عيناك تريدان النوم لكن عقلك يرفض؟ إليك الحل

5 دقيقة
نوم
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: ماذا تفعل في الليل؟ هل تخلد إلى نومك بسهولة بعد يوم شاق من العمل أو الدراسة؟ أم تجد صعوبة في النوم لأن عقلك مستيقظ؟ الحقيقة أن هناك الكثير من الأسباب لاستيقاظ العقل قبل النوم مثل ضغوط الحياة، فكيف تنام وعقلك لا زال مستيقظاً؟ الإجابة من خلال هذا المقال.

كل شيء هادئ؛ أضواء البيت مطفأة، هاتفك في وضع السكون، درجة حرارة الغرفة مناسبة والأغطية وثيرة، أنت مستلقٍ على سريرك استعداداً للنوم بعد يوم طويل في العمل؛ لكن عقلك لا زال مستيقظاً، يفكر بلا هوادة في قائمة الأشياء التي يتعين عليك إنجازها غداً، وفي القرارات التي اتخذتها. قد تتعلق الأفكار التي تداهمك قبل النوم بأشياء حدثت في الماضي، أو بشيء يحدث حالياً، أو تخوف من المستقبل، والحقيقة أنك غير قادر على إيقاف تلك الأفكار، فكيف تستطيع النوم والعقل مستيقظ؟ الإجابة من خلال هذا المقال.

لماذا ينام البشر؟

النوم عملية طبيعية تسمح لجسمك وعقلك بالراحة، وللوهلة الأولى، قد يبدو النوم بسيطاً مثل التنفس، وبالنسبة إلى معظم الناس، يتعلق الأمر فقط بإغلاق العينين؛ لكن يمكن القول إن النوم يعد من أكثر العمليات الجسمية التي عرفها العلم تعقيداً وغموضاً، وهذه أهم العمليات التي تحدث في أثناء نومك:

  1. معالجة المعلومات المكتسبة في أثناء الاستيقاظ: يؤكد أستاذ طب الأعصاب بجامعة كولومبيا (Columbia University)، كارل بازيل (Carl W. Bazil)، إن الدماغ هو أكثر أجزاء الجسم نشاطاً في أثناء النوم؛ إذ تعيد تريليونات الخلايا العصبية في الدماغ توصيل نفسها، ويوضح بازيل إن عملية إعادة التوصيل التي تحدث في أثناء النوم العميق هي الطريقة التي نعالج بها بالمعلومات الجديدة التي تعلمناها على مدار اليوم.
  2. تعزيز عملية التركيز والانتباه: يشرح بازيل إنك إذا لم تنم من أجل الاستعداد لعرض تقديمي مهم في العمل أو امتحانات الجامعة، وإذا عكفت طوال الليل على التعلم، فلن يحتفظ عقلك بتلك المعلومات بالطريقة نفسها التي كان سيحتفظ بها إذا حصلت على ليلة كاملة من النوم.
  3. حفظ الطاقة وتخزينها: في أثناء النهار، تستخدم الخلايا في أنحاء الجسم كافةً، الموارد المخزنة من أجل مد جسمك بالطاقة، أما في أثناء نومك، يستخدم جسمك طاقة أقل؛ ما يتيح لتلك الخلايا إعادة الإمداد والتخزين لليوم التالي.
  4. الإصلاح الذاتي والتعافي: حين تكون أقل نشاطاً، يسهل على جسمك شفاء الإصابات وإصلاح المشكلات التي حدثت في أثناء استيقاظك؛ ولهذا السبب تحديداً، فإن المرض يجعلك تشعر بالحاجة إلى المزيد من النوم.
  5. الحفاظ على جهاز المناعة: تحدث عمليات دفاع مناعية مهمة في أثناء النوم، فحين ننام، تنتج أجسامنا خلايا مناعية يتعرف الجسم من خلالها يتعرف إلى مسببات الأمراض والمواد الغريبة؛ ولهذا فإن قلة النوم تزيد خطر الإصابة بالعدوى.
  6. تحسين عملية النمو: تفرز أجسامنا هرمونات النمو وتنتج خلايا جديدة؛ ما يساعد الجسم على التجدد؛ ولهذا السبب تحديداً ينام الأطفال الحديثو الولادة مدة طويلة.

اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين النوم والصحة النفسية؟

ما الذي يجعل الأفكار تتقافز في عقلك ليلاً؟

يمكن أن تداهمك الأفكار والمخاوف في أثناء الليل أو النهار؛ ولكن الفرق هو أنك تكون مشغولاً للغاية في أثناء النهار؛ فأنت تعمل وتعتني بعائلتك وتقابل أصدقائك، وتقضي وقتك أمام الشاشات وتتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، وتتنقل من نشاط إلى آخر؛ ولكن عندما يحل سكون الليل وهدوئه، تجد نفسك أخيراً وحدك مع أفكارك، وهنا تميل المشاعر والمخاوف المظلمة والأكثر صعوبة إلى الظهور، فحين تهدأ يرى عقلك أن هذه هي الفرصة المناسبة والوقت المثالي لحل المشكلات التي تواجهك، ويمكن أن يتحول الأمر مع مرور الوقت إلى تفكير زائد، وبدلاً من الهدوء والاسترخاء يبدأ عقلك في النشاط والاستيقاظ من أجل غربلة الأفكار والأحداث، وتشمل الأسباب المحتملة لتسارع الأفكار في أثناء الليل ما يلي:

  1. ضغوط الحياة وتحولاتها: تعد ضغوط الحياة السبب الرئيس لتسارع الأفكار في الليل؛ ومن ثَمّ إبقاء عقلك يقظاً، وتشمل هذه الضغوط الخوف من فقدان الوظيفة، والقلق على مستقبلك المالي، والانتقال إلى بيت جديد، وإنجاب طفل صغير، هذا بالإضافة إلى الإجهاد المهني والإرهاق الوظيفي.
  2. الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية مثل القلق: يعد تسارع الأفكار داخل عقلك ليلاً أحد الأعراض الشائعة للقلق؛ حيث تؤدي اضطرابات القلق؛ مثل اضطراب القلق العام، أو اضطراب ما بعد الصدمة، أو اضطراب الهلع، إلى معاناة المصاب من الأفكار المتسارعة والمزدحمة، وعادة ما تؤدي تلك الأفكار إلى مواجهة صعوبات كبرى في النوم وأحياناً تسبب نوبة الهلع الليلية.
  3. اضطراب الوسواس القهري (OCD): يواجه الأشخاص المصابون بالوسواس القهري وقتاً عصيباً قبل النوم وذلك بسبب الأفكار الوسواسية والهواجس المتعلقة بالنظافة أو ارتكاب الأخطاء.
  4. معاناة اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): التعرض إلى حدث صادم، سواء مؤخراً أو منذ سنوات، يمكن أن يسبب اضطراب ما بعد الصدمة، وتشمل أعراض الاضطراب تسارع الأفكار؛ حتى في أثناء الليل، وفي هذه الحالة، قد تركز اهتمامك على الحدث الصادم الذي واجهك، وتستعيد ذكريات الماضي معه مراراً وتكراراً.

اقرأ أيضاً: متلازمة النوم القصير: ما الذي يجعل البعض يكتفي بعدد ساعات نوم أقل؟

كيف تنجح في النوم وعقلك مستيقظ؟

إذا سألت نفسك يوماً: "كيف يمكنني النوم جيداً وعقلي مستيقظ؟"، يمكنك اتباع بعض النصائح العملية لتسهيل النوم؛ ومنها على سبيل المثال:

  1. تأكد أنك تشعر بالنعاس: تشرح مختصة طب النوم السلوكي، جايد وو (Jade Wu)، إننا لا يمكننا إغلاق عقولنا؛ إذ لا يوجد زر تشغيل وإيقاف للأفكار التي تداهمنا قبل النوم، وتضيف وو إن تلك الأفكار ليست السبب المباشر في عدم القدرة على النوم ولكن السبب هو أنك لا تشعر بالنعاس؛ ولهذا حين تجد عقلك مستيقظاً ولا تستطيع النوم، غادر سريرك لأن البقاء عليه سوف يُدخلك في دائرة مفرغة لا تنتهي من الأفكار.

أما إذا كنت تشعر حقاً بالنعاس ولا تستطيع النوم لأن عقلك يفكر في حدث مهم أو مشكلة تواجهك في يومك. في هذه الحالة، تنصح وو بمحاولة الخروج من رأسك والتركيز على جسمك؛ ما يعني الانتباه إلى أنفاسك ومحاولة الاسترخاء، وإذا إذا تبادرت إلى عقلك أفكار ملحة، فلا بأس، لاحظها ببساطة، دون إصدار أحكام، ثم حوّل انتباهك بلطف إلى جسمك.

  1. ركز على تنفسك: تعد تمارين التنفس أداة مهمة لإرخاء جسمك وإبطاء الأفكار التي تشغل عقلك وتبقيك مستيقظاً، جرب هذا: ضع يدك على قلبك واشعر بإيقاعه، خذ نفساً عميقاً مدته 4 ثوانٍ، ثم أخرج نفساً طويلاً وبطيئاً. كرر هذا التمرين حتى تشعر بتباطؤ نبضات قلبك، ومع مرور الوقت سوف تهدأ أفكارك أيضاً.
  2. اجعل غرفتك هادئة قدر الإمكان: يمكنك تحقيق ذلك بضبط درجة الحرارة، وإطفاء الأنوار، والابتعاد تماماً عن الشاشات وقت النوم؛ وذلك لأن الضوء الأزرق المنبعث منها يعطل إنتاج هرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم، ويجب فصل الإنترنت عن هاتفك حتى لا يوقظك صوت الإشعارات ويجعل عقلك في حالة تأهب.
  3. اكتب يومياتك: من السهل أن تنشغل عن همومك ومشكلاتك في أثناء النهار؛ ولكن سوف تطاردك تلك الهموم والمشكلات ليلاً؛ ولذلك عليك حلها والتعامل معها، حتى تحظى بليالٍ هانئة دون منغصات، وتعد كتابة اليوميات طريقة جيدة من أجل تدوين مشاعرنا والتحديات التي تواجهنا. تُمكنك كتابة يومياتك قبل النوم حتى تواجه أفكارك؛ دوّن أهداف الغد أو أدرج 3 أشياء تشعر بالامتنان لها؛ وقتها يمكن أن تحظى براحة البال في أثناء النوم.
  4. جرب التأمل قبل النوم: إن تهدئة عقلك ليست بالأمر السهل؛ لكن ممارسة التأمل يمكن أن تساعد على تهدئة عقلك قبل النوم، وإذا كنت جديداً في ممارسة التأمل، حاول العثور على نقطة التركيز؛  التي يمكن أن تكون صوت أنفاسك أو عبارة بسيطة تكررها في رأسك، مثل: "أنا في سلام". في البداية، قد تجد صعوبة في ضبط أفكارك، لا بأس بالتوقف بعد دقيقة أو دقيقتين؛ ولكن حاول مرة أخرى في الليلة التالية، وبمرور الوقت، ستتمكن من التأمل لفترة أطول.
  5. عالج ضغوط حياتك: نواجه في الكثير من الأحيان ضغوط حياتية خارجة عن إرادتنا، ويمكن أن تسهم تلك الضغوط في زيادة القلق والتوتر والأفكار السلبية قبل النوم، والحقيقة أن تلك الضغوط يمكن أن تتلاشى بمرور الوقت مثل يوم حافل بالعمل؛ ولكن بعض الضغوط يجب حلها والتعامل معها. ربما الأفكار التي تُبقي عقلك مستيقظاً قبل النوم هي دعوة إلى إجراء بعض التغييرات المهمة في حياتك مثل ترك علاقة سامة أو طلب المساعدة من الأهل فيما يخص إنجاز أعباء المنزل.
  6. شاهد التلفزيون وعينيك نصف مغمضة: على الرغم من أن الأمر قد يبدو غريباً، فإن أستاذ علم النفس السريري والمتخصص في اضطرابات النوم، مايكل بريوس (Michael Breus)، يؤكد إن مشاهدة التلفزيون يمكن أن تصرف ذهنك عن الأفكار المزعجة، وربما تساعدك على الاسترخاء، ويضيف بريوس إن الضوء الأزرق الذي ينبعث من أجهزة التلفزيون يمكن أن يتداخل مع إنتاج الميلاتونين، ويصعّب عليك النوم؛ ولكن على عكس الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية التي تحملها بالقرب من وجهك، عادة ما تكون أجهزة التلفزيون بعيدة بحيث لا تحصل على قدر كبير من الضوء الأزرق، وفي حال أغمضت عينيك وأنت تشاهد لن يتمكن الضوء الأزرق من اختراق جفونك المغلقة.
  7. ضع روتيناً خاصاً للنوم: يوضح استشاري أمراض النوم، علي العرج، إن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم يؤدي إلى الشعور بالنعاس في أثناء النهار وعدم القدرة على التركيز وتقلب المزاج والعصبية؛ ولهذا ينصح بضرورة وضع روتين خاص للنوم مثل توحيد مواعيد النوم والاستيقاظ؛ ما يعني الذهاب إلى سريرك في الوقت نفسه يومياً.

المحتوى محمي