حدودك الشخصية مهمة لصحتك النفسية، فكيف تضعها؟

3 دقائق
حدودك الشخصية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: حدودك الشخصية هي الحصن المنيع لحماية صحتك النفسية وطاقتك الجسدية. لذا؛ عندما تغيب، ستجد أن حياتك تتدهور على الأصعدة كافةً، فكيف تضع حدوداً لنفسك دون أن تسبب الحرج لنفسك أو للآخرين؟ هذا ما سنساعدك على تحقيقه من خلال الإرشادات العملية التي يتضمنها مقالنا.

"إذا لم تحافظ على حدودك الشخصية، لا تتوقع من الآخرين الحفاظ عليها".

يؤكد ذلك الاستشاري الاجتماعي والأسري شجاع القحطاني، ويتصل تأكيده بأهمية الحدود في حياة كلٍ منا، فهي تمكّننا من الحفاظ على استقرار صحتنا النفسية، وضمان دخولنا في علاقات صحية لا نتعرض فيها للضرر من جانب الآخرين.

لكن هناك أشخاصاً قد يواجهون مشكلة في وضع حدودهم الشخصية؛ ما يجعل حياتهم قابلة للاختراق بسهولة، ليجدوا أنفسهم في النهاية مستنزفين ويعانون نفسياً؛ ما يولّد في داخل كلٍ منهم الرغبة في إعادة تحديد ملامح حدود حيواتهم الشخصية للآخرين حتى لا يخترقوها. لكن ما الكيفية التي تمكّنهم من القيام بذلك؟ هذا ما سنتعرض إليه بالتفصيل في مقالنا.

ما أهمية الحدود الشخصية لصحتك النفسية؟

تؤكد المختصة النفسية ستيفاني غولدبرغ (Stephanie Goldberg)، إن الشخص الذي لا يضع حدوداً شخصية له يجد نفسه في نهاية المطاف يقوم بأفعال لا يرغب في تأديتها لصالح أشخاص يستنزفون وقته وطاقته. لذا؛ عندما تضع حدودك الشخصية وتخبر الآخرين بها فأنت بذلك تعبر عملياً عن اهتمامك بنفسك وتفهمك لاحتياجاتك. نعم، ربما تكون ثمة مساحة للتفاوض والمرونة مع الآخرين؛ لكنها لن تتجاوز الحد الذي تشعر بعده أنك لم تعد تستمتع بحياتك.

علاوة على ذلك، ستحميك حدود الشخصية من الاستنزاف النفسي والجسدي. فعلى سبيل المثال؛ في حال غياب الحدود بين الحياة المهنية والشخصية، قد يضطر الشخص إلى أخذ مهمات عمله معه إلى المنزل؛ وهو ما سيجعله يشعر بالضغط النفسي الذي ربما يؤدي لاحقاً إلى إصابته باضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق.

ويمكن اعتبار الحدود الشخصية حجر الأساس للعلاقات الصحية؛ إذ إن العلاقات التي تغيب عنها تلك الحدود غالباً ما تولّد الشعور بالاستياء والانزعاج غير المُعلن الذي يؤدي بدوره لاحقاً إلى تدهورها أو انهيارها.

اقرأ أيضاً: 4 نصائح لتنجح في الفصل بين حياتك العملية والشخصية

8 إرشادات عملية لتنجح في وضع حدودك الشخصية

يبحث الأشخاص الذين يفتقدون حدودهم الشخصية عن الكيفية العملية التي يتمكنون من خلالها أن يضعوها مجدداً، وهذا ما سنساعدهم في نفسيتي على تحقيقه من خلال إرشادات عديدة؛ أهمها:

1. حدد احتياجاتك

مثلما أوضحنا في بداية المقال؛ يعبّر وضع الحدود الشخصية عن اهتمامك بنفسك واحتياجاتك. لذا؛ تحتاج أولاً إلى معرفة هذه الاحتياجات وترتيبها بناءً على أهميتها ثم وضع حدودك على أساسها.

2. بكّر في إيضاح حدودك

لا تنتظر حتى تصل إلى موقف حرج يضطرك إلى توضيح حدودك؛ وإنما اعمل على إيضاحها للآخرين وتحديد ما يمكنك وما لا يمكنك القيام به، حتى يكون لديهم علم مسبق ولا يضعوك في مواقف تستنزف نفسيتك وطاقتك.

3. تدرّب على قول "لا"

ربما يكون ذلك صعباً في بداية الأمر، وبخاصة بالنسبة إلى الأشخاص الذين اعتادوا الموافقة على أي شيء؛ لكن يمكنك في البداية أن تقول "لا" داخل نطاق الدائرة القريبة منك، وستتمكّن بالتدريج من عدم الموافقة على القرارات التي لا تتناسب معك.

4. اجعل حدودك ذات طابع عملي

لا تقف عملية وضع الحدود عند إيضاحها فقط، فمن المهم كذلك تأكيد عواقب تجاهلها أو تجاوزها للآخرين حتى لا تكون مجرد حدود على الورق، ناهيك بأنه من المهم اتخاذ إجراءات فعالة لتطبيق حدودك على أرض الواقع؛ فمثلاً إذا تطفل أحد أصدقائك وأقحم نفسه في جانب شخصي لا تود الحديث عنه، عبّر عن رفضك لفعله بوضوح لمنعه من تكراره.

5. ضع لكل علاقة حدودها وفقاً لمكانتها

تختلف علاقاتنا من حيث أهميتنا وقوة صلتنا بها ومن ثَمّ تختلف تلقائياً الحدود التي نضعها لكل علاقة؛ فمثلاً حدودنا مع عائلتنا أو شريك حياتنا قد تكون مرنة بينما من المنطقي ألا تكون كذلك مع زملاء العمل. وبالطبع، من الضروري ألا تكون هذه العلاقات بالأساس مستنزفة لنا.

6. عبّر عن حدودك بلباقة

قد يعمد بعض الأشخاص عند وضع حدودهم إلى إيضاحها للآخرين بعنف؛ لكن هذا ربما يؤدي إلى تدهور علاقتهم الاجتماعية. لذا؛ فالأفضل توضيح الحدود الشخصية بلباقة وزيادة الصرامة والحزم في الحديث إذا تجاوزها أحد ما.

7. احترم حدود الآخرين

إذا كنت تريد أن يحترم من حولك حدودك، فعليك احترام حدودهم أولاً حتى تطالبهم لاحقاً باحترام حدودك بكل ثقة في حال تجاوزهم لها.

8. لا تتردد في تحديث حدودك عند الحاجة

يتغير شكل الحياة وفقاً لأولوياتنا وظروفنا، وبناءً على ذلك، يمكنك أن تعمل على إعادة وضع حدودك الشخصية بين الحين والآخر لتتناسب معك أكثر.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الأشخاص كثيري الشكوى؟

أخيراً، عليك توقّع بعض الصعوبات في بداية وضعك لحدودك الشخصية؛ لكنها خطوة مهمة في سبيل استقرارك النفسي ووقف استنزافك. لذا؛ في حال مواجهتك بعض الصعوبات في تطبيق الإرشادات العملية التي يتضمنها المقال، لا تتردد أن تلجأ إلى مختص نفسي يساعدك على استكمال وضع حدودك بنجاح حتى تنعم بحياة سعيدة واضحة المعالم.