ملخص: عندما تتراكم المهام وتضغط علينا مشاغل الحياة نميل إلى تأجيل واجباتنا وربّما التوقف تماماً عن إنجازها. ويجد الكثير من الأشخاص مهرباً في التسويف الذي لا ينتهي. يوضح هذا المقال الأفكار الكامنة وراء التسويف، ويقترح نهجاً من 10 خطوات للتخلّص من هذه العادة السيئة وتساعدك على رفع إنتاجيتك وتحقيق أهدافك.
محتويات المقال
إذا أردت رفع إنتاجيتك في مشاريعك وحياتك المهنية والشخصية وتحقيق أهدافك بفعالية فما عليك إلّا أن تتّبع 10 خطوات.
قد تبدو قائمة المهام التي نأمل إنجازها طويلة جداً وقد نشعر باليأس من إنهائها يوماً ما. فأنماط عيشنا المليئة بالانشغالات والإجهاد الذهني المرافق لها والمسؤولية المزدوجة التي نتحملها في حياتنا المهنية والشخصية كلّها ضغوط ترتب علينا باستمرار العديد من المهام، وتصيبنا أحياناً بالعجز لظننا أننا لا نملك الوقت الكافي لإنجازها.
يحاول كثيرون التغلب على عادة التسويف ويشعرون بالقلق والاكتئاب أمام كمّ المهام الهائل الذي يتعين عليهم إنجازه، وتعجّ المكتبات بوسائل متنوعة للمساعدة على ذلك بدءاً "بالمفكرة السحرية" الشهيرة وصولاً إلى كتب تطوير الذات المخصصة لهذه المسألة.
كيف يمكن إذاً أن نعزز إنتاجيتنا وفعاليتنا لتحقيق أهدافنا في الحياة بغض النظر عن المجال الذي نقصده؟ اهتمّ الأستاذ والمعالج النفسي مايكل إديلشتاين (Michael Edelstein) بهذه المسألة وطوّر نهجاً بسيطاً من 10 خطوات شرَحه في المجلة العلمية سايكولوجي توداي (Psychology Today). قال إديلشتاين: "إليكم هذا الأسلوب الذي استخدمته شخصياً أو مع عملائي بنجاح على مدار سنوات كي أصبح أكثر فعالية، وأتقبل المهام الصعبة والمملة والمزعجة سواء كنا نتحدث عن غسيل الأطباق أو تحضير رسالة الدكتوراة".
لماذا نسوّف؟
لا تظنّ أنك كسول أو عاجز عندما تفشل في أحيان كثيرة في إنجاز بعض المهام، كأن تجد مثلاً صعوبة في إنهاء العرض التقديمي المهم الذي ينتظره زملاؤك في العمل أو تتأخر كثيراً في إصلاح مطبخ بيتك. يوضح الأستاذ إيدلشتاين ذلك قائلاً: "ثمة أفكار غير منطقية قد تمنعنا من إنهاء مهامنا".
وهنا يؤدي اللّاوعي دوراً أساسياً. إذا كان لا وعيك مشحوناً بالأفكار المقيِّدة فلن تنجح حتى لو كان حماسك بالغاً وتحليت بنوايا حسنة. لا ترتكز هذه الأفكار بالضرورة على أساس ملموس أو منطقي، بل يتضح في كثير من الأحيان أنها خاطئة، لكنك تؤمن بها دون وعي.
العبارات التالية أمثلة شائعة حول الأفكار التي تدور في أذهاننا وتقيدنا: "يجب أن أنجز مهامي كلها على أكمل وجه" أو "يجب أن أعرف بالضبط كيف سأنجز مراحل العمل كلّها قبل البدء" أو "يجب ألّا تقلقني فكرة إنجاز المهام كلّها". يقترح الأستاذ إديلشتاين تمريناً بسيطاً وسريعاً لتبديد هذا النوع من الأفكار غير المنطقية والمقيِّدة:
-
- تحديد العنصر المثير: وهو هنا المهام التي يتعين إنجازها.
- تحديد الفكرة المقيِّدة: "يجب أن يكون إنجاز هذه المهام سهلاً".
- الانعكاسات السلوكية غير المرغوب فيها: التسويف.
- مراجعة الفكرة: "هل لديّ دليل قاطع على أن هذه المهام سهلة حقاً؟".
- تبنّي فكرة جديدة فعّالة: "ليست هذه المهام سهلة فهي غالباً محبطة ومرهقة لكنني أستطيع إنجازها".
- اعتماد سلوك جديد: سأتقبل أن مهامي اليومية صعبة وسأمضي قدماً في إنجازها.
أنجزنا جميعاً مهامّ صعبة في الماضي وسننجز المزيد منها في المستقبل. يحلل المعالج النفسي هذه الخطوات قائلاً: "يكمن الحلّ في الخطوة الأولى أي الشروع في إنجاز المهام على الرغم من الشعور بالإحباط والضيق، نحن لا نسوف بسبب صعوبة المهام التي يتعيّن علينا إنجازها بل بسبب أفكارنا المقيِّدة وغير المنطقية".
10 خطوات عملية تجعلك أكثر فعالية
- خطّط لأنشطة اليوم التالي: خذ وقتاً كافياً للتفكير في "أفضل وقت للبدء بإنجاز المهمة" و"المدة الزمنية المعقولة التي تستطيع تخصيصها لذلك".
- اربط كل إجراء تتخذه بمكافأة أو عقوبة: إذا أنجزت المهمة في الوقت المحدد كافئ نفسك بمتعة بسيطة مثل تذوق طبقك المفضل. وإذا لم تنجزها في الوقت المحدد فافرض على نفسك عقوبة وإن كانت بسيطة أيضاً. غاية هذه العقوبة تحفيزك على إنهاء المهمة في المرة القادمة. يمكنك مثلاً أن تحرم نفسك من حضور حفل يروقك.
- اطلب مساعدة شخص مقرّب: عليك أن تعتاد إخبار صديقك أو والدك أو والدتك كلّ مساء بما ترغب في إنجازه في اليوم التالي، ثم أبلغه بالنتائج التي تحققت، ويقول المعالج النفسي: "سيجعلك ذلك مسؤولاً تجاه هذا الشخص ومن ثمّ سيجبرك على احترام التزاماتك على المدى المتوسط".
- استخدم نهج الدقائق الثلاث لمكافحة التسويف: خصّص 3 دقائق للعمل على مهمة تبدو صعبة جداً. يوضح الأستاذ إيدلشتاين هذا النهج: "تبدو 3 دقائق مدة قصيرة لكن الهدف هو الاستفادة من زخمها للشروع في العمل، يمكنك التوقف طبعاً بعد انتهاء هذه الدقائق لكنك ستكون على الأقل قد خطوت الخطوة الأولى وبدأت الإنجاز". بمجرد أن تبدأ قد ترغب في مواصلة العمل مدة أطول بكثير من 3 دقائق بفضل هذا الزخم الذي خلقته بهذه الخطوة.
- طبّق مبدأ بريماك: يوصي عالم النفس ديفيد بريماك (David Premack) باستخدام سلوك متواتر لتعزيز سلوك آخر أقل تواتراً. على سبيل المثال قد ترغب في ترتيب سريرك يومياً لكنك تكره هذه المهمة، حدّد إذاً عادة سهلة ومنتظمة مثل شرب القهوة، ولا تسمح لنفسك بشربها إلا بعد أن ترتّب سريرك. على هذا النحو، ستكافئ نفسك على السلوك غير المرغوب فيه (ترتيب سريرك) بالسلوك المرغوب فيه (شرب القهوة)، ما سيسهّل عليك السلوك الأول على المدى البعيد.
- صنّف مهامك: حدد قائمة المهام التي تودّ إنجازها خلال اليوم. ضع 3 علامات على المهام المستعجلة وعلامتين على المهام المهمة وعلامة واحدة على المهام الأقل أهمية. سيساعدك ذلك على تحديد أولوياتك وتنظيم نفسك.
- رتّب أمورك: لنفترض أن لديك وثائق إدارية مهمة يجب عليك إرسالها. قبل أن تخلد إلى النوم ضعها في مكان بارز لتكون أول ما تراه في الصباح التالي عندما تستيقظ. سينبّهك هذا الإجراء البسيط وسيسهّل عليك الانتقال إلى المهمة التالية.
- تخلّص من المشتتات: تخلّص من كل ما قد يشغلك عن مهمتك، ضع هاتفك مثلاً على الوضع الصامت وابتعد عن أيّ مشتتات محتملة، لتحافظ على تركيزك.
- حدّد مواعيد نهائية واحترمها: على سبيل المثال لا تسمح لنفسك بالأكل قبل أن تعمل عدداً معقولاً من الساعات، هذا سيعزز حافزك لإنجاز أنشطتك.
- ابدأ بالمهمة الأصعب: تخلّص من هذه المهمة في أقرب وقت ممكن وإن كنت تميل إلى تأجيلها، خلاف ذلك فإنها ستسبب لك عبئاً نفسياً وتوتراً مع مرور الوقت.
يخلُص عالم النفس إيدلشتاين إلى أن: "هذا النهج يتطلب بعض الممارسة والجهد، لكنّه سيعلّمك تقبّل الضيق الذي تسببه المهمات غير المرغوبة ومن ثم تجنّب التسويف من الآن فصاعداً".