هل سألت نفسك من قبل عن الطريقة التي يعمل بها دماغك؟ كيف يتخذ القرارات المختلفة؟ وكيف تتشكل الذكريات وأنماط التعامل والسلوكيات اليومية؟ لماذا تقع في فخ التحيزات المعرفية والعادات؟ الأسئلة عديدة، والحقيقة أنها راودتني كثيراً، إذ يظل الدماغ البشري من أعقد الأعضاء وأكثرها غموضاً، وفيما يخص الإجابات عن تلك الأسئلة فقد تجدها في بعض الكتب التي نشرت خصيصاً حتى تشرح لك كيف يعمل دماغك، فما هي أهم تلك الكتب؟ وكيف تتعرف إلى طريقة اتخاذ القرارات، وتحسين المزاج والعادات، الإجابة عبر هذا المقال.
محتويات المقال
1. كتاب علم النفس: قصة العقل البشري
يناقش أستاذ علم النفس في جامعتي تورنتو وييل، بول بلوم، في كتاب "علم النفس: قصة العقل البشري"، مجموعة واسعة من المواضيع، بما فيها التعلم، واللغة، والذاكرة، والإحساس، والإدراك، والدافعية، والتحيز، والذكاء، والأمراض النفسية، وغيرها الكثير. وقسمت تلك المواضيع إلى 5 أقسام مترابطة، وهي: الأسس، والتفكير، والشهوات، والعلاقات، والاختلافات. وما يميز هذا الكتاب هو إمكانية قراءته دون معرفة مسبقة بعلم النفس، بالإضافة إلى أنه يتضمن توضيحات للمفاهيم المعقدة بأمثلة توضيحية.
ومن أهم المواضيع التي يشرحها الكتاب ببراعة، كيفية حدوث التحيزات المعرفية؛ إذ يوضح بول بلوم أن قدرات دماغك هائلة للغاية، وعلى الرغم من ذلك، يلجأ الدماغ إلى تبسيط معالجة المعلومات، ويستخدم الاختصارات الذهنية المعروفة باسم الاستدلالات، وفي كثير من الأحيان تكون هذه الاختصارات مفيدة في عملية اتخاذ القرارات، لكنها أيضاً تؤدي إلى حدوث أخطاء منهجية في التفكير.
اقرأ أيضاً: أفضل 5 كتب عن القلق
2. كتاب قوتنا
يتعمق كتاب "قوتنا" في شرح فكرة سيكولوجية هوية الجماعة؛ أي كيف يشكل الانتماء طريقة تفكيرك، وسلوكياتك اليومية، وتعاطفك مع الآخرين، ويشرح المؤلفان، المتخصصان في علم النفس الاجتماعي، جاي فان بافيل ودومينيك باكر، كيف أن الدماغ البشري مصمم للتوافق مع معايير الجماعة، حتى عندما تتعارض مع معتقداتك الشخصية، ويتطرق الكتاب إلى كيفية تغلغل أفكار القوى الاجتماعية في دماغك، حيث تتحكم في مشاعرك ومعتقداتك وسلوكياتك بصورة عميقة؛ إنها تملي عليك من تستمع إليه، والمعلومات التي تقبلها، وحتى كيفية معالجة دماغك لتلك المعلومات.
3. كتاب محقق البيانات
يسعى الخبير الاقتصادي المتخصص في علم النفس، تيم هارفورد، من خلال كتاب "محقق البيانات" لاستكشاف سبب سهولة تضليلك بالأرقام، وما يمكن فعله حيال ذلك، ويحلل هارفورد التحيزات التي تعوق أحكامك وقراراتك الاقتصادية، خاصة عند التعامل مع البيانات، ويمكن القول إن هذا ليس كتاباً عن الرياضيات، بل هو كتاب عن كيفية تعامل الدماغ مع حالة عدم اليقين وأوقات المخاطرة. يعلم هارفورد القراء بلطف طرح أسئلة أفضل، والتمهل، والتعامل مع الأرقام بشك وفضول.
باختصار، يعد كتاب "محقق البيانات" كتاباً ثرياً بالمعلومات وسهل الفهم على غير المتخصصين، يهدف إلى تزويد القراء بمهارات التفكير النقدي التي تعتبر مهمة للغاية ولازمة للتنقل في عالمك المشبع بالبيانات، ما يساعدك في نهاية المطاف على فهم سبب قراراتك الاقتصادية، بالإضافة إلى اتخاذ قرارات أدق. وينصح الكاتب القراء عدة نصائح مهمة، منها على سبيل المثال:
- ابحث عن مشاعرك، وتعرف إلى رد فعلك العاطفي تجاه البيانات، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك في سلوكك.
- تأمل في تجربتك الشخصية، وافهم مدى توافق قراراتك الشرائية مع الأرقام الإحصائية، ومتى تنحرف عنها.
- خذ خطوة للوراء، وتحقق من مصدر بياناتك، وشكك في الخوارزميات، وافهم حدودها واحتمالية تحيزها.
- تذكر أن المعلومات المضللة منتشرة جداً، لذلك احذر التصورات البصرية المتقنة، والسرديات المقنعة التي قد تحجب خلفها بيانات خاطئة.
- كن فضولياً واطرح الأسئلة باستمرار وتعمق في البحث، وتأكد أن الإحصاءات ليست مجرد أرقام؛ بل هي انعكاس للسلوك والقرارات البشرية.
4. كتاب الجيل القلق
يلقي عالم النفس والمؤلف الأميركي، جوناثان هايدت، في كتابه "الجيل القلق"، الضوء على الارتفاع الحاد في معدلات القلق والاكتئاب بين الشباب، لا سيما القلق المرتبط بوسائل التواصل الاجتماعي، وأساليب التربية، والتحولات الثقافية. ويشرح هايدت كيف أثر الاعتماد المفرط على العالم الرقمي في الشباب، ويضيف أن التراجع الحاد في الصحة النفسية للمراهقين، المصحوب بارتفاع معدلات القلق والاكتئاب وإيذاء النفس والانتحار، يرجع إلى بعض الأسباب، منها:
- تراجع الطفولة التي ترتكز على اللعب الحسي، حيث حرم الأطفال من اللعب في الهواء الطلق، والاستكشاف، والمغامرة، وبسبب الحماية المفرطة التي تسود العالم الرقمي، وبسبب وجود الأطفال المستمر بصحبة الشاشات، لم يتمكن الأطفال من تطوير آليات تكيف ومهارات أساسية تساعدهم على التعامل مع تحديات الحياة المختلفة.
- الحرمان الاجتماعي، حيث يقضي الأفراد وقتاً طويلاً في التفاعل الإلكتروني، ووقتاً أقل بكثير في التفاعل الاجتماعي وجهاً لوجه، ما يعزز الشعور بالوحدة ويضعف المهارات الاجتماعية.
- اضطرابات النوم، وذلك بسبب الوجود المستمر بصحبة الشاشات، مع تفقد الإشعارات ووسائل التواصل الاجتماعي باستمرار، ما يبقي المراهقين مستيقظين أغلب الوقت، الأمر الذي يسبب مجموعة من مشاكل الصحة النفسية.
- تشتت الانتباه، حيث تؤدي الطبيعة الإدمانية لوسائل التواصل الاجتماعي، والإشعارات المستمرة إلى التركيز سلباً في الانتباه، ما يضعف قدرتك على التفكير العميق.
5. كتاب أنا ولكن أفضل
تبحث الكاتبة والمؤلفة الأميركية، أولغا خازان، في كتابها "أنا ولكن أفضل"، في مسألة تغير الشخصيات، وتتساءل إن كان بإمكان الأشخاص تحسين ذواتهم حقاً، أم إن الشخصيات البشرية ثابتة. وتمزج خازان في كتابها بين المقابلات الشخصية، والأبحاث النفسية المرتكزة على أسس علمية. وتدافع عن فكرة رئيسية وهي المرونة العصبية والنفسية، وكيف يمكن للتغيرات السلوكية المستمرة أن تحسن تصور الذات، وتؤدي إلى تغييرات شخصية أكثر رسوخاً. وتؤكد خازان أن التغيير الحقيقي يتطلب جهداً مستمراً، واستعداداً للانخراط في أنشطة غير مريحة.
بالإضافة إلى ذلك، تقدم الكاتبة تقنيات مدعومة بالأدلة من أجل تحسين الذات وتغيير الشخصية، وتوضح أن الأفعال الصغيرة والمستمرة تحدث تحولات ذات معنى في الشخصية، ويمكن القول إن هذا الكتاب لا يقتصر على فكرة تغيير العادات من أجل التغيير، بل يتناول بحثاً أوسع ومدعوماً بالتجارب حول معنى عيش حياة أكثر إشباعاً وسعادة.
6. كتاب الدماغ الذي يغير نفسه
يشكك الطبيب النفسي، نورمان دويدج، من خلال كتابه "الدماغ الذي يغير نفسه" في المعتقد الراسخ بأن دماغ الإنسان عضو ثابت لا يمكنه التغير بعد سن معينة، ويتطرق دويدج إلى المعتقد القديم التي ساد قروناً بأنه إذا تضرر جزء من الدماغ أو ولد الشخص بعجز عصبي، فإن هذا العجز يكون دائماً وغير قابل للشفاء. ويؤكد المؤلف أن الأطباء أثبتوا عكس ذلك، مظهراً قدرة الدماغ المذهلة على إصلاح نفسه وإعادة تنظيم مساراته، ويشرح الكتاب بعض آليات تغيير الدماغ، منها على سبيل المثال:
- المرونة الوظيفية، فعندما تكون هناك منطقة دماغية غير مستغلة أو تالفة، يمكن لمناطق مجاورة، أو مدخلات حسية مختلفة تماماً، أن تتولى وظيفتها.
- المرونة الدماغية تساعد الأشخاص الذين يعانون صعوبات التعلم، ويمكن أن تحسن قدراتهم المعرفية بصورة ملحوظة من خلال تمارين دماغية موجهة. وفي هذا السياق يوضح المختص النفسي، حمود العبري، أن الدماغ قادر على تغيير بنيته الفيزيائية نتيجة للتعلم.
- العلاج النفسي بالكلام وغيره من التدخلات النفسية يمكن أن يحدث تغييرات جسدية ملموسة في بنية الدماغ.
7. كتاب أسطورة العبقرية
تفكك المؤلفة الأميركية، هيلين لويس، في كتابها "أسطورة العبقرية" مفهوم العبقرية، وذلك من خلال تتبع تطوره، وكيف تحول من إلهام إلاهي في العصور القديمة إلى صفة فطرية يمتلكها بعض الأفراد. وتوضح لويس أن هناك الكثير من العباقرة على مر الزمان استخدموا عبقريتهم من أجل تبرير السلوك غير الأخلاقي، ما سمح لهم بالتصرف خارج إطار الأعراف القانونية والاجتماعية.
كما تتطرق الكاتبة إلى تاريخ اختبارات الذكاء ومحاولات قياس العبقرية وتحديدها، منتقدة الطرق التي استخدمت بها لتعزيز السلطة أو تبرير التسلسل الهرمي الاجتماعي. وتنصح لويس في نهاية كتابها بضرورة تبني منظور أكثر اعتدالاً وواقعية وشمولاً للإبداع والابتكار والإنجاز، وتشدد على ضرورة الاحتفاء بالعمل الجاد والمحاولات المستمرة، وضرورة العمل على تحسين قدرات الإبداع والخيال والمهارات المعرفية، وذلك بدلاً من الاكتفاء بتمجيد شخصية أسطورية وحيدة.
اقرأ أيضاً: 10 كتب رائعة عليك قراءتها لتعزز ثقتك بنفسك
8. كتاب انتبه للعلم
بصفته طبيباً نفسياً سريرياً، يهدف المؤلف جوناثان ن. ستيا، في كتابه "انتبه للعلم"، إلى توعية القراء بشأن اتخاذ قرارات مدروسة حول صحتهم النفسية، وحماية ذواتهم من الاحتيال والدجل والممارسات غير المثبتة علمياً، ويتناول ستيا مشكلة المعلومات المضللة حول الصحة النفسية، ويتطرق إلى العلوم الزائفة، ثم يشرح أسباب تصديق بعض الأشخاص المعلومات المضللة، متعمقاً في العوامل النفسية التي تجعلك عرضة للادعاءات المقنعة التي لا أساس لها من الصحة، خاصة عندما يكون شعورك باليأس ملحاً.
كما يقدم ستيا نقداً قوياً للتأثير العميق والممتد لما يعرف بثقافة العافية الموجهة نحو الرعاية النفسية، كاشفاً كيف تستغل هذه المنظومة نقاط الضعف المالية والعاطفية لدى الأفراد، ما يؤدي أحياناً إلى تأخير الحصول على الرعاية المناسبة، وإهدار الموارد، وتفاقم الأعراض النفسية.
9. كتاب محصن ضد الخداع
يطرح عالم النفس الاجتماعي، ساندر فان دير ليندن، في كتابه "محصن ضد الخداع"، فكرة انتشار المعلومات المضللة، ويشبه الأمر بفيروس بيولوجي، كاشفاً كيف تكون أدمغتنا مبرمجة على تصديق الأكاذيب، وكيف يمكننا تدريب أنفسنا على مقاومتها، وذلك بالاستناد إلى العلوم المعرفية والاقتصاد السلوكي. ويشرح المؤلف في كتابه فكرة "التطعيم النفسي"، وهي تقنية مستوحاة من اللقاحات الطبية، وترتكز على تعريض الأفراد على نحو استباقي لجرعة مخففة من الأساليب التي تستخدم في نشر المعلومات، وبعد ذلك، تأتي مرحلة تطوير أجسام مضادة معرفية من أجل التعرف على هذه الأساليب ومقاومتها عند مواجهتها بصورة واقعية.
ويهدف هذا التطعيم إلى تفنيد المعلومات المضللة قبل انتشارها، وبالإضافة إلى ذلك، يزود الكتاب القراء بأدوات لكشف التلاعب، لا سيما في عصر وسائل التواصل الاجتماعي.
اقرأ أيضاً: على الرغم من التطور التكنولوجي، لماذا ما زال الكثيرون يحبون الورق ورائحته؟
10. كتاب قوة الدهشة: كيف تغيرنا لحظات الإعجاب اليومية
يتعمق عالم النفس المتخصص في العواطف، داتشر كيلتنر، في كتابه "قوة الدهشة: كيف تغيرنا لحظات الإعجاب اليومية"، داخل مفهوم الدهشة، موضحاً أنها ليست مجرد تجربة نادرة، إنما عاطفة إنسانية عميقة تؤدي دوراً محورياً في تعزيز الصحة النفسية. ويعرف الكتاب الدهشة على أنها الوجود في حضرة شيء هائل يتجاوز فهمك الحالي للعالم، ويمكن القول إن هذا الشعور يؤدي إلى:
- تخفيف حدة الإحساس بالقلق والتوتر.
- تحسين مشاعر الترابط والسلوك الاجتماعي الإيجابي.
- تعزيز الإبداع والانفتاح الذهني.
- الشعور بالرضا عن الحياة وتحسن الصحة النفسية.
ويشرح كيلتنر أن الدهشة تغير الدماغ، لأنها تربطك بشيء أكبر من ذاتك. ويوثق الكتاب أهم لحظات الدهشة، سواء من خلال الموسيقى أم الطبيعة أم الحركة الجماعية، تلك اللحظات التي تهدئ الأنا وتوسع آفاقك. ويبين كيلتنر أن تجارب الدهشة القصيرة يمكن أن تترك بصمات ذهنية دائمة وتغير دماغك وعالمك الداخلي نحو الأفضل.