ملخص: فيما يلي، تقدّم لنا المختصة النفسية الأميركية تارا براش طريقة رين، وهي طريقة تأمل من 4 مراحل ابتكرتها بنفسها، والغاية الأساسية منها مساعدة المرء على فهم عواطفه وتنظيمها والتحرر من الأفكار السلبية.
محتويات المقال
يمثل التأمل طريقة رائعة لتنظيم المشاعر، وهو ما أثبتته المختصة النفسية الأميركية تارا براش (Tara Brach) في كتابها "طريقة رين" (The RAIN Method)؛ إذ استعرضت فيه طريقة تأمل من ابتكارها.
يرتبط اسم تارا براش لدى المهتمين بأساليب التأمل والتنمية الروحانية بمفهومَيّ "القبول المطلق" و"التعاطف المطلق"، وترى المختصة النفسية الأميركية أنه إذا أراد المرء أن يعرف كيف يتعامل مع صعوبات الحياة، فإن عليه التعرف إلى مشاعره وقبولها. على مدار أكثر من 20 عاماً، علّمت تارا براش الناس ما تعلّمته من ممارسات التعافي العاطفي البوذية، وفي كتابها الأخير، تكشف عن طريقة رين المستلهَمة من طريقة تأمل فيباسانا (vipassana) البوذية وتقنيات اليقظة والتنفس الواعي والتعاطف المطلق.
ما هي طريقة رين؟
تساعدنا هذه الطريقة على التحرر من الأفكار السلبية والعواطف التي تمنعنا من العيش بانسجام مع أنفسنا، وتؤكد تارا براش إن استيعاب هذه الطريقة وتطبيقها سهل، وإنها يمكن أن تكون فعالة جداً عند الشعور بالتوتر والقلق والغضب والتخبط، وتضيف إنها تساعد المرء على الاستجابة لصعوبات الحياة التي يواجهها بما يتواءم مع جوهره وروحه.
مثل تقنيات التأمل الذاتي والتأمل؛ قد تبدو طريقة تارا براش للوهلة الأولى سهلة جداً ومن ثَمّ غير فعالة لكن ليست هذه هي الحال، فحينما تمارسها ستدرك مدى قدرتها على تغيير أفكارك وتحريرك من مشاعرك السلبية. يتكوّن اسم الطريقة رين (RAIN) من الأحرف الأولى لمراحلها على النحو التالي:
- (Recognize) R: مرحلة إدراك أفكارك.
- (Accept) A: مرحلة قبول هذه الأفكار.
- (Investigate) I: مرحلة استكشاف حاجاتك.
- (Nurture) N: مرحلة تعزيز التعاطف مع الذات.
المراحل الأربع لطريقة رين
1. إدراك الأفكار
تبدأ هذه المرحلة بأن تسأل نفسك سؤالاً رئيساً: "ما الذي أفكر فيه الآن"؟ وتقول تارا براش: "الغرض من هذا السؤال هو أن تنظر إلى أفكارك بحيادية دون أن تحكم عليها". خذ الوقت الكافي لتحدد ما يزعجك أو يُغضبك: الأفكار السلبية، أو الشعور بالقلق، أو التخبط أو الحزن أو الغضب، أو حتى الخدر العاطفي، أو الفراغ، إلخ.
لا تفكر بالأمر كثيراً؛ فقط اسمح لمشاعرك بالتدفق، وإذا كانت هذه المشاعر مختلطة أو غير واضحة فخذ الوقت الكافي لتحديد السائد منها، ثم اذكره (قل لنفسك مثلاً: "الشعور السائد هو الحزن")، ويمكنك أيضاً تحديد عدة مشاعر معاً (الحزن واجترار الأفكار)، وعلى هذا النحو فإنك تغوص في مشاعرك بعمق وتنظر إليها بعين المراقب الخارجي في الوقت ذاته؛ ما يقلل الضغط الذي تسببه هذه المشاعر لك.
2. مرحلة قبول الأفكار
تتطلب منك هذه المرحلة أن تسمح لأفكارك ومشاعرك بالتدفق إلى وعيك، ثم تسأل نفسك: "هل يمكنني تقبُّل هذه الأفكار والمشاعر تماماً"؟ تقول تارا براش: "في هذه المرحلة، من الطبيعي أن تشعر بحالة من المقاومة ورغبة في زوال بعض أحساسيك؛ لكن قبول هذا الرفض في حد ذاته هو جزء من العملية".
تحلَّ بالصبر واسمح لأفكارك ومشاعرك بأخذ مساحتها لتظهر أكثر فأكثر، ولا تحاول السيطرة عليها أو تنحيتها أو تحليلها؛ فقط افسح لها المجال فهذه هي طريقك نحو التعافي العاطفي.
3. مرحلة استكشاف حاجاتك
في هذه المرحلة، تطرح على نفسك مجموعة من الأسئلة التي تمكّنك الإجابة عنها من فهم ما تشعر به وتفكر فيه، ولست بحاجة إلى إرهاق ذهنك للإجابة عن هذه الأسئلة؛ بل كل ما عليك فعله هو تحديد عواطفك وأحاسيسك الجسدية:
- علامَ يتركز انتباهي؟
- ما أسوأ المشاعر التي تسيطر عليّ الآن؟ على سبيل المثال؛ شعور قلق خانق.
- ما الفكرة الأكثر إيلاماً التي تسيطر عليّ حالياً؟ مثلاً، أشعر بأن عملي التجاري سيفشل.
- ما المشاعر التي يولدها ذلك لديّ؟
- في أي جزء أو أجزاء من جسدي تتجلى هذه العواطف والمشاعر بوضوح؟ حينما تطرح على نفسك هذا السؤال تفحَّص مختلف أجزاء جسدك.
- ما الأحاسيس الجسدية التي تتجلى مشاعري من خلالها؟ (توتر العضلات، أو ارتفاع حرارة الجسد، أو الارتعاش، أو القشعريرة، إلخ).
- ما الذي ألاحظه من تعبيرات وجهي ووضعية جسدي التي تعكس هذه المشاعر والعواطف بوضوح؟
- هل هذه المشاعر مألوفة لديّ؟
- هل تذكّرني بشعور شعرت به مسبقاً؟
- كيف يمكنني التعبير عن أكثر ما يؤلمني، سواء بالكلام أو بلغة الجسد؟
- ما المشاعر التي يثيرها لديّ هذا الألم؟ وكيف أريد التعامل معه؟ أي ما الذي أحتاج إليه بشدة من نفسي أو من الآخرين لأزيله؟
4. مرحلة تعزيز التعاطف مع الذات
الغرض من هذه المرحلة هو الاستجابة لحاجاتك التي اكتشفتها في المرحلة السابقة مستعيناً بحكمتك وحبك تجاه ذاتك وتعاطفك معها، ويمكنك ذلك بعدة طرائق؛ مثلاً ضع يدك على قلبك وتخيّل نفسك طفلاً صغيراً مغموراً بضوء دافئ ومشرق، ويمكنك الاستعانة بصورة لك في طفولتك تضعها أمامك وتتخيلها مغمورة بهذا الضوء، أو أن توجّه لنفسك كلمات التشجيع والثناء والدعم، الأمر متروك لكل شخص لاكتشاف الطريقة المثلى ليُشعر نفسه بأنه محبوب ومميز وآمن.
كيف تقيّم النتائج الملموسة لهذه الممارسة؟
بعد أن تنفذ هذه المراحل الأربع ستسأل نفسك السؤال التالي: ما نظرتي إلى نفسي؛ إلى ما أنا عليه؟ هل تغيرت هذه النظرة منذ أن بدأت التأمل؟ وإلى أي حد؟ إذا كنتَ ما تزال تشعر بمشاعر مؤلمة أو إذا ظهرت لديك مشاعر سلبية جديدة، حاول تقبُّلها بأكبر قدر ممكن من اللطف والانفتاح.
لا تعد طريقة رين عصا سحرية؛ ولكنها تدريب على إعادة توجيه الوعي بغية خلق مساحة داخلية تمثل ملاذك الحقيقي، وبمعنىً آخر؛ أن يكون وعيك كلّه منصبّاً على ذاتك، وتتخلص من الأفكار الطفيلية التي تشوّه الواقع وتحبسك في حالة من السلبية.
كيف يمكن أن تعزز طريقة رين شعورك بالأمان الداخلي؟
يُنصح بممارسة طريقة التأمل كلما فقدت هدوءك وتماسكك النفسي. اتخذ وضعية مستقرة ومريحة ثم رسخ نفسك في المكان من خلال الوعي بجسدك، اشعر كيف يغرق كل من ظهرك وأردافك وقدميك في العناصر التي تلامسها (الكرسي، أو الوسادة، أو الأرضية، إلخ). اشعر بجسدك (تخيّل أن شعاع ليزر كبيراً يمسحك ببطء من قدميك إلى أعلى رأسك) ثم حرر بوعي أي توتر جسدي تشعر به.
ركز على أنفاسك، ثم خفف سرعة تنفسك إلى شهيق طويل يتبعه زفير طويل، واستمر على هذه النحو، واسترخِ في أثناء الزفير، حتى يكون التنفس سلساً، فلهذه الانسيابية تأثير مهدئ جداً للذهن والجسد. بعد ذلك، فكر فيما يُشعرك بالأمان والانتماء: يمكن أن يكون ذلك شخصاً (يُشعرك بالحب والطمأنينة)، أو مكاناً (في الطبيعة، أو مكاناً ذا خصوصية روحانية، أو في المنزل أو مكان من الماضي، أو مكان تنسجه في مخيلتك ويمنحك التفكير فيه شعوراً بالراحة، وما إلى ذلك)، أو نشاطاً (يمنحك الشعور بالقوة والاستقلالية والأمان)، ثم ركز وعيك بما اخترته من خلال الربط بينه وبين الواقع؛ أي إشباع حواسك جميعها به، وأخيراً، ركز على أحاسيسك الجسدية واستغرق في المشاعر التي يمنحك إياها هذا الارتباط الإيجابي.
اقرأ أيضاً: طريقة مبتكرة للتحكم في مشاعرك عبر عكس الأمور.