دراسة حديثة: التوتر العاطفي يسبب اعتلال عضلة القلب فكيف تحمي نفسك من خطره؟

3 دقائق
التوتر العاطفي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: ربما تظن أن أقصى ما يفعله التوتر أن يسبب اضطراباً مؤقتاً في صحتك النفسية والجسدية، لكن أثره في الحقيقة يمتد أعمق من ذلك، فهو في بعض الحالات يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب. كيف يحدث ذلك؟ هذا ما تناولته دراسة حديثة نستعرضها بالتفصيل في مقالنا.

لا تسير حياتنا على وتيرة واحدة، فبعض الأحداث الضاغطة التي تواجهنا فجأة، مثل فقدان الأحبة أو خسارة الممتلكات أو التعرض للتسريح من العمل، قد تسهم في معاناتنا من التوتر العاطفي نتيجة شعورنا بأن الأمور خرجت عن سيطرتنا.

ومن الأعراض الجسدية التي يمكن أن تظهر علينا عند إصابتنا بالتوتر آلام العضلات أو الصداع أو الإرهاق أو آلام المعدة أو اضطراب النوم، وقد تصل إلى حد ظهور مشكلات طبية أخطر مثل ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم أو وتراجع كفاءة عضلة القلب.

يؤكد ذلك طبيب أمراض القلب فواز العنزي، إذ يشير إلى أن من يتعرضون للضغط النفسي بصورة مزمنة يحدث لديهم تغيير في الجهاز العصبي وزيادة في إفراز بعض الهرمونات، ما يؤدي إلى تسارع معدل نبض القلب وارتفاع ضغط الدم وزيادة نسبة السكر فيه، وجميعها عوامل خطرة تزيد إحتمالية الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

سارة الركابي: طبيبة وباحثة سورية، تعمل في مستشفى فيريفو (Fairview Hospital) في مدينة كليفلاند الأميركية.

ومؤخراً، نشرت الكلية الأميركية لأمراض القلب (American College of Cardiology) دراسة علمية في يونيو/ حزيران 2023 أجرتها الباحثة سارة الركابي، وهي طبيبة وباحثة سورية الأصل تعمل بمستشفى فيريفو (Fairview Hospital) في مدينة كليفلاند الأميركية، وشاركها في الدراسة باحثان آخران هما ساشين كومار (Sachin Kumar) وغوتام شاه (Gautam Shah)، وأكدت نتائج الدراسة أن التوتر العاطفي يمكن أن يسبب اعتلال عضلة القلب، فكيف يحدث ذلك؟ وما سبل الوقاية منه؟ هذا ما سنتعرف إليه بالتفصيل في مقالنا.

اقرأ أيضاً: تعاني من التوتر؟ هذه الوظائف هي الأنسب لك

كيف أثبتت الدراسة العلاقة بين التوتر العاطفي وأمراض القلب؟

استعرضت الدراسة حالة امرأة أوكرانية تعيش في الولايات المتحدة الأميركية وتبلغ من العمر 59 عاماً، أصيبت باعتلال عضلة القلب نتيجة معاناتها من التوتر العاطفي الناجم عن عدم قدرتها على التواصل مع عائلتها المحتجزة وسط الأحداث المندلعة في العاصمة الأوكرانية، كييف.

عانت هذه المرأة عند قدومها إلى قسم الطوارئ بمستشفى فيريفو في مدينة كليفلاند الأميركية أعراضاً شملت تسارع نبض القلب والدوار مع الشعور بالاقتراب من الموت، وظهرت الأعراض السابقة عليها بعد سماعها نبأ تعرض المكان الذي تقيم فيه عائلتها للقصف ما جعلها تخشى من أن يكونوا قد لقوا حتفهم.

وعند التعمق في التشخيص والفحص الطبي كانت المفاجأة في ظهور قصور حاد في القلب مع انسداد مسار تدفق الدم في البطين الأيسر، وكذلك اضطراب نقص تروية القلب من الدرجة الثانية وذبحة صدرية دقيقة وأخرى تشنجية، إلى جانب المعاناة من متلازمة الشريان التاجي الحادة والتهاب عضلة القلب وانسداد رئوي.

نُصحت المريضة بضرورة المتابعة مع طبيب أمراض القلب دورياً إلى جانب تجنب الأخبار المثيرة للتوتر والخضوع إلى العلاج النفسي، وهو ما حدث لاحقاً وأدى إلى تحسن صحتها الجسدية والنفسية بدرجة كبيرة، ومن المفترض حالياً أن تخضع إلى الكشف الدوري بعد مرور 6 أشهر.

اقرأ أيضاً: 3 طرق للمسّاج تخلصك من التوتر والقلق

7 إرشادات لوقاية قلبك من خطر التوتر

ثمة الكثير من الإرشادات العملية التي يمكنك إتباعها حتى لا تجعل قلبك عرضة للمضاعفات الناتجة عن الإصابة بالتوتر، وأهمها:

1. مارس الرياضة

التمارين الرياضية فعالة في تخفيف آثار التوتر الضارة، فهي تعمل على تحسين صحة القلب والأوعية الدموية، كما أن الرياضيين تقل استجابتهم الجسدية تجاه التوتر فلا يرتفع ضغط دمهم ولا معدل ضربات قلبهم بنفس المعدل عند الآخرين.

2. ابحث عن داعمين

يمكن لوجود أشخاص داعمين في حياتك مثل شريك أو صديق أو قريب تشاركه ضغوطك وهمومك أن يقلل مستوى التوتر لديك، ومن ثم تقل احتمالية إصابتك بأمراض القلب.

3. غيّر طريقة تفكيرك

تسهم طريقة تفكيرنا أحياناً في زيادة توترنا، لذا حاول أن تتقبل وجود بعض الأشياء الخارجة عن سيطرتك، كما من المهم تعلم قول "لا" لطلبات الآخرين التي لا يمكنك تلبيتها، وإلا فستزيد الضغط النفسي عليك.

4. حاول الحد من ضغوط العمل

عند العمل في وظيفة ضاغطة تزيد احتمالية المعاناة من التوتر المزمن، لكن ربما ليس لديك فرصة الانتقال إلى وظيفة أخرى، وفي هذه الحالة عليك الاعتناء بصحتك النفسية والموازنة قدر الإمكان بين حياتك المهنية والشخصية، بالبحث عن الأنشطة التي تستمتع بممارستها والحصول على الدعم النفسي المتخصص عند الحاجة.

5. حافظ على نمط حياة صحي

يمكنك تحقيق ذلك بتجنب التدخين وتقليل الكافيين، وتناول الأطعمة ذات القيمة الغذائية العالية، وتجنب الوجبات السريعة والأطعمة التي تضر بصحتك بشكل عام.

6. خذ فاصلاً للراحة بين الحين والآخر

نظراً لعيشنا في عصر تلاحق معظمنا فيه إشعارات الهواتف الذكية ورسائل العمل، سيكون من الضروري أن نتوقف ولو فترة قصيرة لنلتقط أنفاسنا، ومن الجيد حينها ممارسة تمارين التأمل لإراحة عقولنا وأجسادنا، أو البحث عن أي نشاط يريحنا من الضغط النفسي حتى لو كان الاستماع إلى الموسيقى أو الاستحمام.

7. لا تَنْسَ أن تنام جيداً

النوم أحد العناصر الأساسية التي تساعدك على إدارة التوتر، لذا كن حريصاً على أخذ كفايتك من النوم الجيد ليلاً؛ حتى تخفف مستوى توترك وتواجه المواقف العصيبة بتوازن وحكمة.

اقرأ أيضاً: هذا ما يفعله القلق والتوتر بصحة عينيك

أخيراً، إذا كنت تشعر أن معاناتك من التوتر أدت إلى تدهور صحتك النفسية، فلا تتردد في أن تلجأ إلى معالج نفسي متخصص، كي يساعدك على البحث عن مصدر توترك وإعادة ترتيب حياتك كي تستمتع بها مجدداً.

نُشر المقال استناداً على أبحاث من منصة ساهم

المحتوى محمي