ملخص: هناك سؤال صعب بعد حدوث الطلاق: ماذا لو استيقظت يوماً وأدركت أنه كان خطأً فادحاً وشعرت بالندم الشديد، ماذا تفعل الآن؟ حسناً، مشاعر الندم بعد الطلاق شائعة ولها العديد من الأسباب؛ لكن يوجد العديد من النصائح التي قد تساعدك على إدراتها. وهذا ما سنتحدث عنه في المقال.
وفقاً لإحصائيات منصة تحليل البيانات جيتنكس (Gitnux)؛ فإن 50% من المطلقين والمطلقات الذين شملهم أحد استطلاعات المنصة شعروا بالندم بعد الطلاق، وتزداد هذه النسبة فيما لو حدث الطلاق لأسباب ليست كبيرة؛ أي لم ينتج عن عنف الشريك أو الخيانة أو الإدمان؛ أي أسبابٌ كان من الممكن حلها لو بذل الطرفان جهداً أكبر. إذاً، من الواضح أن الندم والألم بعد الطلاق ظاهرة شائعة، فما الحل عند المرور بهذه المشاعر؟ وما الأسباب التي تؤدي إلى نشوئها من الأساس؟ هذا المقال يجيب.
اقرأ أيضاً: إشارة غير متوقعة تتنبأ بحدوث الطلاق في المستقبل
7 أسباب للندم بعد الطلاق
أسباب الندم بعد الطلاق متعددة الأوجه ومتشابكة بعمق مع الجوانب العاطفية والاجتماعية والعملية من حياة الناس، وإليك أهمها:
1. الاضطراب العاطفي
الطلاق تجربة عاطفية عميقة قد تثير مشاعر غير متوقعة ومكثفة من الحزن والغضب والقلق والشعور بالذنب والاكتئاب. يمكن أن يكون الاضطراب العاطفي كبيراً إلى درجة أن الأفراد يندمون على قراراتهم، ويشعرون أن ألم الانفصال أصعب مما كان متوقعاً. وقد اعترف نحو 45% من الأشخاص بالندم بسبب نقص الدعم العاطفي بعد الطلاق.
2. تأثير الطلاق في الأطفال
على الرغم من أن العديد من الآباء يقللون في البداية من مدى تأثير الطلاق في أطفالهم، سواء على المدى القريب أو البعيد؛ لكنهم في حال عانى أطفالهم، سواء عاطفياً أو سلوكياً أو أكاديمياً بعد الطلاق عاجلاً أو آجلاً، فسيشعرون بالندم الكبير والذنب نتيجة تسببهم بالضيق والاضطراب في حيوات أطفالهم.
ومما يسهم في شعور الندم أيضاً، خوف الأمهات بشأن مستقبل أطفالهن ورفاهيتهم دون حضور شخصية الأب، علاوة على أن فقدان التواصل المنتظم بين الأب والأطفال قد يُضعف الرابطة بينهم؛ وهو ما قد يصيبه بالحزن والندم بعد الطلاق.
اقرأ أيضاً: كيف تتجاوز صدمة ما بعد الطلاق؟
3. الوصمة الاجتماعية
المُثل والمعتقدات الاجتماعية المتعلقة بالزواج والأسرة والطلاق قد تؤثّر كثيراً في مشاعر الندم؛ لأن الضغط المجتمعي ووصمة العار قد تجعلان الأشخاص يشكّون في اختياراتهم. ووفقاً لجيتنكس؛ 38% من المطلقين يشعرون بالندم بعد الطلاق بسبب الوصمة الاجتماعية.
إذ غالباً ما ينظر إلى المطلقات باعتبارهن "مكسورات" أو يمثلن تهديداً على استقرار الزيجات الأخرى في المجتمع المحيط. وقد تواجه النساء في بعض المجتمعات صراعاً مع أسرهن بعد الطلاق؛ حيث يتجسد هذا الصراع على هيئة قيود وسيطرة عائلية مفروضة، فضلاً عن استمرار إلقاء اللوم عليهن. تسهم مثل هذه العواقب الاجتماعية في الشعور بالندم وتعوق قدرة المرأة على التأقلم مع الحياة بعد الطلاق.
لكن الوصمة الاجتماعية ليست مقتصرة على النساء فقط؛ بل قد تطال الرجال أيضاً، فوصمة العار في بعض المجتمعات تصعّب على الرجال المطلقين التحدث علناً عن معاناتهم العاطفية وشعورهم بالندم؛ لذلك من المرجح أن يعبّر الرجال عن مشاعرهم بعَدِّها ضغوطاً وليست عواطفاً، ويميلون إلى التنفيس عن ضيقهم من خلال الأفعال بدلاً من التعبير عنها لفظياً.
اقرأ أيضاً: ما هو الطلاق الصامت؟ وكيف يمكن للزوجين تجنُّبه؟
4. العواقب المالية
قد يكون الأثر الاقتصادي للطلاق كبيراً، وغالباً ما يؤدي إلى انخفاض مستوى المعيشة، فتقسيم الممتلكات ونفقات الأطفال والطلاق والتعديلات المالية الأخرى قد تخلق ضغوطاً مالية كبيرة، خصوصاً على النساء اللاتي قد يحتاج بعضهن إلى العودة إلى سوق العمل في سن متقدمة، أو قد يفتقدن أساساً إلى الاستقلال المالي أو القدرة على اختيار مكان العيش؛ ما يعزز شعورهن بالندم.
5. مشكلات العلاقة اللاحقة
قد يعتقد بعض الأشخاص أن شركاءَهم هم المصدر الوحيد لتعاستهم؛ لكنهم يكتشفون لاحقاً أن المشكلات نفسها تظهر مرة أخرى في العلاقات اللاحقة؛ ما يجعلهم يدركون، ولو متأخرين، أن المشكلات تتعلق بقضايا شخصية أكثر من الزواج في حد ذاته؛ ما يجعلهم يندمون لأن الطلاق لم يحل الصعوبات الأساسية التي يواجهونها.
6. الشعور بالوحدة
يمكن أن يكون فقدان الرفقة والحميمية مصدراً كبيراً للندم؛ إذ يفتقد الكثير من الناس الألفة والدعم من أزواجهم السابقين، خصوصاً إذا كانوا يكافحون من أجل تكوين علاقات جديدة. ومن المعروف أن للوحدة تأثيراً كبيراً في الصحة النفسية، خصوصاً فوق سن الـ 50؛ إذ تفاقم خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق، وخطر الإصابة بالخرف والوفاة المبكرة وأمراض القلب والسكتة الدماغية.
7. عدم بذل مجهود كافٍ لإنقاذ الزواج
قد يندم بعض الناس على طلاقهم في حال شعروا أنهم لم يبذلوا جهداً كافياً لإنقاذ الزواج. يمكن أن ينبع هذا الندم من عدم طلب المشورة المتخصصة، أو اتخاذ قرارات متسرعة، أو عدم بذل جهد كافٍ من أجل المصالحة.
مع مرور الوقت، قد يدركون أنه كان من المحتمل إنقاذ زواجهم بمزيد من الجهد والالتزام. فهناك 70% من الأفراد الذين ندموا على الطلاق، تمنوا لو أنهم فكروا في العلاج الزوجي قبل الطلاق؛ في حين أن 60% من الأشخاص يشيرون إلى أن مشكلات التواصل كانت العامل الرئيس الذي تمنوا لو أنهم حسنوه أكثر، وفقاً لجيتنكس.
اقرأ أيضاً: ما أهم المشكلات المتسببة في وقوع الطلاق؟ وكيف تعرف احتمالية حدوثه؟
8 نصائح لتخفيف مشاعر الندم بعد الطلاق
إن اتخاذ القرار بشأن البقاء في زواج غير مرضٍ أو إنهائه أمر شخصي جداً؛ إذ يعتمد على الظروف والقيم والأولويات الفردية، وعلى ما يعتقد الفرد أنه الأفضل له ولعائلته. لكن أياً يكن السبب الذي دفعك إلى الطلاق، ماذا تفعل إن شعرت بالندم؟ إليك بعض النصائح.
1. اعترف بمشاعرك
اعترِف بمشاعر الندم بدلاً من قمعها واقضِ بعض الوقت في التفكير فيما ندمت عليه تحديداً بعد الطلاق. فهل كان فقدان الرفقة، أو التأثير في أطفالك، أو الصعوبات المالية، أو ربما كيفية اتخاذ القرار؟ تحديد السبب الجذري لندمك يمكن أن يوفر الوضوح والتوجيه لمعالجته.
ومن المهم أيضاً أن تفكّر في الأسباب التي دفعتك إلى اتخاذ قرارك بالطلاق أساساً؛ إذ وعلى الرغم من أن التفكير في القضايا ومشكلات التي واجهتك في الزواج وأدت إلى إنهائه قد يكون أمراً كئيباً؛ فإنه قد يساعد على إعادة تأكيد القرار وإبعاد الشك الذاتي كلما اعتراك الندم مرة أخرى.
يشير المعالج النفسي، أسامة الجامع، إلى أنه في حال قررت الطلاق ووجدت نفسك تبكي بعدها فلا تلم نفسك ولا تغضب، فأنت لا تبكي على فراق شريك حياتك؛ وإنما تبكي على فقدان قيمة الزواج؛ لأنك تحترم معنى أن تكون لديك أسرة، وتفتقد روح الأسرة وعظمتها. تلك دلالة سمو روحك وجمال قيمك، فلا بأس أن تكمل بكاءَك.
اقرأ أيضاً: الطلاق ليس نهاية العالم: إليك كيفية التعامل مع تبعاته النفسية
2. فكِّر في التواصل مع شريكك السابق
إذا كان ذلك مناسباً، فكِّر في التواصل مع شريك حياتك السابق لمناقشة مشاعرك. ففي بعض الحالات، قد تكون المصالحة ممكنة؛ لكن حتى لو لم يكن الصلح ممكناً، فإن إجراء محادثة مفتوحة وصادقة قد يساعد كلا الطرفين على فهم وجهات نظر بعضهما بعضاً واختتام قصتهما على نحو أفضل. قد يكون هذا التواصل مفيداً على نحو خاص فيما إذا كان الندم نابعاً من كيفية إجراء الطلاق أو من وجود مشكلات لم تُحل.
3. ركِّز على نموك الشخصي
على الرغم من أن الطلاق مؤلم؛ فإنه قد يكون أيضاً فرصة للنمو الشخصي والتحرك نحو حياة أكثر سعادة. لذلك؛ استغل هذا الوقت لمعرفة المزيد عن نفسك وكيف يمكنك تحسين علاقاتك في المستقبل؛ وهو ما قد يشمل العمل على تعزيز مهارات التواصل والتنظيم العاطفي وفهم سلوكك في العلاقات.
اقرأ أيضاً: متي يكون على الزوجين الانفصال؟
4. امنح نفسك الوقت للشفاء
الشفاء من الطلاق عملية تتطلب الوقت والصبر. من المهم أن تسمح لنفسك بالحزن على فقدان العلاقة وأن تفهم أن المضي قدماً لا يحدث بين عشية وضحاها. لذلك؛ انخرط في ممارسات الرعاية الذاتية، وأحط نفسك بالأصدقاء والعائلة الداعمين، وتجنب التسرع في علاقات جديدة حتى تشعر أنك مستعد.
5. فكِّر في كيفية دعم أطفالك
إذا كان ندمك ناتجاً عن خوفك من تأثير الطلاق في أطفالك، ففكر في طرائق لدعمهم خلال هذه الفترة الانتقالية. تذكّر أن انفصال الزوجين لا يعني انفصال الأبوين. لذلك؛ يشرح استشاري العلاقات الأسرية، جاسم المطوع، عدة نصائح من أجل تخفيف وطأة الطلاق على الأطفال؛ أولها وأهمهما هو التنسيق بين الوالدين قبل الطلاق عن كيفية التعامل مع الأطفال من أجل ضمان أن يعيشوا بصحة وسلامة واستقرار، وثانيها هو تعليم الأطفال كيفية التعامل مع مشاعر الحزن والتعبير عنها كي لا تتحول إلى مشكلات نفسية معقدة، وثالثها هو تجنُّب ذكْر الطرف الآخر بالسوء أمام الأطفال.
6. عالج مخاوفك المالية
إذا كانت الضغوط المالية هي مشكلتك الأساسية، فقد يكون من المفيد طلب المشورة المالية؛ إذ يمكن للمستشار المالي، أو أي شخص موثوق وذي خبرة، إن لم يكن المستشار متاحاً، المساعدة على وضع خطة لإدارة النفقات والميزانية والعمل على إعادة بناء مواردك المالية على نحو فعال وتحقيق الاستقرار المالي.
اقرأ أيضاً: دراسة علمية تفسر تزايد حالات الطلاق في فصل الربيع
7. واجه الوحدة ووصمة العار
قد يساعد الانخراط في الأنشطة الاجتماعية أو الانضمام إلى مجموعات الدعم أو إعادة التواصل مع الأصدقاء القدامى، في مكافحة مشاعر الوحدة والعزلة بعد الطلاق. من المهم أيضاً أن تتحدى أي وصمة عار داخلية تتعلق بالطلاق، من خلال التركيز على الجوانب الإيجابية لحياتك الجديدة، وممارسة التعاطف مع النفس، وتحدي الأفكار السلبية الداخلية والاستعاضة عنها بأخرى واقعية وعقلانية. تذكّر أن الطلاق خيار شخصي ولا يحق للآخرين الحكم عليك بشأنه، فلكل شخص ظروفه وأسبابه الفريدة لإنهاء زواجه.
8. اطلب المساعدة المتخصصة
يمكن للمعالج النفسي أن يساعدك على معالجة المشاعر المعقدة وتقديم استراتيجيات للتعامل معها، بالإضافة إلى المساعدة على اكتشاف المشكلات الأساسية التي ربما تكون قد أسهمت في الطلاق ومشاعر الندم الحالية.
باختصار، إذا كنت تشعر بالندم بعد الطلاق، فمن الضروري الاعتراف بهذه المشاعر واستكشافها مع التركيز على النمو الشخصي. تذكّر أنه يمكن للوقت والصبر والرعاية الذاتية أن يسهموا في الشفاء والمضي قدماً، فالندم جزء طبيعي من الطلاق وغالباً ما يكون مؤقتاً أو ظرفياً.