ملخص: الشك الذاتي هو نقص في تقدير الذات والثقة بالنفس، وعادة ما يتطور هذا السلوك المكتسب منذ مرحلة الطفولة وحتى الكبر، في البداية يأتي من توبيخ الوالدين ثم التعرض إلى النقد المستمر من الآخرين، ويؤثر الشك الذاتي تأثيراً سلبياً في حياة الأفراد حيث يمنعهم من تحقيق أحلامهم، وإليكم في هذا المقال طرائق التغلب على الشك الذاتي.
محتويات المقال
"إن شكوكنا خائنة، فهي تجعلنا نخسر الخير الذي كنا سنجنيه لولا خوفنا من المحاولة".
الكاتب المسرحي ويليام شكسبير
هل شعرت من قبل أنك لست جيداً بما يكفي؟ هل تراودك تلك الأفكار التي تهمس داخل رأسك بأنك لا تملك الخبرة الكافية لمواجهة التحديات والفرص والمسؤوليات الجديدة؟ هل تسأل الآخرين باستمرار عن رأيهم فيما تفعله حتى تتأكد أنك تؤدي عملك بجدية؟ كم مرة شككت في نفسك قبل عرضك التقديمي أو اختبارك الدراسي؟
الحقيقة أننا جميعاً نختبر مشاعر الشك الذاتي من وقت إلى آخر سواء كنا نبدأ وظيفة جديدة أو نجري اختباراً، ويمكن أن يكون مستوى معين من النقد الذاتي مصدراً جيداً للتحفيز؛ لكن الكثير من الشك الذاتي يمكن أن يعرقلك ويمنعك من الأداء الجيد والوصول إلى تحقيق أحلامك، فما الذي يجعل البعض لا يثقون في قدراتهم؟ وكيف يتغلبون على ذلك؟ الإجابة يقدمها هذا المقال.
ما الشك الذاتي؟
يشير الشك الذاتي إلى حالة من مشاعر عدم اليقين بشأن جانب أو أكثر من جوانب ذاتك، يمكن أن يتعلق الأمر بأفكارك أو معتقداتك أو عواطفك أو آرائك أو قراراتك أو وجهات نظرك الذاتية أو أدائك في العمل، وعادة ما يتطور الشك الذاتي خلال تجارب الطفولة السيئة بداية من الوالدين ومروراً بآراء الآخرين والنقد المستمر والتنمر، وحتى الحماية المفرطة يمكن أن تؤدي إلى الشك الذاتي، ومع التقدم في السن يصبح الشك في ذاتك جزءاً من صوتك الداخلي الخاص.
تعرف إلى أعراض الشك الذاتي
تؤكد المعالجة النفسية راشيل إدينز (Rachel Eddins) إن مشكلة الشك الذاتي أنه يمنع الأفراد من التعبير عن ذواتهم الحقيقية وذلك مقابل الحصول على تأييد الآخرين، وتضيف إدينز أن الجميع يعاني من الشك الذاتي إنه أحد أكثر المخاوف شيوعاً في عيادتها الخاصة، ويظهر الشك الذاتي على هيئة صور مختلفة وعادة ما يتجسد في الأعراض التالية:
- الشعور بعدم القيمة وفقدان الأمان.
- تجنب المخاطرة.
- الحديث الذاتي السلبي المستمر.
- الخوف من الفشل وارتكاب الأخطاء.
- مقارنة نفسك بالآخرين.
- الخوف الشديد من التعرض إلى النقد.
- إرضاء الآخرين على حساب نفسك.
- الحاجة الماسة إلى موافقة الآخرين.
- التردد المستمر.
- عدم القدرة على الاعتراف بالإنجازات والاحتفال بها.
- صعوبة قبول المجاملات أو التعليقات الإيجابية.
- التقليل من نقاط قوتك ومواهبك الشخصية.
اقرأ أيضاً: ما متلازمة المحتال وكيف تتغلب عليها؟
ما أسباب الشعور بالشك الذاتي؟
إذا كنت تعاني الشعور بالشك الذاتي، فمن المهم للغاية أن تأخذ خطوة إلى الوراء حتى تتعرف إلى أسبابه ومن ثم يمكنك التغلب عليه، وهذه أهم أسباب الإحساس بالشك الذاتي:
- تجارب الطفولة السيئة: بيئة طفولتك لها تأثير كبير في سلوكياتك وشخصيتك؛ لنفترض أنك نشأت على يد والدين كانا يعاقبانك عند اقتراف أي خطأ، أو التحقت بمدارس كانت تبالغ في التركيز على الأداء الأكاديمي، في هذه الحالة ستترسخ بداخلك عادة الشك الذاتي، فنشأتك في بيئة غير صحية قد تجعلك حذراً وخائفاً تفتقر إلى الثقة بالنفس ومن ثم قد تشك في ذاتك دائماً.
- المقارنات مع الآخرين: من الطبيعي أن نقارن أنفسنا أحياناً بالآخرين لأننا نعيش في بيئة تنافسية. ربما لديك أصدقاء يحبون التباهي بحياتهم الفاخرة على إنستغرام، أو لديك زملاء يتنافسون على الترقية في مكان العمل. هذه المقارنات تجعلنا نشك في ذواتنا لأننا نظن أن حيوات الآخرين مثالية ومليئة بالنجاح في حين أننا لا نقدم أفضل أداء.
- التحديات الجديدة: يؤكد مختص الإرشاد النفسي عبدالله سافر الغامدي إن التحديات الجديدة تؤدي إلى الشك الذاتي؛ لأننا لا نملك فكرة مسبقة أو خبرة للتعامل معها.
- صوت ناقدك الداخلي القاسي: في بعض الأحيان، يكون صوت ناقدك الداخلي محفزاً لك لأنه يحثك على العمل بجدية أكبر؛ لكن انتقاد نفسك على نحو متكرر يضر أكثر مما ينفع حيث يجعلك خائفاً من الإقدام على أي تجربة جديدة.
3 أشكال للشك الذاتي
الشك الذاتي هو معركة داخلية عادة ما تجعلك تشك في إنجازاتك وتقلل من إمكانياتك وكفاءتك الذاتية، وإليك صور الشك الذاتي والطرائق المتعددة التي يظهر من خلالها:
- متلازمة المحتال: هي تشويه معرفي وحالة من الشعور بالشك في النجاحات التي يحققها الفرد؛ حيث يحس بأنه لا يستحق هذا النجاح على الرغم من أدائه الجيد، وغالباً ما تؤدي هذه الحالة إلى شعور الأشخاص بأنهم "محتالون" أو "زائفون" ويشككون في قدراتهم.
- التخريب الذاتي: ويحدث عندما يتعمد الأشخاص فعل أشياء تعوق نجاحهم أو تمنعهم من تحقيق أهدافهم، ويمكن أن يحدث التخريب الذاتي بوعي أو دون وعي وعادة ما يؤثر على نحو سلبي في نجاحنا الشخصي والمهني.
- الكمالية: حين تشعر بالشك الذاتي فإنك تميل إلى الكمالية والإنجاز الزائد حتى تساعد على منع الأخطاء والفشل، وعلى الرغم من أنك قد تبذل قدراً هائلاً من الجهد، فإنك تظل مقتنعاً أن هذا غير كافٍ.
اقرأ أيضاً: هل تعاني من سلوكيات تدمر ذاتك؟ إليك الأسباب والعلاج
كيف يعرقل الشك الذاتي حياتك؟
يمكن أن يؤذي الشك الذاتي حياتك على نحو كبير، وإليك أهم التأثيرات السلبية له:
- يعوق اتخاذ القرارات المهمة: الشك الذاتي يعوق قدرتك على اتخاذ القرارات المهمة لأنك ستظل خائفاً من ارتكاب الأخطاء.
- يقلل من احترام الذات: حين تشك في نفسك على نحو مستمر سوف تتزعزع ثقتك في نفسك ومن ثم سيقل إحساسك بقيمتك الذاتية.
- زيادة القلق والتوتر: زيادة مخاوفك من الفشل وارتكاب الأخطاء ستؤدي إلى تفاقم القلق والتوتر لديك، كما أن الضغط الداخلي الناتج من الحاجة إلى إثبات نفسك يستنزف طاقتك النفسية والعاطفية.
- الحد من النمو الشخصي: الخوف من الفشل وارتكاب الأخطاء يمنعك من المخاطرة وخوض التجارب الجديدة. ولأنك تفترض أنك ستفشل؛ تفوتك الفرص وتقبل بأقل من طاقتك الكاملة؛ ما يعوق نموك الشخصي.
- تخريب العلاقات: الشك في نفسك يمكن أن يجعلك تنسحب من المناسبات الاجتماعية المهمة واتصالات الأصدقاء.
اقرأ أيضاً: أسوأ 5 عادات يمكنها إضعاف ثقتك بنفسك
8 إرشادات للتغلب على الشك الذاتي
ماذا يمكنك أن تفعل للتغلب على الشك الذاتي؟ قد يبدو هذا السؤال بسيطاً ولكن إجابته تحتاج إلى بعض المجهود لأنها تتضمن تغيير عقليتك وتشكيل عادات طويلة الأمد، وذلك عبر اتباع الإرشادات التالية:
- مارس التعاطف مع الذات: الشك الذاتي يعني أنك تعوق نفسك، إنه ينشأ من الخوف من ارتكاب الخطأ؛ لكن الأخطاء هي الطريقة التي ننمو بها ونحسن قدراتنا؛ ولهذا حاول قدر الإمكان ممارسة التعاطف مع الذات، انظر إلى نفسك في المرآة وقل 3 تأكيدات إيجابية في بداية كل يوم.
- لا تقارن نفسك بالآخرين: يمكن أن ينشأ الشك الذاتي عندما تقارن نفسك بأحد أفراد العائلة أو زميل أو حتى أحد المشاهير؛ ولكن عليك أن تعلم أن حياة كل شخص تختلف عن حياة الآخرين، وتفوق شخص آخر لا يعني أنه ليست لديك أي نقاط قوة، بدلاً من مقارنة نفسك بالآخرين، ركز على نفسك، فهي إحدى أفضل الطرائق للبقاء سعيداً وتحقيق أحلامك.
- أحط نفسك بالأشخاص الداعمين: إن وجودك حول الأشخاص الذين يحبطونك يمكن أن يفاقم الشك الذاتي. بعض الأشخاص لن يدعموك؛ لكن آخرين سيفعلون ذلك بالتأكيد؛ ولهذا اقضِ وقتك مع الأشخاص الذين يجعلونك تشعر بالارتياح.
- اكتب إنجازاتك اليومية: مع بداية كل يوم سجل إنجازاتك والأشياء التي تفتخر بها، لا يهم إن كانت إنجازاتك عظيمة أو بسيطة؛ سجل كل شيء، بداية من الترقية في العمل إلى غسل الأطباق. كلما تدربت على حب نفسك على نحو متكرر ويومي كان الأمر أسهل.
- تذكر إنجازاتك الماضية: هل تتذكر عندما كنت خائفاً من إنجاز شيء ما في المدرسة أو العمل ثم انتهى الأمر على ما يرام؟ حين تفكر في الإنجازات الملموسة يمكن أن يتحول أي شيء يمثل تحدياً بالنسبة إلينا إلى شيء عظيم؛ حيث يولد الكثير من الإنجازات من عدم اليقين أو الشك الأولي؛ ولهذا من المفيد أن نذكّر أنفسنا بالأوقات التي سارت فيها الأمور على ما يرام، لأن الشيء نفسه يمكن أن يحدث في الوقت الحاضر.
- حدد قيمك الذاتية: خذ وقفة مع نفسك وحدد قيمك والأشياء الأكثر أهمية بالنسبة إليك؛ ربما أنك لطيف مع الآخرين، أو أنك صديق جيد، أو أنك تسهم في شيء ذي معنى في حياتك. عندما ندرك هذه القيم وما يهمنا حقاً، فإن الخوف من انتقادات الآخرين لن يؤثر فينا، وعندما نعيش على نحو متوافق مع قيمنا، لا نشعر بالضرر عند التعرض إلى الانتقاد أو ارتكاب الأخطاء.
- تحدث مع نفسك بأسلوب إيجابي: يمكن أن ينبثق الشك الذاتي من صوتك الداخلي الناقد؛ ولهذا حاول التدرب من الآن على التحدث إلى نفسك بأسلوب إيجابي، وكن منتبهاً إلى اللغة؛ استخدم عبارات التشجيع والكلمات الإيجابية.
- اطلب المساعدة المتخصصة: إذا استمرت مشاعر الشك الذاتي إلى درجة تصعّب عليك إنجاز وظائف الحياة اليومية، فعليك في هذه الحالة طلب المساعدة من المعالج النفسي؛ حيث سيساعدك العلاج على تحسين حالتك النفسية ويمدك بالطرائق اللازمة لتخفيف مشاعر الشك.