قاعدة الـ 10 دقائق: سر ستيف جوبز لحل أعقد المشكلات

5 دقيقة
قاعدة الـ 10 دقائق
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

هل جلست يوماً على مكتبك عاقداً حاجبيك أمام شاشة الحاسوب فترة طويلة محاولاً التعامل مع مشكلة استعصت عليك؟ قد تكرر المحاولة تلو الأخرى بلا جدوى، وتشعر أن الحل يبتعد كلما حاولت الاقتراب منه، في مثل هذه اللحظات يتجلى واقع نعيشه جميعاً، وهو أننا نجهد أدمغتنا في البحث عن الحلول لكن بأسلوب خاطئ.

لذا لو كنت سألت ستيف جوبز عن الطريقة المثلى لحل مشكلتك، سيجيبك ببساطة: انهض وتمشى مدة 10 دقائق، فما هي قاعدة الدقائق العشر التي ابتكرها ستيف جوبز؟ وكيف تساعدك على حل مشكلاتك؟ الإجابة ستجدها عبر هذا المقال.

ما هي قاعدة العشر دقائق التي ابتكرها ستيف جوبز؟

كان لدى المؤسس المشارك لشركة آبل، ستيف جوبز، والمعروف بعقله الإبداعي، قاعدة في العمل يلجأ إليها كلما واجه صعوبة أو مشكلة، وهي المشي مدة 10 دقائق، وترتكز هذه القاعدة على فكرة مهمة مفادها أنه إذا لم تتمكن من حل مشكلة عمل خلال 10 دقائق، فعليك مغادرة مكتبك والذهاب في نزهة.

وتشرح أستاذة علم الأعصاب في جامعة كامبريدج ومؤلفة كتاب "الكفاءة الفائقة: حسن دماغك لتغيير طريقة عملك" ميثو ستوروني، أن الدماغ على عكس العضلات، لا يستجيب للجهد بالطريقة نفسها. على سبيل المثال، إذا كنت تعمل في خط مصنع ملابس، فإن الكثير من الجهد في هذه الحالة غالباً ما يحقق نتائج أفضل ويزيد إنتاجيتك، لكن الدماغ لا يعمل بالطريقة نفسها، حيث إن المزيد من الجهد هنا غالباً ما يؤدي إلى نتائج عكسية.

القاعدة التي ابتكرها ستيف جوبز عززتها وأكدتها دراسة علمية أجرتها جامعة ستانفورد، إذ كشفت الدراسة أن المشي يعزز الإلهام الإبداعي، وقد قارن الباحثون المشاركون بالدراسة مستويات الإبداع لدى الأشخاص في أثناء المشي مقارنة بمستويات الإبداع في أثناء الجلوس، وتبين من النتائج أن مستوى الإبداع للشخص الذي مارس المشي زاد بنسبة 60% في المتوسط، علاوة على ذلك، أوضحت الدراسة أن المشي يفيد عملية العصف الذهني الإبداعي، إضافة إلى أنه يكون فعالاً جداً في حل المشكلات التي تتطلب منظوراً جديداً.

اقرأ أيضاً: كيف تطبق قاعدة "هنا والآن" بأربع عادات يومية بسيطة؟

لماذا يجدي المشي نفعاً في تعزيز الإبداع وحل المشكلات؟

وفقاً لكاتب سيرة جوبز، والتر آيزاكسون، لم يكن المشي مجرد عادة عابرة للمؤسس المشارك لشركة آبل؛ بل كان طريقته المفضلة لإجراء نقاشات عميقة، كما كان جوبز معروفاً بقضاء فترات طويلة بالمشي حافي القدمين، وقد لاحظ المحيطون به ذلك أيضاً، والحقيقة أن المشي لم يكن مجرد علامة على حبه للطبيعة أو رغبته في الحفاظ على نشاطه البدني، بل أدرك جوبز أن المشي يمكن أن يساعد في إطلاق العنان لإمكانات عقله، ما يساعد على حل المشكلات التي تبدو مستعصية في أثناء الجلوس ساكناً، ويمكن القول إن المشي عادة ما يجدي نفعاً لأنه يؤدي إلى:

1. تحسين الوظيفة الإدراكية

يرتبط المشي المنتظم بتعزيز الوظيفة الإدراكية، بما في ذلك تحسين الذاكرة والانتباه ومهارات حل المشكلات، وذلك لأن المشي يزيد تدفق الدم إلى الدماغ، ومن ثم، يعزز هذا التدفق الدموي تكوين الخلايا العصبية الجديدة، ويقوي الروابط بين الخلايا العصبية الموجودة.

علاوة على ذلك، فإن المشي يبقيك في حالة يقظة، ويحميك من التشتت، وفي الوقت نفسه، يجذب انتباهك تدريجياً من نقطة اهتمام إلى أخرى، وهذا التحول في التركيز يمنعك من الانحصار في حالة ذهنية واحدة، ما يسمح بدخول أفكار ووجهات نظر جديدة إلى الصورة.

2. تقليل خطر التدهور المعرفي

ارتبطت ممارسة النشاط البدني المنتظم، مثل المشي، بانخفاض خطر التدهور المعرفي والأمراض المرتبطة بالعمر مثل الخرف ومرض آلزهايمر، وذلك لأن المشي يسهم في الحفاظ على حجم الدماغ ويمنع تدهور أنسجته، وبالتالي الحفاظ على القدرات المعرفية.

3. تعزيز الإبداع

إذا كنت ترغب في تعزيز إبداعك، فقد يكون التنزه هو ما تحتاج إليه في اللحظة الحالية، وذلك لأن المشي يعزز التفكير التباعدي، وهو أسلوب تفكير إبداعي غير خطي؛ ما يعني أنه لا يسير في خط مستقيم، ويهدف إلى توليد أكبر عدد من الحلول الإبداعية المتنوعة والمبتكرة، حيث تبدأ من نقطة مركزية ثم تتشعب بعيداً عنها في الاتجاهات الممكنة جميعها بحثاً عن الحل، ويمكن القول إن هذا الأسلوب من التفكير يغذي العملية الإبداعية، لهذا في المرة القادمة التي تشعر فيها بالبحث عن إلهام، اربط حذاءك وانطلق.

4. تقليل التوتر وتحسين الحالة المزاجية

عندما يتعلق الأمر بتخفيف التوتر، يمكن أن يكون المشي فعالاً للغاية، حيث تؤكد المختصة النفسية، سارة الغامدي، أن المشي يساعد على تقليل مستويات الكورتيزول، وهو هرمون التوتر، علاوة على ذلك، فإن المشي يعزز إفراز هرمون الإندورفين والسيروتونين، وهما هرمونان مرتبطان بالشعور بالسعادة، ما يعني أن المشي يحسن الحالة المزاجية، ويسهم في محاربة الاكتئاب.

5. تحسين جودة النوم

هل تعاني مشاكل في النوم؟ إذاً يمكن أن يساعدك المشي على تحسين جودة نومك، وذلك لأنه يعمل على تنظيم دورة النوم والاستيقاظ، ويعزز إنتاج السيروتونين، وهو ناقل عصبي يعد مادة البناء الأولية لهرمون الميلاتونين الذي ينظم دورة النوم، ويمكن القول إن تحسين جودة نومك يؤدي دوراً محورياً في كفاءة أدائك بالعمل، وذلك لأن قلة النوم تؤدي إلى تراجع القدرات الإبداعية، وانخفاض القدرة على التركيز، وسوء اتخاذ القرارات.

اقرأ أيضاً: هل تعاني انخفاض جودة النوم؟ هذه السمة الشخصية قد تكون السبب

كيف تستخدم قاعدة العشر دقائق في حل مشكلاتك وتعزيز إبداعك؟

كان ستيف جوبز يجري اجتماعاته سيراً على الأقدام، ويذهب في نزهات قصيرة للتخلص من العوائق الذهنية، ومن خلال مغادرته مكتبه وتغيير بيئته، اكتشف حلولاً لم يكن جلوسه ساكناً يوفرها، وقد عكست هذه العادة اعتقاده بأن الإبداع لا يزدهر تحت الضغط، بل من خلال التدفق وحرية التفكير، وحتى تستخدم هذه القاعدة مثل جوبز وتتمكن من حل مشكلاتك والازدهار في عملك، جرب النصائح التالية:

1. ركز على البيئة المحيطة بوعي كامل

حين تواجهك مشكلة في العمل ولا تتمكن من حلها، وتقرر أن تخرج للمشي في الهواء الطلق، لا تتصفح هاتفك، أو تلقي نظرة على البريد الإلكتروني الخاص بالعمل، أو تشكو إلى صديقك طبيعة المشكلة التي تواجهك، لأنك بذلك تغرق أكثر في المشكلة، ولكن عوضاً عن ذلك، ما رأيك لو جربت التركيز على بيئتك المحيطة، بمعنى آخر اقض بضع دقائق في استيعاب المشهد، واسأل نفسك؛ ماذا ترى وتسمع وتشم؟ ركز على الأصوات واندمج معها؛ هل تسمع صوت العصافير؟ أم صوت السيارات التي تجري سريعاً؟ ما هي التفاصيل التي تراها على المباني؟ هل هناك أشجار؟

2. ابتعد تماماً عن ضغوط الحياة

حين تخرج للمشي في أثناء مواجهة مشكلة في عملك، حاول الاسترخاء قدر الإمكان، وابتعد عن الضغوط كلها، خذ استراحة قصيرة من مسؤولياتك، واسمح لعقلك أن يتجول، ويفضل أن تترك هاتفك في المنزل، ولو كان لا بد من أن يكون بحوزتك، عطل الإشعارات، وركز على المشي، وكن حاضراً قدر الإمكان.

اقرأ أيضاً: المشي الصامت: رياضة ذات فوائد نفسية غير متوقعة

3. اخرج للمشي قبل اجتماعات العصف الذهني

عندما تواجه مشكلة ما، اخرج في نزهة بهدف توليد الأفكار؛ على سبيل المثال، يمكنك المشي مدة 10 دقائق قبل اجتماعات العصف الذهني، وتأكد من أن المشي سوف يهيئ عقلك للتفكير بطرق جديدة، لذا، في المرة القادمة التي تحتاج فيها إلى فكرة رائعة أو منظور جديد، لا تكتف بالتحديق في حاسوبك، انطلق في نزهة ودع إبداعك يتدفق مع كل خطوة.

4. اختر مسارك وفقاً لاحتياجاتك

الانتباه مورد محدود، وعادة ما يستهلك مع مرور اليوم، ويمكن القول إن المشي في المدينة والشوارع المزدحمة يمكن أن يشتت انتباهك، ولهذا حاول قدر الإمكان أن تختار الأماكن الخضراء، وإذا صعب عليك إيجاد حديقة للمشي فيها وقت الخروج في نزهة وقت العمل، حاول أن تختار شارعاً هادئاً؛ يمكنك على سبيل المثال، أن تأخذ جولة قصيرة حول المبنى.

5. اجعل المشي نشاطاً ممتعاً

يعد المشي طريقة مثلى من أجل تعزيز الإبداع والاسترخاء وحل المشكلات، وعلى الرغم من ذلك، يجب أن يكون المشي ممتعاً بالنسبة لك حتى يؤتي ثماره وحتى يساعدك على حل مشكلاتك. على سبيل المثال، تخيل أنك تعاني الإرهاق الوظيفي أو الاحتراق النفسي، في هذه الحالة لن تساعدك قاعدة العشر دقائق، إذ يجب أن تمارسها وأنت مستمتع بالمشي وقادراً على أدائه.

المحتوى محمي