ما الذي يجعل كلمة “آسف” أغلى من الأموال والهدايا؟ وكيف تزيد مصداقيتها؟

1 دقيقة
الاعتذار
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: إذا كنت تجد صعوبة في الحفاظ على علاقة صحية، أو تقع في نزاعات متعلقة بعلاقاتك الشخصية أو العائلية بشكل متكرّر ففكر في أهمية الاعتذار؛ إذ يعدّ هذا العنصر أساسياً للتواصل الفعال بين الأشخاص، ويؤدي دوراً حاسماً في إعادة بناء جسور الثقة، ويفتح أبواب التسامح والتعاطف. تعرّف إلى تأثيرات الاعتذار في الصحة النفسية والجسدية للمانح والمتلقي، وتعلم كيف تتقن فنه.

يؤدي الاعتذار دوراً حيوياً في أي علاقة، سواء كانت مع الأصدقاء أو العائلة أو الشريك العاطفي أو الزوجي. إنه يُظهر المسؤولية عن أفعالك، ويُبين اهتمامك الحقيقي بمشاعر الآخرين، ومدى التزامك بحل النزاعات واستعادة دفء العلاقات التي تتطلّب لإنجاحها عادةً صفاتٍ مثل الصبر والتفاهم والثقة والاحترام والتواصل الفعال.

والاعتذار الصادق يمكن أن يفيد كلاً من المانح والمتلقي؛ إذ يعزز الشفاء والرفاهية العاطفية والجسدية. ويوضّح استشاري الصحة النفسية، عبدالله غازي، أن أفضل طريقةٍ للاعتذار هي تغيير السلوك، لكنه يجب أن يكون متناسباً مع حجم الخطأ. فالأخطاء الكبيرة تتطلب جهداً أكبر في الاعتذار والتعويض، ووقتاً أطول لتهدئة النفوس.

كيف يؤثر الاعتذار في نفسية متلقيه ومانحه؟

للاعتذار قدرة على تحويل الأذى الحاصل وإصلاحه، وتلطيف الجروح، وشفاء القلوب. وبعيداً عن المجاملة الاجتماعية، عندما يعتذر شخص ما بصدق، فإنه يُظهر الاحترام والتعاطف، ما يحول دون استمرار سوء الفهم.

ويؤثر الاعتذار بشكل إيجابي في الصحة النفسية والجسدية كذلك، حيث يخفّض ضغط الدم ومعدل ضربات القلب. أما على المستوى العاطفي، فالاعتذار الصادق يساعد على الشفاء العاطفي للمتضررين، وينقص من التصور المحتمل عن المُخطئ كمصدرٍ للتهديد. كما يُسهم في تخطّي مشاعر الغضب، وتجاوز الخوض في أحداث الماضي وتعزيز الغفران والتسامح من خلال التعاطف. وللاعتذار فوائد طويلة الأمد، تعود على كل من المانح والمتلقي، تشمل الآتي:

  1. تخفيف مشاعر الندم والخجل، وتعزيز الرفاهية العاطفية والجسدية.
  2. تعزيز التواضع وتنمية احترام الذات.
  3. الحفاظ على الروابط العاطفية، وتشجيع القابلية للضعف والألفة.
  4. التذكير بعدم تكرار الأخطاء.

اقرأ أيضاً: هل تغير كثرة الاعتذارات نظرة الآخرين إلينا؟

هل كلمة آسف أغلى من المال؟

لماذا قد لا يؤدي التعويض إلى نتيجة الاعتذار نفسها؟ الإجابة ببساطة نجدها في فعالية الاعتذار الصادق حين يتعلق الأمر بالعلاقات الشخصية، أو حتى في الاعتذارات التي يمكن أن تقدمها الشركات لعملائها. إذ من المرجح أن يغفر هؤلاء أخطاء الخدمة عندما يتلقون اعتذاراً صادقاً، مقارنة بالتعويض النقدي أو استرداد السعر المدفوع. حيث توصل الباحثون في هذا المجال من خلال 4 تجارب، أنه عندما يُقدَّم اعتذار صادق، يميل العملاء إلى تجاوز أخطاء تعد قاتلة في تقديم الخدمات مثل:

  • الخدمة البطيئة في مطعم للوجبات السريعة.
  • تأخر الرحلات الجوية عن موعدها المحدد.
  • تأخر الشحن في التسوق عبر الإنترنت.
  • إلغاء الحجز في الفندق.

ويعزو الباحثون هذه القابلية لتجاوز الخطأ بوجود اعتذارٍ إلى الأسباب النفسية المحتملة الآتية:

  1. تلقي الاعتذار يساعد على استعادة احترامنا لذاتنا بعد الخطأ الذي جعلنا نشعر بعدم الاحترام. كما يُظهر أيضاً مراعاة الشركة لمشاعرنا وتجاربنا.
  2. اعتذار الشركة أو مقدِّم الخدمة يجعله يبدو أكثر أخلاقية وإنسانية لأنه يفهم خطأه ويعتذر عنه.
  3. يُنظر إلى الشركة التي تقدم المال تعويضاً على أنها تعترف بالذنب بطريقة غير مباشرة من دون بذل المجهود للاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه.
  4. يسهم الاعتذار في تعزيز الإحساس بالعدالة لدى عملاء الشركات، حيث تكون الثقة طويلة الأمد مهمة.

كيف تجعل الاعتذار صادقاً وذا قيمة؟

على الرغم من أن الغفران يمكن أن يحدث بوجود أو من دون وجود التعبير عن الاعتذار، غير أن هذا الأخير يمكن أن يفتح الباب أمام تعزيز التسامح وبناء روابط عائلية واجتماعية قوية. ووفقاً للخبير الأميركي في علم النفس السريري والتحليل النفسي، روبرت غوردون (Robert Gordon)، يتضمن الاعتذار الصادق ثلاثة عناصر، وهي كالتالي:

  • الإقرار: إدراك التأثير السلبي الحاصل، بدءاً بعبارة: “أنا آسف لـكذا وكذا”.
  • الندم والتعاطف: الشعور بالندم الحقيقي وفهم وجهة نظر الشخص الآخر.
  • التعويض: اتخاذ الإجراءات اللازمة للتعويض عن الخطأ.

اقرأ أيضاً: 5 طرق للاعتذار والاعتراف بأخطائك

وختاماً، يؤدي الاعتذار الصادق دوراً جوهرياً في العلاقات، حيث يبني جسراً للتفاهم والتسامح والنمو. إن قول “آسف” لا يعتبر اعترافاً بالأخطاء فحسب، بل يوضّح أيضاً الالتزام بديمومة العلاقة. إنه يعزّز التواضع، ويفتح سبل التواصل الفعال، ويساعد في إصلاح الروابط الإنسانية. وفي نهاية المطاف، فإن الاستعداد للاعتذار هو أداة قوية تسهم في قوة العلاقات الهادفة ومرونتها وطول عمرها.