نسمع الكثير من الحكايات الرومانسية عن تحول الصداقة إلى حب، وقد شهدت خلال حياتي العديد من الصداقات التي تحولت إلى علاقة حب، سواء في الحياة الواقعية أو في الأعمال الدرامية والروائية؛ لكن ماذا عن العكس؟ هل يمكن أن يتحول الحب إلى صداقة؟ الحقيقة أن إجابة هذا السؤال ليست سهلة، وفي وقت مبكر من حياتي كنت أظن أن هذه الفكرة براقة وباعثة على الأمل، فتحول المحبين إلى أصدقاء يعني أنهم لن يهدموا ما بينهم بسهولة مع وعد بأن الاتصال سيستمر حتى بعد انقطاع الرومانسية والحميمية؛ لكن هل هذا الأمر ممكن؟ هل يمكن أن يتحول الحب إلى صداقة؟ الإجابة في هذا المقال.
محتويات المقال
الحب والصداقة: ما هي العناصر المشتركة بينهما؟
يؤكد أستاذ علم النفس، كيث ديفيس (Keith Davis)، إن الصداقات الصحية تحتوي عدة عناصر مهمة؛ وهي الاستماع والقبول والثقة والاحترام والتفاهم. ويساعد الأصدقاء الحقيقيون بعضهم بعضاً، علاوة على أنهم يتسمون بالعفوية والأصالة عند التواصل، ويمكن أن تصبح هذه العناصر نفسها أساساً لعلاقة حب دائمة. وحتى تتطور الصداقة الصحية إلى علاقة حب، يجب أن يكون هناك شغف ومستوىً خاص من الرعاية يحول هذا الشخص تحديداً إلى شريك حياة.
وعلاقات الحب التي تُبنى على صداقات تكون قوية مع مرور الوقت ولديها أساس متين؛ فالأزواج الذين كانوا أصدقاء قبل الزواج يفهم بعضهم بعضاً ولديهم قدرة عالية على التواصل بطريقة صحية في أثناء الاختلافات، فكل من الصداقة والحب يُبنى على الاحترام المتبادل.
إلى جانب أن الصداقة الحقيقية تترافق مع التراحم والأمن العاطفي، فالأصدقاء الحقيقيون يساعدوننا عندما نحتاج إليهم، ويشاركوننا الأفراح والأحزان على حد سواء؛ ما يجعل رحلة الحياة أسهل قليلاً بدعمهم وتفهمهم، وحتى تنمو الصداقة فإنها تحتاج إلى الثقة والأمان الكافي والوقت الطويل، وهذا يحدث أيضاً في علاقات الحب؛ لكن ما يميز العلاقات الرومانسية عن الصداقة هو الرغبة العميقة في التقارب والحميمية.
اقرأ أيضاً: كيف تفرق بين الحب الحقيقي والحب العابر؟
3 علامات لتحول الصداقة إلى علاقة حب
العلاقات الإنسانية معقدة، فقد تكون في علاقة صداقة مع أحدهم ثم تتحول إلى حب دون أن تدرك، وليس من السهل أبداً معرفة متى يبدأ الأمر، ففي أغلب الأحيان إنه يتسلل ببطء لنجد بعد ذلك شرارة الحب تشتعل في قلوبنا، وهذه أهم علامات تحول الصداقة إلى حب:
- تفكر في الطرف الآخر طوال الوقت: عندما تفكر في الطرف الآخر طوال الوقت فأنت غالباً واقع في حبه، والتفكير هنا يعني أن عقلك مستهلَك ولا تستطيع التركيز على شيء آخر، وتشعر أنك تفتقده حين لا تراه أمامك، وفور أن تقابله تتسارع دقات قلبك.
- ترغب في إجراء الكثير من الأحاديث معه: هناك فرق بين صديقك وبين شخص تحبه؛ في علاقة الصداقة أنت غير مضطر لإخبار صديقك بكل ما تشعر به؛ ولكن حين يتعلق الأمر بالحب سوف تجد نفسك تتحدث باستمرار مع الطرف الآخر وتجري محادثات عميقة معه.
- تحب قضاء المزيد من الوقت بصحبته: جميعنا يشعر بالراحة بصحبة الأصدقاء؛ ولكن هناك إحساس بالراحة العميقة يحدث فقط في حالة الحب؛ هذا الشعور بالراحة سيجعلك تحب قضاء الكثير من الوقت بصحبة الطرف الآخر، علاوة على أنك سوف تكون على طبيعتك معه وستفعل كل ما يلزم حتى تجعله سعيداً، وسيصبح محور اهتمامك في الحياة، وحين يغيب ستحس بالفراغ العميق.
لماذا قد يستحيل تحول الحب إلى علاقة صداقة؟
تؤكد أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة عين شمس، سامية خضر، إنه من الصعب أن يتحول الحب إلى صداقة، خاصة في المجتمعات الشرقية؛ وذلك لأن العلاقة العاطفية عندما تفشل يتحول إحساس الحب إلى شعور بالإحباط واليأس. وإلى جانب ذلك، قد يستحيل تحول الحب إلى صداقة للأسباب التالية:
- قد تعاود المشاعر الظهور مرة أخرى: إذا كنت قد انفصلت مؤخراً فإن فكرة تحويل الحب إلى صداقة مع شريك حياتك السابق ليست جيدة أبداً وستؤدي إلى الكثير من الضرر ولن تنفعك أبداً، علاوة على أنها ستبطئ عملية المضي قدماً لأنك لا تزال تتعامل مع الكثير من المشاعر التي قد تعاود الظهور مرة أخرى.
- سوف تشعر بالغضب والاكتئاب: عندما تسعى جاهداً إلى البقاء بقرب شخص تحبه، ربما تنسى شيئاً مهماً؛ وهو أن صداقتك مع هذا الشخص ستُشعرك بالغضب والاكتئاب والاستياء؛ وذلك لأنك في بعض الأوقات ستشعر بالراحة والرضا وفي أوقات أخرى سوف تنتابك حالات مزاجية اكتئابية مروعة.
وإلى جانب ذلك، ربما تشعر بتدني الذات، وستقضي الكثير من وقتك في التركيز المفرط على لغة جسدك وأنماط كلامك، وتحاول بشدة البقاء ضمن حدود الصداقة التي تحاول الحفاظ عليها، وقد ينتابك الشعور بالاكتئاب إذا رأيت حبيبك السابق وقد انخرط في علاقة جديدة وتجاوزك تماماً. حينذاك، قد تشعر أيضاً بالغيرة.
- يمكن أن تؤدي الصداقة إلى الأمل في عودة الحب مرة أخرى: تخيل أنك انفصلت مؤخراً وشعرت بالرغبة في تحويل الحب إلى صداقة. على سبيل المثال؛ قررت الخروج بصحبة شريكة حياتك السابقة وتناولت القهوة معها، ووقتها يمكن أن تختلط الأمور، فمن ناحية، سوف تستعيدون ذكريات الحب بينكما. ومن ناحية أخرى، سوف تجعلها تشعر بالارتباك، وربما بالأمل الزائف في إمكانية عودة الحب بينكما مرة أخرى.
- ستمنعك الصداقة من اكتشاف فرص الإرتباط: إن وجودك بالقرب من شريك حياتك السابق سيمنعك من مقابلة أشخاص آخرين، ومن المحتمل أن ترفض شريكاً مثالياً لمجرد أنك لا تزال متمسكاً بمشاعرك القديمة. وقتها، سوف تواجه مشاعر مختلطة من شأنها أن تجعل المضي قدماً أكثر صعوبة بالنسبة إليك.
اقرأ أيضاً: 5 إشارات تدلك إلى الحب الحقيقي
متى يمكن أن يتحول الحب إلى صداقة؟
ثمة فكرة تلقي بظلالها في عالم العلاقات مفادها أن الانفصال يجب أن يكون ودياً ومتحضراً، وحتى يحقق هذا الشرط، يجب أن تتحول علاقة الحب إلى صداقة؛ ولكن هل ينجح هذا الأمر؟ في أغلب الأحوال لا، ومع ذلك ثمة اعتبارات يجب أن نأخذها في الحسبان ومن بعدها قد يتحول الحب إلى صداقة؛ وهذه الاعتبارات هي:
- طريقة انتهاء العلاقة: فكرة تحويل الحب إلى صداقة تعتمد اعتماداً كبيراً على طريقة انتهاء العلاقة، وإذا ما انتهت بطريقة ودية أم أن أحدكما صب غضبه على الطرف الآخر، ففي هذه الحالة، يصعب تحويل الحب إلى صداقة لأن ذلك الألم لن يتلاشى بسهولة. على الجانب الآخر، لا يمكن أن يتحول الحب إلى صداقة إذا إذا كان سبب الانفصال مؤلماً مثل التعرض إلى الخيانة أو سوء المعاملة؛ أما إذا انتهت العلاقة ودياُ فيمكن أن يتحول الشريكان إلى أصدقاء بمرور الوقت.
- مرور الوقت: لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنفصل عن شريك حياتك اليوم وتقرر في اليوم التالي أن تصبح صديقاً له، فهذا الأمر غير واقعي وغير صحي؛ اترك له بعض المساحة والوقت حتى يشفى ويمضي قدماً، وبعد فترة طويلة، ربما يمكنك أن تعيد حبال التواصل مرة أخرى مع وضع الحدود الصحية.
- تجاوز علاقة الحب بينكما: يمكن أن يتحول الحب إلى صداقة إذا تجاوز الطرفان علاقة الحب بينهما وتلاشت المشاعر تماماً ولم يعد هناك انجذاب بين الطرفين، ففي هذه الحالة، قد يتحول الحب إلى صداقة، وهناك بعض العلامات التي يمكن أن تخبرك أنك تجاوزك حبيبك السابق ويمكنك المضي قدماً في فكرة الصداقة، هذه العلامات هي:
- لا توجد توقعات على الإطلاق منه.
- حين تجد الأنشطة المشتركة مملة للغاية.
- لا يوجد شعور بالشراكة بينكما.
- أنت غير متأكد من مشاعرك تجاهه.
- إذا وجدت نفسك غير مهتم بالتواصل معه تواصلاً منتظماً.
4 نصائح للتواصل الصحي بعد تحول الحب إلى صداقة
العلاقات جميعها، سواء كانت صداقة أو علاقات رومانسية أو حتى زمالة عمل، تحتاج إلى تواصل صحي. وفيما يخص تحول الحب إلى صداقة، فإن التواصل الصحي مطلوب أكثر لأن الأمر لا يقتصر على تجاوز الجانب الرومانسي؛ ولكنه يمتد ليشمل إعادة تعرف الطرفين إلى بعضهما باعتبارهما أصدقاء، وقد تكون ثمة عقبات في أثناء اجتياز هذه المرحلة؛ لكن يمكن جعلها أقل صعوبة باتباع هذه النصائح:
- لا تتعجل وانتظر حتى تهدأ مشاعرك: امنح نفسك وقتاً كافياً للحزن على الانفصال؛ ركز على هواياتك واقضِ الوقت مع الأصدقاء والعائلة، وحافظ على بعض المساحة ولا تبقَ على اتصال مع شريكك السابق بعد الانفصال مباشرة.
- اجعل المحادثة قصيرة عندما تلتقيان: تجنب الحديث تماماً عن أخبارك الجديدة، سواء التي تخص العمل أو علاقاتك الاجتماعية. لا تطرح الأسئلة، ولا تتحدث عن علاقتكما السابقة، وحين تلتقيان اجتمعا في الأماكن العامة مع أصدقاء مشتركين، ولا تذهبا إلى الأماكن التي جمعتكما في السابق.
- لا تقتحم حدوده الشخصية: بعد أن تنفصل عن شريك حياتك السابق، لا تتابع أخباره على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا تترصده، ولا تسأل عنه الأصدقاء المشتركين، وتذكر أن وضع حدود واضحة وإعطاء مساحة كافية سيساعدان على تكوين صداقة صحية.
- انتبه إلى ما تقوله لشريكك السابق: يمكنك أن تكون لطيفاً مع شريكك السابق؛ ولكن تجنب إبداء أي نوع من أنواع الإعجاب. على سبيل المثال؛ إذا خرجتما معاً لا تمدح هيئته ولا طريقة الملبس، ولا تبالغ في المزاح.