الصديق وقت الضيق: 3 سمات تكشف الصديق الحقيقي

3 دقيقة
الصداقة في علاقاتنا
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

يقول أبيقور: "الصداقة ميزة الحكماء". إنها تسمح لنا بالتعبير الكامل من خلال الانفتاح على الآخرين. إذا تأملنا مقولة هذا الفيلسوف اليوناني سنفهم مدى أهمية الصداقة في علاقاتنا. إن طبيعتنا باعتبارنا ثدييات و"كائنات اجتماعية" تجعلنا في حاجة إلى الآخرين. نحتاج إلى الآخرين في بداية حيواتنا، ونحتاج إليهم للحفاظ على بقائنا ونمونا وإعطاء معنىً لوجودنا وتحقيق سعادتنا وفقاً للباحث في علم النفس الإيجابي إليوس كوتسو (Ilios Kotsou).

تسمح لنا الصداقة بالمشاركة والحوار الحر والشعور بتفهّم الآخرين؛ إذ نستطيع من خلالها أن نبوح بأسرارنا وأن نُظهر ضعفنا وعيوبنا دون خوف؛ لكن بشرط أن ندرك المعايير المطلوبة في الأصدقاء الحقيقيين ونستفيد من تطبيقها على الذات. لهذا درس باحثون أميركيون السمات الشخصية "الضرورية" في علاقات الصداقة، وتقدم استنتاجاتهم مسارات تفكير مهمة حول الأولوية التي نخصصها لاحتياجاتنا، وطريقة التعبير عنها في علاقاتنا الاجتماعية.

الصداقات علاقات معقدة أكثر مما نتصور

وفقاً لموقع ساي بوست (PsyPost)، فقد كشفت الدراسة التي نشرتها مجلة العلاقات الاجتماعية والشخصية (Journal of Social and Personal Relations) السمات الشخصية الأساسية الأكثر تقديراً لدى الأصدقاء. وأوضحت أستاذة علم النفس في جامعة بويسي ستيت (Boise State University) والمؤلفة الرئيسة للدراسة، جيسيكا آيرز (Jessica Ayers)، إن هذا الموضوع لا يحظى بمتابعة كبيرة من الدارسين على الرغم من أهميته.

تقول عن ذلك: "يؤكد معظم النظريات التقليدية في علم النفس الاجتماعي أن التشابه والألفة والقرب الجسدي عوامل أساسية في بدء علاقة الصداقة، ولم يشرع الباحثون في الاهتمام بالاختلافات الفردية في المعايير المفضلة التي يمكن أن تؤثر في اختيار الصديق إلا خلال العقدين الأخيرين". ثم تضيف: "كيفية إنشاء الصداقات وما نريده منها وطريقة حفاظنا عليها أمور معقدة أكثر مما يبدو. لقد بدأنا أخيراً فهم القرارات التي يتخذها الناس عندما يقررون بناء علاقة صداقة مع شخص آخر أو الحفاظ عليها".

الولاء والجدارة بالثقة والصدق

لتحديد السمات الأساسية (الضرورية) والسمات المفضلة (غير الضرورية) في علاقات الصداقة، أجرى الباحثون دراستين مقارنتين. وضعت الدراسة الأولى المشاركين في اختبار صناعة القرار في ظل ظروف تتميز بموارد محدودة؛ إذ كان عليهم تكوين شخصية الصديق "المثالي" باستخدام ميزانية افتراضية تعتمد على عدد محدد من "رموز الصداقة". وشملت السمات الشخصية الولاء والجدارة بالثقة والصدق والتسامح والمشاركة والذكاء العاطفي والالتزام بسداد الديون. وكان على المشاركين اختيار بعض من هذه السمات المختلفة وتوزيعها "لتكوين شخصية الصديق المثالي". وقد مكنت فكرة الميزانية المحدودة من إجراء اختيارات وفقاً لأولويات المشاركين، وكشفت الصفات الضرورية في علاقة الصداقة وفقاً لهذه العينة.

علاوة على ما سبق، اتضح أن سمات شخصية مثل الولاء والجدارة بالثقة والصدق تمثل القيم الأساسية والضرورية في الصداقة، وشكلت أفضل السمات في نظر المشاركين حتّى في ظل قيود الميزانية؛ ما يؤكد أنها خصائص لا يمكن التنازل عنها باعتبارها تمثل الجانب "الضروري" في الصديق المثالي. في المقابل، جاءت خصائص مثل التسامح ومشاركة المعلومات والذكاء العاطفي والالتزام بسداد الديون في مرتبة السمات المفضلة غير الضرورية.

للرجال والنساء التوقعات نفسها في ميدان الصداقة

كررت الدراسة الثانية نتائج الدراسة الأولى ووسعت نطاقها من خلال استخدام نموذج الاختيار الإجباري مع عينة أكبر مكونة من 449 مشاركاً. وصُممت هذه التجربة لسبر الطبيعة الهرمية للسمات المفضلة في الصديق الحقيقي، من خلال وضع المشاركين في مواجهة سيناريوهات الاختيار الإجباري بين تشكيلتين من سمات الأصدقاء. يضع كل سيناريو بعض السمات الضرورية في مقابل سمات أخرى غير ضرورية.

على سبيل المثال؛ كان على المشاركين الاختيار بين صديق يتميز بالوفاء الدائم لكنه غير جدير بالثقة، وصديق جدير بالثقة دائماً لكنه غير وفيّ. وسمحت الإجابات للخبراء بوضع ترتيب هرمي لسمات الصديق المثالي، واكتشاف خلاصة مفادها أن للرجال والنساء التوقعات ذاتها في ميدان الصداقة.

تشرح المؤلفة الرئيسة للدراسة جيسيكا آيرز هذه النتيجة قائلة: "إحدى أكبر المفاجآت التي صادفتنا غياب الاختلاف بين الجنسين في هذه التوقعات، علماً أن معظم النظريات يشير إلى ضرورة وجود اختلافات بين الجنسين في التفضيلات المتعلقة بعلاقات الصداقة؛ لأن الرجال والنساء واجهوا مشكلات تكيف مختلفة على مدار التاريخ".

لكن الدراسة تؤكد ضرورة إجراء أبحاث إضافية لتوسيع العينة الديموغرافية، ودراسة تطور معايير الصداقة على مدار العمر واختبار هذه التفضيلات بواقعية أكبر في سياقات اجتماعية أعقد. وتخلص جيسيكا آيرز إلى ما يلي: "أسعى على المدى الطويل إلى مواصلة محاولة فهم هذه السمات المفضلة في بدء علاقات الصداقة والحفاظ عليها، للتحقق من أن انتهاك هذه التفضيلات قد يؤدي إلى إنهاء علاقة الصداقة أو أن قصة الإنهاء أعقد من ذلك أيضاً".

اقرأ أيضاً: