يعد شعور الموظفين بأهميتهم داخل الشركة أحد أهم ركائز النجاح في بيئات العمل كلها، فحين يحس الموظف بأن جهوده مقدرة، وأن مكانته محفوظة ومحترمة، وأن رأيه مؤثر، يتحول من مجرد مؤد للمهام اليومية إلى شريك حقيقي في عملية تحقيق الأهداف، ويمكن القول إن شعور الموظف بأهميته في العمل يؤثر إيجابياً في الإنتاجية والرضا الوظيفي، ويقلل معدل دوران الموظفين في الشركة، وحتى تجعل أعضاء فريقك يحسون بأهميتهم في العمل، حاول اتباع الاستراتيجيات التالية:
محتويات المقال
1. وفر فرص التعلم والنمو
صاغت عالمة النفس، كارول دويك، مفهوم عقلية النمو والعقلية الثابتة في كتابها "العقلية: علم النفس الجديد للنجاح"، ووفقاً لدويك فإن امتلاك عقلية النمو يعني أنك قادر على اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة للنجاح، ما يجعل كل تحد تواجهه هو فرصة للتعلم والتطور، وعلى الجانب الآخر، يرى الشخص ذو العقلية الثابتة أن سماته الشخصية ثابتة بطبيعتها وغير قابلة للتغيير بمرور الوقت، ولهذا إذا واجه صاحب العقلية الثابتة مشكلة في العمل سوف يحس بأنها كارثة لأنه عاجز عن حلها.
وحين يشعر الموظف بأنك تؤمن بقدرته على تحقيق النمو والنجاح سوف يحس بأهميته في مكان العمل، لهذا حاول قدر الإمكان توفير إمكانية الوصول إلى ورش العمل أو الدورات عبر الإنترنت المخصصة لمجال عمل الموظفين، علاوة على ذلك، تعد تقييمات الأداء الدورية التي تسلط الضوء على فرص التقدم أو بناء المهارات أداة مهمة تساعد الموظفين على الشعور بالتقدير، وتظهر اهتمام صاحب العمل بتطلعاتهم المهنية.
2. شجع الاستقلالية
تمنح الاستقلالية الأفراد شعوراً بالهدف والقدرة على التحكم، إضافة إلى أنها تعزز الثقة بقيمة الذات والكفاءة؛ فعندما يتمكن الموظفون من اتخاذ القرارات يميلون إلى الشعور بالرضا والسعادة، وعلى الجانب الآخر، حين يعتمد عليك الموظف اعتماداً كبيراً من أجل تأدية مهام عمله سيحس بالقلق وانخفاض الثقة بالنفس مع أول مشكلة تقابله ويعجز عن التعامل معها بمفرده.
كما تعد الاستقلالية وسيلة مهمة لتشجيع النمو داخل الشركة، وتأكيد أهمية موظفيك؛ وعندما يشعر الموظفون بالاستقلالية، يكونون أحراراً في بذل قصارى جهدهم، وفي طرح الأفكار الجديدة وتحمل مسؤولية تنفيذها، وفي هذه الحالة يحس الموظف بأن أفكاره محل تقدير من الشركة، ومن ثم يشعر في النهاية بأنه يحظى باهتمام قائد الفريق.
اقرأ أيضاً: ما هو الاستقلال النفسي؟ وكيف تحققه لتنعم بالراحة النفسية؟
3. اجعلهم يشاركون في وضع معايير الشركة
يوضح أستاذ علم النفس في جامعة ميامي، إسحاق بريللتنسكي، أن الموظف حين يشعر بأهميته في العمل عادة ما يصبح أكثر إبداعاً ورضا وميلاً إلى المخاطرة بطرق إيجابية، وينصح بريللتنسكي بضرورة إشراك الموظفين في وضع معايير الشركة، قد تكون هذه المعايير سياسات مثل منع التنمر، والسماح للموظفين بطرح مخاوفهم، وانتقاد الأفكار دون انتقاد الأشخاص، بالإضافة إلى ذلك يمكن للموظفين وضع مقترحات تلائمهم من أجل إنجاز الأمور مثل إجازة الأمومة وضرورة توفير مواعيد عمل مرنة.
4. وفر ثقافة الأمان النفسي
تنشئ المؤسسات الناجحة التي تهتم بموظفيها ثقافات يؤمن فيها العاملون بأن من المقبول التعبير عن الأفكار والاعتراف بالأخطاء وطرح الأسئلة، وفي هذا السياق، تؤكد أستاذة علم النفس في كلية هارفارد للأعمال، آمي إدموندسون، أن ثقافة الأمان النفسي تجعل الموظفين يحسون بالاحترام والتقدير والتمكين، كما تجعلهم يشعرون بأن صحتهم النفسية مهمة.
ويشرح استشاري الطب النفسي، عبد الإله الحديثي، أن الأمان أحد الأسس النفسية العميقة للاستقرار، سواء كان استقراراً نفسياً أم مهنياً، والأمان لا يعني فقط غياب الخطر، بل يعني الطمأنينة، أي أن تحس في داخلك بأنك لست مهدداً، وأن البيئة من حولك يمكن الاعتماد عليها، وأنك مقبول كما أنت.
ويضيف الحديثي أن الشعور بالأمان النفسي يقلل مستوى التوتر المزمن، ويعمق الشعور بالولاء والانتماء لمكان العمل الذي يوفر الأمان، كما أنه يحافظ على الهوية لأنه يمنح الإنسان مساحة ليكون نفسه.
5. ساعدهم على تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية
يعد تحقيق التوازن بين العمل والحياة أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية، ويمكن القول إن تحقيق هذا التوازن يؤدي إلى الوقاية من التعب والاستنزاف النفسي، وتعزيز الإنتاجية والإبداع في العمل، وتقليل مشاعر التوتر والقلق، لأنه يجعل الموظفين قادرين على تخصيص وقت كاف للمسؤوليات المهنية والاهتمامات الشخصية أو احتياجات الأسرة، ما يعزز حياة أكثر صحة واكتمالاً.
وعندما يرى الموظفون شركتهم تقر بأهمية التوازن الصحي بين العمل والحياة، يزداد احتمال أدائهم الجيد وتجنبهم للإرهاق والاحتراق النفسي، علاوة على ذلك سوف يحسون بأهميتهم بالنسبة للشركة، وسيدركون أنهم ركيزة أساسية بالعمل.
وحتى تحقق ذلك التوازن جرب منحهم أياماً للراحة النفسية، أو مكافآت تعزز صحتهم البدنية، واطلب منهم مغادرة العمل في الأوقات الرسمية دون تأخير، وحاول قدر الإمكان احترام مواعيد العمل، ما يعني عدم إرسال رسائل البريد الإلكتروني أو المكالمات الهاتفية الخاصة بالعمل بعد ساعات العمل الرسمية لأن ذلك مؤشر على بيئة عمل غير صحية.
اقرأ أيضاً: كيف تنجح في تحقيق التوازن النفسي بين الولاء للشركة والولاء لنفسك؟
6. قدم ملاحظات منتظمة
يشعر الموظفون بأكبر قدر من الاهتمام عندما يقدم قادتهم ملاحظات صادقة حول عملهم؛ لهذا أخبر موظفيك أنك تلاحظ وتقدر عملهم، وإذا كنت تحس بالقلق حول تراجع أداء أحد أعضاء فريقك، اطلب عقد اجتماع واطرح الأسئلة قبل أن تصدر أحكامك، ثم قدم له الملاحظات الإيجابية ثم طلبات تحسين الأداء.
7. كافئهم على العمل الجيد
إذا حقق فريقك أهدافه أو أنجز مشروعاً معقداً، فإن المكافأة أو الهدية وسيلة رائعة لجعلهم يشعرون بالتقدير والاهتمام، كما أنها تغرس فيهم فكرة أن مثل هذه المكافآت تحدث بانتظام، ما يحفزهم على العمل بجد دائماً.
يمكن أن تكون المكافأة مالية، أو يمكن أن تكون معنوية مثل رسالة شكر على الإيميل، أو حتى يمكنك أن تدعو فريقك لشرب فنجان قهوة بالخارج والاحتفال معاً بإنجاز مشروع معقد.
8. كلف الموظفين بمهام إبداعية ملهمة
من الطرق الأخرى لإظهار أهمية الموظفين تكليفهم بعمل إبداعي ملهم؛ فمن خلال تكليفهم بمهام هادفة وخارجة عن الروتين المعتاد، تشير إلى ثقتك بهم وإيمانك بمهاراتهم وقدرتهم على الإسهام في تحقيق التطور والنمو، كما أن تكليف الموظفين بمهام خارج نطاق المهام التقليدية يساعدهم على الإبداع والابتكار ويحسن مشاركتهم، يمكنك على سبيل المثال أن تسند إليهم مهام في مشاريع بارزة، أو تجعلهم يتعلمون مهارة جديدة وبعدها يتولون مهمة إبداعية في مشروع جديد، كما يمكن أن تعينهم في أدوار قيادية ضمن فريق مشروع.
9. عزز التواصل اليومي
يعد التواصل الفعال مهارة مهمة تستند بالأساس إلى القدرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر بوضوح، والاستماع للآخرين بفعالية، ويمكن القول إن التواصل الفعال يعزز العلاقات الصحية، ويقلل سوء الفهم، ويخلق بيئة عمل إيجابية داعمة، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق الرضا عن الحياة المهنية وتحسين الصحة النفسية.
ويمكن القول إن التواصل هو أكثر من مجرد تبادل معلومات؛ إذ يتضمن الإنصات والتواصل البصري وفهم المشاعر الكامنة وراء الكلمات، ويعزز التواصل الفعال الثقة والاحترام بين الأفراد.
ولهذا اسأل نفسك؛ هل تحيي أعضاء فريقك كثيراً؟ هذا لا يعني ضرورة التفاعل مع كل موظف في شركتك يومياً، ولكن مجرد تحية لطيفة وابتسامة مع أعضاء فريقك المباشرين قد يحدث فرقاً كبيراً، حيث يحتاج موظفوك إلى الاهتمام، وإذا لاحظوا أن مديرهم يتواصل معهم بانتظام، فسيشعرون بالاهتمام والتقدير.
اقرأ أيضاً: تواصل بذكاء: 4 عبارات لا غنى عنها لكل قائد ناجح
10. كن مرناً قدر الإمكان
على الرغم من أن وجود عمل منظم بساعات محددة قد يكون بالغ الأهمية، فإن منح موظفيك الحرية والمرونة مفيد للغاية، لأنه يجعلهم يحسون بأهميتهم، كما يسمح لهم بالإبداع وتوليد أفكار جديدة، ما يفيد نجاح الشركة على المدى الطويل.
يمكنك على سبيل المثال، منح مقدمي الرعاية مثل الأمهات والآباء ساعات عمل مرنة في الأوقات المهمة لأطفالهم، مثل مباراة كرة قدم أو حتى الذهاب بأحد أفراد الأسرة لزيادة الطبيب.