ماذا وجدت الدراسات العلمية في بحثها عن الاكتئاب في السعودية؟

3 دقيقة
دراسات عن الاكتئاب في السعودية
unsplash.com/Hello I'm Nik
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعاني المنطقة العربية من معدلات اكتئاب مرتفعة نظراً لوجود مجموعة من العوامل المؤثرة في الصحة النفسية للمواطنين؛ حيث تلقي الأوضاع السياسية والاقتصادية بثقلها على كافة الجوانب الاجتماعية والشخصية للفرد العربي.

وتختص السعودية كغيرها من الدول في المنطقة بمعدلات عالية من اضطرابات المزاج والقلق؛ إذ قُدر انتشار الاكتئاب واضطرابات القلق في عام 2017 بنحو 4.5% و 4.3% على التوالي وفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية التي اعتبرته السبب الرئيسي الثاني في سنوات الحياة الصحية المفقودة.

وتُظهر الدراسات تزايد هذه الظواهر النفسية في أوساط شرائح اجتماعية مختلفة؛ إذ لا تقتصر على فئة عمرية محددة بل تطال الصغار والكبار.

يتناول هذا المقال تفاصيل ما جاءت به نتائج أحدث الدراسات عن الاكتئاب في السعودية، ويوضح مدى وعي السعوديين بأسباب الاكتئاب وطرق علاجه.

انخفاض الوعي بمرض الاكتئاب عند السعوديين

تؤدي الاختلافات الاجتماعية والثقافية للمجتمعات إلى اختلاف مستويات الوعي بمواضيع الصحة النفسية كذلك، غير أن المعضلة تكمن في أن الوعي بالمرض لا يكفي؛ تنبغي معرفة أسبابه وسُبُل علاجه بالطريقة الصحيحة؛ أي عند الطبيب النفسي وليس عن طريق التّداوي الذاتي (Self-medication) ويعني ذلك تناول الأدوية أو الأعشاب أو العلاجات المنزلية بمبادرة شخصية أو بناءً على نصيحة شخص آخر دون استشارة الطبيب.

ويُعتبر اللجوء إلى التّداوي الذاتي لعلاج الاكتئاب ظاهرة طاغية على المجتمع السعودي وفقاً لمراجعة تحليلية قامت بها كل من منال سلامة العنزي ومريم محمد العنزي ونوف سعود العنزي وهاجر صلاح خليف العنزي من جامعة الحدود الشمالية (Northern Border University) في السعودية.

ويؤدي انتشار المعتقدات الشعبية كالاعتماد على المعالجين المحليين أو القوى الخارقة للطبيعة لمكافحة المرض في بعض الأحيان إلى التسبب في مزيد من المضاعفات للمصاب؛ حيث يقلل كل من انخفاض الوعي بالمرض وضعف ثقافة الاستعانة بمختصي الصحة النفسية من عدد الحالات التي تعالَج ويرفع من معدلات الأمراض والاضطرابات النفسية في السعودية.

اقرأ أيضا:

ازدياد القلق والاكتئاب واضطرابات النوم المصاحِبة لجائحة كوفيد-19 في الرياض

لا تختلف الأوضاع في السعودية عن بقية العالم، فقد أسهم نقص التواصل الاجتماعي وسياسة التباعد الاجتماعي بسبب جائحة كوفيد-19 في زيادة حالات الاكتئاب لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20-40 سنة، وكانت النساء أكثر عرضةً للإصابة بالاكتئاب من الرجال.

وفي دراسة مقطعية نُشرت منتصفَ هذا العام أشرفت عليها طالبة الطب من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، رهف القحطاني بمشاركة زملاء لها والأستاذ المساعد والمختص في أمراض النساء والتوليد من مركز الأبحاث بمدينة الملك فهد الطبية، أحمد صالح، أشارت النتائج إلى ارتفاع معدلات ضعف جودة النوم وتدهور الصحة النفسية في الرياض خلال فترات الحجر الصحي بسبب جائحة كوفيد-19.

حيث اعتمدت العينة الإجمالية على 399 مشاركاً أغلبهم من الطلاب بمتوسط 23 سنة من العمر، ونصفهم من المتزوجين. واستخدمت الدراسة استبياناً عبر الإنترنت على المستوى الوطني شمل المشاركين الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاماً بهدف تقييم معلوماتهم الاجتماعية والديموغرافية وحالتهم النفسية باستخدام مقياس القلق والاكتئاب بالمستشفى (HADS)، وتقييم اضطراب النوم لديهم بواسطة مقياس أثينا للأرق (AIS) ومؤشر شدة الأرق (ISI).

أفضت النتائج إلى معرفة معدلات انتشار القلق والاكتئاب والأرق بنسب 38.6% و 33.1% و 54.9% على التوالي؛ حيث تبين أيضاً أن المشاركين الذين يعانون من أمراضٍ مزمنة كانوا أكثر عرضة للإصابة بأعراض الاكتئاب.

اقرأ أيضا:

الاكتئاب بين المراهقين السعوديين مقلق للغاية

يبدو أن الاكتئاب وجد طريقه للصغار أيضاً في المجتمع السعودي. تُظهر هذه الحقيقة دراسةٌ مقطعيةٌ أُجريت على 960 طالباً بهدف تقدير مدى انتشار الاكتئاب بين المراهقين السعوديين وتحديد ارتباطاته.

وقد أشرف على هذه الدراسة التي نُشرت في المجلة الطبية السعودية (Saudi Medical Journal)، الباحثة من قسم طب الأسرة والمجتمع في جامعة الملك سعود ندى اليوسفي بمشاركة زملاءٍ لها من التخصص والجامعة نفسهما.

استُخدم استبيان صحة المريض (PHQ-9) كأداة لتجميع المعلومات عن طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية في مدينة الرياض؛ كما استخدمت أيضاً تقنية الانحدار اللوجستي ثنائي الاستجابة -وهي منهجية حديثة في تحليل الإحصاءات- في تشخيص عوامل الخطر المحتمَلة.

وأشارت النتائج إلى معاناة 32.4% من الطلاب من اكتئاب متوسط إلى شديد، وكان أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 16-19 سنة أكثر عرضة للإصابة. أما عوامل الخطر للإصابة المحتمَلة بالاكتئاب التي استنتجتها الدراسة، فقد شملت الإساءة الجسدية والعاطفية، بخلاف استخدام معتدل للانترنت وعدم الإفراط في التصفح وممارسة النشاط البدني اللذان يشكلان عواملَ وقائية ضد الاكتئاب، بينما كان جنس الإناث والمستوى التعليمي المنخفض للأب من العوامل المهمة للتنبؤ باحتمالية الإصابة بالاكتئاب.

بالتأكيد دقت الدراسات عن الاكتئاب في السعودية ناقوس الخطر بشأن ارتفاع معدلات انتشار الاكتئاب بين الشباب والمراهقين، وهي معدلات مثيرة للقلق تستدعي وعياً كبيراً من أفراد المجتمع السعودي لتثقيف أنفسهم أكثر بمخاطر هذا المرض وطرق علاجه بدلاً عن الاعتماد على الخرافات الشعبية وزيادة الظاهرة سوءاً.

اقرأ أيضا: من الاكتئاب إلى مشاكل الصحة الجسدية: العلاج البيئي قد يوفّر حلولاً مُساعدة.

المحتوى محمي !!