“العمر مجرد رقم”: دليلك لتجديد شبابك

3 دقائق
العمر مجرد رقم
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: كم يبلغ عمرك؟ مهلاً، لا أعني عمرك المكتوب في أوراقك الثبوتية لكني أقصد العمر الذي تشعر بالفعل أنك تعيشه في يومك، فثمة فرق بين العمر الزمني والعمر المعرفي، ويحدد الأخير نمط حياتك وإذا ما كنت قد وصلت إلى مرحلة الشيخوخة أو ليس بعد. ويقدم لك هذا المقال الأدلة الكافية التي تؤكد لك هذا الفرق؛ كما يساعدك بإرشادات عملية عديدة لتجدد شبابك.

"العمر مجرد رقم"! قد ترى هذه المقولة مترافقة مع فيديو لِمسنٍّ يؤدي تمارين رياضية شاقة أو يجوب الكرة الأرضية لاستكشاف أنحائها المترامية، أو خبر عن حصول مسنة على شهادة جامعية بعدما بلغت من الكبر عتياً؛ ما قد يثير بداخلك تساؤلات عديدة عما يمكنك فعله عندما يتقدم بك العمر، وإذا ما كنت فعلاً ستقدر على تطبيق هذه المقولة عملياً أو ستظل سجينة في دفتر مقولاتك المفضلة!

يجيبك هذا المقال عن الأسئلة السابقة شارحاً لك الفرق بين العمر الزمني المكتوب في أوراقك الثبوتية والعمر المعرفي الذي تحيا وفقاً لتصوراته وينعكس عليك في مناحي حياتك جميعها؛ كما يقدم لك أيضاً نصائح فعالة تساعدك على تجديد شبابك.

التجربة العلمية أثبتت: عمرك = أفكارك ونشاطك

ربما يرى الكثيرون أن جملة "العمر مجرد رقم" ما هي إلا محفز يدعو الشخص إلى عدم التكاسل والاستسلام لتقدمه في العمر وما له من انعكاسات سلبية؛ لكن الواقع أن المحفزات المعنوية تؤدي دوراً موثراً يصل إلى حد تأثيرها فينا جسدياً.

وهذا ما توصلت إليه دراسات علمية عدة تتصدرها دراسة أجرتها أستاذة علم النفس بجامعة ييل الأميركية (Yale University)، بيكا ليفي (Becca Levy) استهدفت فيها أكثر من ألف شخص تجاوزت أسنّتهم الخمسين عاماً لرصد انعكاس الشيخوخة عليهم، وكانت النتيجة أن من كانت تصوراتهم إيجابية تجاه مرحلتهم العمرية عاشوا في المتوسط 7 سنوات أطول ممكن كانت تصوراتهم سلبية.

ليس هذا فحسب، ففي دراسة لاحقة أجرتها ليفي، وجدت أن كبار السن الذين يحملون في أذهانهم أفكاراً سلبية عن الشيخوخة تتأثر حاسة السمع عندهم بمعدل أسرع قدره 3 سنوات، بالمقارنة مع المسنين الذين يتعاملون بإيجابية مع شيخوختهم.

تعكس الدراستان السابقتان جانباً آخر مهماً هو أنه ثمة عمر زمني لنا يمثل عدد السنوات التي عشناها، وعمر معرفي نشعر به وينعكس على أنماط حياتنا وتعاملاتنا مع الآخرين والأنشطة التي نهوى ممارستها.

والانتباه إلى انعكاس العمر المعرفي علينا مهم للغاية؛ إذ وجدت دراسة أجرتها جامعة ساوثرن ميثوديست الأميركية (Southern Methodist University) أن المسنين أصحاب العمر المعرفي الأصغر يتمتعون بصحة أفضل ومعدل رضا أعلى عن الحياة إلى جانب نشاطهم الملحوظ.

اللافت للانتباه أن تأثير العمر المعرفي معقد إلى درجة وصوله إلى أعماق الدماغ، فقد أجرت جامعة سيول الوطنية بكوريا الجنوبية (Seoul National University) دراسة علمية اكتشف فيها الباحثون أن الأشخاص الذين شعروا بأنهم أصغر سناً اختلفت الخصائص الهيلكية لأدمغتهم؛ إذ زادت المادة الرمادية بها على الرغم من أنها تتقلص تلقائياً مع التقدم في العمر؛ كما نجح هؤلاء الأشخاص في تسجيل درجات أعلى في اختبارات قياس قدرة الذاكرة وكانوا أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب.

من أجل المزيد من الإيضاح، فالسن المعرفية تأتي أساساً من تصور الشخص عن ذاته؛ ذلك ما توصلت إليه دراسة اجرتها جامعة إكستر البريطانية (University of Exeter) أكدت أن المسنين الذين يعتبرون أنفسهم ضعفاء يستسلمون بسهولة للتوقف عن ممارسة الأنشطة مثل التمارين الرياضية؛ وهو ما يؤدي إلى دخولهم في دوامة تُضعفهم بالفعل. وبحسب أحد المشاركين في الدراسة، فإن الجسم ينصاع لما يخبره به العقل، فإذا أخبره إنه ضعيف سيزداد ضعفاً.

اقرأ أيضاً: شخصيتك قد تكون سبباً في إصابة دماغك بالشيخوخة المبكرة

5 إرشادات عملية تساعدك على تجديد شبابك

يشير الطبيب النفسي المصري نبيل القط إلى معنىً من المهم إدراكه فيما يتعلق بالشيخوخة من الناحية النفسية؛ وهو أنها تمثل الشعور الذاتي بالتقدم في السن؛ وهذا ما يجعل مواجهتها ممكنة باللجوء إلى تطبيق إرشادات عملية عديدة نقدمها لك؛ مثل:

  1. شكّل أفكارك وقناعاتك عن التقدم في العمر: مثلما استعرضنا في مقالنا؛ فإن ما نعيشه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتصوراتنا. ستكون الخطوة التأسيسية أن تنظر إلى تقدمك في العمر وشيخوختك نظرة إيجابية بعيدة عن القوالب النمطية الشائعة التي ترى أنها مرحلة يقضي فيها الشخص آخر أيامه ينتظر الموت.
  2. اغمر نفسك بالتفاؤل تجاه مستقبلك: تسهم نظرتنا إلى الحياة في تحديد المشاعر التي نعيشها. لذا؛ حاول قدر الإمكان ألا تخاف مما هو آتٍ وانظر إليه بتفاؤل ولا تقيد ذاتك بمخاوف تسرق منك عمرك.
  3. نقِّ عقلك من السموم الرقمية: بما أننا أصبحنا نعيش في عصر تزاحمنا فيه منصات التواصل الاجتماعي، سيكون مهماً بين الحين والآخر أن تنقي ذهنك من السموم الرقمية التي تجعلك مشوشاً وغاضباً وتزيد حساسيتك النفسية، حتى تستمتع بحياتك.
  4. تدرَّب على الامتنان: يمكنك فعل ذلك بتخصيص دفتر تدوّن فيه كلّ ما يُشعرك بالامتنان والتقدير، فذلك سيحسن حالتك النفسية بدرجة ملحوظة.
  5. مارس تمارين اليقظة الذهنية والتأمل: عقلك مثل جسدك؛ يتعب عندما يعمل دون توقف. لذا؛ من الضروري أن تفسح له المجال للراحة بين الحين والآخر بممارسة تمارين اليقظة الذهنية والتأمل التي ستساعدك على تجديد شبابك.

اقرأ أيضاً: 5 نصائح علمية تحميك من مرض آلزهايمر

أخيراً، حتى تحظى بشباب دائم، ينبغي الاعتناء بصحتك النفسية عموماً؛ ومن ذلك ملاحظة التغيرات التي تطرأ عليها، والاستجابة لها بالبحث عما يمكنك فعله لتحيا حياة أفضل من إرشادات عملية أو زيارة المعالج النفسي إذا تطلب الأمر.

المحتوى محمي