طريقة 3-3-3: تقنية سهلة تهدئ قلقك خلال دقائق

4 دقيقة
طريقة 3-3-3
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

تعد طريقة 3-3-3 واحدة من أسرع الأدوات لتهدئة القلق عبر إعادة عقلك إلى اللحظة الحاضرة، وتعتمد هذه الطريقة على تنشيط الحواس لمنع العقل من الاستغراق في دوامة الأفكار المرهقة، وهي مناسبة للمواقف اليومية الحافلة بالتوتر؛ من العروض التقديمية إلى نوبات الهلع والقلق الاجتماعي. …

مع تسارع وتيرة الحياة اليومية الحديثة، وضغط العمل، وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا بالإضافة إلى قضاء الكثير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي، أضحى كثير من الأشخاص يعيشون في حالة من التوتر الدائم؛ فالقلق لم يعد مشكلة فردية، لكنه ظاهرة عامة تؤثر في العلاقات الاجتماعية والإنتاجية والصحة النفسية للأفراد، إذ أصبحنا نعيش في حالة من التأهب والتحفز الدائم، نتأرجح باستمرار بين أوجاع الماضي وتحديات الحاضر ومخاوف المستقبل، وفي زمن تقاس فيه قيمة الفرد بالإنجاز بات البحث عن السلام الداخلي والطمأنينة تحدياً حقيقياً يواجه إنسان العصر الحديث، ولكن ماذا لو أخبرتك عن طريقة 3-3-3 البسيطة التي يمكنها معالجة قلقك؟ إليك التفاصيل عبر هذا المقال.

ما هي طريقة 3-3-3 التي يمكنها معالجة قلقك؟

هي تقنية بسيطة للغاية تساعدك على استعادة السيطرة على عقلك وتهدئة نفسك، وتشرح الطبيبة النفسية، إيمي داراموس، أن هذه الطريقة تخفف حدة مشاعر القلق من خلال إشراك حواسك بهدف توجيه انتباهك إلى أشياء ملموسة، وتشتيت ذهنك عن أفكار القلق؛ فطريقة 3-3-3 تساعد عقلك على الانتقال من القلق الداخلي إلى الوعي الخارجي، وعوضاً عن الانشغال بـ "ماذا لو" وأسوأ السيناريوهات التي تغذي القلق، تعيدك هذه الطريقة إلى الواقع وتوجه انتباهك إلى ما يحدث حولك الآن.

والآن دعني أخبرك لماذا تجدي هذه الطريقة البسيطة نفعاً؛ عندما يصيبك القلق، تنشط داخل جسمك استجابة القتال أو الهروب أو التجمد، ومن ثم يفرز دماغك هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين، ما يزيد معدل ضربات قلبك ويرفع مستوى تركيزك على الإحساس بالخطر، وفي هذه الحالة، يسيطر القلق على جهازك العصبي ويعطل قشرتك الجبهية أو الجزء العقلاني من الدماغ.

وحين تستخدم طريقة 3-3-3 فأنت تعيد ضبط عقلك وتكسر دائرة الأفكار المقلقة، علاوة على ذلك، تنتشلك هذه الطريقة من حالة جهازك العصبي الودي أو استجابة القتال أو الهرب أو التوتر، وتنشط جهازك العصبي الباراسمبثاوي الذي يرتكز على استجابة الراحة والهضم أو التهدئة، وحين تفعل هذه الاستجابة ستكون أكثر كفاءة وإنتاجية، وستتعامل مع المشاكل والتحديات التي تواجهك بهدوء.

اقرأ أيضاً: لا تحاول التحكم في مسببات القلق: تعرف إلى كيفية التعامل مع مريض القلق النفسي!

كيف تطبق هذه الطريقة لتتخلص من مشاعر القلق والتوتر؟

تخيل معي أن لديك عرضاً تقديمياً في العمل، أو أنك داخل عيادة طبيب الأسنان وفجأة داهمتك مشاعر القلق عبر زيادة ضربات قلبك والإحساس بالتعرق وتسارع أنفاسك، في هذه الحالة يمكنك تطبيق طريقة 3-3-3 عبر الخطوات التالية: 

1. حدد 3 أشياء يمكنك رؤيتها 

انظر حولك وافحص محيطك جيداً ثم حدد 3 أشياء يمكنك رؤيتها، مثل الطاولة التي تضع عليها كتابك المفضل، أو فنجان قهوتك ذي اللون الأخضر، أو جدران الغرفة المليئة بصور الطفولة، ولا تقتصر الفكرة بالضرورة على وجود أشياء في ذهنك ترغب في رؤيتها، بل تهدف إلى التركيز على العالم من حولك، إذ يساعدك هذا التركيز على تهدئة ثرثرة أفكار القلق داخل عقلك. 

2. ركز على 3 أصوات تسمعها 

أغمض عينيك واستمع إلى الأصوات من حولك؛ على سبيل المثال، يمكنك التركيز على صوت دقات الساعة، أو نباح الكلاب خارج البيت، أو صوت زقزقة العصافير، أو حركة السيارات بالخارج، المهم هو أن تحاول تشغيل حاستك السمعية لمواءمة تركيزك مع الحاضر.

3. لاحظ 3 أشياء يمكنك لمسها 

لاحظ ثلاثة أشياء يمكنك الشعور بها أو لمسها مثل كوب شاي في يديك، أو الملمس الناعم لملابسك، أو الهاتف في يديك، أو الأرض تحت قديمك، استشعر ملمس الأشياء وشكلها ودرجة حرارتها، ومع مرور الوقت سوف يتحول انتباه عقلك إلى حاسة اللمس وينتقل وعيك إلى اللحظة الراهنة التي تعيشها الآن. 

لماذا تهدئ طريقة 3-3-3 حدة مشاعر القلق والتوتر؟

ترتكز طريقة 3-3-3 على سحب الاهتمام من أفكار القلق وتحويل مساره إلى أشياء من حولك في اللحظة الراهنة، مثل شجرة أو زهرة أو طائر، أو صورة مميزة على هاتفك، ويمكن القول إن هذه الطريقة تهدئ مشاعر القلق لأنها: 

  1. توفر الراحة الفورية؛ إذ إنها تحول تركيزك بعيداً عن المشاعر والأفكار المقلقة، حتى تتمكن من الانتباه إلى اللحظة الراهنة.
  2. تعزز اليقظة الذهنية؛ عبر إشراك الحواس وترسيخ نفسك في محيطك، كما أن هذه الطريقة يمكن أن تعلمك التوقف والمراقبة والعيش في الحاضر، ما يسمح لك بمشاهدة الحياة وهي تتكشف من حولك دون أن يجرفك القلق.
  3. تعيد التوازن العاطفي؛ وذلك لأن كسر دائرة القلق يعزز شعورك بالهدوء والتناغم والسلام الداخلي.
  4. تهدئ استجابة الجسم للتوتر؛ عبر انخفاض معدل ضربات القلب وتوتر العضلات، والشعور بالاسترخاء.
  5. تركز على تشغيل الحواس واستخدامها؛ ما يخفف حالة اليقظة المفرطة التي يعيشها العقل بسبب أفكار القلق.

ما هي أبرز المواقف لاستخدام طريقة 3-3-3؟

يأتي القلق بصحبة مجموعة من الأعراض النفسية والجسدية مثل الصداع وآلام المعدة والتعرق والارتعاش، وحين تداهمك هذه الأعراض قد تواجه صعوبة كبرى في التصرف، وهذه أبرز المواقف التي يمكن خلالها استخدام طريقة 3-3-3: 

  1. قبل الأحداث المرهقة، مثل مقابلات العمل، أو العروض التقديمية، أو مواعيد الأطباء.
  2. في أثناء نوبات الهلع، وخاصة في الأماكن العامة أو المزدحمة، حيث تحتاج إلى استراتيجية تأقلم هادئة.
  3. عندما يصيبك القلق الاجتماعي في الحفلات، أو الاجتماعات، أو التجمعات الاجتماعية الأخرى.
  4. بعد مواجهة محفزات، مثل الأماكن المزدحمة، أو رهاب محدد، أو مسببات ضغط غير متوقعة.
  5. خلال اللحظات المرهقة التي تشعر خلالها بفقدان السيطرة على أفكارك.

وتذكر أن تستخدم هذه الطريقة عند ظهور أول بادرة قلق، لا تنتظر حتى تتفاقم أعراض قلقك ثم تلجأ إلى طريقة 3-3-3، لأن المبادرة الأولى قد تساعد على تهدئتك بسرعة أكبر.

اقرأ أيضاً: كيف تهزم القلق والاكتئاب عندما يأتيان معاً؟

3 استراتيجيات أخرى يمكنك اللجوء إليها لتخفيف قلقك 

هناك العديد من الاستراتيجيات التي تساعد على إدارة القلق. وما يناسب شخصاً قد لا يناسب دائماً شخصاً آخر، لذا من المفيد تجربة أساليب مختلفة للعثور على الأنسب لك، ومن أهم تلك الاستراتيجيات: 

1. تنفس بعمق 

يهدئ التنفس العميق الواعي مشاعر القلق والتوتر، يمكنك على سبيل المثال، أن تجرب تنفس الصندوق؛ اجلس في مكان هادئ، استنشق ببطء من الأنف مع العد حتى 4، احبس النفس مع العد حتى 4، ثم أخرج الهواء مع العد حتى رقم 4، وبعدها احبس النفس مع العد حتى 4 قبل البدء بالشهيق التالي، ويساعدك تمرين تنفس الصندوق على مواجهة ضغوط الحياة اليومية، ويزيد قدرتك على التركيز.

اقرأ أيضاً: هل تعاني التوتر والقلق؟ إليك 8 تمارين لتنظيم التنفس ستخفف عنك

2. دون مشاعرك 

فكر في تدوين أفكارك ومشاعرك في دفتر يوميات، للمساعدة على تقليل مشاعر القلق، كما يمكنك تخصيص بضع دقائق يومياً من أجل ممارسة الامتنان؛ إذ إن التركيز على الجوانب الإيجابية في حياتك قد يساعدك على الاسترخاء والهدوء.

3. مارس الرياضة 

يقلل النشاط البدني هرمونات التوتر ويطلق هرمون الإندورفين الذي يجعلك تحس بالسعادة، وإذا لم تتمكن من ممارسة الرياضة يمكنك أن تجرب المشي في الهواء الطلق، المهم هو أن تختار أي شكل من أشكال الحركة حتى تريح جسمك وتهدئ جهازك العصبي.

وفي هذا السياق، يوضح المختص النفسي، منصور العسيري، أن ممارسة الرياضة بانتظام تخفف أعراض القلق والاكتئاب وتجدي نفعاً أكثر من الأدوية والجلسات النفسية، وكلما كانت التمارين أشد زادت الفائدة، وفي سياق متصل، ينصحك الطبيب النفسي، عاصم العقيل، بأن تهدئ نمط حياتك؛ لأن القلق يتغذى على الاستعجال، لهذا ركز على تفاصيل حياتك، وحاول أن تعيش واقعك.

المحتوى محمي