الديتوكس الرقمي للمدراء: لماذا تحتاج إليه وكيف تطبقه دون تعطيل العمل؟

1 دقيقة
الديتوكس الرقمي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

بصفتك مديراً، قد تجد نفسك عالقاً بين الاجتماعات الافتراضية ورسائل البريد والتقارير، حتى يتحول يومك إلى سباق مع الشاشات. هذا الانغماس الرقمي المستمر يستنزف تركيزك ويزيد التوتر دون أن تشعر. لكن الحل لا يكمن في ترك العمل، بل في إدارة استخدامك للتكنولوجيا بوعي عبر ما يعرف ب…

هل تجد نفسك ملتصقاً أغلب الوقت بشاشة هاتفك الذكي أو حاسوبك الشخصي من أجل متابعة سير العمل؟ هل تعيش معظم ساعات يومك في عالم لا يتوقف عن الرنين والاهتزاز بين تدفق الرسائل الإلكترونية والإشعارات التي تطاردك طوال الوقت؟

الحقيقة أنك لست وحدك، إذ يجد المدير المعاصر نفسه غارقاً في بحر من الأجهزة الرقمية، ومن هنا تحديداً تكمن أهمية الديتوكس الرقمي للمدراء فهو يشجعهم على أخذ خطوات للوراء وإعادة تقييم علاقتهم مع التكنولوجيا، فما المقصود بالديتوكس الرقمي؟ وكيف تطبقه دون تأثر العمل سلباً؟ الإجابة عبر هذا المقال.

ما هو الديتوكس الرقمي؟ 

الديتوكس الرقمي هو قرار واع بالانفصال عن الأجهزة الإلكترونية، والمشتتات الرقمية فترة محددة؛ سواءً كانت يوماً، أم عطلة نهاية أسبوع، أم حتى أسبوعاً كاملاً، والهدف هو الابتعاد عن الإشعارات المستمرة، ورسائل البريد الإلكتروني وتحديثات وسائل التواصل الاجتماعي من أجل تقليل الإرهاق الذهني الناتج عن العالم الرقمي، والتركيز على تجارب الحياة الواقعية، وإعادة تقييم علاقتك بالتكنولوجيا.

9 علامات تحذيرية تؤكد حاجتك إلى الديتوكس الرقمي

تحتل التكنولوجيا الرقمية مركز الصدارة في بيئة العمل الحديثة؛ إذ تحتاج إليها بشدة من أجل التواصل مع أعضاء فريقك، وإدارة المعلومات، وأداء مهام العمل، وعلى الرغم من ذلك فإن تجاوز استخدام تلك التكنولوجيا يؤدي إلى آثار سلبية على المستوى المهني والصحة النفسية، وهذه علامات تحذيرية تخبرك أنك تفرط في استخدام الأدوات الرقمية وفي حاجة ماسة إلى الديتوكس الرقمي:

  1. الشعور بالإرهاق المستمر.
  2. انخفاض الإنتاجية.
  3. صعوبة القدرة على التركيز بسبب التشتت المستمر.
  4. تقلبات الحالة المزاجية والإحساس بالانفعال والعصبية.
  5. إجهاد العين والصداع وآلام الرقبة.
  6. اضطرابات النوم.
  7. تراجع قدرتك على التفكير النقدي والإبداعي.
  8. تفاقم مشاعر القلق والتوتر.
  9. اختلال التوازن بين العمل والحياة الشخصية.

اقرأ أيضاً: ما هو الإرهاق الرقمي؟ وكيف تحمي نفسك منه؟

لماذا الديتوكس الرقمي مهم للمدراء؟ 

إن فصل نفسك عن أجهزتك أو تقليل استخدامها قدر الإمكان يمكن أن يساعد على تحسين جودة حياتك، وذلك من خلال مساعدتك على:

1. تخفيف مشاعر التوتر والقلق

يعرضك الوجود المستمر على حاسوبك الشخصي من أجل أداء مهام عملك لسيل من المحفزات والإشعارات، ما يرهق دماغك، ويزيد مستويات التوتر والقلق، ويجعلك تواجه صعوبة في التركيز، ولهذا حين تتخلص من السموم الرقمية عبر الديتوكس سوف تخفف حدة التوتر والقلق.

2. زيادة الإنتاجية 

تنتشر المشتتات الرقمية في كل مكان من حولك، ما يجعل التركيز على المهام وإنجازها بكفاءة أمراً صعباً، ولهذا فإن الديتوكس الرقمي والانفصال قليلاً عن الشاشات يمكن أن يخلق لك بيئة مواتية للتفكير العميق، والإبداع والانتباه المستمر وهذا الأمر بدوره سوف يزيد إنتاجيتك في العمل.

3. تحسين جودة النوم 

تصدر الأجهزة الإلكترونية، مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر، ضوءاً أزرق، ما قد يمنع جسمك من إنتاج الميلاتونين بطريقة طبيعية، وهو الهرمون الذي ينظم دورة النوم والاستيقاظ، ويمكن أن يسبب نقص الميلاتونين مشاكل في النوم، ولهذا فإن تقليل وقت استخدام الشاشات واللجوء إلى الديتوكس الرقمي، وخاصة قبل الذهاب إلى الفراش، يحسن جودة نومك ويجعلك تحس بالراحة في الصباح.

4. تعزيز الحضور والتواصل 

كم مرة كنت مديراً حاضراً جسدياً فقط بين موظفيك وفريق عملك بينما كنت غائباً ذهنياً، تائهاً في العالم الافتراضي لأجهزتك؟ ومنخرطاً بشدة في الرد على رسائل البريد الإلكتروني ومتابعة سير المهام، الحقيقة أن الديتوكس الرقمي يشجعك على أن تكون حاضراً تماماً في اللحظة الحالية، ما يعزز الروابط والتواصل العميق بينك وبين فريقك.

5. تحسن الصحة الجسدية 

حين تمكث ساعات طويلة أمام حاسوبك الشخصي في العمل، ثم تتابع إشعارات هاتفك الذكي في البيت، فأنت في هذه الحالة تجهد عينيك كما تتفاقم لديك آلام الرقبة والظهر والصداع، ولهذا فأنت بحاجة إلى الديتوكس الرقمي حتى تتيح لنفسك فرصاً لزيادة النشاط البدني وتحسين وضعية الجسم، بالإضافة إلى تقليل مشاكل مثل إجهاد العين والصداع.

6. تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية 

اتباع خطة واضحة وجيدة من أجل تطبيق الديتوكس الرقمي سوف يساعدك على وضع حدود أفضل بين العمل والحياة الشخصية، ما يتيح لك المزيد من وقت الفراغ في الحياة اليومية، ويجعلك قادراً على اكتساب هوايات جديدة وتطوير عادات واعية، علاوة على ذلك، سوف يكون لديك الوقت الكافي من أجل قضاء الوقت بصحبة عائلتك أو أصدقائك.

اقرأ أيضاً: دليل المدير المشغول لتحقيق التوازن بين العمل والحياة 

كيف تطبق الديتوكس الرقمي دون تأثر عملك سلباً؟

لم تعد نصائح التخلص من السموم الرقمية ترفاً، بل استراتيجية إدارية حكيمة؛ فهي تساعد على تقليل الإرهاق الرقمي المستمر وتوجيه الانتباه. وحتى تطبق الديتوكس الرقمي دون أن يتأثر عملك سلباً، جرب النصائح التالية:

1. ضع حدوداً واضحة 

حدد مدة الديتوكس الرقمي ونطاقه؛ هل ستكون عطلة نهاية أسبوع كاملة دون شاشات أم بضع ساعات فقط كل مساء؟ وحاول قدر الإمكان ألا تتعارض خطتك للتخلص من السموم الرقمية مع مهام عملك، على سبيل المثال، يمكنك تعطيل الإشعارات وعدم الرد على رسائل الواتساب في عطلات نهاية الأسبوع، وإذا كان لديك مشروع مهم اترك نافذة رقمية واحدة فقط متاحة للتواصل مع شرط أن تطلب من فريقك التواصل معك فقط في حالات الضرورة القصوى.

2. ابدأ بخطوات صغيرة 

إذا كنت معتاداً على البقاء متصلاً بالإنترنت طوال الوقت من أجل إنهاء مهام عملك ومتابعة أداء فريقك، فقد لا يكون التوقف المفاجئ هو الخيار الأمثل؛ ولهذا ابدأ بإجراءات بسيطة، مثل إيقاف الإشعارات الفورية أو تخصيص أوقات محددة من اليوم للأنشطة التي لا تتطلب استخدام التكنولوجيا، يمكنك أيضاً تجربة الصيام الرقمي والذي يعني التخلي عن الأجهزة الرقمية جميعها فترة قصيرة، مثل يوم واحد أو عطلة نهاية أسبوع.

اقرأ أيضاً: الصيام الرقمي عادة صحية أم حلم غير قابل للتحقيق؟

3. أنشئ مناطق خالية من التكنولوجيا

خصص مناطق معينة في منزلك أو مكان عملك يمنع فيها استخدام الأجهزة الإلكترونية. على سبيل المثال، قد تكون هذه المنطقة طاولة الطعام، أو غرفة النوم، أو ركناً مريحاً للقراءة، وفي العمل، خصص أيضاً مكاناً من أجل التواصل مع فريق عملك دون شاشات، واطلب من موظفيك عدم إحضار هواتفهم معهم إلى هذا المكان.

4. اعقد اجتماعات عمل خالية من التكنولوجيا 

في الكثير من الأوقات يضر تعدد المهام بالإنتاجية، ولذلك فإن الاجتماعات الخالية من التكنولوجيا قد تعزز إنتاجية الفريق، ومن ثم، حين تطبق الديتوكس الرقمي يمكنك أن تعقد اجتماعات خالية من الشاشات، على سبيل المثال، جرب أن تطلب من فريق عملك استخدام الكتابة عوضاً عن الهواتف الذكية، فصفحة دفتر الملاحظات لا تحتوي على عوامل تشتيت وإشعارات ومحفزات حسية تجذب الانتباه بالطريقة نفسها التي تفعلها شاشة الجهاز الرقمي، ما يعني أن الدفتر سوف يحفز التركيز ويحسن مهارات التواصل بين أعضاء الفريق.

5. كن واقعياً 

علينا أن نعترف جميعاً أن التكنولوجيا الحديثة وجدت حتى تبقى، ودعني أخبرك أنك حين تضع خطة من أجل تطبيق الديتوكس الرقمي سوف تحس بالراحة والسكينة وستنام نوماً عميقاً، ولكن عليك أن ترجع إليها من وقت إلى آخر، خاصة أنك مدير فريق ولديك الكثير من الأعباء، لذلك حين تضع حدودك مع السموم الرقمية كن واقعياً، لأن الانفصال التام عن التكنولوجيا ليس ممكناً في حالتك.

6. احتفظ بدفتر يوميات لتتبع تقدمك

أحضر دفتر يوميات خلال فترة الديتوكس الرقمي، ودون أفكارك حول التجربة؛ أحياناً قد يكون التخلص من الأجهزة أمراً مزعجاً للغاية ومجهداً في بعض الأحيان، وقد تشعر بالانزعاج والقلق والملل دون هاتفك المحمول وأدواتك التقنية الأخرى، وعلى الرغم من أن الأمر يمكن أن يكون صعباً في البداية، فإن التجربة تستحق، لأنها ستجعلك تفهم نفسك، وتتعرف إلى علاقتك بأجهزتك، كما أنها ستجعلك أكثر حضوراً في اللحظة الحالية ما يسهل عليك الانخراط في أنشطة أخرى والاستمتاع بها.

في النهاية، يوضح المعالج النفسي، أسامة الجامع، أنك تتعرض يومياً لضوضاء الإنترنت وأنت لا تعلم، لهذا ينصحك بأن تأخذ مسافة، وتترك جهازك جانباً، ثم تخرج من المنزل دونه فترة، هناك عالم آخر رحب وواسع خارج الشاشات الصغيرة، حافظ على نفسك، واتجه للاسترخاء.

المحتوى محمي