7 إرشادات تساعدك على تحفيز العصب المبهم لتخفيف توترك

9 دقائق
العصب المبهم
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

هل سألت نفسك من قبل كيف يتفاعل دماغك وجسمك مع تحديات الحياة الصعبة أو المواقف المرهقة؟ دعني أخبرك ماذا يحدث في تلك المواقف: خلال أوقات التوتر والقلق، يبدأ جهازك العصبي الودي بدق ناقوس الخطر في أنحاء جسمك جميعها مُنذراً بوجود خطر ما وضرورة الاستعداد للتعامل مع هذا الخطر، حينذاك، يدخل دماغك وجسدك في وضعية القتال أو الهروب أو التجمد، وعندما تمّر مرحلة الخطر أو الحدث الذي أثار خوفك وقلقك، يُرسل دماغك إشارات عبر العصب المبهم لتخفيف التوتر، فما هو العصب المبهم؟ وما علاقته بالقلق والتوتر؟ الإجابة عبر هذا المقال.

ما هو العصب المبهم (Vagus Nerve)؟

يمكن القول إن الجهاز العصبي اللاإرادي (ANS) هو نظام داخل جسمك مسؤول عن التنظيم العاطفي والاستجابة للخوف والتواصل الاجتماعي، وهذا الجهاز يتكون من:

  1. الجهاز العصبي الودي الذي يُحفز استجابة القتال والهروب أو التجمد عند وجود خطر أو تهديد. 
  2. الجهاز العصبي الباراسمبثاوي الذي يساعدك على الراحة بعد زوال الخطر أو التهديد.

ويشكل العصب المبهم جزءاً كبيراً من الجهاز العصبي الباراسمبثاوي، وهو الذي يتحكم في الهضم ومعدل ضربات القلب وضغط الدم، وهو مسؤول عن تهدئة جسمك عند الشعور بالتوتر. وينشأ العصب المبهم من جذع الدماغ ويمتد إلى أسفل الرقبة والصدر والبطن والحوض، كما يتصل بالقلب والرئتين والكبد والمعدة والبنكرياس والأمعاء الدقيقة والأمعاء الغليظة.

 ويؤثر العصب المبهم تأثيراً كبيراً في المشاعر، حيث يساعدك على تنظيم استجابات التوتر وذلك من خلال إرسال إشارات إلى المخ لتعطيل استجابة القتال والهروب، ما يعني أن العصب المبهم هو الذي يحاول حث جسمك على الدخول في حالة الاسترخاء. 

اقرأ أيضاً: كيف تخفف القلق والتوتر؟ 7 إرشادات عملية تساعدك

كيف يؤثر القلق والتوتر في العصب المبهم؟

تخيل معي التالي: أنت تعيش في عصر قديم للغاية، وفي أثناء سيرك في الغابة ينقضّ عليك نمر محاولاً افتراسك. وقتذاك، سوف يُفعّل جهازك العصبي الودي نشاطه ويُفرز جسمك الأدرينالين والكورتيزول والنورإبينفرين حتى تكون مستعداً لمواجهة النمر، حيث يزيد الأدرينالين معدل ضربات القلب وضغط الدم، فيما يُسبب النورإبينفرين توسع حدقة العين ويُحفز الجهاز العصبي المركزي. بعد أن تنجو من النمر، يرسل العصب المبهم إشارات للجسم حتى يخبرها بأنك أصبحت في أمان، ومن ثم يسمح لك بالاسترخاء.

 والآن هيا عُد معي إلى عصرنا الحديث، وتخيّل أنك عالق في زحمة مرورية وسوف تتأخر عن العمل، الحقيقة هي أن الجهاز العصبي الودي سوف يُفعّل الاستجابة نفسها حتى لو كان التهديد ليس خطيراً، وهنا يأتي دور العصب المبهم الذي سيحاول تهدئة جسمك وتقليل حدة التوتر والقلق.

 وعلى عكس النمر الذي سيتركك باقي اليوم تعيش حياتك، فإن أحداث الحياة الحالية قد تغمرك بالتوتر وتجعلك في قلق دائم. ومع مرور الوقت، عندما تتكرر تحديات الحياة والمواقف الصعبة أو تستمر فترة طويلة، يتعرض العصب المبهم للإجهاد نتيجة استخدامه باستمرار ومن ثم يصبح غير قادر على مساعدة الجسم، وقد يتوقف العصب المبهم عن العمل على نحو صحيح، ما يؤدي إلى اختلال في تنظيم الجهاز العصبي، ويؤثر تأثيراً سلبياً في الدماغ والجهاز المناعي والهرموني.

بمعنى آخر، يمكن أن يؤدي القلق والتوتر المستمر إلى التهاب العصب المبهم، وهذا الأمر يشبه أن تكون فرامل عقلك معطلة، وأنت تعيش في حالة طوارئ لا نهاية لها، وإلى جانب ذلك هناك بعض التأثيرات الأخرى، منها على سبيل المثال:

  1. ارتفاع ضغط الدم. 
  2. تحويل الدم بعيداً عن الجهاز الهضمي من أجل تغذية العضلات اللازمة للتعامل مع استجابة القتال أو الهروب وهذا قد يسبب اضطرابات معوية طويلة الأمد.
  3. زيادة الالتهاب. 
  4. الإصابة بالاكتئاب. 
  5. نوبات الهلع.
  6. الألم العضلي الليفي.
  7. صعوبة البلع.
  8. الانتفاخ.
  9. الغثيان.
  10. القيء.
  11. الإمساك.
  12. الإسهال.
  13. حرقة المعدة.

هذا بالإضافة إلى أن التهاب العصب المبهم يؤثر في الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية والجهاز الهضمي والجهاز العضلي الهيكلي، ويمكن أن يؤثر في الذاكرة، وتنظيم العواطف، والتمثيل الغذائي، وجودة النوم، كما يمكن أن يُسبب الحساسية، والربو، وأمراض الجلد، والتعب المزمن، ومتلازمة القولون العصبي، والصداع النصفي.

وعلى الجانب الآخر، فإن التنشيط المزمن للجهاز العصبي الودي الذي يحدث بسبب القلق والتوتر الدائم يؤدي إلى انخفاض تدفق الدم إلى الدماغ، ما يُصعّب التفكير بوضوح وفعالية، وفي هذه الحالة يحاول العصب المبهم تهدئة جسمك وإخباره بأن الخطر ليس حقيقياً، ولكن إشاراته لا تصل إلى وجهتها بكفاءة.

اقرأ أيضاً: تعرف إلى أحدث أنواع القلق الناتجة عن أسلوب حياتنا المعاصرة

7 إرشادات تساعدك على تحفيز العصب المبهم من أجل تخفيف التوتر والقلق

تشرح المختصة النفسية، تريسي فريمان فالنتاين (Tracye Freeman Valentine)، أن تحفيز العصب المبهم يساعد على استعادة توازن الجسم بعد التعرض للتوتر، ما يعني أنه كلما زادت صحة العصب المبهم، تحسّنت صحتك النفسية والجسدية وأصبحت قادراً على التنظيم العاطفي. وحتى تُحفّز عصبك المبهم اتبع الإرشادات التالية: 

مارس اليقظة الذهنية مع تمارين التنفس العميق

تتضمن ممارسة اليقظة الذهنية التركيز على اللحظة الحالية دون إصدار أحكام، فقط راقب الأفكار والمشاعر التي تطرأ عليك ولا تحكم عليها بخير أو بشرّ، بعد ذلك ادمج هذه الممارسة مع تمرين تنفس عميق بهدف زيادة كمية الأوكسجين المتدفقة عبر جسمك وإلى دماغك. على سبيل المثال، تنفس ببطء من أنفك مدة 5 ثوانٍ، ثم ازفر من أنفك أو فمك مدة 5 ثوانٍ أخرى، ثم انتظر 5 ثوانٍ، بعدها كرر هذه الخطوات أربع مرات أخرى.

استمع إلى الموسيقا

يمكن القول إن الموسيقا تحفّز العصب المبهم، وهذا ما يفسر شعور الأشخاص الذين يستمعون إلى الموسيقا بالهدوء، لهذا جرب الاستماع إلى موسيقا هادئة في أثناء المشي أو الطبخ، وقتها سوف تحس ببعض الهدوء وخاصة أن القلق غالباً ما ينبع من شعورك بعدم القدرة على التحكم في بيئتك.

خصص وقتاً لنفسك 

إلى جانب أداء مهام عملك اليومية، حاول الاعتناء بنفسك وخصص بعض الوقت كل يوم للاسترخاء والراحة، على سبيل المثال، يمكنك قراءة كتاب، أو مشاهدة التلفزيون، أو اللعب، أو الخروج من أجل مقابلة أحد أصدقائك، اختر أي نشاط تحبه أو مارس هوايتك المفضلة، المهم هو إيجاد طريقة تضمن لك الاعتناء بنفسك.

وفي هذا السياق، يؤكد استشاري الطب النفسي، محمد اليوسف، أن العناية بنفسك تبدأ من العناية بصحتك النفسية، ولذلك ينصح اليوسف بضرورة ممارسة التنفس العميق 3 مرات يومياً، هذا إلى جانب ممارسة رياضة المشي والتفكير الإيجابي.

احصل على قسط كافٍ من النوم 

يُسبّب الحرمان من النوم ارتفاع هرمونات التوتر، ما يزيد قلقك ويصيبك بالتوتر، لذلك احرص على الحصول على 7 إلى 9 ساعات من النوم المتواصل كل ليلة، وإذا كنت تُعاني صعوبة في النوم، جرّب الابتعاد عن هاتفك حتى تعزز إفراز هرمون الميلاتونين، وحافظ على غرفتك باردة ومظلمة وهادئة.

تناول الأطعمة الصحية 

يمر العصب المبهم بجوار الجهاز الهضمي، لذا فإن تناول وجبات مُتوازنة يُساعد على تقليل القلق لأنها أسهل في الهضم، ومن ثم، عليك تناوُل وجبات متوازنة غنية بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة واللحوم الخالية من الدهون والأسماك والمكسرات والبذور والبقوليات وذلك حتى تحافظ على طاقتك واستقرار حالتك المزاجية، وحاول قدر الإمكان تجنّب الأطعمة المُصنّعة والوجبات السريعة.

تعرّض لأشعة الشمس في الصباح 

يُمكن أن يُعزّز التعرّض للضوء الساطع في الصباح إنتاج السيروتونين ويُخفّض مستويات الكورتيزول، علاوة على ذلك، يُساعد ضوء الشمس على تنظيم الساعة البيولوجية، التي تُنظّم دورات نومك.

مارس التمارين الرياضية 

تزيد الرياضة عدد الأوعية الدموية التي تغذي دماغك، وتحفز تطوير مسارات تفكير جديدة، وتعزز الاتصال بين خلايا الدماغ، وتحفز العصب المبهم، بالإضافة إلى ذلك، فإن ممارسة الرياضة قد تعمل بكفاءة الأدوية نفسها في التغلب على حالات الاكتئاب.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: التمارين الرياضية تستطيع معالجة الاكتئاب بفعالية الدواء نفسها!

المحتوى محمي