ملخص: أظهرت دراسة بحثية حديثة أجراها معهد كارولينسكا (Karolinska Institutet) في السويد ونُشرت في دورية وقائع الجمعية الملكية (the Royal Society B: Biological Sciences) في مارس/آذار 2024، أن قلة عدد ساعات نومك قد تُشعرك بكبر سنك، وإليك تفاصيل الدراسة من خلال هذا المقال.
محتويات المقال
توصلت دراسة بحثية حديثة أجراها باحثون من معهد كارولينسكا (Karolinska Institutet) في السويد ونُشرت في دورية وقائع الجمعية الملكية (the Royal Society B: Biological Sciences) في مارس/آذار 2024، إلى نتيجة مفادها أن قلة عدد ساعات نومك يمكن أن تجعلك تشعر بكبر سنك؛ إذ يلعب النوم دوراً حيوياً في الحفاظ على صحتنا الجسدية والنفسية، وتؤثر قلة النوم سلباً في حالاتنا المزاجية ووظائفنا المعرفية، ويمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى ارتفاع خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب واضطرابات الصحة النفسية الأخرى، وإليك تفاصيل الدراسة من خلال هذا المقال.
دراسة حديثة: قلة عدد ساعات نومك تُشعرك بكبر سنك
أجرى علماء من معهد كارولينسكا في السويد دراسة علمية شارك فيها 615 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 18 و70 عاماً، وتوصلت الدراسة البحثية إلى نتيجة مفادها أن ليلتين فقط من النوم السيئ؛ الذي حُدد بمقدار 4 ساعات، على التوالي يمكن أن تجعلك تشعر بأنك أكبر بـ 5 سنوات تقريباً، وأضافت الدراسة أن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم على مدى فترة طويلة ومستمرة يجعلك تشعر بأنك أكبر سناً بـ 10 سنوات.
وتفرق الدراسة البحثية بين العمر البيولوجي الذي يعبّر عن تاريخ الميلاد، والعمر الذاتي (Subjective age)؛ وهو مصطلح يشير إلى مدى شعور الفرد بالعمر، ففي بعض الأحيان، قد نشعر بأننا أكبر أو أصغر من أعمارنا الحقيقية، وتعتقد الدراسة أن شعورك بأنك أصغر من عمرك الحقيقي يرتبط بعيش حياة صحية وجسدية أفضل مع سمات نفسية أكثر إيجابية مثل التفاؤل والأمل والمرونة.
وتشير الدراسة إلى أن عادات النوم تلعب دوراً محورياً في مدى شعورنا بالعمر؛ وذلك لأن الدماغ ينجز العديد من العمليات الحيوية في أثناء النوم؛ مثل ملء البروتينات في نقاط الاشتباك العصبي وترسيخ الذاكرة.
وقد كشفت نتائج الدراسة أن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم دفع المشاركين إلى الشعور بأنهم أكبر من أعمارهم البيولوجية؛ وذلك لأن قلة النوم تؤثر بشدة في الدافع إلى النشاط الاجتماعي والبدني والجسدي. وأظهرت تحليلات الدراسة أيضاً أن أهمية النوم بالنسبة إلى العمر الشخصي تزداد مع تقدم السن، وأن هناك علاقة بين قلة النوم والشعور بالشيخوخة؛ حيث تشير الدراسة إلى أن النوم المضطرب يمكن أن يسرّع الشيخوخة البيولوجية.
وإحدى الأفكار المهمة التي توصلت إليها هذه الدراسة التجريبية هي أن إدراكنا للعمر مرن على نحو ملحوظ، ويمكن أن تفتح هذه الدراسة الباب أمام اكتشافات جديدة أخرى تثبت أن عيش حياة صحية وأكثر نشاطاً يمكن أن يعزز شعورنا بالشباب. وفي هذا السياق، توضح الباحثة المشاركة في الدراسة، ليوني بالتر (Leonie Balter)، إن الحرمان من النوم يرتبط بانخفاض مستويات الطاقة لدينا ويؤدي إلى فقدان الشعور بالحافز؛ وهذا الأمر قد يجعل الأشخاص يشعرون بالتقدم في السن.
اقرأ أيضاً: متلازمة النوم القصير: ما الذي يجعل البعض يكتفي بعدد ساعات نوم أقل؟
كيف تؤثر قلة ساعات النوم في صحتك النفسية؟
ثمة علاقة معقدة بين النوم والصحة النفسية؛ حيث إن قلة النوم يمكن أن تلعب دوراً في تطور مشكلات الصحة النفسية المختلفة. وفي الوقت نفسه، يمكن أن تؤدي الاضطرابات النفسية إلى تفاقم مشكلات النوم؛ إذاً ثمة علاقة متبادلة بين نمط نومك وحالتك النفسية، وإليك تأثير قلة النوم في الصحة النفسية:
- ضبابية الدماغ: تحتاج أدمغتنا إلى النوم لتعمل بكامل طاقتها، ويمكن أن تؤدي قلة النوم إلى ضبابية الدماغ التي تبدو وكأنها ارتباك أو صعوبة في التركيز؛ حيث تجد صعوبة كبرى في تذكر ذكريات معينة، أو العثور على الكلمات المناسبة لما تريد قوله عندما لا تحصل على قسط كافٍ من النوم في الليلة السابقة، هذا بالإضافة إلى أنك ستواجه صعوبة في الإنتاجية في أثناء العمل بسبب الإرهاق الناتج من عدم حصول عقلك على النوم الكافي.
- تغيرات في الحالة المزاجية: يؤكد المدير الطبي لمركز صحة النوم والأستاذ في جامعة هارفارد (Harvard Medical School)، لورانس إبستاين (Lawrence J. Epstein)، إن النوم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة المزاجية، فإذا قضيت عدة ليالٍ متواصلة دون الحصول على قسط كافٍ من النوم قد تصبح أكثر عصبية وعرضة إلى الشعور بالتوتر والقلق والغضب والإرهاق. وفي هذا السياق، توضح مختصة الطب النفسي نهى أبو رية إن قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب.
- تغيرات في السلوك اليومي: على غرار تغيرات الحالة المزاجية؛ تؤدي قلة النوم إلى تغيرات في السلوك اليومي؛ حيث يؤدي عدم الحصول على القسط الكافي من النوم إلى زيادة الاندفاع، وقد نلاحظ أننا نواجه صعوبة في التعامل مع الآخرين عندما نُحرم من النوم. ربما تصرخ في وجه أحد الأشخاص لأنه ارتكب خطأ في عمله، أو تغادر الغرفة تماماً إذا شعرت بالانزعاج من الآخرين.
- الاحتراق النفسي: قد تؤدي قلة النوم إلى صعوبة التعامل مع التوتر، ومع مرور الوقت، يمكن أن تتحول مصاعب الحياة اليومية إلى مصدر رئيس للإحباط؛ حيث تشعر وكأنك لم تعد تتحمل ضغوط الحياة التي كان يمكن التعامل معها بسلاسة لو كنت حصلت على قسطك الكافي من النوم، ويرتبط الحرمان الشديد من النوم بتطور أعراض الذهان وظهور الهلوسات السمعية والبصرية.
- مواجهة صعوبات في التعلم: تتشكل مسارات بين الخلايا العصبية في أثناء النوم في دماغك؛ الأمر الذي يساعدك على تعلم المهارات الجديدة. الحرمان من النوم يجعل عقلك منهكاً، وقد تتأثر الإشارات التي يرسلها جسمك إلى عقلك؛ ما يقلل جودة التواصل بينهما ويعرضك إلى الحوادث.
اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين النوم والصحة النفسية؟
10 نصائح فعّالة لتحسين جودة نومك
متى كانت آخر مرة استيقظت فيها خلال الليل وواجهت صعوبة في العودة إلى النوم مرة أخرى؟ الحقيقة أن الكثير من الأشخاص يواجهون مشكلات في النوم من وقت إلى آخر، وهذه أهم النصائح للحصول على جودة نوم أفضل:
- تعرّض إلى ضوء الشمس خلال النهار: يتمتع جسمك بساعة طبيعية لإدراك الوقت تُعرف باسم "الساعة البيولوجية"؛ حيث إنها تؤثر في دماغك وجسدك وهرموناتك، وتساعدك على البقاء مستيقظاً خلال النهار، وتخبر جسمك حين يحين موعد النوم. ويساعد ضوء الشمس الطبيعي في أثناء النهار على الحفاظ على صحة إيقاع الساعة البيولوجية لديك؛ ويؤدي ذلك إلى تحسين الطاقة في أثناء النهار، بالإضافة إلى تعزيز جودة النوم ومدته في أثناء الليل.
- قلّل التعرض إلى الضوء الأزرق خلال المساء: إن التعرض إلى الضوء في أثناء النهار مفيد؛ لكن التعرض إلى الضوء الأزرق ليلاً له تأثير معاكس، ويرجع هذا الأمر إلى تأثيره في إيقاع الساعة البيولوجية التي تعتقد أن الوقت ما زال نهاراً؛ ما يقلل إفراز هرمون الميلاتونين الذي يساعدك على الاسترخاء والحصول على نوم عميق. جدير بالذكر إن الضوء الأزرق المنبعث من أجهزة الهواتف والكمبيوتر هو الأسوأ في هذا الصدد.
- ابتعد عن تناول الكافيين في وقت متأخر من اليوم: عند تناول الكافيين في وقت متأخر من اليوم، فإنه يحفز جهازك العصبي وقد يمنع جسمك من الاسترخاء على نحو طبيعي في الليل، ويمكن أن يبقى الكافيين في الدم مدة 6-8 ساعات. لذلك؛ لا يُنصح بشرب القهوة بعد الساعة 4 مساءً، وإذا كنت ترغب في تناول فنجان من القهوة في وقت متأخر بعد الظهر أو في المساء، فالتزم بالقهوة المنزوعة الكافيين.
- قلّل أخذ قيلولة النهار غير المنتظمة أو الطويلة: في حين أن القيلولة القصيرة مفيدة؛ إلا أن القيلولة الطويلة أو غير المنتظمة خلال النهار يمكن أن تؤثر سلباً في نومك؛ وذلك لأنها تؤدي إلى إرباك ساعتك البيولوجية؛ ما يعني أنك قد تجد صعوبة في النوم في أثناء الليل.
- حافظ على طقوس النوم: في الطفولة، كانت طقوس النوم تتجسد بالنسبة إلى الكثير من الأشخاص في قصة قبل النوم التي تحكيها الأمهات. وحين نكبر، يمكن أن يكون لمجموعة من طقوس النوم تأثير مماثل؛ حيث تساعد الطقوس على الإشارة إلى الجسم والعقل بأن وقت النوم قد حان؛ ومن أهم أمثلتها شرب كوب من الحليب الدافئ أو الاستحمام أو الاستماع إلى الموسيقا الهادئة قبل النوم.
- اضبط المنبه في التوقيت نفسه يومياً: من شبه المستحيل أن يعتاد جسمك على روتين نوم صحي إذا كنت تستيقظ باستمرار في أوقات مختلفة؛ ولهذا اختر وقتاً للاستيقاظ والتزم به، حتى في عطلات نهاية الأسبوع أو الأيام الأخرى التي قد تميل فيها إلى النوم حتى وقت متأخر.
- تناول العشاء قبل ساعات قليلة من النوم: قد يَصعُب النوم ليلاً إذا كان جسمك لا يزال يهضم وجبة عشاء دسمة، ومن أجل تقليل اضطرابات النوم المرتبطة بالطعام إلى الحد الأدنى؛ حاول تجنب تناول العشاء في وقت متأخر وتقليل الأطعمة الدهنية أو الحارة بصفة خاصة. وإذا شعرت بالجوع في المساء، فاختر وجبة خفيفة غنية بالخضروات.
- اهتم بجودة مرتبتك ووسادتك: هل سألت نفسك من قبل لماذا تستطيع النوم على نحو أفضل في الفنادق؟ الحقيقة أن جودة السرير والمرتبة والوسادة تؤثر تأثيراً كبيراً في جودة النوم؛ لأنها تقلل آلام الظهر والكتف، وتحسن جودة نومك؛ ولهذا عليك اختيار المرتبة والوسادة اللتين تناسبان احتياجك وتفضيلاتك.
- افصل الأجهزة في الساعة التي تسبق النوم: يمكن للأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة أن تُبقي عقلك متصلاً؛ ظا يصعّب عليك الاسترخاء في أثناء النوم، علاوة على أن الضوء الصادر عن هذه الأجهزة الإلكترونية يثبط إنتاج جسمك الطبيعي من الميلاتونين؛ ولهذا حاول قدر الإمكان أن توقفها عن العمل قبل ساعة أو أكثر من الذهاب إلى السرير.
- مارس الرياضة يومياً: تعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام خلال ساعات النهار إحدى أفضل الطرائق لضمان نوم جيد ليلاً؛ ولكن انتبه جيداً لأن ممارسة الرياضة في الليل قد تسبب مشكلات في النوم؛ ويرجع ذلك إلى التأثير التحفيزي للتمارين الرياضية؛ ما يزيد اليقظة وإفراز هرمونات مثل الإبينفرين والأدرينالين.