كيف تتعامل مع شريك الحياة الشكاك؟

الشريك الشكاك
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: إن التعامل مع الشريك الشكاك أمر صعب، وقد يؤثر سلباً في راحة بالك وصحتك النفسية، وفي صحته وفي علاقتكما أيضاً. لذلك؛ من المهم اكتشاف السبب الجذري الذي يدفع شريكك نحو هذه الأفكار والتصرفات، والعمل على معالجة المشكلة معاً.

أَحبَّ عُطيل، وهو البطل الرئيس في إحدى مسرحيات ويليام شكسبير، ديدمونة إبنة أحد الأثرياء، فتزوجها؛ لكنه وبعد زواجه بها، ظل متشككاً بشأن خيانتها المفترضة، ثم وقع ضحية أفكاره المفرغة والوسواسية، حتى انتهى به الشك بقتلها ثم انتحاره.

ولعل هذه القصة قد تكون متطرفة بعض الشيء بالنسبة إلى موضوع هذا المقال وهو كيفية التعامل مع الشريك الشكاك؛ لكنها توضح إلى أي حد قد تصل الأفكار عند هذا الشخص. إذ وعلى الرغم من أن الحب والثقة هما حجرا الزاوية في بناء علاقة صحية وناجحة، فقد يجد بعض الأزواج، حتى الأكثر حباً وتفهماً منهم، أنفسهم واقعين في قبضة خانقة من الغيرة والشك. فما الأسباب التي قد تدفع شريكك إلى كثرة الشك؟ وكيف يمكنك التعامل معه؟

اقرأ أيضاً: ما بعد الخيانة الزوجية: كيف يتجاوز الشريكان هذه المحنة؟

7 علامات تؤكد أن شريكك كثير الشك

الشريك الشكاك لا يخفي نفسه، فبعض العلامات واضحة وضوح الشمس؛ مثل تفقد هاتفك باستمرار، أو مراقبة اتصالاتك أو رسائلك أو بريدك الإلكتروني أو حساباتك على الإنترنت. وبالإضافة إلى ذلك، فثمة بعض العلامات الأخرى؛ مثل:

  1. الإصرار المستمر على معرفة مكانك وما تفعله ومع مَن تكون، وإذا لم تفعل ذلك بسرعة كافية، فسيشعر بالريبة والانزعاج.
  2. الشعور بالغضب أو الانفعال إذا أردت قضاء بعض الوقت مع أشخاص آخرين.
  3. تقييد علاقتك الاجتماعية ووضع قواعد لمن يمكنك التحدث إليهم.
  4. محاولة عزلك عن العائلة أو الأصدقاء.
  5. محاولة السيطرة على تصرفاتك وسلوكياتك في الحياة العملية وفي مواقع التواصل الاجتماعي؛ مثل تحديد المكان الذي يمكنك الذهاب إليه أو الممنوع الذهاب إليه، والثياب المسموح لك ارتداؤها وغير المسموح لك ارتداؤها، ومَن تُمكنك مصادقته ومَن لا.
  6. السلوك العدواني والمواقف العدائية مثل العنف اللفظي أو الجسدي للسيطرة عليك.
  7. إلقاء اللوم عليك وتحميلك مسؤولية غيرته أو سلوكه.

اقرأ أيضاً: 10 علامات تدل على الخيانة الزوجية

لماذا هذا الشك كله؟

الغيرة باعتدال أمر طبيعي، فكما يُقال: “ليس مُحباً ذلك الذي لا يغار”؛ كما أن عدم الثقة المفرطة في الآخرين هو نوع من أنواع الحرص، وقد عرّف الطبيب النفسي إبراهيم حمدي الشك عموماً بأنه أفكار ظلالية ذُهانية تتفاوت ما بين بسيطة إلى مَرضية. ففي بعض الأحيان، قد تتجاوز الغيرة الحد المعقول وتتجلى بمشاعر شك غير عقلانية أو أفكار وسواسية تتمحور حول خيانة الشريك، إلى حد قد يدفع الشريك الشكاك إلى سلوك غير مقبول أو متطرف، وقد تتطلب هذه الحالة علاجاً نفسياً أو دوائياً. وعموماً، إليك الأسباب المحتملة التي قد تجعل شريكك كثير الشك:

  • تعرُضه إلى الخيانة على نحو متكرر في الماضي؛ ما يؤدي إلى انخفاض مستوى ثقته في الآخرين.  
  • وجود مستويات عالية من الضغوط في علاقتك معه، أو ضعف العلاقة العاطفية، أو قلة التواصل، أو بُعد المسافة بينكما؛ ما قد يؤدي إلى ارتفاع مستويات التوتر لديه، على نحو يجعله أكثر عرضةً إلى أفكار الشك والريبة.
  • انتهاكك لثقته سابقاً أو مؤخراً، سواء أكان ذلك بخيانة زوجية أم مالية أم اجتماعية.
  • تجارب الطفولة مثل الإهمال أو سوء المعاملة أو مشاهدة الصراع بين الوالدين.
  • شعوره بعدم الأمان النفسي أو تدني احترام الذات.
  • امتلاكه نمط تعلق قلِق أو تجنبي. 
  • معاناته نوعاً من أنواع الغيرة المَرضية؛ مثل الغيرة الوسواسية (Obsessive Jealousy) أو الغيرة الوهمية (Delusional Jealousy)،  وهي حالات متطرفة من الغيرة والشك المستمر وحب التملك، وتؤثر في الصحة النفسية على نحو كبير مسببة الاكتئاب أو القلق أو تقلب المزاج. 
  • معاناته بعض الحالات أو الاضطرابات النفسية مثل اضطراب الشخصية الزوراني (جنون الارتياب أو البارانويا)، أو اضطراب الوسواس القهري، أو اضطراب الشخصية الفصامية.

اقرأ أيضاً: كيف تستعيد توازنك النفسي بعد تعرُّضك إلى الخيانة الزوجية؟

 كيف تتعامل مع الشريك الشكاك؟

قد تؤثر كثرة الشك في صحة الشريكين كليهما، فقد يعاني الشخص الشكاك ارتفاع مستويات التوتر والقلق والإرهاق والتعب؛ في حين قد يشعر الطرف الآخر بالإحباط والغضب عند المبالغة في الشك فيه أو اتهامه دون مبرر.

بالإضافة إلى أن كثرة الشك ستؤدي إلى تآكل الثقة في العلاقة، وما يترتب على ذلك من نتائج وخيمة. لكن ليس بالضرورة أن ينتهي الأمر على هذه الحال؛ إذ ثمة بعض الاستراتيجيات الأساسية للتعامل مع الشريك الشكاك على نحو يزيد الثقة، ويقوي التواصل بينكما، ويعزز علاقتكما لتصبح علاقة أكثر سعادة وأماناً، وإليك كيف:

  • افهم السبب: ابدأ بفهم الأسباب الجذرية لكثرة الشك عند شريكك، فهل شعوره ناتج من خيانة، أو خذلان سابق، أو انتهاكاتك لثقته، أو مشكلات في علاقتكما وتواصلكما. التعرف إلى السبب خطوة حاسمة في معالجة المشكلة.
  • حدِّد المحفزات: اقترح على شريكك الانتباه إلى المواقف أو المشاعر التي تثير  ريبته، حتى يعلم أي المجالات التي ينبغي العمل عليها. وينبغي لك أيضاً تجنب الغموض فيما يخص الأماكن التي ترتادها أو الأشخاص الذي تكلمهم حتى لا يرتاب شريكك بشأن هذه الموضوعات وفقاً لما يقوله استشاري العلاقات الأسرية، جاسم المطوع.
  • شجّعه على التأمل الذاتي: كثيراً ما تنشأ الغيرة والشك الزائد نتيجة تدني احترام الشريك لذاته وشكه في نفسه. لذلك؛ شجه على تحديد الأفكار والمعتقدات التي تسهم في نشوء هذه المشاعر ليتمكن من معالجتها.
  • تواصلا معاً وفق حوار صادق ومفتوح: أجرِ مناقشة صادقة وغير اتهامية مع شريكك عن مشاعره واهتماماته، وركز على التعبير عن المشاعر بدلاً من إلقاء اللوم، وكن على استعداد تام للاستماع إليه، وتفهم القضية من وجهة نظره.
  • ناقشا الاحتياجات: اسأل شريكك عما يحتاج إليه منك ليشعر بمزيد من الأمان والثقة في العلاقة. وفي المقابل، عبِّر عن احتياجاتك الخاصة لخلق فهم متبادل للتوقعات، وقد يكون من المفيد توضيح حدودك وما تقبله وما لا تقبله من الشريك.
  • انصحه بالتمهل قليلاً قبل الإتيان بردة فعل: شجع شريكك على الاسترخاء والتوقف قليلاً وأخذ نفس عميق، وتحدي الأفكار السلبية التي تسبب الشك والغيرة والتشكيك في صحتها. يمكن أن يساعده ذلك على معالجة الموقف، والتأكد من عدم وجود تهديد حقيقي، ثم الاستجابة بوعي أكبر.
  • ساعده على استبدال سلوكياته: وجهه إلى مقاومة التصرف بناء على شبهات لا أساس لها، والامتناع عن الاستجوابات المتكررة، أو التفتيش في الهاتف الذكي، أو غيرها من السلوكيات التي قد تصاحب كثرة الشك، واقترح عليه العثور على أنشطة بديلة لشغل وقته وإبقاء ذهنه مشغولاً؛ مثل مشاهدة فيلم، أو الخروج مع الأصدقاء، أو ما شابه ذلك من أنشطة ممتعة له.
  • اعملا معاً على بناء الثقة: يمكن لكليكما العمل معاً من أجل بناء الثقة مرة أخرى، فمتابعة الالتزامات، والوجود العاطفي، وتقديم الدعم المتبادل؛ كلها خطوات أساسية في إعادة بناء الثقة.
  • امنحه الوقت الكافي: عليك أن تعلم أن هذه المشاعر التي تراود شريكك لن تختفي بين عشية وضحاها، فقد يستغرق الأمر أسابيع أو حتى أشهر من تنفيذ هذه المقترحات. لذلك؛ عليك أن تتحلَّى بالصبر وطول البال.
  • مارس الرعاية الذاتية: قد تسبب كثرة الشك شعورك بالتوتر والقلق والخوف؛ لذلك عليك الاهتمام بصحتيك الجسدية والنفسية لمساعدتك على الاسترخاء وتقليل التوتر. جرّب مثلاً ممارسة الرياضة، والتأمل، واليقظة الذهنية، والهوايات، وما إلى ذلك.
  • اقترح عليه طلب العلاج النفسي: في حال استمر شريكك في شكه الزائد على نحو أصبح يضايقك ويضايقه، فحاول إقناعه بطلب المساعدة من المختص النفسي الذي سيساعده على اكتشاف أسباب الشك الزائد، وتحديد المحفزات، وتطوير تقنيات التكيف، وتحسين مهارات التواصل، وتحديد خيارات العلاج المثلى.

اقرأ أيضاً: كيف أتعامل مع غيرة زوجتي؟

ختاماً، تذكر أنه من المهم التعامل مع المشكلة بصبر وتعاطف ورغبة في العمل معاً لإعادة بناء الثقة وإنشاء علاقة أكثر صحة وأماناً.