هل تعتقد أن شعورك بالقلق والتوتر ناجم بالأساس عن ساعات عملك الطويلة أو قائمة مهامك الكبرى؟ إذا كنت تعتقد ذلك، فإن مؤسس شركة أمازون، جيف بيزوس، لا يوافقك الرأي؛ إذ يؤكد بيزوس أن التوتر الحقيقي لا ينبع من كثرة مهامك ولا ساعات عملك بل ينشأ بالأساس من المهام التي تتجنب القيام بها؛ ففي مقابلة أجراها مؤسس أمازون في قمة أكاديمية الإنجاز، قال بيزوس إن التوتر لا يتعلق بعبء العمل بقدر ما يتعلق بتجب مهام عملك، ومن خلال هذا المقال سوف نتعرف معاً إلى رؤية بيزوس للتوتر، وكيفية التعامل معه.
محتويات المقال
وفقاً لما قاله جيف بيزوس: لماذا تتفاقم مشاعر التوتر في العمل؟
يعرف جيف بيزوس التوتر بأنه إشارة تحدث حتى تنبئك بوجود مشكلة كامنة لم تحل بعد، ويضيف بيزوس أن التوتر ينشأ في المقام الأول من عدم اتخاذ إجراء بشأن أمر يمكنك التحكم فيه إلى حد ماP بمعنى آخر، ليس العمل نفسه هو ما يرهقك، بل الأمور التي تعلم أنه يجب عليك التعامل معها ولكنك لم تفعل ذلك بعد.
وقدم بيزوس بعض الأمثلة البسيطة: مثل إجراء تلك المكالمة الهاتفية الأولى، أو إرسال البريد الإلكتروني الذي كنت تؤجله، أو بدء المحادثة التي كنت تتجنبها. وشرح بيزوس أن اتخاذ خطوة صغيرة نحو حل مشكلة ما يمكن أن يخفف التوتر على نحو كبير، حتى قبل حل المشكلة تماماً.
ويؤكد بيزوس أن العمل الجاد لا يؤدي إلى التوتر، لأنك قد تكون عاطلاً عن العمل ومع ذلك تحس بالتوتر والقلق، وأوضح أن الفرق يكمن في التحكم؛ فعندما تأخذ زمام القيادة في حياتك وتؤدي دوراً فعالاً من أجل حل مشكلاتك والتعامل مع مهامك عبر اتخاذ خطوات حقيقية، وقتها ستقل احتمالية إصابتك بالتوتر.
اقرأ أيضاً: 7 خطوات للتغلب على التوتر المزمن في العمل
ما هي وجهة نظر علم النفس فيما ذكره جيف بيزوس؟
تتوافق وجهة نظر جيف بيزوس مع علم النفسK وتحديداً فيما يطلق عليه اسم "التكيف المركز على المشكلة" ما يعني أنك تحس بالتوتر لأنك لا تتعامل مع المشكلة على نحو جذري، ولهذا يتفاقم شعورك بالتوتر، وحتى تخفف حدة هذا الشعور، حدد مصدر التوتر وتعامل معه مباشرة، وعادة ما تجدي هذه الطريقة نفعاً عندما يكون لديك مسبب توتر يمكنك تغييره، ويقع ضمن نطاق دائرة تحكمك وسيطرتك.
وحتى أحاول أن أشرح لك معنى التكيف المركز على المشكلة؛ تخيل أنك تعاني التوتر في العمل لأن لديك مشروعاً متأخراً ويجب تسليمه في أقرب وقت ممكن، وما زال أمامك الكثير من العمل الذي يجب القيام به، في هذا الموقف إذا لجأت إلى التكيف المركز على المشكلة سوف تتوجه فوراً إلى مديرك في العمل وتطلب المزيد من الوقت أو تطلب المساعدة من زميل لك في الفريق.
وهناك طريقة أخرى للتكيف مع التوتر، ويطلق عليها اسم التكيف المركز على المشاعر، في هذه الحالة أنت تحاول تهدئة مشاعرك ولا تتعامل مع سبب التوتر. على سبيل المثال، في حالة المشكلة السابقة، سوف تلجأ إلى تمارين التنفس العميق، من أجل تهدئة مشاعر التوتر عوضاً عن التحدث إلى مديرك، ويمكن القول إن التكيف المركز على المشكلة له العديد من الفوائد، منها على سبيل المثال:
- تخفيف مشاعر القلق والتوتر، وذلك لأن هذا التكيف يعالج السبب الجذري للمشكلة مباشرة.
- الشعور بالسيطرة والتمكين وزيادة الإنتاجية في العمل، لأنك لا تضيع الوقت في التسويف والتأجيل بل تحاول معالجة السبب الجذري للتحديات التي تواجهك في العمل.
- تعزيز النمو الشخصي وتنمية المهارات. على سبيل المثال، يمكنك تطوير مهارة حل النزاعات إذا كان مسبب التوتر لديك يتضمن مواجهة شخص آخر، علاوة على ذلك، فإن التكيف المركز على المشكلة يعلمك بعض المهارات المهمة الأخرى مثل، إدارة الوقت، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن يصيبك تفانيك الزائد في العمل بالاكتئاب والتوتر؟
كيف تتعامل مع التوتر على طريقة جيف بيزوس؟
يوضح جيف بيزوس أن التوتر يحدث من تجاهل المشاكل وتأجيل اتخاذ القرارات، وحتى تتعامل مع تفاقم توترك في العمل، اتبع النصائح التالية:
- حدد المشكلة التي تسبب لك الشعور بالتوتر، قد تكون مشكلة متعلقة بالعمل، أو مشكلة شخصية، أو أي شيء آخر.
- قيم قدرتك على التحكم، واسأل نفسك، ما هي الأمور التي تقع ضمن نطاق سيطرتك، ثم تعرف إلى الأمور الخارجة عن نطاق تحكمك، بعدها ركز على الجوانب التي تقع ضمن نطاق تحكمك، ولا تقلق بشأن الأمور الخارجة عن سيطرتك.
- اتخذ خطوة صغيرة ولا تنتظر حتى تجد الحل الكامل؛ ابدأ فوراً في خطوتك الأولى سواء كانت مكالمة هاتفية، أم رسالة بريد إلكتروني، أم حتى مقابلة مديرك في العمل حتى تخبره بالمشكلة التي تواجهك.
- ضع خطة عمل تدريجية من أجل حل المشكلة، بمعنى آخر، قسم المشكلة الكبرى إلى أجزاء صغيرة قابلة للتنفيذ، وبمجرد البدء بأول جزء من الحل سوف يخف شعورك بالتوتر.
- حافظ على الانضباط الذاتي، وراجع تقدمك بانتظام وعدل خطتك حسب الحاجة، ومع مرور الوقت، كلما تدربت على معالجة مسببات التوتر مبكراً، قلت وتيرة تراكمها.
- وازن بين بذل الجهد والراحة، وتأكد أن العمل الجاد لا يسبب الإرهاق، وعلى الرغم من ذلك، عليك أن ترتاح حتى تتمكن من مواصلة ذلك العمل، وفي هذا السياق يحذر استشاري الطب النفسي، عبد الله الغانمي، من العمل في أثناء الإجازة، فالأشخاص الذين لا ينفصلون عن العمل في عطلاتهم ترتفع لديهم مستويات هرمون الكورتيزول، ويزداد خطر الاحتراق النفسي، ويضيف الغانمي أن الراحة ليست كسلاً بل علاجاً للجهاز العصبي.
اقرأ أيضاً: متوتر في العمل؟ لعل ما ينقصك هو كلمة تقدير!
ختاماً، تعلمك وجهة نظر جيف بيزوس حول التوتر أن السيطرة واتخاذ الإجراءات أمران أساسيان لإدارة التوتر بفعالية؛ فمن خلال معالجة المشكلات مباشرة والعمل على إيجاد حلول لها، يمكنك تخفيف مشاعر التوتر والضغط النفسي المصاحبة للمشكلات التي لم تحل، وسواء كان الأمر تحدياً في العمل، أم معضلة شخصية مثل علاقة مؤذية، أم أي مسبب ضغط آخر، فإن المفتاح يكمن في التعامل الفعال مع السبب الجذري للمشكلة واتخاذ خطوات لحلها. إذ يمكن لهذا النهج الاستباقي أن يؤدي إلى حياة أكثر إرضاءً وأقل توتراً.