8 نصائح تساعدك على التوقف عن الإشفاق الضار على ذاتك

4 دقيقة
الشفقة على الذات
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: محمد محمود)

ملخص: الشفقة على الذات والاكتئاب حالتان مختلفتان؛ لكنهما تتقاطعان في كثير من الأحيان؛ ما يضع مَن يعاني نمطَ تفكير سلبياً في حيرة من أمره، فتراه لا يعلم إن كان شعوره السلبي هذا شفقة أم اكتئاباً. لذلك؛ دعنا نلقي نظرة على هذين المفهومين ونوضح الفروق بينهما؛ لأن فهم الاختلافات قد يساعدك على تحديد إذا ما كنت بحاجة إلى مساعدة متخصصة أم لا.

قد نواجه في الحياة تحديات عديدة أو فترات من الضيق تدفعنا إلى الشعور بعدم الرضا والشفقة على الذات؛ لكن إذا استمر هذا النمط السلبي من التفكير مدة طويلة، فإن الأمر قد يصبح مربكاً؛ إذ يصبح من الصعب تمييز إن كان شفقة على النفس فقط أو غدا نوبة اكتئاب. لذلك؛ سنوضح في هذا المقال الفروق الدقيقة بين هاتين الحالتين، بالإضافة إلى تسليط الضوء على بعض النصائح الفعالة التي قد تساعد الأفراد الذين يعانون الشفقة على الذات على التعامل مع مشاعرهم ومنعها من الانزلاق إلى الاكتئاب السريري.

اقرأ أيضاً: كل ما تريد معرفته عن الاكتئاب

ما الشفقة على الذات؟ وما أعراضها؟

الشفقة على الذات حالة عاطفة سلبية تتجسد في الشعور باليأس والحزن والظلم تجاه ظروف الحياة، وهي استجابة متكررة للأحداث المجهدة. وعلى الرغم من أن الشعور بالحزن والانزعاج من تحديات الحياة أمر طبيعي في بعض الأحيان؛ فمن المفروض أن ينتهي على نحو طبيعي بمجرد أن يبدأ الألم الناتج من الظروف الخارجية بالتلاشي. أما في حال تحولت الشفقة على الذات إلى نمط تفكير سلبي مستمر، فإنها قد تتعارض مع القدرة على عيش حياة مرضية. وفيما يلي الأعراض التي تميز هذه الحالة:

  • اجترار الأفكار.
  • الشعور بالعجز واليأس والعار.
  • النظرة السلبية والتشاؤمية.
  • التردد أو عدم الرغبة في اتخاذ إجراءات لتغيير الوضع.
  • الشعور بالظلم والاستياء، والاعتقاد أن كل شيء سيئ يحدث لك.
  • إلقاء اللوم على الآخرين أو العوامل الخارجية بدلاً من تحمل المسؤولية.
  • الشعور بالوحدة والعزلة.
  • التركيز على الذات، والانغماس المفرط في المشكلات الخاصة، والاعتقاد أن مشكلات الآخرين غير مهمة على الإطلاق.

باختصار: تدور الأعراض الأساسية حول الانشغال المفرط بالمشكلات الشخصية وعَدّ النفس ضحية، وعدم القدرة أو عدم الرغبة في اتخاذ إجراءات بنّاءة؛ وهذا يمكن أن يخلق حلقة مفرغة قد تُفاقم الوضع سوءاً مع مرور الوقت.

في المقابل، يعد الاكتئاب اضطراباً مزاجياً خطراً يسبب أعراضاً تؤثّر في شعور الشخص وتفكيره وتعامله مع الأنشطة اليومية، ويجب أن تكون أعراض الاكتئاب مستمرة مدة أسبوعين على الأقل حتى يُشخَّص سريرياً.

اقرأ أيضاً: ما العادات التي قد تساعدك على الوقاية من الاكتئاب؟

ما الفرق بين الشفقة على الذات والاكتئاب؟

الشفقة على الذات ليست حالة مشخصة رسمياً مثل الاكتئاب؛ لكنها قد تكون عَرَضاً ثانوياً من أعراض الاكتئاب. بالإضافة إلى ذلك، قد تشترك الحالتان في بعض الأعراض المتداخلة فيما بينهما؛ مثل اليأس، وقلة الاهتمام، وفقدان الطاقة، والقلق، والتغيرات في أنماط النوم والشهية؛ وهو ما يصعّب التفريق بينهما. ومع ذلك، يمكن في كثير من الأحيان التمييز بين الشفقة على الذات والاكتئاب من خلال النظر إلى النقاط التالية:

  • القدرة على السيطرة على الحالة: الشفقة على الذات حالة عاطفية وذهنية مختارة؛ في حين أن الاكتئاب هو اضطراب في الصحة النفسية وليس خياراً. يبالغ الأشخاص الذين يعانون الشفقة على أنفسهم في تهويل مصائبهم ويشعرون بالعجز؛ لكنهم يمتلكون القدرة على تحويل عقلياتهم نحو منحىً إيجابي، حتى لو لم يكن ذلك سهلاً؛ لكنه ممكن. في المقابل، المصابون بالاكتئاب يعانون أعراضاً لا تُمكنهم السيطرة عليها.
  • الأعراض والتأثير في الأداء اليومي: تنطوي الشفقة على الذات على الاجترار والسلبية وعدم القدرة على رؤية الجانب الإيجابي؛ لكنها لا تضعِف بالضرورة الأداء اليومي الأساسي؛ في حين يسبب الاكتئاب أعراضاً حادة مثل اليأس، وقلة الاهتمام، وتغيرات النوم والشهية؛ ما يعطل الحياة اليومية على نحو كبير. 
  • الأسباب: غالباً ما تكون الشفقة على الذات ناجمة عن ظروف خارجية؛ في حين أن الاكتئاب يمكن أن تكون له أسباب مختلفة؛ مثل الوراثة وكيمياء الدماغ وأحداث الحياة.
  • التعبير عن المشكلة: غالباً ما يميل الأفراد الذين يشفقون على أنفسهم إلى التحدث بصوت عالٍ عن مشكلاتهم ويطالبون بالاهتمام والتعاطف؛ في حين أن الأشخاص المكتئبين قد يخفون معاناتهم في كثير من الأحيان بسبب وصمة العار.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن يكون الاكتئاب وراثياً؟ دراسة حديثة تجيب

هل يمكن أن تؤدي الشفقة على الذات إلى الاكتئاب؟

نعم، يمكن. ففي حال لم تنتهِ فترة الشفقة على الذات بمجرد أن ينتهي ألم الحدَث الذي أدى إلى نشوئها، فقد تتحول إلى حلقة مفرغة من التفكير والسلوك السلبي؛ الذي قد يؤثِّر سلباً في الصحة النفسية والعاطفية على النحو التالي: تشعر بالشفقة على نفسك، فترغب في التخلي عن أهدافك وأحلامك وتبدأ بإهمال مسؤولياتك، فتشعر بالذنب والعار؛ ومن ثم تتفاقم حالة الشفقة على الذات.

إذاً؛ في حال أصبحت الشفقة على الذات نمطاً مستمراً من التفكير السلبي أو الاجترار، فإنها قد تُفاقم مشاعر اليأس والوحدة والعزلة؛ ما قد يسهم في ظهور الاكتئاب أو يُفاقمه. علاوة على ذلك، فإن العلاج الذاتي من خلال اتباع استراتيجيات التأقلم السلبية؛ مثل الكحول أو المخدرات، قد يزيد خطر الإصابة بالاكتئاب السريري. 

اقرأ أيضاً: لماذا قد يصيبك الاكتئاب بعد الإجازة؟ وكيف تتعامل معه؟

8 نصائح تساعدك على التوقف عن الإشفاق الضار على ذاتك

لا تقسُ على نفسك كثيراً، فمن الطبيعي أن يشعر الإنسان بلحظات من الشفقة على الذات بين الحين والآخر. ومع ذلك، يمكنك تغيير عقليتك إلى نمط تفكير أكثر إيجابية والتوقف عن الشعور بالشفقة على النفس، وذلك من خلال اتباع النصائح التالية:

  • تعرَّف إلى مشاعرك: انتبه إلى الوقت الذي تشعر فيه بالشفقة على نفسك، فالتعرف إلى المشاعر وتحديدها بدقة وتحديد مصدرها يسهّل أن تكون لطيفاً مع نفسك ومتعاطفاً معها خلال هذا الوقت. تذكر أن الوعي هو أول خطوة للتغيير.
  • تحدَّ الأفكار السلبية: ادحض الأفكار السلبية التي تغذّي الشفقة على الذات، واسأل نفسك إذا ما كانت هذه الأفكار السلبية واقعية أو مفيدة، وحاول إعادة صياغتها على نحو أكثر موضوعية.
  • عبِّر عن امتنانك: أعدِد قائمة بالأشياء والأشخاص الذين تشعر بالامتنان لوجودهم، فالتركيز على ما لديك قد يساعدك على رؤية حياتك على نحو أكثر إيجابية.
  • اكتشف الجمال حولك: خذ وقتاً لملاحظة الجمال في لحظات الحياة اليومية؛ مثل مشاهدة شروق الشمس أو جمال الطبيعة أو لوحة فنية أو غيرها؛ إذ يمكن لهذه اللحظات أن تساعد على تغيير وجهة نظرك وتعزيز الإيجابية.
  • أحدِث تغييراً إيجابياً: شارِك في الأنشطة التي تُحدث فرقاً في حياة الآخرين؛ مثل العمل التطوعي أو الأعمال الخيرية أو مساعدة المحتاجين، فالإسهام في عمل ذي معنىً قد يعزز إحساسك بالهدف ويقلل المشاعر السلبية.

اقرأ أيضاً: هذه الأدوية الشائعة قد تُصيبك بالاكتئاب!

  • مارِس الرعاية الذاتية: اعتنِ بسلامتك الجسدية والعاطفية من خلال ممارسة بعض الأنشطة؛ مثل الهوايات والتأمل وقضاء الوقت مع أحبائك، ومن المفيد أن تدمج النشاط البدني في روتينك، حتى لو كان مجرد مشياً سريعاً أو جلسة يوغا، فالتمارين الرياضية تسهم في إفراز الإندورفين؛ الذي يحسّن مزاجك ورفاهيتك ويلهيك عن دواعي القلق اليومية.
  • اطلُب الدعم من شبكتك الاجتماعية: لا تخَف من التواصل مع الأصدقاء والعائلة؛ إذ يقول الطبيب النفسي، إبراهيم حمدي، إنه في أوقات الإنهيار النفسي، يكون مجرد الحديث مع شخص ينصت لك ويتفهم وضعك ولا يحكم عليك باعثاً على الراحة، حتى لو لم يجد لك حلاً للمشكلة.
  • اطلُب الدعم المهني: إذا استمر الشعور بالشفقة على الذات وأثّر في حياتك اليومية، أو كنت غير قادر على التمييز بين الشفقة على الذات والاكتئاب، ففكر في التحدث إلى مختص في الصحة النفسية؛ إذ من شأنه أن يقدِّم التوجيه والدعم الشخصي لمساعدتك على التعامل مع مشاعرك بفعالية.