ما هو الهوس الاكتئابي؟ وكيف يمكن علاجه؟

3 دقيقة
الهوس الاكتئابي

يتصل إيقاع حياتنا اليومية بدرجة كبيرة مع حالتنا المزاجية، فعندما نكون سعداء تتحسن إنتاجيتنا، أما عندما نحزن فقد تتراجع قدرتنا على تأدية المهام المطلوبة منا، وبين الحالين يكون الأمر في الوضع الصحي تحت السيطرة نسبياً.
لكن هذا لا يتحقق عندما يعاني الشخص من الهوس الاكتئابي؛ إذ يعاني من خروج حالته المزاجية عن نطاق سيطرته، فتمر عليه أيام يجد نفسه فيها يفيض بالطاقة التي قد تجعله لا يستطيع النوم، وفي أيام أخرى لا يتمكن من مفارقة السرير لانخفاض طاقته، وما يزيد الأمر تعقيداً أن المريض لا يدري في أي حالة مزاجية سيكون في الصباح التالي.

من قلب المعاناة، كيف تبدو نوبات الهوس الاكتئابي؟

ربما لا نتمكن من رؤية الاضطرابات النفسية على حقيقتها سوى عبر أعين المصابين بها، وذلك ما سيتحقق لنا من خلال رواية أحد مرضى الهوس الاكتئابي تفاصيلَ معاناته لنا.

يقول المريض الذي رفض ذكر اسمه أنه عندما تأتيه نوبات الهوس تكون مصحوبة بموجة عالية من الطاقة تُشعره بأنه لا يريد التوقف عن التفاعل والحركة، وذلك بالتوازي مع حالة تفاؤل غير عقلانية تجعله حتى لو تعرض لأحداث سيئة مثل اصطدام سيارة بمنزله، أن يبتهج ويراها فرصة لاستغلال وقته وطاقته المفرطة في إصلاح منزله.

كما يؤكد على أنه خلال مروره بنوبات الهوس لا يتمكن من النوم جيداً، وينخرط في محادثات مع المحيطين به تتميز بسرعة حديثه وتنقله بين الموضوعات بصورة تجعل من الصعب عليهم مواكبته والتفاعل معه، ومع حالة الاندفاع غير المحسوبة التي يكون فيها، قد يقع أحياناً في فخ شراء الكثير من الأشياء التي لا يحتاجها، وذلك ما يورطه غالباً في ديون ثقيلة تتراكم عليه مع كل نوبة.

ما هو الهوس الاكتئابي؟

تشير الطبيبة النفسية إيمي مورين (Amy Morin) إلى أن الهوس الاكتئابي مصطلح قديم لما يُعرف اليوم بالاضطراب ثنائي القطب الذي يعني بحسب الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)؛ تأرجح الشخص بين الهوس والاكتئاب.

واستُخدم مصطلح الهوس الاكتئابي قبل تغيير التسمية رسمياً عام 1980 لوصف مجموعة واسعة من الاضطرابات النفسية؛ كما كان مصحوباً بوصمة عار للمريض، لذلك جاء مصطلح الاضطراب ثنائي القطب ليكون محدداً أكثر.

ويُقصد بالهوس الحالة النفسية التي تترافق معها مستويات عالية من الطاقة والإثارة والنشوة تستمر لفترة طويلة، ويمكن أن يكون لهذه النوبات تأثير خطير في حياة الشخص في مختلف مناحيها.

اقرأ أيضا:

أسباب الهوس الاكتئابي

لا توجد أسباب مؤكدة للإصابة بالهوس الاكتئابي؛ لكن بحسب المعهد الوطني الأميركي للصحة النفسية هناك عدة عوامل تزيد احتمالية الإصابة به، وتشمل:

  1. إصابة أحد أفراد الأسرة بنفس الاضطراب.
  2. الاختلافات في كيمياء الدماغ وبنيته، إلى جانب وجود خلل في النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين والنورادرينالين.
  3. العيش في بيئة تتسم بالضغط النفسي، مع المعاناة من بعض المشكلات مثل اضطرابات النوم وتعاطي المخدرات.

أعراض الهوس الاكتئابي

تتنوع الأعراض التي تشير إلى الإصابة بالهوس الاكتئابي، وأبرزها:

  1. قلة الحاجة إلى النوم.
  2. الحديث بسرعة ودون ترتيب للأفكار.
  3. التشتت الذهني وعدم القدرة على التركيز.
  4. الطاقة الزائدة عن الحد.
  5. الميل إلى السلوكيات الخطرة.
  6. ظهور أفكار تدل إلى جنون العظمة؛ مثل الاعتقاد بامتلاك قدرات جبارة أو مواهب استثنائية أو أموال طائلة.
  7. زيادة الرغبة الجنسية.
  8. التفاؤل غير المنطقي.

علاج الهوس الاكتئابي

يتمثل علاج الهوس الاكتئابي وفقاً للطبيبة النفسية دينا كاليوسترو (Dina Cagliostro)، في اتباع مسارات مختلفة ويتحقق نجاحه بالمتابعة المستمرة، ومن أهم المسارات العلاجية المتاحة:

1. العلاج الدوائي

يصف الطبيب للمريض الدواء المناسب بحسب شدة حالته، وتوجد اختيارات عديدة أهمها مثبتات المزاج التي تعمل على ضبط الحالة المزاجية وتوازنها بعيداً عن نوبات الهوس، إلى جانب وصف مضادات الاكتئاب، وأحياناً تستخدم مضادات الذهان إذا كانت نوبات الهوس مصحوبة بهلاوس أو أوهام.

2. العلاج السلوكي المعرفي

يركز هذا النوع من العلاج على استراتيجيات المواجهة والتدرب على مهارات حل المشكلات وزيادة مساحة التواصل مع الآخرين في حياة المريض، بالإضافة إلى صناعة روتين يومي يساهم في السيطرة على الحالة المزاجية، بتحديد مواعيد النوم والوجبات والأنشطة اليومية الأخرى، وذلك بالتوازي مع التثقيف النفسي الذي يجعل المريض واعياً بالمؤشرات التي تدل على اقتراب نوبة الهوس، ويزوده بالطرق الفعالة التي تجعله يواجهها ويخرج منها بأقل الخسائر.

إذا كنت تعاني من نوبات الهوس الاكتئابي فاعلم أنه رغم قسوة ما تمر به؛ لكن المثير للتفاؤل أنه يوماً بعد يوم تظهر حلول علاجية متقدمة تستطيع تخفيف معاناتك، فلا تتردد أن تأخذ خطوتك الأولى على طريق العلاج لتنعم بحياة أفضل.

المحتوى محمي