دراسة حديثة: ممارسة الرياضة في نهاية الأسبوع فقط لها فوائد نفسية كبيرة

6 دقيقة
التمارين الرياضية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: أظهرت دراسة بحثية حديثة نشرتها مجلة نيتشر لأبحاث الشيخوخة (Nature Aging) في نهاية شهر أغسطس/آب 2024 أن الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية في عطلة نهاية الأسبوع يجنون الفوائد النفسية والذهنية والجسدية نفسها التي يحصل عليها ممارسي التمارين الرياضية طوال أيام الأسبوع، وقد أطلقت الدراسة لقب: "محاربو عطلة نهاية الأسبوع" على الأشخاص الذين يمارسون النشاط البدني في يوم أو يومين في الأسبوع، ويمكن القول إن هناك الكثير من الفوائد لممارسة الرياضة مثل تحسين الحالة المزاجية وتقليل فرص الإصابة بالاكتئاب وتحسين وظائف المخ، وزيادة مستوى الطاقة وخفض مستويات القلق والتوتر، وحتى تدمج الرياضة في روتينك المعتاد، عليك البدء بالتغييرات الصغيرة ومحاولة ممارسة الرياضة في الصباح الباكر، بالإضافة إلى اختيار أنشطة يسهل إنجازها، وتتبع تقدمك عبر تطبيقات الهاتف الذكي.

توصلت دراسة بحثية حديثة نشرتها مجلة نيتشر لأبحاث الشيخوخة (Nature Aging) في أغسطس/آب 2024، إلى نتيجة مفادها أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة في عطلة نهاية الأسبوع فقط، يجنون الفوائد النفسية والجسدية نفسها التي يحصل عليها ممارسو الرياضة بانتظام طوال أيام الأسبوع. ووفقاً لنتائج هذه الدراسة؛ فقد انخفض خطر الإصابة بالخرف والسكتة الدماغية ومرض باركنسون والقلق والاكتئاب لدى الأشخاص الذين يمارسون الرياضة خلال العطلة الأسبوعية فقط، وإليكم تفاصيل الدراسة عبر هذا المقال.

ما هو الحد الأدنى من الوقت حتى تجني فوائد ممارسة الرياضة في عطلة نهاية الأسبوع؟

أظهرت الدراسة البحثية السابق ذكرها أن الأفراد الذين يمارسون الرياضة خلال عطلات نهاية الأسبوع على يحصلون على فوائد صحية مماثلة للتي يجنيها أولئك الذين يمارسون الرياضة بانتظام. وقد ركزت هذه الدراسة على الصحة النفسية وصحة الدماغ، وأشارت نتائجها إلى أن الجسم لا يميز بين التمارين اليومية أو الأنشطة المتقطعة طالما وصلت مدة التمارين إلى 150 دقيقة على الأقل من النشاط المعتدل الشدة في الأسبوع.

وقد شملت الدراسة أكثر من 75,000 مشارك؛ كان معظمهم من كبار السن؛ حيث بلغت متوسطات ​​أعمارهم 61 عاماً، وقسّم الباحثون المشاركين بناءً على أنماط التمرين إلى 3 مجموعات:

1. مجموعة غير نشطة: تمارس أقل من 150 دقيقة أسبوعياً من النشاط البدني المعتدل.

2. مجموعة نشطة: تشمل الأشخاص الذين يمارسون 150 دقيقة أو أكثر من النشاط البدني المعتدل إلى القوي أسبوعياً.

3. محاربو عطلة نهاية الأسبوع: أطلقت الدراسة هذا اللقب على الأفراد الذين شاركوا في 150 دقيقة أو أكثر من النشاط البدني المعتدل إلى القوي أسبوعياً، مع ممارسة أكثر من نصف نشاطهم في غضون يوم إلى يومين.

ويشير لقب "محاربو عطلة نهاية الأسبوع" إلى الأشخاص الذين يمارسون النشاط البدني المركّز في عطلة نهاية الأسبوع، ومن المثير للاهتمام أن هذه المجموعة شكّلت أكبر نسبة من أنماط التمرين؛ حيث مثّلت قُرابة 40% من المشاركين، وقد قسّم الباحثون صحة الدماغ إلى حالات نفسية وعصبية، وشملت الحالات النفسية الاكتئاب والقلق والاضطراب الثنائي القطب؛ بينما شملت الحالات العصبية مرض باركنسون والسكتة الدماغية والخرف.

وقد شهدت مجموعة محاربو عطلة نهاية الأسبوع على مدى أكثر من 8 سنوات من المتابعة، انخفاضاً مماثلاً في المخاطر، وذلك مقارنة بالمجموعة النشطة فيما يخص صحة الدماغ والحالات النفسية؛ ولكن الاضطراب الثنائي القطب كان حالة شاذة ملحوظة؛ إذ لم يُعثر على ارتباط كبير بينه وبين أنماط النشاط البدني، ويتضح تأثير الحد من بعض المخاطر بالنسبة إلى محاربي عطلة نهاية الأسبوع في النسب التالية:

  1. الخرف: 23%.
  2. السكتة الدماغية: 13%.
  3. مرض باركنسون: 49%.
  4. الاكتئاب: 26%.
  5. القلق: 28%.

اقرأ أيضاً: كيف تساعدك رياضة رفع الأثقال على التعافي من صدمات الماضي؟

كيف تنعكس ممارسة الرياضة على صحتك النفسية والجسدية؟

سواء كان ذلك بسبب العمل أو المسؤوليات العائلية، فقد يشعر الكثير من الأشخاص أن لديهم وقتاً أقل لممارسة الرياضة خلال أيام الأسبوع؛ ولكن الآن يمكنك جني فوائدها العظيمة في أثناء العطلات الأسبوعية، وإليك ما سيحدث معك حين تبدأ نشاطك البدني:

1. يقل خطر إصابتك بالأمراض المزمنة

يمكن أن تساعدك التمارين الرياضية على خفض مستويات الغلوكوز في الدم؛ ما يؤدي إلى تقليل خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي ومرض السكري من النوع الثاني. علاوة على ذلك، تعزز التمارين الرياضية نظام عمل القلب والأوعية الدموية وتحسن صحة الرئة، وتقيك من الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.

2. تنخفض مستويات التوتر والقلق

تخفّض التمارين الرياضية مستويات هرمونات التوتر في الجسم؛ مثل الأدرينالين والكورتيزول. علاوة على ذلك، فإنها تحفز إنتاج هرمون الإندورفين الذي يعمل بصفته مسكناً طبيعياً للألم ومحسناَ للحالة المزاجية، وهو مسؤول عن مشاعر الاسترخاء التي تظهر في أثناء ممارستك التمارين الرياضية.

3. تتحسن وظائف المخ

تزيد التمارين الرياضية معدل ضربات القلب؛ ما يحسن تدفق الدم إلى المخ محسناً أداءه؛ ما يجعلك تشعر بمزيد من النشاط واليقظة بعد التمارين. علاوة على ذلك، فإن ممارسة الرياضة بانتظام تحميك من أمراض خطِرة مثل باركنسون وآلزهايمر، وتقلل أيضاً خطر إصابتك بالسكتة الدماغية.

4. تتضاعف طاقتك

تعد التمارين الرياضية معززاً طبيعياً ومستداماً للطاقة، فعندما تمارس الرياضة، يزداد تدفق الدم في جسمك؛ ما يضمن توصيل العناصر الغذائية المهمة والأوكسجين بكفاءة إلى خلاياك، وتساعد هذه العملية على تحويل العناصر الغذائية إلى طاقة قابلة للاستخدام؛ ما يعزز قدرتك على التحمل ويقلل الشعور بالتعب.

5. تحافظ على صحة عظامك

تساعد ممارسة الرياضة في الحفاظ على صحة العظام وتحسينها، فالتمارين الرياضية مثل الجري أو القفز أو رفع الأثقال تحفز نمو العظام وتقويتها. علاوة على ذلك، فهي تقلل خطر الإصابة بهشاشة العظام والكسور في وقت لاحق من الحياة.

6. تتنظم حركة أمعائك

تنظّم التمارين الرياضية حركة الأمعاء، فكلما زاد نشاطك تحسنت عملية الإخراج لديك، ويحدث هذا لأن التمارين الرياضية تقلل الوقت الذي يستغرقه الطعام للمرور عبر الأمعاء الغليظة، علاوة على أنها تحد من كمية الماء التي تُمتص من البراز إلى الجسم. وكلما قلت كمية الماء التي يأخذها جسمك من البراز، كان من الأسهل عليك إخراجه.

7. تزيد ثقتك بنفسك

تسهم التمارين الرياضية في إحداث تغيرات ملحوظة في شكل جسمك، فمع انكماش محيط الخصر وزيادة قوتك وقدرتك على التحمل، ستتحسن صورتك الذاتية، وتكتسب شعوراً بالسيطرة والفخر والثقة بالنفس. علاوة على ذلك، ستساعدك قوتك وطاقتك المتجددة على النجاح في العديد من المهام، بالإضافة إلى أن الانضباط في ممارسة التمارين الرياضية بانتظام سيساعدك على تحقيق أهداف مهمة أخرى في حياتك.

8. تتصف بالمرونة النفسية

حين تواجه تحديات الحياة النفسية أو العاطفية، يمكن أن تساعدك التمارين الرياضية على بناء المرونة والتعامل بطريقة صحية، بدلاً من اللجوء إلى أساليب تكيف غير صحية تؤدي في النهاية إلى تفاقم الأعراض. علاوة على ذلك، ​​يمكن أن تساعدك التمارين الرياضية المنتظمة على تعزيز جهاز المناعة لديك وتقليل تأثير الإجهاد فيك.

9. تنام بعمق

لا تفيد التمارين الرياضية المنتظمة الوظيفة الإدراكية وصحة القلب وكثافة العظام فحسب؛ بل إنها تحسّن أيضاً جودة النوم؛ حيث يُعتقد أن زيادة درجة حرارة الجسم في أثناء التمرين تجعلك تنام على نحو أفضل نتيجة إسهامها في انخفاض درجة حرارتك خلاله، وقد تشعر أيضاً بمزيد من اليقظة في أثناء النهار. علاوة على ذلك، تُحسّن التمارين الرياضية حالتك المزاجية وتخفّض شعورك بالقلق والتوتر؛ الأمر الذي يساعدك على النوم بعمق.

10. تحمي نفسك من الإصابة بالاكتئاب

أظهرت دراسة بحثية نشرتها المجلة الطبية البريطانية (British Medical journal) في فبراير/شباط 2024 أن التمارين الرياضية تعد علاجاً فعالاً للاكتئاب بكفاءة الدواء نفسها؛ حيث إنها تعزز النمو العصبي وتقلل الالتهاب، ويمكن أن تكون عامل تشتيت؛ ما يسمح لك بإيجاد بعض الوقت الهادئ للخروج من دائرة الأفكار السلبية التي تغذي الاكتئاب.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: التمارين الرياضية تستطيع معالجة الاكتئاب بكفاءة الدواء نفسها

5 خطوات لتدمج ممارسة الرياضة في روتينك المعتاد

يؤكد المختص النفسي، أسامة الجامع، إن هناك علاقة وطيدة بين ممارسة الرياضة وتحسن الحالة المزاجية، وينصح بضرورة ممارسة الرياضة بعيداً عن أهداف نزول الوزن أو الحفاظ على اللياقة البدنية، إذ يجب إنجاز التمارين حفاظاً على صحتك النفسية. وحتى تدمج ممارسة الرياضة في روتينك المعتاد، إليك بعض النصائح لمساعدتك:

1. ابدأ ببعض التغيرات الصغيرة

حين تحاول دمج عادة جديدة في روتينك المعتاد، حاول أن تبدأ بالتغيرات الصغيرة حتى تستطيع الالتزام بها. وفيما يخص التمارين الرياضية، يمكنك على سبيل المثال استخدام السلالم بدلاً من المصعد، والمشي إلى مكتب زميل في العمل بدلاً من إرسال بريد إلكتروني، وغسيل سيارتك بنفسك، وركن سيارتك بعيداً عن وجهتك.

2. حاول ممارسة الرياضة في الصباح الباكر

إذا كنت من الأشخاص الذين يستيقظون مبكراً، فاضبط المنبه وابدأ في ممارسة الرياضة قبل الذهاب إلى عملك، وإذا واجهت صعوبة في الصباح، فاسمح لنفسك بتجربة ممارسة النشاط البدني في أثناء عطلة نهاية الأسبوع. يومان على الأقل من ممارسة الرياضة في وقت مبكر قد تكون لهما فوائد تدهشك.

3. تخلص من عقلية "كل شيء أو لا شيء"

لست مضطراً لقضاء ساعات في صالة الألعاب الرياضية أو إجبار نفسك على ممارسة أنشطة رتيبة أو مؤلمة تكرهها للحصول على الفوائد الجسدية والنفسية لممارسة الرياضة، فالقليل من التمارين الرياضية اليومية البسيطة المحببة لك أفضل من لا شيء.

4. اختر أنشطة يسهل إنجازها

كلما كان روتين التمرين الخاص بك أكثر راحة، كان من الأسهل إنجازه؛ فإذا كانت عليك القيادة بعيداً عن بيتك للوصول إلى نادي اللياقة البدنية، فمن المحتمل أن تجد أعذاراً لعدم الذهاب؛ ولهذا ساعد نفسك على النجاح واختر الأنشطة التي يمكن إنجازها بالقرب من مكان عملك أو منزلك.

5. تتبع تقدمك

يمكن أن يحفزك استخدام أداة تتبع النشاط أو تطبيق الهاتف الذكي من أجل مراقبة تقدمك؛ حيث توفر معظمها القدرة على تحديد أهداف صغيرة والبناء عليها تدريجياً؛ ما يمكّنك من رؤية تقدمك بمرور الوقت وهذا سيدفعك إلى الاستمرار.