ملخص: كم تمنيت وأنت طفل أن تكون رساماً أو مغنياً أو عازفاً مشهوراً ثم سرعان ما تخلّيت عن حلمك؟ ربّما اعتقدت أن الإبداع ملكة فطرية ليست متاحة للجميع. لكن ماذا لو علمت أن الإبداع مهارة يمكن اكتسابها على غرار المهارات الأخرى؟ هذا ما يؤكده مجموعة من المختصين النفسيين الذين يرون أن هذه المهارة يمكن أن تتحول إلى عادة روتينية، وباستطاعتك صقلها إذا اتّبعت 4 نصائح عملية: 1) دوّن أيّ فكرة جديدة تتبادر إلى ذهنك. 2) ابحث عن الأنشطة المحفّزة، ولا تجبر نفسك على ممارسة أنشطة لا تثير شغفك. 3) وسّع معارفك ومعلوماتك. 4) أحط نفسك بالأشياء المهمة والأشخاص المهمين. وبالإضافة إلى هذه النصائح يوصي أستاذ علم النفس جيفري ديفيس بممارسة بعض الأنشطة المرحة أو السريعة أو اليدوية التي تولد الإلهام، لأنها تحرر العقل وتتيح مساحة أكبر للإبداع. وإذا علمت أن للإبداع فوائد نفسية عديدة مثل تعزيز الاستقلالية والمسؤولية، وتقدير الذات والفعالية وقدرة التحمل، فلا شك أنك لن تتردد في العمل على صقل حسّك الإبداعي.
هل كنت من الأطفال الذين يقضون ساعات طويلة في الرسم أو التلوين أو الإبداع بأيّ صورة من الصور؟ إذا لم تكن كذلك، أو لم يكن لديك قطّ أيّ حس فني أو لم تشعر يوماً بأنك تمتلك خيالاً واسعاً، فقد تميل إلى الاعتقاد ببساطة أنك شخص غير مبدع.
لكن هل الإبداع ملكة فطرية أم قدرة يمكننا اكتسابها مدى الحياة؟ لا نخطط جميعاً لنصبح من كبار الفنانين، لكن الإبداع قد يؤدي دوراً مهماً في تحسين صحتنا النفسية والعضوية. لذا؛ من مصلحتنا أن نحفز قدراتنا الإبداعية.
كيف يمكن تحفيز القدرة الإبداعية؟
يقول أستاذ علم النفس والباحث المختص في الإبداع جوناثان بلوكر (Jonathan Plucker) في تصريح لموقع الجمعية الأميركية لعلم النفس(American Psychological Association) : "قد يبدو هذا الأمر غريباً جداً، لكن القدرة على الإبداع يمكن أن تتحول إلى عادة". كي تحوّل القدرة الإبداعية إلى عادة وتنمّيها في حياتك اليومية، هناك عدة تقنيات ينصح بها المختص في علم النفس ومؤلف "الكتاب الكبير لألعاب الإبداع" (The Big Book of Creativity Games) روبرت إيبستاين (Robert Epstein). يمكنك إذاً الحرص على القواعد الأربع التالية في حياتك اليومية:
- دوّن أيّ فكرة جديدة تتبادر إلى ذهنك.
- ابحث عن الأنشطة المحفّزة. بعبارة أوضح؛ لا تجبر نفسك على ممارسة أنشطة لا تثير شغفك.
- وسّع معارفك ومعلوماتك.
- أحط نفسك بالأشياء المهمة والأشخاص المهمين.
يقول الباحث والكاتب جيفري ديفيس (Jeffrey Davis) في مقال له على موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today): "قد يبدو هذا الأمر منافياً للمنطق، لكن الانخراط في أنشطة سريعة ومرحة يمكن أن يحقق اختراقات مهمة في تحفيز الإبداع". هذه "الأنشطة المسلية والخفيفة" تساعد على خلق تواصل حقيقي مع الآخرين، ما يتيح بمرور الوقت الشعور بالدهشة التي تمثل وجهاً من أوجه الإبداع. كما ينصح بممارسة نشاط يدوي لا يتطلب الكثير من التفكير.
يوضح ديفيس هذه النصيحة قائلاً: "هل لاحظت من قبل أن الأفكار تتبادر إلى ذهنك عندما تكون منهمكاً في نشاط عادي مثل غسل الأواني أو البستنة؟ أنا أسمّي هذه الظاهرة تأثير الاستحمام". ومن الشائع الاعتقاد أن أفضل الأفكار ترد إلى الذهن في أثناء الاستحمام. كما أن الأنشطة التي ترتكز على حركات متكررة ومريحة تحرر عقلك وتتيح للإبداع مساحة أكبر.
اقرأ أيضاً: "الفوضى علامة الإبداع": ما صحة هذه المقولة علمياً؟
ما هي فوائد الإبداع للصحة النفسية؟
تقول المعالجة لوريل هيلي (Laurel Healy) في تصريح لموقع فيري ويل مايند (Very Well Mind): "المشاركة في عمل إبداعي مثل الغناء أو الرقص أو الرسم أو التلوين لها تأثيرات إيجابية في الجسم كله، عندما نركز على شيء محفز أو ممتع فإننا نخلق مسارات عصبية جديدة، وهو الأمر الذي يعزز الترابط بين مناطق الدماغ والتفاعل بينها". كما تؤكد أن هذا الترابط الدماغي يمكن أن يساعدنا على تعزيز قدرة التحمل على المستوى العاطفي، والشعور بالرفاهية والتحفيز.
في هذا السياق أوردت دراسة نشرتها دورية الإبداع (Journal of Creativity) في أغسطس/آب 2024 التأثيرات الإيجابية العديدة للإبداع في الصحة النفسية والعضوية. وأشارت إلى أنه يعزز الشعور بالاستقلالية والمسؤولية. كما تنمّي هذه التأثيرات الإيجابية تقدير الذات والفعالية وقدرة التحمل، وتسمح بتطوير قدرة أفضل على مواجهة التوتر والضغوط.
اقرأ أيضاً: كيف تستغل شرودك الذهني لتحسين صحتك النفسية وزيادة أفكارك الإبداعية؟