ملخص: يسلط هذا المقال الضوء على الكآبة الشتوية وأسبابها المحتملة والنصائح التي يقدّمها خبراء الصحة النفسية للتغلب على آثارها. بدءاً من التعديلات في النظام الغذائي ونظام النوم إلى إدارة وقت الشاشة؛ تعرّف إلى الأساليب العملية لمساعدتك على اجتياز أشهر الخريف والشتاء بمرونة وحالة مزاجية عالية.
محتويات المقال
في حين قد يرى البعض أن الكآبة الشتوية مجرّد مبالغة، يأتي مختصو الطب النفسي لتأكيد أن فصل الشتاء يمكن أن يكون له بالفعل تأثير في أمزجتنا. ويؤكّد هذا أستاذ الطب النفسي، هشام أحمد رامي، الذي يوضّح إن الأبحاث العلمية أثبتت بالفعل أنه مع تغيّر الفصول، ولا سيّما الخريف والشتاء، تقلّ نسبة التعرّض إلى أشعة الشمس؛ ما يتسبّب في نقص بعض الموصلات العصبية ومن ثَمَّ ظهور أعراض الحزن والشعور بالأسى؛ ولكنّ هذه الحالة ليست اكتئاباً.
بالنسبة إلى البعض، يكون هذا التغيّر في الحالة المزاجية مؤقتاً، ويمكن التحكم فيه بسهولة من خلال تعديلات نمط الحياة التي يقترحها هذا المقال. لكن بالنسبة إلى آخرين، يمكن أن تتحوّل الكآبة الشتوية إلى نوعٍ أكثر حدّةً من الاكتئاب الذي قد يحتاج إلى طلب الاستشارة المتخصصة.
ما الكآبة الشتوية؟ وما أعراضها؟
يتعرّض بعض الأشخاص إلى تغيّرٍ مؤقّتٍ في الحالة المزاجية سنوياً في الطقس البارد والأيام القصيرة خلال فصل الشتاء بسبب ما يُعرف بـ "الكآبة الشتوية" (Winter Blues)؛ حيث يشعرون بالتعب والحزن، ويعانون صعوبة التركيز واضطراب جدول نومهم.
ويشير خبراء معاهد الصحة الوطنية (National Institutes of Health) إلى أن الكآبة الشتوية تكون عادة مرتبطة بحدثٍ محدّدٍ خلال هذه الفترة من السنة مثل الظروف الضاغطة أو تذكّر عزيزٍ غائب. ولا تُعد الكآبة الشتوية تشخيصاً طبياً، وهي حالة شائعةٌ، وعادةً ما تختفي خلال فترة زمنية قصيرة.
ومن أهم أعراض الكآبة الشتوية:
- زيادة عدد ساعات النوم.
- زيادة الشهية، وبخاصة للسكريات والكربوهيدرات.
- زيادة الوزن.
- الحساسية العالية تجاه الرفض أو النقد.
- الشعور بثقلٍ في أطراف الجسم السفلية.
- التراجع في مهارات التواصل مع الآخرين.
ما الذي يسبّب كآبة الشتاء لدى البعض؟
يفترض العلماء أن أسباب الإصابة بالكآبة الشتوية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بكيفية تفاعل الجسم مع الضوء. فالتعرّض إلى الضوء يؤثّر في مستويات الهرمونات في الجسم. لذلك؛ يؤدّي الضوء دوراً حاسماً في تثبيط إنتاج الميلاتونين المسؤول عن النوم. وبالنسبة إلى المصابين بالكآبة الشتوية، يؤدي انخفاض ضوء النهار خلال فصل الشتاء إلى زيادة إنتاج الميلاتونين؛ ما يؤدّي إلى الشعور بالخمول وأعراضٍ مشابهة للاكتئاب.
فالأفراد الذين يعانون الكآبة الشتوية من المحتمل أنهم يتأثرون بانخفاض ساعات النهار خلال أشهر الشتاء. ويسهم عدم التعرّض إلى الضوء الكافي في حدوث خللٍ في مستويات الهرمونات، وبخاصة الميلاتونين الذي يرتبط بأعراض التعب والكآبة. لذا؛ إذا وجدت نفسك تعاني أعراض كآبة الشتاء، فمن المحتمل أن يكون ضوء النهار المتناقص عاملاً مسهماً.
اقرأ أيضاً: ما هو الاكتئاب الموسمي؟ وكيف يمكن علاجه؟
كيف تفرّق بين كآبة الشتاء والاكتئاب الموسمي؟
إن الشعور بالحزن خلال أشهر الخريف والشتاء، الذي يُشار إليها غالباً بـ "كآبة الشتاء"، يختلف عن الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)، وهو أكثر حدّةً، ويؤثّر على نحوٍ كبير في الأداء اليومي. ويوضّح الخبراء إن قلّة ضوء الشمس خلال الأشهر الباردة يمكن أن تسهم في الشعور بالكآبة لدى الكثيرين. بينما يُعد الاضطراب العاطفي الموسمي أكثر تعقيداً لأنه يشبه اضطراب الاكتئاب الحاد مع أعراضٍ مثل أنماط النوم والأكل المضطربة، والتقلّبات في مستويات الطاقة والوزن، والعزلة، وعدم القدرة على الشعور بالبهجة. وفي الحالات الشديدة، قد تظهر أفكار حول إيذاء النفس أو الانتحار لدى الأشخاص الذين أصيبوا به.
وفي حين أن بعض الممارسات مثل التمرينات الرياضية والعلاج بالضوء وتحسين نظافة النوم (Sleep hygiene)، يمكن أن تساعد على تخفيف الكآبة الشتوية، فإن الأعراض المستمرّة أو المتفاقمة قد تتطلب طلب الدعم من مقدم الرعاية الصحية. لذا؛ من الضروري إدراك متى يتداخل الحزن مع الأداء اليومي، فذلك يشير إلى تحوّل محتملٍ من الكآبة الشتوية إلى حالة أكثر خطورة مثل الاضطراب العاطفي الموسمي.
اقرأ أيضاً: ما التفسيرات النفسية وراء حب البعض لفصل الشتاء؟
3 خطوات عملية للتغلب على كآبة الشتاء
ينصح اختصاصي الطب النفسي والإدمان، أحمد الدباس، الأشخاص المصابين بكآبة الشتاء، بالتعرّض أكثر إلى ضوء الشمس، والانخراط في الأنشطة الخارجية مثل المشي والركض، وأخذ جلسات العلاج بالضوء، والحرص على تناول غذاء متوازن غني بالخضار مع تقليل السكريات والنشويات.
ونظراً إلى أننا لا يمكننا تغيير الطقس أو مقدار ضوء النهار خلال فصل الشتاء، فبالإمكان ممارسة الرعاية الذاتية الجيدة لمساعدتنا على الشعور بالتحسّن. وفيما يلي 3 خطواتٍ أخرى تُمكنك تجربتها للتغلب على كآبة الشتاء:
- حسّن حالتك المزاجية من خلال الطعام: يمكن أن يؤثّر دمج البروتين في وجبات الطعام على مدار اليوم على نحو إيجابي في الحالة المزاجية، ويحد من الرغبة الشديدة في تناول السكر والكربوهيدرات لاحقاً. إضافة إلى تناول الأطعمة الغنية بفيتامين د مثل الأسماك الدهنية وزيت السمك، والمواد المدعمة بفيتامين د مثل الحليب وعصير البرتقال وحبوب الإفطار والزبادي؛ كلّها عناصر غذائية يمكن أن تسهم في توازن المزاج.
- خذ استراحة من الأخبار: يؤدي قضاء المزيد من الوقت في المنزل إلى زيادة وقت الشاشة، ولا سيّما عند متابعة الأخبار باستمرار؛ ما قد يؤدي إلى تكثيف مشاعر الكآبة الشتوية. وللتخفيف من التوتر والحزن المرتبط باستهلاك الأخبار، يُنصح بالحد من وقت الشاشة ومشاهدة الكثير من الأخبار.
- حافظ على روتين نومك: يمكن أن تؤثّر أنماط النوم المضطربة في هرمون التوتّر (الكورتيزول) وإنتاج الهرمونات. لذا؛ من الأفضل الحفاظ على جدول نومٍ ثابت، واتباع روتين مهدئ قبل النوم؛ مثل الاستحمام أو إطفاء الأضواء أو تناول شاي الأعشاب، وتجنّب استخدام الأجهزة الإلكترونية في غرفة النوم.
في النهاية، لا تشكّل كآبة الشتاء خطورة كبيرة على الصحة النفسية والبدنية. لذلك؛ سيكون من السهل التغلّب على شعور الإحباط المفرط أو الحزن عندما تأخذ بنصائح المختصين وخطوات الرعاية الذاتية المقترحة في هذا المقال.