التيروفوبيا: لماذا يرتعب البعض عند رؤية الأجبان؟ وكيف يتعافى من خوفه؟

3 دقيقة
التيروفوبيا
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: ثمة مخاوف كبرى قد تسيطر على الأشخاص وتمنعهم من ممارسة حيواتهم الطبيعية، وتلك المخاوف يمكن أن تتطور إلى إحساس شديد بالقلق والهلع، وفي هذه الحالة يُطلق عليها اسم "فوبيا" أو "رهاب". هناك من لديه رهاب من الطيران أو الأماكن المرتفعة أو الحشرات أو الغرف المغلقة؛ ولكن هناك نوع مختلف قليلاً يُعرف باسم "التيروفوبيا" أو "رهاب الجبنة"، فما قصة ذلك الرهاب؟ وكيف يمكن التعافي منه؟ الإجابة يستعرضها هذا المقال.

هل تذهب إلى المتجر للتسوق وتبحث في ثلاجة الأجبان عن أشهى الأنواع وأكثرها جودة؟ ربما يعد هذا السلوك معتاداً بالنسبة إليك؛ لكن بالنسبة إلى البعض الآخر، فمجرد رؤية شكل الجبن قد تثير ذعرهم وذلك نتيجة معاناتهم ما يُعرف بـ "التروفوبيا" (Turophobia) أو "رُهاب الجبن"، والحقيقة أن الأشخاص المصابين بهذا الرهاب يخافون الأجبان والأطعمة التي تحتويها؛ ولكن لماذا يمكن أن تتحول الجبنة إلى مصدر خطر؟ الإجابة من خلال هذا المقال.

ما هو التيروفوبيا أو رهاب الأجبان؟

التيروفوبيا هو خوف غير عقلاني من الجبنة، وغالباً ما يكون المصابون بهذا الرهاب غير قادرين على تناول الجبن أو لمسه أو شم رائحته، ويشعرون بعدم الراحة عند وجودهم في مكان يحتوي الأجبان. وفي الحالات القصوى، قد يجد الشخص المصاب بالتيروفوبيا نفسه أيضاً غير مرتاح حول الأشياء التي تشبه الجبن، وحتى الإعلانات التجارية للأجبان تجعله يشعر بالخوف الشديد وعدم الراحة. ويتكون مصطلح "التيروفوبيا" (Turophobia) من الكلمتين اليونانيتين اللتين تعنيان "الجبن" (tyros) و"الخوف" (phobos).

ويمكن القول إن التيروفوبيا رهاب محدد (SPs)؛ وهو نوع من الاضطراب يرتبط بالخوف الشديد والواضح من أشياء محددة. وحتى يتحول الموقف الطبيعي من الأجبان إلى رهاب يجب أن يستوفي المعايير التالية:

  1. يحدث خلال موقف محدد فقط وهو التعرض إلى الأجبان.
  2. الشعور بالخوف الشديد والهلع عند رؤية الجبن أو تناوله أو شم رائحته أو رؤية قوامه.
  3. محاولة تجنب الأجبان قدر الإمكان.
  4. التأثير في حياة الشخص اليومية وتعطيل مسار روتينه؛ إذ يصبح غير قادر على الذهاب إلى الأماكن التي توجد فيها الأجبان مثل المطاعم ومراكز التسوق.

اقرأ أيضاً: كل ما تريد معرفته عن الرهاب

تعرّف إلى الأعراض النفسية والجسدية للتيروفوبيا

عادة ما يحدث التيروفوبيا عند رؤية الأجبان أو شم رائحتها، أو لمس قوامها، ويسبب التيروفوبيا بعض الأعراض الجسدية والنفسية؛ مثل:

  1. تسارع معدل نبضات القلب.
  2. ضيق التنفس.
  3. معاناة نوبات الهلع.
  4. الشعور بالغثيان واضطراب الجهاز الهضمي.
  5. الدوار.
  6. جفاف الفم.
  7. الضيق والألم في الصدر.
  8. فرط اليقظة.
  9. توتر العضلات.
  10. التعرق الشديد.

لماذا قد يُصاب البعض بالتيروفوبيا؟

سبب رهاب التيروفوبيا غير معروف؛ لكن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة به؛ منها:

  1. تجارب الطفولة المؤلمة: إذا واجه أحد الأشخاص تجربة مؤلمة أو سلبية تتعلق بالأجبان في الطفولة، فقد يتطور لديه رهاب التيروفوبيا ويترسخ مع مرور السنوات.
  2. الحساسية تجاه منتجات الألبان: يمكن أن يتطور الشعور بالتيروفوبيا بسبب الحساسية للأجبان؛ ما يؤدي إلى تجنبها والخوف منها.
  3. السلوك المكتسب: يُقصد به أن يشعر الأشخاص بالخوف من الجبنة لأنهم رَأَوا أنّ أحد أفراد العائلة أو المقربين يخافها خوفاً شديداً، فانتقل إليهم هذا السلوك.
  4. العامل الوراثي: يؤكد استشاري الطب النفسي، حسين عمر، إن الإصابة بالفوبيا قد ترتبط بالجينات والعوامل الوراثية، فأغلب المصابين بأنواع محددة من الرهاب لديهم تاريخ طبي لهذه الإصابة، ويضيف عمر إن نسبة انتقال الرهاب من الآباء إلى الأبناء قد تصل إلى 30-40%.

ما مضاعفات التيروفوبيا؟

يمكن أن يؤدي التيروفبوبيا إلى مضاعفات تؤثر في جودة الحياة؛ مثل:

  1. سلوكيات التجنب: قد ينخرط الأفراد الذين يعانون التيروفوبيا في سلوكيات التجنب لمنع أي اتصال بالجبن؛ مثل تجنب المطاعم أو اللقاءات الاجتماعية والعائلية، أو حتى محلات البقالة التي يوجد بها الجبن.
  2. اضطراب أنماط الأكل: قد تتطور لدى بعض الأشخاص الذين يعانون هذا الرهاب أنماط أكل مضطربة أو عادات غذائية مقيدة بسبب الخوف من الجبن؛ ما قد يؤدي إلى اختلال التوازن الغذائي ويؤثر سلباً في الصحة العامة.
  3. الشعور بالعزلة الاجتماعية: يمكن أن يكون للتيروفوبيا تأثير اجتماعي؛ حيث يجعل الأفراد يواجهون صعوبات في المواقف الاجتماعية التي تتعلق بالجبن؛ ما يؤدي إلى الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية أو عدم الراحة في التجمعات التي يُقدَّم فيها الجبن.

اقرأ أيضاً: ما أسباب رهاب الظلام وكيف يمكن التغلب عليه؟

كيف يمكنك التعافي من التيروفوبيا؟ 

يتضمن علاج التيروفوبيا طرائق مختلفة تهدف إلى تقليل الخوف من الجبن؛ منها على سبيل المثال:

  1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يتضمن تحديد المعتقدات والمخاوف والأفكار السلبية المتعلقة بالجبن، ووضع استراتيجيات لتحدي هذه المخاوف والتغلب عليها.
  2. العلاج بالتعرض: يقتضي هذا العلاج تعرّضك تدريجياً إلى أنواع مختلفة من الجبن؛ ما يساعدك على التحكم في ردود أفعالك.
  3. تعلُم تقنيات الاسترخاء: مثل التنفس العميق أو استرخاء العضلات التدريجي، وذلك بهدف تخفيف أعراض القلق والخوف الشديد.
  4. الانخراط في عملية إزالة التحسس المنهجية: وذلك من خلال إنشاء تسلسل هرمي لدرجات الخوف ومواجهة المواقف المخيفة المرتبطة بالجبن تدريجياً. وخلال تطبيق هذه الطريقة، يمكن استخدم برامج الواقع الافتراضي أو تقنيات الصور لمحاكاة السيناريوهات المتعلقة بالجبن لتسهيل عملية إزالة التحسس.
  5. علاج القبول والالتزام (ACT): يهدف هذا النوع من العلاج إلى عدم الحكم على خوفك الشديد من الجبنة وتقبل أفكارك ومشاعرك ومخاوفك كافة وعدم تجنبها. وحتى تنجح في تحقيق هدف هذا العلاج، استخدم تقنيات اليقظة الذهنية لمراقبة أفكارك وعواطفك المتعلقة بالجبن دون التورط فيها.
  6. مجموعات الدعم: انضم إلى مجموعة دعم أو مجموعة علاجية للأفراد الذين يعانون التيروفوبيا، وهناك تُمكنك مشاركة خبرتك ومخاوفك مع الآخرين، والتعلم من الأشخاص الذين نجحوا في إدارة مخاوفهم، وسوف تساعدك هذه المجموعات مساعدة كبرى على تعزيز الشعور بالانتماء وتقليل مشاعر العزلة المرتبطة بالرهاب.
  7. العلاج بالأدوية: يمكن أيضاً استخدام الأدوية المضادة للقلق مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) للتحكم في أعراض القلق المرتبطة بالرهاب؛ ولكن تجب عليك استشارة الطبيب المختص قبل تناولها.