واحدة من أهم ذكرياتي المتكررة لبدايات أعوامي في السابق أنني كنت أجلس في اليوم الأخير من السنة أكتب قائمة طويلة من الأهداف التي أنوي تحقيقها في العام الجديد، ولا يمر شهر أو شهرين على الأكثر منه إلا وتكون تلك القائمة في طي النسيان.
محتويات المقال
وفيما يبدو أنني لست وحيداً في معاناتي، فوفقاً لدراسة علمية نشرتها مجلة بلوس ون (PLOS ONE) ينجح 55% فقط من الأشخاص في تنفيذ القرارات التي يضعونها لأنفسهم بداية كل عام، وقد وجد الباحثون أن هؤلاء الأشخاص كانت أهدافهم قائمة على إضافة عادة جديدة وليس تجنب عادة قديمة، وقد استدعت إلى ذهني تلك النتيجة فكرة شائعة؛ وهي أنك إذا رغبت بترك عادة سلبية فلا بد أن تعمل على إضافة عادة إيجابية، وستجد أنها حلت تلقائياً محل العادة السلبية.
وإلى جانب فعالية الأهداف القائمة على الإضافة وليس التجنب هناك نقطة أخرى مهمة وهي أن تكون المعايير التي تضع على أساسها الأهداف واقعية حتى لا تصاب بالإحباط أو تفقد ثقتك بنفسك، فوفقاً للمعالج النفسي أسامة الجامع، كلما كانت معاييرك واقعية كنت أقرب للصحة النفسية المتزنة، والمقصود بواقعيتها تَناسبها مع قدراتك وقابليتها للتحقيق، ويمكنك التعرف إلى هذا النوع من المعايير بالتجربة والممارسة.
وبما أننا الآن على أعتاب عام جديد، سنقدم لك مجموعة من الإرشادات العملية التي تساعدك على جعل أهدافك واقعية وقابلة للتحقيق حتى لا تتأذى نفسياً نتيجة دورانك في حلقة مفرغة من وضع الأهداف والفشل في تحقيقها.
1. خذ وقتك في التخطيط
واحدة من الفخاخ التي كنت أقع فيها أن عقلي كان يوهمني بمجرد كتابة الأهداف أنني بذلك أنجزت جزءاً منها، بينما الواقع غير ذلك تماماً؛ فالتخطيط للأهداف عملية يجب أن توليها اهتمامك وجهدك ووقتك، وتبحث وراء الأسباب الحقيقة والجذور الخفية التي تدفعك إلى تحقيق كل هدف حتى لا تستسلم عند أول عقبة وتستطيع الاستمرار والمقاومة.
2. غَذِّ أهدافك بالتفاصيل
هناك سلسلة من الأهداف التقليدية التي يميل الأشخاص إلى وضعها بداية كل عام، مثل: ممارسة الرياضة أو إنقاص الوزن أو التقدم المهني، لكنها للأسف أهداف عامة للغاية غير محددة بملامح واضحة، لذا أنصحك بوضع هدفك وفقاً لشروط أساسية، هي أن يكون:
- محدداً.
- قابلاً للقياس.
- قابلاً للتحقيق.
- محدداً بوقت.
3. قسّم الأهداف الكبيرة إلى خطوات صغيرة
أخبرني أحد الأشخاص الذين يعملون معي في مساحة العمل التي أذهب إليها أنه يود عمل ملف تعريفي بشركته منذ مدة طويلة ولا ينجح في ذلك، وبالأمس طلبت منه ببساطة أن يكتب التمهيد الخاص بالملف ويحسّنه ثم ينتقل إلى الجزء الذي يليه.
السر هنا يكمن في أننا إذا حددنا خطوات صغيرة فستدفعنا نحو الهدف الأكبر الذي سيكون تحقيقه أسهل وأكثر إمتاعاً، لكن عندما نضع هدفاً كبيراً دون تجزئته فغالباً ستكون نسبة التراجع عن تحقيقه أعلى.
4. كن مرناً
واحد من المواقف التي لا أنساها أنني كنت عندما أضع خطتي للدراسة تكون بدايتها أول يوم من الشهر أو من الأسبوع لكن غالباً ما كان يحدث شيء خارج عن إرادتي يعطل تنفيذ الخطة، وحينها كنت أقول لا مفر فقد فسدت خطتي ويجب علي الانتظار إلى حين مجيء بداية جديدة، لذا من الضروري أن تكون خطتك فيها مساحة كافية من المرونة، ولا يعني هذا الوصول إلى حالة من التسيب، لكن المقصود هو ألا تقف عند العقبات التي تواجهك وتستمر على الرغم منها بشكل أو بآخر.
5. تعرف إلى العقبات المتوقعة
دعني أخبرك بوضوح أنه لا يوجد طريق ممهد على الإطلاق ستسير فيه لتحقيق أحد أهدافك، حتى أوضح لك ذلك بمثال عملي اليوم تواصلت مع الصالة الرياضية القريبة من منزلي لتفعيل اشتراك شهري فيها، وعندما أخبرت زميلي في العمل أجابني بأن عليّ تحمّل الألم الذي سيصيبني في الأيام الأولى للتمرين وعدم محاولة تحميل جسمي فوق طاقته حتى أتمكن من الاستمرار.
ينطبق البعد السابق على معظم الأهداف الحياتية فالبدايات غالباً ما تكون وعرة وثقيلة على النفس أحياناً، وهذا يعني أن عليك معرفة العقبات الخاصة بكل هدف حتى تستطيع تجاوزها، ولا تتفاجأ عند ظهورها أو تحبط.
6. تتبّع تقدمك باستمرار
لا تتحقق الأهداف من تلقاء نفسها، ما يعني أن من الضروري إجراء متابعة يومية للتقدم الذي تحرزه في تنفيذ خطتك، على سبيل المثال إذا كنت تتعلم لغة أجنبية جديدة، جرّب تدوين عدد الكلمات والقواعد اللغوية الجديدة التي تعرفت إليها، وهذا سيجعلك أكثر حماساً لإتمام هدفك نتيجة رؤيتك أن جهدك لا يذهب سدى.
7. لا تستعجل النجاح
التغيير عملية تحتاج إلى وقت حتى تجني ثمارها فإذا وضعت هدفك وظننت أنك ستلمس التأثير في غضون أيام سيتسرب الإحباط إلى نفسك بلا شك، الأمر أشبه برحلة وليس سباقاً، لذا كن صبوراً قدر ما استطعت، وحتى إن ارتكبت أخطاء في الطريق فهذا لا يعني أن هدفك أثبت فشله، إنما هي محطة تنطلق منها من جديد إلى ما تريد تحقيقه بعزم وإصرار.
اقرأ أيضاً: من الفوضى إلى التنظيم: كيف تسيطر على حياتك في العام الجديد؟