لماذا قد يصيبك الاكتئاب بعد الإجازة؟ وكيف تتعامل معه؟

4 دقيقة
اكتئاب ما بعد الإجازة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: هل تجد أن الأيام الأولى بعد عودتك من الإجازة تكون ثقيلة على نفسك وجسدك؟ إذا كانت إجابتك “نعم”، فدعني أشاركك هذه التجربة. مع كل مرة أعود فيها من الإجازة وأصطدم بتفاصيل حياتي اليومية، تنفد طاقتي النفسية إلى درجة شعوري بالارتباك وفقدان التركيز، وميلي إلى التوتر والعصبية. وبعد بحث، وجدت أن ما أعانيه يُطلق عليه “اكتئاب ما بعد الإجازة”، فما علاماته؟ وكيف يمكن التعامل معه؟ هذا ما سأجيبك عنه في المقال.

“العودة من الإجازة قد تُشعرك بالثقل بدلاً من التجديد، تلك الهموم التي تركتها خلقك تنتظر عند الباب تحمل معها وزراً من القلق والكآبة. اكتئاب ما بعد الإجازة هو صراع حقيقي يُشعرك بالإرهاق العاطفي ويصعب الانتقال لروتينك اليومي”.

وصف الطبيب النفسي إبراهيم حمدي بالكلمات السابقة مشاعر الكآبة التي قد تسيطر عليك عند نهاية كل إجازة وترافقك بعد عودتك إلى العمل، ويُعرف هذا النوع من الاكتئاب أيضاً وفقاً لحمدي بـ “اكتئاب ما بعد السفر”؛ وهو حالة نفسية تصيب البعض بعد عودته من رحلة إو إجازة، إذ يشعر بالحزن والكآبة ونقص الطاقة، وأحياناً القلق والتوتر عند التفكير بالعودة إلى روتين الحياة اليومية وتأدية الالتزامات العادية.

ويختلف اكتئاب ما بعد الإجازة عن بقية أنواع الاكتئاب في كونه لا يستمر فترة طويلة ولا تكون أعراضه حادة؛ لكن ذلك لا يعني عدم انتشاره، فوفقاً لاستطلاع رأي أجراه التحالف الوطني الأميركي للأمراض النفسية (National Alliance on Mental Illness)؛ أكد 64% من الأشخاص معاناتهم هذا النوع من الاكتئاب؛ لذا من المهم التعرف إلى أسبابه وكيفيه التعامل معه، وهذا ما سنتناوله بالتفصيل في مقالنا.

لماذا قد تُصاب باكتئاب ما بعد الإجازة؟

تشير المختصة النفسية مارغريت ويهرنبرغ (Margaret Wehrenberg) إلى نقطة مهمة تسبب الإصابة باكتئاب ما بعد الإجازة؛ وهي أن الفرد يمارس خلال إجازته أنشطة تحسّن حالته المزاجية ونشاطه بدرجة واضحة لعدة أيام متتالية، ثم فجأة ينتهي كل شيء عند الليلة التي تسبق عودته إلى العمل ويفقد إحساسه بالإثارة والحماس؛ ما يجعله يعيش لحظات مخيفة وموترة، فبعدما كانت حياته مليئة بالبهجة والسرور سيعود مرة أخرى إلى روتنيه اليومي.

ويترافق ذلك أحياناً مع شعوره بالوحدة في حال كان يعيش بمفرده، ويكون الوضع أكثر سوءاً في حال كان الشخص يعاني الاكتئاب بالفعل، فطوال أيام العطلة غالباً ستكون لديه أنشطة تحجب عنه مشاعر الاكتئاب المرهقة؛ لذا يصبح اكتئابه أكثر حدة بمجرد غيابها.

وأحياناً، قد يُصاب الشخص باكتئاب ما بعد الإجازة نتيجة رفعه سقف التوقعات لما سيفعله ويحظى به في أيام الإجازة؛ لكن الأمور لا تسير مثلما يتمنى لذا يجد نفسه مع انقضاء إجازته لم يحقق فيها ما يبتغي فيصيبه ذلك بالإحباط والحزن. وفي حالات أخرى، يكون السبب غياب أحد أفراد الأسرة الذي كان يعد وجوده من مسببات السعادة في العطلة.

9 علامات لاكتئاب ما بعد الإجازة

حسناً، ربما تكون قد وقعت في حيرة حول إذا ما كنت تعاني اكتئاب ما بعد الإجازة أم لا، لذا إليك أهم العلامات المؤكدة:

  1. الشعور بالقلق.
  2. الشعور بالفراغ.
  3. الشعور بالوحدة.
  4. الشعور بالإحباط وخيبة الأمل.
  5. الشعور بفقدان الدافع.
  6. معاناة الضغط النفسي.
  7. سرعة الانفعال.
  8. تقلب المزاج.
  9. ظهور اضطرابات النوم.

متى يهدد اكتئاب ما بعد الإجازة صحتك النفسية؟

ذكرنا في بداية المقال إن اكتئاب ما بعد الإجازة غالباً ما يكون مداه الزمني محدوداً؛ لذا فمؤشر الخطر الأول هو امتداده مدة تتجاوز الأسبوعين وفقاً للمختصة النفسية ناعومي توريس ماكي (Naomi Torres-Mackie)، بالإضافة إلى أنه إذا أصبحت الأعراض المرافقة للاكتئاب معطلة للحياة اليومية فحينها يتوجب عليك طلب مساعدة المعالج النفسي.

وعلى الأشخاص الذين يعانون اضطرابات نفسية أن يكونوا حذرين خلال فترات ما بعد الإجازة؛ إذ من المتوقع أن تسوء حالاتهم النفسية خلالها؛ لذا سيكون من المجدي وضع بعض الاستعدادات الاستباقية لمواجهتها وتجاوزها بسلام.

4 إرشادات فعالة للتعامل مع اكتئاب ما بعد الإجازة

يحتاج التعافي من اكتئاب ما بعد الإجازة إلى حكمة وصبر، ويمكن تحقيقه بعدة إرشادات؛ أهمها:

  1. تدرَّج في عودتك إلى روتينك اليومي: من غير المنطقي أن تعود فجأة من أسعد لحظات حياتك وأكثر ها إثارة إلى حياتك التقليدية؛ لذا حاول أن تصنع فاصلاً تدريجياً يتمثل في قضاء أيام عادية تتضمن أنشطة بسيطة قبل انتهاء إجازتك.
  2. تَلطَّف بذاتك: حتى في حال وجدت أنك لا تستطيع العودة بسهولة إلى أنشطة حياتك ما قبل الإجازة، فلا تقسُ على نفسك وجرب الاستعانة بالخطوات الأساسية للعناية بالذات؛ مثل ممارسة الرياضة والتنزه في الطبيعة والنوم جيداً وتناول الطعام الصحي، فما سبق سيساعدك على الحد من توترك وتخفيف شعورك بالاكتئاب.
  3. شارك من يهتمون بأمرك ما تشعر به: أنصحك في هذه النقطة بأن تكون هذه المشاركة وجهاً لوجه حتى تؤتي ثمارها، ولا تتردد أن تكون صريحاً معهم وتخبرهم بالأسباب الحقيقية للمشاعر التي تؤلمك.
  4. فكر في المستقبل: تعامل مع اكتئاب ما بعد الإجازة على أنه مرحلة مؤقتة، وبدلاً من استنزاف طاقتك في مراقبة المشاعر السلبية، حاول أن تخطط لما ستفعله في أيامك القادمة من أنشطة تساعدك على تحسين حالتك المزاجية.