هل تمنيت من قبل أن تؤدي الساعات الأولى من العام الجديد دوراً في حياتك أشبه بالمعجزة فتغيرها كلياً إلى الأفضل؟ حسناً، دعني أصارحك من جانبي وأخبرك أنك لست وحدك في أمنيتك؛ فقد وددت ذلك مرات عديدة من قبل، لكن ما النتيجة؟ فشل ذريع؛ فكما يقول الشاعر المصري أحمد شوقي: "وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا".
محتويات المقال
والجدير بالذكر أن هذه الفكرة الحالمة بالتغيير الكلي والجذري بين عشية وضحاها تتعارض مع الواقع الذي تتطلب عملية التغيير فيه الكثير من الوقت والجهد الجاد لنجاحها، إلى جانب أنها تعرضك لأضرار نفسية نستعرضها سوياً في هذا المقال، ثم نمدك بالحلول العملية لتنجح في تحقيق تغيير حقيقي لشخصيتك وحياتك.
عام جديد، شخص جديد: لماذا عليك التوقف عن التفكير بهذه الطريقة؟
إذا ما حللنا الفكرة السابقة انطلاقاً من وجهة نظر عملية سنجدها مستحيلة التحقق، فكما يقول المثل: "روما لم تُبنَ في يوم واحد"، وهكذا أي شيء نحققه في حياتنا لن نصل إليه بضربة حظ أو بمجرد طي ورقة التقويم، الأمر أكثر عمقاً من تصوره بهذه الطريقة، لذا فمن يظن أنه سيكون إنساناً جديداً في اليوم الأول من العام أشبه بمن يحلم بالثراء بعد تعثره بحقيبة مليئة بالأموال في أثناء سيره في الشارع.
جانب آخر يُظهر سلبية التفكير وفقاً لوهم التحول الكامل المفاجئ، هو أنه يضع علينا ضغطاً نفسياً ليس هيناً؛ فمن يطبق تلك النظرية يكون متحفزاً لتجنب الأخطاء جميعها وعدم ممارسة أي عادة من حياته القديمة التي يظن أنه فارقها في العام الماضي، لكن التغيير الناجح لا يحدث بهذه الطريقة، وهذا البعد يذكرني بمقولة قرأتها منذ عدة أشهر للكاتب الياباني (Haruki Murakami) تقول: "لا يهم بعد المكان الذي سترحل إليه فأنت لا يمكنك أبداً الهرب من نفسك".
لذا، كن واثقاً بأنه لا توجد طرق مختصرة للهروب من مشاعرك وذاتك، وهذا لا يعني أن تستسلم للجانب السلبي من حياتك، إنما المقصود به ألا تتوهم بتأثير التغيير الظاهري السطحي المعتمِد على التوقيتات لا على الجهود والصبر والتأني.
وتقودنا الزاوية السابقة إلى سبب مهم للتخلي عن التفكير بطريقة التحول إلى الإنسان الجديد، وهو أن هذه الطريقة لا تعتمد على بعد عملي قائم على استراتيجيات وخطط يمكنك متابعة تحقيقها وتعديلها عند الحاجة، إنما هي مجرد عنوان فارغ من الداخل لا يمكن أن يضيف إلى حياتنا أي تحسن، بالإضافة إلى اتصالها بالإيجابية السامة التي تجعل الفرد يظن واهماً أن بإمكانه تحقيق ما يريد دون مواجهة أي صعاب، وهو ما يجعل وقوعه ضحية للإحباط سهلاً.
اقرأ أيضاً: إلى أي مدى يمكنك تغيير شخصيتك؟ وكيف تنجح في ذلك؟
كيف تحقق تغييراً حقيقياً لشخصيتك وحياتك؟
حسناً، قد تجد نفسك تتساءل بعد قراءة الجزء السابق من المقال: كيف السبيل إلى التغيير الحقيقي إذاً؟ وهذا ما سأمدك به عن طريق العديد من الإرشادات التي أتمنى أن تجدي معك نفعاً:
- كن واعياً بكيفية حدوث التغيير: يشير استشاري الطب النفسي محمد اليوسف إلى أن التغيير الحقيقي ليس تغييراً للمظهر أو لبعض العادات، إنما هو عملية تحتاج إلى وقت، ويجب أن تبدأ من الداخل بتغيير وجهة نظرك وأفكارك، ويتفق معه في وجهة نظره المختص النفسي معتز العتيبي الذي يؤكد أن الشخص إذا كان لديه وعي إيجابي وسليم حول نفسه سيصبح أكثر قدرة على تحقيق التغيير الذي يريده في حياته.
- ارسم حدود حياتك ومسؤولياتك: إحدى الأفكار المهمة التي يوضحها استشاري الطب النفسي محمد اليوسف هي أن الشخص عندما يريد تغيير حياته فعليه أن يتحمل المسؤولية الكاملة عنها، وهذا يعني ألا تكون أفعاله مجرد رد فعل لتصرفات من حوله أو حالاتهم المزاجية، إنما عليه أن يمسك دفة حياته ويقودها بحثاً عن تغيير نفسه فقط، ولا يوقف نجاحه في التغيير على تغير من حوله، فهذا مستحيل.
- ضع خطة واضحة للتغيير: احرص على أن تقسم أهداف هذه الخطة إلى أهداف صغيرة حتى يسهل عليك إدارتها ومتابعة تنفيذها، ولا تتطلع أبداً إلى الكمال إنما ركز على تحقيق النمو؛ بأن تصبح في كل يوم نسخة أفضل من نفسك، ففي النهاية لا توجد منافسة تخوضها مع من حولك إنما التغيير كله يدور حولك.
- تقبَّل ذاتك: أحد العوامل التي ستساعدك على النجاح في التغيير هو أن تكون لطيفاً مع نفسك وتتجنب الإفراط في لومها، كما تتعرف إليها وتستوعبها وتفخر بها، ومن ثم تطورها إلى الأفضل، لا لأنها سيئة وإنما لأنها تستحق منك ذلك.
- ضع النتيجة نصب عينك: تحتاج أنفسنا إلى حافز حتى تتحرك؛ لذا فالتغيير دون معرفة إجابة واضحة ومحددة عن سؤال: ما الذي سأجنيه من وراء ذلك؟ غالباً ما سينهار عند العائق الأول، لذلك احرص على رصد التغييرات الإيجابية على حياتك حال نجاحك في التغيير، وعد إليها بين الحين والآخر لتجدد حماسك.
اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين تنظيف غرفتك وتغيير حياتك إلى الأفضل؟