كيف تحل مشكلاتك الزوجية دون تدخل الآخرين؟

5 دقيقة
مشاركة الخلافات الزوجية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ليست كثرة الخلافات الزوجية ولا قلتها ما  يدل على صحة العلاقة الزوجية؛ إنما هي طريقة الزوجين في الخلاف، وفقاً للمختصة النفسية والمعالجة الزوجية، نورة الصفيري، التي تزيد قائلة إن ثمة من الأزواج مَن يتشاجر يومياً، لكنهما يحلان مشكلاتهما بالحوار الصحيح وعلاقتهما سليمة، وثمة مِن الأزواج مَمن لا يتشاجر ولا يتحاور، لكن وعند أول مشكلة يحدث طلاق أو عنف جسدي أو خلاف ضخم. إذاً وفي خضم كل ذلك، لا بُد من أن نسأل: هل ينبغي مشاركة الخلافات مع الأصدقاء والعائلة؟ أم ينبغي إبقاءها قضايا خاصة وعدم الإفصاح  عنها؟ إليك التفاصيل.

الإفصاح عن المشكلات: من علاقة زوجية إلى ثلاثية!

شرح الطبيب النفسي الأميركي وأحد رواد العلاج الأسري موراي بوين (Murray Bowen)، في نظريته عن أنظمة العائلة ما سماه بالتثليث (Triangulation)؛ أيّ إدخال طرف ثالث في العلاقة بين شريكين، إذ يعتقد بوين أنه وعلى الرغم من أن الزوجين قادران على إدارة التوتر في علاقاتهم الزوجية بصورة عامة؛ لكن قد يشعرا مع ازدياد الضغط والإرهاق بعدم القدرة على حل مشكلاتهما معاً، لذا فإن أحدهما، أو كليهما، قد يلجأ إلى شخص ثالث لإيجاد الراحة أو الدعم العاطفي أو التنفيس.

وقد يكون هذا الشخص صديقاً أو أحد أفراد الأسرة أو معالجاً نفسياً أو حتى طفلاً. على سبيل المثال، قد تبوح الزوجة التي تشعر بالضغط بشأن الصراعات المستمرة مع زوجها لأختها؛ ما يخِّفف بعضاً من توترها ويمنحها راحة مؤقتة. ووفقاً لبوين، قد يعمل تشتيت التوتر على استقرار الوضع والتخلص من الإرهاق والضغط مؤقتاً؛ لكنه لا يحلّ شيئاً، خصوصاً في حال وجود صراعات كامنة.

اقرأ أيضاً: هل يجب أن تخبر شريك حياتك المحتمل باضطرابك النفسي؟

هل من الجيد إخبار الآخرين بالمشكلات الزوجية؟

يمكن أن يكون للتثليث تأثيرات إيجابية أو سلبية اعتماداً على كيفية تفاعل الأشخاص الثلاثة مع المشكلات المعروضة. فمن ناحية إيجابية، يمكن للطرف الثالث، في بعض الحالات، أن يقدِّم الدعم العاطفي دون إضافة المزيد من التعقيدات.

على سبيل المثال، إذا تدخّل أحد الأصدقاء في صراع ما؛ لكنه ظل هادئاً وغير مُصدر للأحكام ولم ينحاز إلى أي من الجانبين، فقد يؤثّر إيجابياً ويساعد على استقرار العلاقة بأكملها، ما يسمح للزوجين بإدارة صراعهما بوضوح أكبر.

أما في حال عجز أحد الأفراد المعنيين عن إدارة المشكلة بهدوء، فإن العلاقة برمتها ستختل. على سبيل المثال، إذا انحاز أحد الصديقين إلى طرف ما أو انتقد أو عبّر عن آراء قوية، فغالباً ما يتفاقم التوتر في العلاقة الزوجية. وبدلاً من جلب الراحة، قد يعمل الشخص الثالث دون قصد على تضخيم الصراع، وقد يقع الأطراف جميعهم في حلقة من ردود الفعل المتزايدة والتوتر، ما قد يؤدي إلى مشكلات عاطفية أعمق.

وإذا استمر التوتر في التراكم ولم يعد النظام المكوّن من 3 أشخاص قادراً على احتوائه، فقد يكبر المثلث ويجذب أشخاصاً إضافيين. على سبيل المثال، قد يبدأ الزوج، المحبط بسبب شكاوى زوجته لأختها، في البوح بأسراره لصديقه المقرب أو حتى لأطفاله. وقد يؤدي هذا إلى انقسام الولاءات وانتشار التوتر عبر علاقات متعددة، ما يجعل المشكلة الأصلية أكثر تعقيداً.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع شريك حياتك الشكاك؟

وقد أكدت الأبحاث العلمية هذه النتائج؛ إذ وجدت دراسة منشورة في دورية العلاقات الشخصية (Personal Relationships)، أن المناقشة المتكررة للمشكلات الزوجية مع صديق بدلاً من شريك الحياة قد تضر بالعلاقة وتسبب انخفاض الالتزام والسعادة والرضا، في حين أن الحوار بصراحة مع شريك الحياة دون إشراك أطراف خارجية يعزز جودة العلاقة.

وكذلك وجدت دراسة أُخرى منشورة في المجلة الأميركية للعلاج الأُسري (American Journal of Family Therapy)، أن مناقشة المشكلات الزوجية مع الأصدقاء يزيد التوتر الجسدي مقارنة بمناقشتها مع الشركاء. كما قد تفاقم مشاعر عدم اليقين في العلاقة وقد تثير الغيرة عند شريك الحياة، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يعيشون علاقة غير مُرضية أساساً.

اقرأ أيضاً: 3 علامات تشير إلى أن شريك حياتك لا يحترمك

5 نصائح تساعدك على حل المشكلات الزوجية مع الحفاظ على الخصوصية

إذاً، قد تكون مشاركة الخلافات الزوجية مع الأصدقاء وأفراد العائلة سلاحاً ذا حدين، فعلى الرغم من أنها قد تمنح الدعم العاطفي، فقد تفضي إلى نصائح متحيزة وتسبب انتهاك الخصوصية وتردي جودة العلاقة، لذا فإن الحل هو إيجاد التوازن بين الحاجة إلى طلب الدعم والحفاظ على الخصوصية. كيف؟ عبر اتباع النصائح التالية:

1. تواصل مع شريك حياتك

وفقاً للمعالجة النفسية، جينيفر ديلجادو (Jennifer Delgado)، إن طلب المساعدة الخارجية عندما تكون العلاقة معقدة أو لا يكون شريك حياتك منفتحاً ليس أمراً سيئاً في حد ذاته، إذ، وفي بعض الحالات، قد تساعد وجهات النظر الخارجية على رؤية الموقف بموضوعية أكبر، وقد ينبِّه هؤلاء إلى الأخطاء التي ترتكبها أنت.

ولكن، ثمة أمر آخر، تشير الحاجة المتكررة إلى البوح بالخلافات الزوجية للآخرين إلى وجود مشكلة أعمق داخل العلاقة نفسها، فعندما تفتقد دعم شريكك العاطفي أو عندما يقابل محاولاتك لمناقشة المخاوف باللامبالاة أو سوء الفهم، فهذا يعني أنك تواجه فجوة عاطفية يمكن أن تقوِّض أساس العلاقة، وغالباً ما تكون هذه الفجوة هي المشكلة الأكثر أهمية وليس الخلافات في حدّ ذاتها.

كما أن عدم الحوار ومناقشة المشكلات غير المحلولة قد يتطور إلى صراعات أكبر، لذا ينبغي التركيز على التواصل المباشر مع شريك الحياة وإيجاد طريقة منظمة لمعالجة الصراعات معاً.

وهنا يقول الطبيب النفسي، مهاب مجاهد، أن ثمة 3 قواعد على الأزواج مراعاتها عند الشجار؛ أولاً: أن يتكلم الشخص عن نفسه باستخدام ضمير المتكلم لوصف مشاعره وأفكاره والمواقف التي أزعجته، وليس باستخدام كلمات وجمل تتهم الطرف الآخر أو تهينه وقت الغضب.

وثانياً أن يحدِّد طلبات واضحة، وذلك ليكون للشجار مكتسبات وليس مجرد نقاش عقيم مزعج ودون هدف. أما القاعدة الثالثة، فهي سرعة الصلح، لأن طول مدة الخصام يقصّر عمر العلاقة.

اقرأ أيضاً: نصائح عملية تُجنّبك الجدال مع شريك الحياة

2. انتقِ مَن تشاركه مشكلاتك بحذر

الخصوصية هي أساس أي علاقة وثيقة، ومشاركة الأمور الحساسة دون موافقة شريك الحياة قد تجعله يشعر بالضعف أو الخيانة أو الإحراج، في حال علِم، ما قد يضعف الثقة بينكما. كما أن نصائح الأصدقاء أو أفراد العائلة قد لا تكون موضوعية، فقد يتأثرون بتحيزاتهم تجاه أحد الأطراف.

كما قد يقدمون نصائح لا تصب في مصلحة العلاقة؛ لأنهم غالباً ما يعرفون الأجزاء التي تختار أنت مشاركتها من القصة، لذا فهُم يفتقرون إلى السياق الكامل اللازم لفهم ما حدث على نحو كامل، ويستندون في بناء آرائهم على السلبيات التي تصلهم عن الشريك فحسب.

لذلك، إذا شعرت بالحاجة إلى طلب المشورة الخارجية للاستفادة من حكمة شخص آخر، فكن انتقائياً. وهذا يعني أن تختار الصديق، أو الشخص المقرّب، المتفهم والجدير بالثقة والقادر على تقديم ملاحظات بناءة دون تحيّز، وتجنب أولئك الذين قد ينحازون أو ينشرون النميمة أو يستغلون ضعفك أو معلوماتك ضدك.

3. ضع مشاعر شريك حياتك في الاعتبار

قبل أن تفصح لأصدقائك أو أحداً من أفراد عائلتك عن مشكلتك الزوجية، فكِّر في مشاعر شريكك وكيف سيتفاعل إذا علم بما تشاركه. من المهم احترام خصوصيته وتجنب مناقشة التفاصيل التي قد تسبب له الإحراج أو الانزعاج. إضافة إلى ذلك، يمكن لإجراء محادثة مفتوحة مع شريكك حول حاجتك إلى الدعم الخارجي أن يعزز التفاهم المتبادل، ويساعد على وضع حدود حول ما هو مناسب لمشاركته، ويزيد الثقة والاحترام بينكما.

تذكّر أنك غالباً ما ستنسى أنت وشريك حياتك خلافاتكما بسرعة بعد الصلح، أما الأصدقاء وأفراد العائلة الذين علموا بتفاصيل المشكلات لن ينسوها بسهولة، وقد تعلق تلك الصورة السلبية المنقولة لهم عن الشريك في أذهانهم، الأمر الذي قد يخلق توتراً بين الشريك ومعهم على المدى الطويل.

4. كُن واعياً لمقدار ما تفصح عنه

من الأفضل أن تكونا، أنت وشريكك، متفقين سابقاً على حدود الخصوصية في علاقتكما، وإلا فمن المهم أن تناقشا في أقرب وقت وتقررا ما هو مقبول لمشاركته مع طرف ثالث وما ينبغي أن يظل خاصاً، مع احترام مشاعر كل منكما للآخر وخصوصيته.

عموماً، عندما تطلب النصيحة من المقربين أو الأصدقاء، فانتبه إلى مقدار ما تفصح عنه؛ أي شارك التفاصيل الموجزة التي تكفي للحصول على الدعم الذي تحتاجه، دون الكشف عنها كلها، وتجنب المبالغة في السلبية أو التعبير عن مظالمك كلها. يحترم هذا النهج خصوصية علاقتك ويساعد الآخرين على تقديم نصائح أكثر اتزاناً وإفادة دون الشعور بالإرهاق بسبب كثرة المعلومات.

اقرأ أيضاً: تجنّب هذه العبارات الخطرة في أثناء جدالك مع شريك حياتك

5. الجأ إلى العلاج المتخصص

حين أن الفضفضة قد تريح بعض الشيء، لكن الأصدقاء أو أفراد العائلة أو المقربين قد لا يمتلكون الخبرة اللازمة لمعالجة مشكلات العلاقة الخطرة أو المستمرة، لذا من المهم في هذه الحالة طلب المساعدة المهنية؛ فالمعالج النفسي أو مستشار العلاقات الزوجية أو الأسرية مجهز على تقديم المشورة الموضوعية وتحديد المشكلات الأساسية وتوفير استراتيجيات فعالة لحل النزاعات. كما يمكنه مساعدتك أنت وشريكك على التواصل بطريقة أفضل وتحسين ديناميكيات علاقتك وتقديم الدعم بطريقة لا يستطيع المحيطين بك القيام بها.

اقرأ أيضاً: 7 أسباب تدفعك إلى طلب مساعدة المعالج النفسي بدلاً من الفضفضة لصديقك

المحتوى محمي