ثمة شيء جذاب بطبيعته في التعرّف إلى تصنيف شخصيتك، والبحث عن أنماط ورؤى يمكنها تفسير سلوكياتك وتفاعلاتك، تماماً مثل الأبراج، ولكن بأسلوب علمي. وفي هذا السياق، يمكننا التحدث عن نماذج الشخصية الشائعة التي تُستخدم لفهم الشخصيات على نحو أفضل. على سبيل المثال، يوجد نموذج ألفا، الذي يُعرف بالحزم والسيطرة، ونموذج بيتا، الذي يتميز بالتعاطف والثقة، ونموذج دلتا، الذي يتصف بالحذر والغموض. ويسلط كل نوع من الشخصيات الضوء على نقاط القوة والإمكانات التي يمكن استغلالها، فإلى أي شخصية تنتمي؟ تابع قراءة المقال.
محتويات المقال
ما هو أصل مفهوم تصنيف الشخصيات؟
في ستينيات القرن الماضي، درس عالم الأحياء الباحث ديفيد ميك (David Mech) الحياة الاجتماعية للذئاب، ولاحظ أنها تعيش في أسر تتكوّن من زوج مهيمن، أطلق عليه الذكر ألفا والأنثى ألفا، يقودان القطيع ويتحكمان في الموارد ويحظيان بأولوية التزاوج. أما الذئاب الأخرى فصنّفها على أنها بيتا (تابعة) أو أوميغا (أدنى مرتبة).
أدت نتائجه، التي نشرها في كتاب بعنوان "الذئب: نظام وسلوك الأنواع المهددة بالانقراض" (The Wolf: Ecology and Behavior of an Endangered Species)، إلى ترويج مفهوم "ألفا" وتطبيقه على حيوانات أخرى مثل الشمبانزي والأسود. ليس ذلك فحسب، بل امتدت أيضاً إلى البشر، حيث تبنى علماء النفس التطوري مفهوم "ألفا"، زاعمين أن البشر يتبعون أيضاً تسلسلات هرمية للهيمنة، بحيث تتربع الشخصية ألفا على رأس الهرم، يليها بيتا وغاما وصولاً إلى سيغما في القاعدة.
مع ذلك، لا تستند هذه النماذج الأولية للشخصيات إلى العلم، بل هي في الواقع من علم النفس الشعبي وليست نظرية نفسية فعلية، ويوضح المختص النفسي خالد درّاج أن المختصين في علم النفس يرفضون تنميط الشخصية باعتبارها منظومة معقدة من الصعب اختزالها في أنماط، ومن الصعب اختزال الإنسان وتفسير سلوكه بقواعد رياضية.
اقرأ أيضاً: 5 أنواع للشخصيات السامة: تجنَّبها لتنجو بسلامتك النفسية
عموماً، إليك أهم السمات التي تتمتع بها كل شخصية ضمن التسلسل الهرمي:
الشخصية ألفا: قائد المجموعة
تُعتبر الشخصية الألفا تجسيداً للجاذبية والقيادة بغض النظر عن الجنس. يتمتع الأفراد من هذا النوع بوسامة وكاريزما وثقة عالية، فيجذب الانتباه ويكسب احترام الجميع بسهولة. في بيئة العمل، يُعجب الجميع بابتكاراتهم وقدرتهم على القيادة، ما يجعلهم محور غيرة الزملاء وإعجاب الرؤساء. الألفا هم محفزون ممتازون، قادرون على إلهام الآخرين ودفعهم نحو تحقيق الأهداف المشتركة.
اجتماعياً، يلمع نجم الألفا في الأجواء الجماعية، إذ يمتعون الآخرين بروحهم الفكاهية وسحرهم. وفي المقابل، يتجنبون الوحدة ويسعون دائماً للبقاء محاطين برفاقهم للحفاظ على طاقتهم وحيويتهم. في العلاقات العاطفية، يتّسمون بالحزم والثقة، حيث يتوجهون مباشرة إلى الشخص الذي ينجذبون إليه دون أن يتركوا مجالاً للرفض.
ومع ذلك، لدى أفراد الألفا بعض السلبيات، مثل ميلهم للسيطرة على الجميع والتخلص بسرعة من الذين لا يتماشون مع رؤيتهم. إضافة إلى أنهم قد يعانون الإرهاق والإجهاد بسبب القوة التي يظهرونها سواء في حياتهم الشخصية أم المهنية. بغض النظر عن هذه التحديات، تظل الشخصية الألفا قدوة وملهمة للآخرين بفضل جاذبيتها، وذكائها، وقدرتها على التعامل مع أصعب المواقف بثقة.
اقرأ أيضاً: 3 أنواع من اضطرابات الشخصية تعرف إليها
الشخصية بيتا اللطيفة
تمثل الشخصية بيتا النموذج المثالي للتوازن بين العاطفة والمسؤولية. يُنظر إلى الشخصية بيتا، رجلاً كان أم امرأة، على أنها "الشخص اللطيف" الموثوق والمتواضع. تتولى المهام التي يتجنبها الآخرون بكل رحابة صدر، ومع ذلك لا يحظى من يمتلكها بالاعتراف الذي يستحقه.
في المواقف الاجتماعية، تظهر بيتا شخصاً هادئاً يفضل الاستماع بدلاً من أن يكون مركز الاهتمام. قد يعاني ضعف الثقة بالنفس والتردد في التحدث خشية الوقوع في الخطأ أو الإحراج. حتى بين أصدقائه، قد يميل إلى كتمان مشاعره الحقيقية خوفاً من السخرية.
في مجال العمل، تُعد شخصية بيتا العمود الفقري لأيّ فريق؛ فهو الشخص الموثوق الذي يضمن سير الأمور بسلاسة، ومستعد دائماً لتقديم يد العون دون السعي للظهور. لكن طبيعته المتحفظة قد تجعل رؤساءه يقللون تقديره، ما يحرمه من إدراك قدراته الحقيقية والتقدير الذي يستحقه.
في العلاقات العاطفية، يتميز بيتا بالإخلاص والالتزام، ما يجعله شريكاً مثالياً للاستقرار في العلاقات العاطفية. النساء من هذا النوع يتجنبن الصراعات ويسعين للحفاظ على العلاقة من خلال كتمان مشاعرهن الحقيقية، والقبول بأقل مما يستحققن خشية الوحدة.
اقرأ أيضاً: ما هي الأنواع الأساسية للشخصية المثالية وما أسبابها؟
الشخصية غاما الانطوائية
تتميز الشخصية غاما بمزيج من سمات ألفا وبيتا، إنها شخصية انطوائية وطموحة وذكية، ولكن أفرادها يفتقرون إلى الدافع أو التصميم على بذل المزيد من الجهد اللازم لتحقيق النجاح حتى لو كان يعلم أن فعل ذلك سيجعله يحظى بالاحترام الذي يرغب فيه بشدة. إنه النوع الذي يريد أن يصبح مشهوراً بأي وسيلة لكنه غالباً ما يفشل.
في البيئات المهنية، يمكن أن يكون أفراد غاما ماكرين ويسعون إلى إنجاز المهام بأقل جهد. غالباً ما يتفقون مع رؤسائهم ظاهرياً بينما يخفون آراءهم الحقيقية. على الرغم من ذكائهم، فإن افتقارهم إلى الثقة والخوف من المواجهة يمكن أن يعوق تقدمهم الوظيفي.
في العلاقات الاجتماعية والعاطفية، يمكن أن يكون أفراد غاما صعبين. وبسبب شعورهم بعدم الأمان قد يصبحون مرتبطين على نحو مفرط بالشريك ومتشبثين به، وفي بعض الأحيان يصل تعلقهم به إلى حد الهوس. إنهم حساسون جداً ويتمتعون بدرجة عالية من التعاطف، لذا فإنهم غالباً ما يفشلون في إدراك متى يتعرضون للاستغلال، ويفضلون العيش في الأوهام بدلاً من مواجهة الحقائق القاسية.
الشخصية دلتا الحذرة
يشترك أفراد الشخصية دلتا في سمات الطموح والوعي الذاتي والتعقيد العاطفي. يسعى أفراد دلتا إلى النجاح ويبحثون عن شركاء متفهمين، على الرغم من أنهم غالباً ما يواجهون تحديات احترام الذات. إنهم يستمتعون بالإعجاب ويفخرون بأنهم محاورون جيدون، ويهدفون إلى تحقيق أهداف شخصية لمستقبل سلمي.
على الصعيد الاجتماعي والعاطفي، لا يخشى أفراد دلتا التعبير عن آرائهم، ولكنهم قد يشعرون في أعماقهم بعدم الأمان. إنهم يقدرون الأشياء اللطيفة، مثل الشركاء الجذابين والسلع الفاخرة، لكنهم قد يكتفون بالقليل بسبب الشك الذاتي بما يستحقونه. متفائلون ولكن حذرون، إذ بقدر ما يرغبون بتوطيد علاقاتهم العاطفية مع شريك عاطفي، إلا أن الخوف قد يعوقهم. وفي حين أنهم قد يخفون مشاعرهم لتجنب الظهور بمظهر الضعفاء، يمكن للشريك المناسب أن يبرز جانبهم المحب والمخلص.
في البيئات المهنية، يكون أفراد دلتا مجتهدين وعلى استعداد لبذل جهد إضافي، وغالباً ما يستخدمون العمل باعتباره مهرباً من القضايا الشخصية. عموماً، إنهم يعطون الأولوية للتواصل القوي في كل من العمل والحب.
اقرأ أيضاً: كيف تنجح في التعامل مع الشخصيات الصعبة؟
الشخصية سيغما الفريدة من نوعها
تتميز شخصية سيغما، بغض النظر عن الجنس، بالاستقلال والثقة والنهج الفريد في الحياة. إن أفراد سيغما يرفضون التسلسل الهرمي التقليدي، بل يجدون النجاح بشروطهم الخاصة. إنهم غالباً شخصيات هادئة، ولكنهم لا يخجلون أو يخافون أبداً، ويمتلكون الحزم والاستعداد للتعبير عن آرائهم عند الضرورة. إن سيغما واثقون من أنفسهم ويفضلون الاستقلالية غير متأثرين بآراء الآخرين.
في الواقع إن ما يميز شخصية سيغما، أنها مكتسبة، فهي نتاج سنوات من القلق والتوتر والاجتهاد.
في المواقف الاجتماعية، يتمتعون بسطوة وقدرة على الإقناع والتلاعب، وغالباً ما يبدون أكثر قوة من ألفا. إنهم ليسوا أتباعاً ولا قادة تقليديين.
في العلاقات العاطفية، يسعى أفراد سيغما إلى الكمال ويفضلون العزلة على الشراكة غير المرضية. لكنهم بمجرد العثور على شخص يأسرهم حقاً، فإنهم يهبونه الإخلاص والوفاء.
اقرأ أيضاً: اختبر نفسك: تعرف إلى شخصيتك من خلال الطريقة التي تستعيد بها نشاطك وطاقتك من جديد