3 استراتيجيات فعالة لتتغلب على عمى الوقت وتلتزم بمواعيدك

4 دقائق
عمى الوقت
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: لا يُعتبر عمى الوقت تشخيصاً رسمياً؛ ولكنه مصطلح يُستخدم غالباً في علم النفس والطب النفسي لوصف الصعوبات التي يواجهها بعض الأشخاص في إدراك الوقت وإدارته. تعرّف إلى علامات هذه الحالة ونصائح الخبراء للتغلّب عليها.

تحتّل إدارة الوقت أهميّة كبرى في عالمنا السريع الوتيرة؛ لكن لا يمتلك جميعنا مهارة التعامل مع الوقت؛ إذ يصارع البعض حتّى في إدراك المدّة الزمنية التي تستغرقها مهمّة أو نشاط معيّن وتقديرها. ويشير مصطلح عمى الوقت إلى حالة يواجه فيها الأفراد صعوبات في إدراك الوقت وإدارته بدقّة.

وفي حين يُعدّ عمى الوقت شائعاً خصوصاً لدى الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه واضطراب طيف التوحّد (ASD)، فإنه يمكن أن يؤثّر في أيّ شخص. وينتج عادة من هذا الإدراك المشوّه للوقت الانغماس في عادات التسويف وصعوبة الالتزام بالأعمال والمواعيد والتخطيط للأحداث المستقبلية.

ما هو عمى الوقت؟

يشير مصطلح "عمى الوقت" (Time Blindness) إلى عدم القدرة على التقدير الدقيق للمدّة الزمنية التي ستستغرقها مهمّة ما، أو التمييز عندما يمرّ الوقت. ويمكن أن يتعرّض أيّ شخصٍ لحالة فقدان مسار الوقت، فهي ليست تشخيصاً أو عرضاً في حدّ ذاته؛ إذ تُعتبر تجربة شائعة.

إذ يمكن أن تحدث غالباً عندما ينغمس الشخص في نشاطٍ ما لدرجة يحجب تركيزه عن كلّ شيء آخر؛ بحيث يكون مُفرِط التركيز. كما يمكن أن يمرّ الوقت على نحو أسرع من الاعتيادي عندما ينخرط الناس في أنشطة ممتعة، ويمرّ بوتيرة أبطأ عندما يقومون بنشاط أقلّ تحفيزاً.

غير أن الأفراد المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه (ADHD) أو اضطراب طيف التوحّد قد يعانون من اضطراب في تقدير الوقت في كثير من الأحيان؛ إذ يواجهون صعوبة أكبر في الحكم على مدة المهمات أو تتبّع الوقت، وبخاصة عندما يركّزون على أنشطة معيّنة بإفراط. وفي حين أن نقص الانتباه هو جزء من اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه، فإن القدرة على التركيز المفرط تؤدّي إلى عمى الوقت، وهي حالة شائعة أيضاً لدى هؤلاء الأشخاص بالتحديد.

علامات تدلّ على أنّك متأثّرٌ بظاهرة عمى الوقت؟

يسبّب عمى الوقت خللاً في إدراك الوقت الذي يؤدّي إلى مشكلات مرتبطة عادةً بسوء إدارة الوقت. ويمكن أن يتجلّى كالآتي:

  • سوء تقدير مرور الوقت أو مدة المهمة أو الوقت المتبقّي قبل الحدث القادم.
  • التأخير أو إهمال المواعيد النهائية، حتى بالنسبة إلى الأنشطة التي تهمّ الشخص.
  • مواجهة صعوبات في الجدولة بواقعية أو الالتزام بجدول زمني.
  • فقدان الإحساس بالوقت على نحو متكرّر؛ كما لو أن الوقت يفلت من بين يديك.

كما يمكن أن يتجلّى عمى الوقت في الاستجابة البطيئة، أو صعوبة تنظيم سرعة الحركة، أو مشكلة في تقدير توقيت الأحداث الماضية. ويشعر الشخص في أغلب الأحيان وكأنّه عالقٌ في لحظة حاضر لا تنتهي، فتتحوّل "بضع دقائق" إلى ساعات على نحو غير متوقّع.

وعلى سبيل المثال؛ قد يترك الشخص قِدراً من الماء ليغلي لمدة 5 دقائق ويعود بعد نصف ساعة ليجد أن الماء قد تبخّر تماماً، أو يضع قائمة مهمات غير واقعية بافتراض أنه يمكن أن ينجز قدراً كبيراً من الأعمال في يوم واحد، دون فهم الوقت الفعلي الذي تستغرقه تلك الأعمال في الإنجاز. ونتيجة لسوء التخطيط المسبق وسوء تقدير الوقت المطلوب؛ قد يوافق الشخص على مواعيد نهائية يستحيل الوفاء بها.

اقرأ أيضاً: ماذا لو استطعت إيقاف عجلة الزمن قليلاً؟

هل العمى الزمني عَرَض لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟

يتحدّث الطبيب النفسي والكاتب الأميركي إدوارد هالويل (Edward Hallowell) عن مفهوم العمى الزمني من حيث صلته بالأعراض التي يعاني منها الأشخاص المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؛ بحيث يوضّح إنهم يواجهون تحديّات في إدراك الوقت وإدارته بسبب تركيبتهم العصبية.

ويوصي باستراتيجيات مختلفة لإدارة هذه المشكلة؛ مثل تقسيم المهمات إلى أجزاء أصغر، واستخدام التذكيرات والموقّتات، وطلب المساعدة من المعالجين. وتقدّم أعمال هالويل من كتب ومحاضرات وبودكاست مورداً قيّماً لفهم التحديّات المرتبطة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه وإدارتها.

لماذا نُصاب بعمى الوقت؟

وفقاً لعالم النفس الأميركي المتخصّص في اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه، آري توكمان (Ari Tuckman)؛ فإن العوامل التالية تسهم في الإصابة بعمى الوقت:

  • العوامل السياقية: يمكن أن يتأثر إدراكنا للوقت بظروف مختلفة؛ مثل الحرمان من النوم والقلق والاكتئاب وتعاطي الكحول. بالإضافة إلى ذلك، فإن التغييرات الكبيرة في روتيننا اليومي وفقدان علامات الوقت المألوفة؛ مثل اللحاق بالحافلة المدرسية، والانتظار في محطة القطار، والتجمعات في عطلة نهاية الأسبوع، يمكن أن تطمس إحساسنا بالوقت؛ ما يجعل الأمر يبدو كما لو أننا نتنقّل عبر ضباب دون علامات الاستدلال.
  • الوعي الفطري بالوقت: يطوّر الأفراد إحساساً بالوقت وانقضائه على نحو طبيعي؛ إلّا أنّ البعض لديه وعي أكبر بالوقت يمكّنه من التحكّم في مقدار الوقت الذي انقضى بدقة، بينما يتمتّع آخرون بوعي أقلّ. يمكن أن تتعطّل حياة الأشخاص إذا كانوا يتخلّفون باستمرار عن المواعيد النهائية أو الأحداث الاجتماعية.
  • الحداد: من أكبر العوامل المسبّبة للعمى الزمني، فعندما نحزن على فقدان الأحباء أو نفتقد للتجارب أو الأماكن المألوفة، يمكن أن يؤثّر العبء العاطفي لذلك في قدراتنا العقلية؛ بما فيها قدرتنا على تتبّع الوقت. نتيجة لذلك؛ قد يبدو أن الوقت يمرّ على نحو أسرع عندما ننخرط في أنشطة تخفّف من هذا الحزن، حتى لو تمنينا أن تستمرّ تلك اللحظات لفترة أطول.

3 استراتيجيات أساسية للتغلّب على عمى الوقت

يوضّح مدرب إدارة الأعمال والتطوير الشخصي والمهني، محمد تملي (Mohammad Tamally)، إنّ اكتساب مهارات وضع الأهداف المحدّدة وإدارة الأولويات والتعامل مع الوقت يساعد الأشخاص الذين يعانون من مشكلة التأخّر بسبب ضعف إدارة الوقت والنشاطات؛ إذ من المهمّ عدم ترك المهمّات تتراكم، فتتداخل الأولويات وتضعف سيطرة الأفراد على حياتهم ويُعاق تقدّمها.

يمكن أن يشكّل الخلل المرتبط بإدراك الوقت على نحو منتظم تحديّات في الوفاء بالمواعيد النهائية أو الالتزام بها. وتتمثّل الاستراتيجية الأساسية للسيطرة على الجدول اليومي في اكتشاف الأساليب التي يمكن أن تعيد توجيه انتباهك إلى اللحظة الحالية؛ إذ يتعلّق الأمر بإخراج نفسك من حالة فرط التركيز وتذكّر المهمات الأخرى التي تتطلّب انتباهك. ويقترح اختصاصي صحة الأطفال السلوكية، مايكل مانوس (Michael Manos)، الخطوات التالية لتنفيذها:

  1. اضبط الوقت على هاتفك أو جهاز آخر لتنبيهك عندما يحين وقت الانتقال إلى المهمّة التالية.
  2. انتبه إلى الأوقات الذي تكون فيها على وشك بدء نشاط يجذب انتباهك عادةً؛ فمثلاً حاول تجنّب مثل هذه الأنشطة عندما يكون وقتك محدوداً مثل فترة قبل النوم أو قبل ميعاد محدّد.
  3. استخدم استراتيجية "ماذا لو؟"؛ ضع هدفاً لتحقيقه مثل تحضير العشاء، فإذا تمكّنت من ذلك، يمكنك الانتقال إلى المهمّة التالية في جدول أعمالك؛ مثل قراءة فصلين من كتاب جذّاب.

اقرأ أيضاً: كيف يساعد العلاج السلوكي المصابين بتشتت الانتباه على التركيز؟

ختاماً، يساعد فهم حالة عمى الوقت على إدراك الأسباب الكامنة وراء فقدان تتبّع مسار الوقت وشعور الخيبة الذي يمكن أن يصيبنا حين تتكرّر مشكلاتنا في الالتزام بالمهمات وتنفيذها. وعلى الرغم من أنه يمكن أن يؤدّي إلى صعوبات في الحفاظ على الجداول الزمنية والالتزام بالمواعيد النهائية، فيؤثّر في حياتنا اليومية تأثيراً كبيراً، فالوعي بالمشكلة واعتماد نصائح الخبراء يمكن أن يخفّف من تأثيره.