دليلك المبسط لمساندة موظف يعاني القلق المزمن

5 دقيقة
القلق المزمن في العمل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

في زاوية معتمة من المكتب، يجلس موظف في فريقك، يتصفح بريده الإلكتروني للمرة العاشرة، يتنقل بتوتر بين أكوام الورق وشاشة حاسوبه، ثمة معركة صامتة تدور داخل عقله، ليست مع موعد نهائي، ولا مشروع يجب تسليمه، لكنه يخوض معركته الأصعب مع "القلق"، ذلك الموظف المبدع والمنتج، يعيش حالة من الخوف الدائم، تتسارع دقات قلبه حين يباشر مهمة جديدة، ما يعوق قدرته على الإبداع، ويؤثر سلباً في إنتاجيته. ترى ماذا يمكنك أن تفعل من أجل موظفك الذي يعاني القلق؟ وكيف تدعمه؟ الإجابة ستجدها عبر هذا المقال.

6 نصائح فعالة تساعدك على تقديم الدعم لموظفك الذي يعاني القلق

يتطلب التعامل مع موظفك الذي يعاني القلق نهجاً واعياً بالإضافة إلى بعض الأدوات والاستراتيجيات المهمة، منها على سبيل المثال:

1. مارس الاستماع الفعال 

عند التعامل مع موظف قلق، استمع إليه باهتمام، وامنحه كامل انتباهك، بالإضافة إلى ذلك، تفهم مخاوفه دون إصدار أحكام، واستجب له بتعاطف، ومع مرور الوقت قد يخفف الاستماع الفعال قلقه بجعله يشعر بالفهم والدعم.

2. عزز ثقافة السلامة النفسية

غالباً ما يتردد الموظفون في مناقشة مشاكل الصحة النفسية وتحدياتها خوفاً من الوصمة أو التمييز أو العواقب المهنية السلبية، لهذا حاول قدر الإمكان تبني ثقافة السلامة النفسية، وهو مفهوم يشير إلى ثقافة مكان العمل التي يشعر فيها الأفراد بالأمان للتعبير عن آرائهم، وطلب المساعدة، والاعتراف بالأخطاء دون خوف من الإحراج أو العقاب أو إصدار الأحكام.

ويمكن القول إن بيئات العمل الآمنة نفسياً تعزز الثقة، وتشجع على التواصل المفتوح، وترتبط بانخفاض الإرهاق النفسي وتحسين أداء الفريق، بالإضافة إلى ذلك، يمكن لثقافة السلامة النفسية أن تسهل عملية إدارة التوتر، وتساعد على الوقاية من القلق والاكتئاب، وذلك من خلال ضمان شعور الموظفين بالدعم والتعاطف.

اقرأ أيضاً: كيف تخفف القلق والتوتر؟ 7 إرشادات عملية تساعدك 

3. كن مرناً 

إذا كان ذلك ممكناً في مجال عملك، امنح موظفك القلق مزيداً من المرونة في جدول عمله والمشاريع والمهام التي ينبغي له إنجازها. على سبيل المثال، يمكنك أن تسمح له بالعمل عن بعد في أيام معينة من الأسبوع، وفي أثناء تسليم المشاريع المهمة اسمح له بالبدء مبكراً حتى يتكيف مع المسؤولية بطريقة أفضل، وفيما يخص أفراد فريق عملك جميعهم، شجعهم على مغادرة العمل في الموعد حتى يحسوا بقدرتهم على التوفيق بين حياتهم المهنية والشخصية، وبالتالي سيشعرون بتوتر أقل في العمل.

4. قدم المساعدة بحكمة 

شجع موظفك على الاستقلالية من خلال مساعدته في إيجاد موارد أو حلول للمشاكل، بدلاً من تحمل مسؤولياته، ويشرح الطبيب النفسي، عماد رشاد عثمان، الفرق بين مفهومي المساعدة والتمكين؛ فحين تساعد موظفك القلق، أنت توفر له الأدوات اللازمة لتحقيق النجاح جميعها، أما التمكين فإنه يتعلق بإنجاز مهامه في العمل عوضاً عنه، والحقيقة أن اتباع نهج المساعدة دون تمكين يساعد على بناء ثقته بنفسه وتقليل اعتماده على الآخرين في مهامه.

5. عزز الإيجابية في بيئة العمل 

عندما تكون في منصب قيادي، خصص بعض الوقت لتقدير نجاحات الموظفين واحتفل بها؛ شجع العمل الجماعي، واخلق فرصاً للتواصل الاجتماعي الحقيقي، وذلك لأن الموظف الذي يعاني القلق يحتاج إلى الإحساس بالطمأنينة، وبأنه مهم في الفريق، ومن ثم، فإنك بتعزيز الإيجابية في بيئة عملك تدعم موظفك القلق وتعزز الشعور بالانتماء لدى باقي الفريق.

6. ركز على المشكلة لا على الشخص 

حين تحدث مشكلة في العمل تخص الموظف القلق، تعامل مع المشكلة بطريقة مباشرة وحاول حلها مع الفريق، لأن الموظف حين يحس بأنه هو المشكلة سوف يتفاقم شعوره بالقلق، ومن الممكن أن يتراجع أداؤه بالعمل، لذلك ركز على وضع حلول للمشكلة، واسأل الموظف؛ هل كانت التعليمات غير واضحة؟ هل ثمة تعديلات كبرى؟ وحين يلاحظ الموظف طريقتك في حل المشكلة سيقل شعوره بالذنب، وسيشعر بأنه لا يتعرض للحكم عليه.

اقرأ أيضاً: ما هي الأطعمة التي تحارب الخوف والقلق؟

كيف تتعامل إذا كنت موظفاً يعاني القلق؟

بصفتي موظفة تعاني القلق الشديد، فكرت أن أقدم لك بعض الاستراتيجيات التي يمكنها مساعدتك في التعامل مع مشاعر القلق، منها على سبيل المثال:

  1. حدد محفزات القلق: لا تنتظر تلك المشاعر الصعبة أن تهجم عليك فجأة، وعوضاً عن ذلك، تعرف إلى محفزاتك. على سبيل المثال، اسأل نفسك: متى يداهمك القلق في العمل؟ هل مع اقتراب الموعد النهائي؟ أم في الاجتماعات الأسبوعية مع مدير الفريق؟ حين تتعرف إلى محفزاتك سوف تتمكن من التعامل معها.

وفي هذا السياق، ينصح الطبيب النفسي، سامي العرجان، بضرورة تحديد المواقف والأحداث التي تثير القلق لديك، بعدها حدد نسبة شعورك بالقلق من كل منها، ثم اعمل على تقليل تلك المشاعر من خلال التعرض، المهم أن يكون التعرض بالتدريج حتى لا تتفاقم مشاعر القلق.

  1. خذ فترات راحة قصيرة: حين تداهمك مشاعر القلق بقوة، لن تتمكن من التركيز في العمل مهما حاولت، ولهذا خذ فترات استراحة قصيرة، ابتعد تماماً عن حاسوبك الشخصي وهاتفك المحمول؛ خذ أنفاساً عميقة، وركز على تنفسك، وحاول أن تتحرك قدر الإمكان.
  2. اخلق لنفسك مساحة عمل مريحة: وذلك لأن بيئتك المحيطة تؤثر تأثيراً محورياً في حالتك النفسية، وهناك طرق كثيرة لتحسين بيئة عملك؛ على سبيل المثال، يمكنك إضافة بعض النباتات الخضراء، أو الاستماع إلى الموسيقى في أثناء استراحات العمل.
  3. ابحث عن هواية خارج العمل: من منطلق تجربتي الشخصية دعني أخبرك بأن ممارسة الهويات خارج العمل تحسن حالتك النفسية، وتخفف مشاعر القلق والاكتئاب. يمكنك على سبيل المثال الانضمام إلى نادي الكتاب أو ممارسة التلوين أو الموسيقا.
  4. طور عادات صحية في نمط روتينك اليومي: على سبيل المثال، حاول قدر الإمكان تناول الطعام الصحي وشرب كمية كافية من المياه، علاوة على ذلك، قلل الكافيين واحصل على قسط كاف من النوم، ولا تنس ممارسة التمارين الرياضية.

ما هو تأثير القلق في الأداء الوظيفي للمصاب به؟

أجرت جمعية القلق والاكتئاب الأميركية استطلاعاً للرأي كشفت من خلاله أن أكثر من نصف الذين يعانون القلق قالوا إنه أثر في أدائهم في العمل، وشعر 50% منهم بتأثير مباشر في جودة عملهم. وقال 43% آخرون إنهم أحسوا بتأثير القلق الشديد في علاقاتهم برؤسائهم في العمل، ويمكن القول إن قلق موظفك يؤثر في أدائه بالطرق التالية:

  1. يغير القلق طبيعة العلاقة مع الزملاء والرؤساء في العمل: وذلك لأن الموظف الذي يعاني القلق غالباً ما يسعى إلى تجنب البيئات الاجتماعية، ما يؤدي إلى تفويت الاجتماعات المهمة، ويؤثر سلباً في عملية التواصل وتعزيز الروح المعنوية داخل الفريق.
  2. الاعتمادية على الآخرين: فالموظف القلق يخشى ارتكاب الأخطاء، ويخاف خوفاً كبيراً من الفشل، لهذا فإنه يفتقر إلى الثقة في عملية اتخاذ القرارات، أو المخاطرة، ومن ثم، يعتمد على زملائه في الفريق، وهذا قد يؤدي إلى توزيع غير متكافئ للعمل، ما يسبب مشاعر الاستياء والإحباط داخل الفريق.
  3. انخفاض الإنتاجية: وذلك لأن الموظف الذي يعاني القلق يواجه صعوبة بالغة في إدارة أعباء العمل، خاصة في المواقف العالية الضغط، وهذا قد يؤدي إلى تفويت المواعيد النهائية، أو عدم إنجاز المهام، أو الحاجة إلى تدخل الآخرين، ما يضعف الإنتاجية والروح المعنوية للفريق.
  4. انخفاض جودة العمل: حيث إن الموظف القلق يهاب الفشل بشدة، ومن ثم يستهلك كل طاقته في الخوف ورسم السيناريوهات داخل عقله، وبالتالي تضيع منه الطاقة اللازمة لإنجاز العمل. وعلى الجانب الآخر، قد يسرع الموظف في إنجاز مهامه حتى يتخلص من مشاعر القلق والتوتر، وهذا يؤثر سلباً في جودة عمله.
  5. كثرة التغيب عن العمل: الحقيقة أن تأثير القلق يتجاوز العقل وغالباً ما يمتد إلى الجسد، حيث يأتي مع مجموعة من الأعراض مثل اضطرابات النوم، ومشكلات الجهاز الهضمي، وتيبس الرقبة أو الفك أو الظهر، علاوة على الإحساس بالإرهاق والتعب، ما يعني أن الموظف سوف يتغيب عن العمل كثيراً حتى يتعامل مع هذه الأعراض الجسدية.

اقرأ أيضاً: لا تحاول التحكم في مسببات القلق: تعرف إلى كيفية التعامل مع مريض القلق النفسي!

المحتوى محمي