كيف تطلب المساعدة ممن حولك عندما تشعر أنك لست على ما يرام؟

5 دقيقة
لست بخير
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: في كثير من الأحيان، يعاني الأشخاص بصمت بينما يمكن أن يوفر لهم الإعلان عن حالاتهم الحقيقية وإخبار الأصدقاء والمقربين فرصة لطلب الدعم والحصول عليه بالفعل؛ ما قد يُحدث فرقاً في إنقاذهم من أزماتهم. يقدم هذا المقال دليلاً تطبيقياً لكل من يعتقد أنه ليس بخير ويحتاج إلى المساعدة.

إذا أعرنا الانتباه قليلاً إلى تفاعلاتنا اليومية مع المحيطين بنا، سنلاحظ أن الرد النموذجي: “أنا بخير” على سؤال: “كيف حالك؟” قد يكشف عمق المشاعر التي تكون غالباً مخبأة بين ثنايا المحادثات السطحية، فالواقع للعديد من الناس يكون مختلفاً بل ومعقداً تماماً؛ حيث يفضل أغلبهم أن يخفي معاناته، أو يتردد في تقاسم أعبائه مع الآخرين.

إذا كنت من هؤلاء الأشخاص، تذكر أنه لا بأس في الاعتراف وإخبار أصدقائك وأحبائك بأنك لست على ما يرام، وربما تحتاج إلى مساعدتهم ودعمهم، فالتظاهر بأن كل شيء بخير يمكن أن يكون مرهقاً لك؛ في حين تستطيع الاعتماد على أحبائك أو طلب المساعدة من المتخصصين. لذلك؛ ستجد في هذا المقال كل ما تجب معرفته لتخطو تلك الخطوة المخيفة وهي أن تعلن عن حالتك واحتياجك إلى المساعدة.

ما العلامات الدالة على أنك لست بخير؟

يعد الشعور بالإحباط وخيبة الأمل أو القلق والتوتر جزءاً طبيعياً من التجربة الإنسانية؛ غير أن التمييز بين المشاعر الطبيعية والمشكلات الأكثر خطورة التي قد تحتاج إلى الإعلان عنها قد يكون أمراً صعباً لمن يعيشون وسط دوامة الأزمة والمعاناة؛ إذ من السهل التغاضي عن كل تلك الإشارات التحذيرية وتجاهلها باعتبارها غير ذات أهمية. في مثل هذه الحالة، ننصحك بالاطلاع على العلامات التالية لتحديد مدى احتياجك إلى طلب مساعدة مَن حولك:

  • تشعر بالقلق: الشعور بالقلق قبل الأحداث المهمة مثل مقابلات العمل أو الاختبارات أمر طبيعي؛ لكن عندما يبدأ القلق بالتداخل مع الأنشطة اليومية، فقد يشير ذلك إلى مشكلة أكثر خطورة يمكن أن تظهر في أعراضٍ مثل ضيق التنفس، وخفقان القلب، والصداع، والدوار، والأرق، ومشكلات الجهاز الهضمي؛ وكلها علامات تشير إلى الحاجة إلى المساعدة.
  • تجتاحك مشاعر الكآبة: في حين أن الشعور بالحزن أمر طبيعي؛ إلا أن الاكتئاب ينطوي على مشاعر مستمرة من الحزن والوحدة قد تستمر على مدى أسابيع؛ حيث يكون فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كنت تحبها في السابق، والافتقار إلى الطاقة والحافز، وصعوبة فهم بعض المشاعر، من أبرز المؤشرات على الإصابة الاكتئاب. ولمعرفة تفاصيل أكثر دقة حول الفروق بين الحزن والاكتئاب، اطلع على هذا المقال.
  • تواجه مشكلاتٍ في نومك: يرتبط الإفراط في النوم غالباً بالاكتئاب؛ في حين أن صعوبة الحصول على قسطٍ كاف من النوم قد تكون مرتبطة بالقلق. إذا استمرت هذه الأنماط عدة أسابيع دون العودة إلى وضعها الطبيعي، فمن المستحسن طلب الاستشارة الطبية.
  • تتعرض إلى نوباتٍ انفعالية: من المعتاد أن تتوافق المشاعر مع أحداث معينة؛ ما يؤدي إلى تغيرات مزاجية ملحوظة واستجابات عاطفية مقبولة. ولكن إذا وجدت نفسك تغضب بصفة متكرّرة، أو تعاني نوبات انفعال حادة وغير مبررة، فقد تكون ثمة مشكلة تحتاج إلى الاهتمام؛ إذ يمكن أن تشير هذه السلوكيات إلى حالة صحة نفسية تتطلب المعالجة.
  • تفضل الانسحاب اجتماعياً: إذا لاحظت تغيراً كبيراً في سلوكك الاجتماعي؛ مثل الانسحاب من دائرة الأصدقاء والعائلة أو تجنب المواقف الاجتماعية التي كنت تستمتع بها سابقاً، فقد يشير ذلك إلى إصابتك بحالة من حالات الصحة النفسية مثل الاكتئاب أو الاضطراب الثنائي القطب.

اقرأ أيضاً: كيف يؤذي تظاهرك بالإيجابية صحتك النفسية؟

كيف تخبر الآخرين بأنك لست على ما يرام؟

لقد أتقنّا فن ارتداء الأقنعة لإخفاء مشاعرنا الحقيقية حتى عندما نتصارع مع الاضطرابات الداخلية خلف ابتساماتنا. قد يبدو تبني الانفتاح والصدق والضعف أمراً شاقاً على أغلبنا؛ ولكنه ضروري للتواصل والدعم الحقيقيَّين. سيساعدك تطبيق النصائح التالية على إخبار مَن حولك بأنك لست بخير، وتحتاج إلى الدعم:

1. لا بأس في ألا تكون على ما يرام

أولاً وقبل كل شيء، من المهم أن تعترف بأنه من الطبيعي تماماً ألا تشعر أنك بخير. بالنظر إلى التحديات العديدة التي نواجهها جميعنا على المستوى العالمي والفردي، قد تتفاجأ أن الجميع قد يصارع داخلياً بطريقة أو بأخرى. وبالنسبة إلى الكثيرين، قد يتعلق الأمر بالشعور بالعزلة الاجتماعية، أو انعدام الأمن الوظيفي والمخاوف المالية، أو المخاوف الصحية، والشعور بالانفصال عن أي صورة من صور الدعم؛ كلها أمور ستؤثر بالتأكيد في صحتنا النفسية.

2. من الشجاعة الاعتراف بأنك لست بخير

من السهل أن تدفن مشاعرك وتصطنع القوة بقولك: “أنا بخير” عندما لا تكون كذلك؛ غير أن الشجاعة الحقيقية هي أن تعترف بضعفك حين تكون بأمسّ الحاجة إلى المساعدة. قد تكون تعرضت إلى إصابات نفسية وعاطفية بالغة؛ لكنك تستمر في التفكير بأنها مجرد خدوش، رافضاً الاعتراف بخطورة حالتك. في الواقع، إنكار معاناتك لا يؤدي إلا إلى إطالة الرحلة نحو التعافي، فإخبار المقربين بحالتك الحقيقية وطلب المساعدة هو الخطوة الأولى نحو التعافي.

3. لا تخشَ طلب المساعدة

يتفوق الكثير منا في إخفاء الصعوبات التي يواجهها؛ لذا قد لا يكون الآخرون على علم بما يمر به، فمن الشائع الاستخفاف بالمخاوف الشخصية، أو التفكير في أن الآخرين يعانون مشكلاتٍ أسوأ، أو الخوف من الرفض أو الأحكام غير المنصفة عند طلب المساعدة. من المفارقات أن معظم الناس يرغبون حقاً في تقديم المساعدة، فلا تدع تلك المخاوف تمنعك من طلب الدعم الذي تستحقه. وليس عليك الانتظار حتى يلاحظ شخص ما صراعاتك؛ خذ زمام المبادرة للتواصل أولاً. إذا كنت تشعر بالارتياح، فإن بدء المحادثة بعبارةٍ بسيطة مفادها أنك لست بخير، يمكن أن يفتح لك الباب للحصول على الدعم.

4. حدّد ما تحتاج إليه بالضبط

عند طلبك الدعم، من المفيد تحديد ما تحتاج إليه بالضبط. لذلك؛ فكّر جيداً في نوع المساعدة التي ستكون أكثر فائدة لك في ذلك الوقت، سواء كانت دعماً عملياً أو عاطفياً أو مهنياً، ثم يمكنك تحديد الأشخاص داخل شبكتك الاجتماعية الذين يمتلكون المهارات اللازمة لتلبية احتياجاتك.

يمكن أن يكون التعبير عن احتياجاتك واضحاً ومباشراً مثل أن تقول: “أحتاج إلى شخص يستمع إلي دون إصدار الأحكام” أو “أفكر في طلب الدعم النفسي ولكني غير متأكد من أين أبدأ، هل تُمكنك مساعدتي؟”. في بعض الأحيان، حتى تلك المبادرات البسيطة مثل المساعدة على إتمام مهمة منزلية أو تحضير وجبة طعام دافئة، أو حتى مجرد وجود أحدهم بقربك، يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً لديك.

5. ضع حدوداً صحية

إذا كنت تبحث عن آذانٍ مصغية، فقد لا يخدمك وجود شخصٍ متسرّعٍ في عرض الحلول السريعة لمشكلاتك. لذلك؛ يمكنك التعبير بلطف عن امتنانك لرغبته في المساعدة، وحاجتك إلى شخص يمكنه الاستماع دون القفز إلى الحلول؛ وهذا ما سيوضح توقعاتك منه واحتياجاتك الحالية.

6. لا تأخذ ردود أفعال الآخرين على محمل الجد

قد يكون تلقي ردودٍ غير مساعِدة أو لا تتماشى مع تطلعاتك عندما تكون منفتحاً بشأن مشكلتك مع شخصٍ آخر أمراً محبطاً آخر يُضاف إلى قائمة إحباطاتك؛ لكن من الضروري عدم أخذ تلك التفاعلات على محمل الجد.

حاول أن تدرك أنه لن يتفاعل الجميع معك بالطريقة التي تأملها، وأن استجاباتهم لا تقلل من صحة احتياجاتك. ربما لم تكن تلك هي اللحظة المناسبة لتقديم المساعدة. لذا؛ إذا وجدت نفسك تتلقى ردوداً غير مجدية، استمر في التواصل مع أشخاص آخرين حتى تجد الدعم الذي تحتاج إليه و تتلقى المساعدة التي تستحقها.

7. ربما تحتاج إلى طلب المساعدة المتخصصة

في حين أن أصدقائك يمكنهم تقديم دعم نفسي وعاطفي مهم لك، قد لا يكون ذلك كافياً في بعض الحالات التي يكون فيها طلب المساعدة المهنية المتخصصة أمراً ضرورياً لمساعدتك على تخطي الأزمة. يمكن لطبيبك العام تقييم حالتك وتقديم توصياته بشأن برنامج رعاية للصحة النفسية؛ التي قد تشمل إحالتك إلى طبيبٍ أو معالجٍ نفسي.

اقرأ أيضاً: كيف تعرف أنك بخير؟

هذا ما يمكنك فعله حين لا تشعر أنك بخير

إذا كنت تواجه تحدياتٍ في حياتك من أي نوعٍ، تذكّر أنك لست بمفردك، فالعديد من الناس في العالم وفي محيطك يعانون في صمتٍ، ومنهم من وجد بالفعل طريقةً لمساعدة نفسه. ربما يجب عليك أنت أيضاً أن تبدأ التفكير في هذا الحل.

يعد بناء شبكة دعم أمراً بالغ الأهمية. وثوقك بصديق أو أحد أفراد العائلة سيساعدك على فتح قلبك ومشاركة معاناتك، فقد يستطيع تقديم نصائح قيمة، أو يوفر حضوره ببساطة راحة مؤقتة لإلهائك عن مشكلاتك.

أما إذا كانت الصعوبات التي تواجهها تلقي بثقلها على حياتك اليومية، فإن طلب المساعدة المهنية المتخصصة هو الخيار الأكثر حكمةً؛ إذ يمكن أن يساعدك المعالج النفسي على فهم مشاعرك، وتحديد المحفزات، وتطوير استراتيجيات التكيف الفعّالة. وقد يعد طلب المساعدة الفورية أمراً حتمياً إذا كنت تمر بأزمة تدفعك إلى التفكير بإيذاء نفسك أو غيرك.

وفي الأحوال كافةً، لن يُفيدك الاستمرار بالتظاهر بأن كل شيء على ما يرام. ثمة خيارات متاحة لك للحصول على الدعم والإرشاد، سواء كان ذلك بالاعتماد على أحبائك أو بطلب المساعدة من المتخصصين.

error: المحتوى محمي !!