعتراف بكل ما سبق وأخذ يؤكد لكل من حوله أن حياته قد انتهت.

اقرأ أيضاً: رهاب النقص عندما يعرقل الخوف من ارتكاب الأخطاء حياة الشخص

تعرف إلى العلامات التي تخبرك بأنك تفكر بهذه الطريقة

يوجد العديد من العلامات التي تؤكد أنك تفكر بطريقة “كل شيء أو لا شيء”، أهمها:

  1. غالباً ما تستخدم كلمات مثل: دائماً وأبداً وينبغي ولا ينبغي ومستحيل.
  2. تجد صعوبة في رؤية الإيجابيات في المواقف الحياتية.
  3. لا تفعل أي شيء إلا إذا كنت متأكداً بأنك ستقوم به على أتم وجه.
  4. ليس لديك أي مرونة لتقبل الانتقادات أو التعليقات على ما تقوم به.
  5. يمكن أن تشعرك الأخطاء الصغيرة بالفشل الذريع.
  6. لا تستطيع مسامحة نفسك على أخطائك.
  7. تفشل دوماً في إيجاد الحلول الوسط.

كيف يؤثر هذا التشوه المعرفي في صحتك النفسية؟

تسهم طريقة التفكير بنمط “كل شيء أو لا شيء” في تدهور صحتك النفسية من خلال عدة مسارات في مقدمتها تعزيز الكمالية، فهي تجعل الأشخاص يظنون بأن أي خطأ يظهر في قراراتهم أو مهامهم يعد دليلاً على فشلتهم تماماً في القيام بأي شيء، ما يدخلهم في حلقة مفرغة من نقد الذات والإحباط، وبالتالي إصابتهم بالتوتر المزمن والمعاناة من ملاحقة المشاعر السلبية، إلى جانب إعاقة نموهم الشخصي وتراجع قدراتهم الإبداعية.

كما أن هذا التشوه المعرفي يؤدي دوراً بارزاً في زيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب؛ إذ إن المبالغة في الشعور بالفشل وتضخيم الأخطاء تحفز الشعور باليأس وانعدام القيمة، لذا يعد التعرف إلى الاستراتيجيات المعززة للمرونة خطوة مهمة للتغلب على الاكتئاب وقبول الذات.

لا تتوقف الآثار النفسية السلبية للتفكير بطريقة “كل شيء أو لا شيء” عند هذا الحد، فالأشخاص الذين يتبعونها يجدون أنفسهم يعيشون حالة مستمرة من عدم الارتياح والخوف والقلق، وهو ما قد يتطور أحياناً إلى الإصابة باضطراب القلق العام أو اضطراب القلق الاجتماعي.

اقرأ أيضاً: تعرف إلى إيجابيات وسلبيات السعي نحو الكمال

6 إرشادات فعالة للتغلب على التفكير بطريقة “كل شيء أو لا شيء”

إذا كنت تعاني من التفكير بطريقة “كل شيء أو لا شيء” فتذكر مبدئياً أن الحياة مليئة بالمساحات الرمادية، لكن حتى تتمكن من اكتشافها وتصبح أكثر مرونة يمكنك اتباع بعض الإرشادات، أهمها:

  1. راقب نفسك لمعرفة الأوقات التي تنخرط فيها في هذا النوع من التفكير وأيضاً تكتشف المحفزات التي تدفعك إلى ذلك، ومن ثم اعمل على إعادة صياغة أفكارك وتحديد الواقعي منها وغير الواقعي حتى يزيد وعيك بسلوكياتك وتنجح في تحسينها.
  2. لا تتردد في طرح الأسئلة التي تساعدك على استكشاف المناطق الرمادية في حياتك، مثل: هل هناك طرق أخرى لحل المشكلة؟ ما هي وجهات النظر الأخرى حول هذا الموضوع؟ كيف ينظر الآخرون إلى هذا الموقف؟
  3. عندما ترتكب الأخطاء لا تدعها أن تقنعك بانعدام قيمتك، لكن انظر إلى ذاتك نظرة متزنة تتعرف من خلالها إلى نقاط قوتك ونقاط ضعفك مما يعزز تقديرك لذاتك.
  4. حاول التوقف عن ترديد الجمل المرتبطة بنمط تفكير “كل شيء أو لا شيء”، فمثلاً تجنب القول: “أنا دائماً ما أتخذ قرارات سيئة ولا توجد أي جدوى من وراء محاولة إصلاح ذلك”، أو: “الأمطار التي هطلت في صباح هذا اليوم أفسدته علي”، أو: “الحياة مليئة بالأشرار لذا سأتجنب التعامل مع البشر”.
  5. كافئ نفسك على النمو وليس الكمال بمعنى أنك إذا حققت 80% من هدف ما فلا تحرم نفسك من سعادة الاحتفال بإنجازك، ولا تدع صوت الكمالية الذي يتردد في ذهنك أن يفسدك عليك المجهود الذي بذلته.
  6. في حال وجدتك أنك رغم إتباع الإرشادات السابقة ما زلت تعاني من نمط تفكير “كل شيء أو لا شيء” فلا تتردد حينها أن تلجأ إلى المعالج النفسي، الذي يمكن أن يساعدك باتباع بعض الأساليب العلاجية أهمها العلاج المعرفي السلوكي.

اقرأ أيضاً: حارب الكمالية بالرضا وتحرر من شقاء المُثل العليا