ملخص: يمكن أن تكون للاستحمام، وبخاصة الاستحمام بالماء البارد، تأثيرات إيجابية في الصحة البدنية والنفسية. من تخفيض أعراض القلق والاكتئاب إلى تحفيز الدورة الدموية، تعرّف إلى فوائد الاستحمام، وكيف يمكنك استخدام هذا الروتين اليومي العادي لتجديد طاقتك؟
محتويات المقال
هل شعرت يوماً بتدفّق غير متوقع من الحيوية ووضوح في التفكير بعد الاستحمام؟ ثمة تفسيرات علمية تؤكّد أن الاستحمام هو أكثر من مجرد روتين تنظيف.
إلى جانب فائدة النظافة الشخصية، يمكن أن يؤثّر الاستحمام في أمزجتنا ومستويات الطاقة والإبداع لدينا، وحتى في صحتنا العامة، على نحوٍ كبير. غير أن استخدام الماء البارد يمكن أن يكون ذا فوائد لا يعرفها أغلب الناس، باستثناء أولئك الذين يستخدمون تقنية "الدشّ الإسكتلندي" التي سنستعرض تفاصيلها لاحقاً في المقال؛ حيث أثبتت الدراسات أن لها فوائد صحية متعددة بما فيها تخفيف الاكتئاب وتنشيط الدورة الدموية.
ويوضّح أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي والمناظير بجامعة الأزهر، جمال سليمان (Gamal Soliman) إنّ الاغتسال بالماء البارد هو الأصحّ والأكثر فائدة لصحّة الإنسان، والمقصود بالماء البارد المياه التي تتراوح درجة حرارتها من 15 إلى 25 درجة مئوية، وهي مفيدة لصحة الجلد ونضارته وصحة الشعر، إضافة إلى أنها تنشّط الجهاز المناعي.
فما الفوائد الأخرى للاستحمام؟ وكيف يمكننا تحسين روتين الاستحمام لتحقيق الاستفادة القصوى؟
لماذا يحفّز الاستحمام طاقتك الإبداعية؟
يمثّل الحمام عادةً المكان الذي يشعر فيه الناس بالراحة والعزلة عن ضوضاء العالم الخارجي. ويُظهر البحث العلمي أن 72% من الناس يستلهمون أفضل أفكارهم الإبداعية في أثناء الاستحمام أكثر من أماكن عملهم.
ويشير هذا إلى أن الإبداع يتعزّز عندما ينخفض التحفيز الحسي من العالم الخارجي؛ ما يسمح بمزيد من التأمّل الذاتي. إذ يمكن أن تساعد ممارسة تمارين اليقظة الأفراد على فهم أفكارهم ومشاعرهم على نحوٍ أعمق؛ ومن ثمّ تعزيز الإبداع. وينطبق هذا المفهوم على كلٍ من الأشخاص الانطوائيين (Introverts) والمنفتحين (Extroverts).
لذلك؛ يقترح الخبراء إفساح المجال لما يُسمَّى بـ "التراخي الاستراتيجي" (Strategic Slacking) في أثناء الاستحمام لأنه يسمح للعقل بالشرود، فيحفّز الإبداع؛ حيث يمكن اعتباره جانباً أساسياً لإدارة طاقة الفرد وخلق مساحة ذهنية للابتكار.
يُشار إلى هذه المساحة الذهنية باسم "الفائض المعرفي" (Cognitive Surplus)، وهي ضرورية لتكوين الروابط بين الأفكار. إذ يعمل الحمام بوصفه بيئة مشتركة للفائض المعرفي؛ لأنه يوفر هروباً مؤقتاً من التحفيز المستمر للأجهزة والإلهاءات الخارجية.
اقرأ أيضاً: لماذا يطيل بعض الرجال الجلوس في دورة المياه؟
4 فوائد غير متوقَّعة للاستحمام
في حين أن السبب الرئيس للاستحمام هو الحفاظ على النظافة، فقد يعزز مستويات الطاقة لدينا ويحسّن أمزجتنا؛ ما يؤكّد أن فوائد الاستحمام تمتد إلى أبعد من مجرّد النظافة الشخصية. وفيما يلي 4 تأثيرات يمكن أن يحسّن بها الاستحمام بالماء الساخن أو البارد صحتك وعافيتك النفسية:
- تخفيض القلق: يؤدّي الدفء إلى استرخاء الجسم والعقل على نحو طبيعي؛ ما يخفض خطر الإصابة بأعراض الاكتئاب. ويمكن أن يكون الاستحمام أيضاً شكلاً من أشكال التأمل أو استراحة صحية من روتين يومي مزدحم، أو يساعد على الاسترخاء ليلاً والتمهيد للنوم الجيّد، وبخاصة حين تُستخدم أدوات مساعدة على الاسترخاء مثل مقشّر الجسم المفضل أو الاستماع إلى موسيقا الاسترخاء في أثناء الاستحمام؛ حيث تعد تلك تجربة مهدئة ومجزية.
- زيادة الطاقة: قد لا يكون الاستحمام بالماء البارد الخيار المفضّل للعديد من الأشخاص؛ لكنه يمكن أن يعزّز الطاقة الطبيعية ويزيد اليقظة. ويرجع ذلك إلى التغيّرات الكيميائية في الدماغ عندما تنخفض درجة حرارة الجسم بسبب الماء البارد؛ ما يخفض الهرمون المحفّز للنوم (الميلاتونين) ومن ثمّ يزيد مستوى اليقظة، ناهيك بتحفيز الدورة الدموية وزيادة معدل ضربات القلب ومعدل التنفس؛ وكلها عوامل تسهم في الشعور الفوري بالحيوية.
- تعزيز الثقة: ينتج من دمج الاستحمام في الروتين الصباحي تحسين المزاج العام تحسيناً كبيراً على مدار اليوم؛ حيث يؤدّي الشعور بالنظافة إلى تحفيز إنتاج هرمونات تحسين الحالة المزاجية مثل النوربينفرين والسيروتونين التي تسهم بدورها في الشعور بالطاقة والسعادة؛ ومن ثمّ زيادة الثقة بالنفس وحب الذات.
- زيادة الإنتاجية: يرتبط الاستحمام في الصباح الباكر أو الاستحمام قبل بدء ساعات العمل بمستويات إنتاجية أعلى؛ ما يعني أن إنشاء روتين يومي، لا سيما الروتين الذي يتضمن أنشطة الرعاية الذاتية مثل الاستحمام، إلى تعزيز الدافع والإنتاجية، وتعزيز الشعور بالإنجاز. وقد يستفيد الأشخاص من ذلك على نحو أكبر في الأوقات العصيبة؛ إذ يمكّنهم هذا النوع من الروتين من تحقيق النظام والاستقرار، وبخاصة إذا انتظموا في ممارسته كل يومٍ في الوقت نفسه.
الاستحمام على الطريقة الإسكتلندية يجدّد طاقتك في 90 ثانية
يمكن أن يُعزى الشعور بالإرهاق في الصباح إلى الطريقة التي تستحم بها، فالاستحمام بالماء الساخن يسبّب انخفاضاً حاداً في درجة حرارة الجسم بمجرد الخروج من المنزل؛ ما قد يهيئ الجسم للنوم بدلاً من إيقاظه.
قد تعالج هذه المشكلة تقنية ذكية تُعرف باسم "الدُشّ الإسكتلندي" أو "الاستشفاء بالمياه الساخنة والباردة" (Hot and Cold Hydrotherapy). وتتمثّل هذه الطريقة في تغيير درجة حرارة مياه الاستحمام على فترات لا تتجاوز مدتها 30 ثانية، بدءاً من المياه الباردة ثم التحوّل إلى درجة الحرارة الساخنة وانتهاءً بالباردة.
إذ يساعد هذا التباين في درجة الحرارة على توسيع الشعيرات الدموية وزيادة تدفّق الدم، ولذلك فوائد صحية متعددة؛ حيث أظهرت الدراسات أن هذه التقنية يمكن أن تخفض أعراض الاكتئاب، وتقوّي جهاز المناعة، وتحسّن الدورة الدموية، وتساعد على حرق الدهون.
إذا بدا الاستحمام بهذه الطريقة صعباً في البداية، فيُنصح بالبدء في استخدام الماء الدافئ وتقليل درجة الحرارة تدريجياً إلى حين تعتاد على درجة برودتها، وقد يتطلّب ذلك بعض الوقت ليتأقلم الجسم مع هذه التقنية في الاستحمام.
اقرأ أيضاً: تعرف إلى الميزات العلاجية النفسية لمنتجعات الاستشفاء بالمياه المعدنية
ختاماً، يخدم الاستحمام عند أغلب الناس غرضاً لا يتجاوز الحفاظ على النظافة الشخصية؛ لكنه يمكن أن يكون أداة قوية لزيادة الطاقة وتعزيز الإبداع وتحسين الحالة المزاجية، سواء كان ذلك من خلال الاستحمام بالماء البارد أو الساخن أو كلٍ منهما معاً عن طريق تقنية الدشّ الإسكتلندي.