التنمر والوزن الزائد: كيف توقف دائرة الألم وتستعيد ثقتك بنفسك؟

1 دقيقة
التنمر والتمييز
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

تشير الدراسات العلمية إلى أن التنمر والتمييز ضد أصحاب الوزن الزائد يسهمان في زيادته على المدى الطويل؛ فالأشخاص الذين يتعرضون للوصمة يكتسبون وزناً إضافياً ويزداد لديهم خطر الإصابة بالسمنة، كما أظهرت الأبحاث أن التعرض المتكرر للتنمر في الطفولة غالباً ما يسبق زيادة الوزن، …

"تعبت من نظرات وتعليقات الناس اللي توجع وتكسر، كل ما طلعت مكان لازم أحد يتكلم أو يضحك، حتى القرايب ما يرحمون، ويقولون لي: ما تفكرين تسوين دايت؟ ما تشوفين جسمك كيف ضخم؟ صرت أكره نفسي، أكره المراية أكره أي لبس، ليش الناس تحكم علي من جسمي؟ أنا إنسانة مو مقاس، صرت ما أبي أخرج من البيت".

كلمات تبعث على الحزن كتبتها إحدى السيدات من أصحاب الوزن الزائد في رسالة على منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، وهي إلى حد كبير ليست معاناة فردية، فالكثير من أصحاب الوزن الزائد يعانون تنمراً يومياً من المحيطين بهم، وهذا بالطبع يلحق بهم الأذى النفسي إلى جانب الأذى الجسدي، فقد أثبتت الدراسات أنهم يكتسبون وزناً زائداً على وزنهم جراء التنمر، فكيف يحدث ذلك؟ وما هو السبيل لهم لمواجهة التنمر؟ هذا ما سنتعرف إليه في مقالنا.

لماذا يزيد التنمر على أصحاب الوزن الزائد أوزانهم؟

أرى أن الكلمات يمكن أن تتحول أحياناً إلى سهام جارحة، ينطبق ذلك على معاملة الشخص بسخرية أو ازدرائه نتيجة وزنه الزائد، فهو في هذه الحالة يصاب بجروح نفسية قد تتجاوز في ألمها الجروح الجسدية، ويترافق مع هذا الألم النفسي مجموعة من التفاعلات العصبية والهرمونية التي تؤدي إلى زيادة وزنه، ما يعني أن التنمر محفز بيولوجي يؤذيه بتفاقم مشكلته.

يتضح ذلك في دراسة علمية أجرتها كلية لندن الجامعية توصل من خلالها الباحثون إلى أن الأشخاص الذين تعرضوا للتمييز بسبب أوزانهم اكتسبوا في المتوسط نحو 1.6 كيلوغرام إضافي على مدار أربع سنوات مقارنة بمن لم يواجهوا أي تمييز، كما ارتفع لديهم خطر التحول إلى السمنة بنسبة ملحوظة.

بحث آخر أجرته جامعة أوتاوا الكندية أكد أن التنمر المتكرر في الطفولة يسبق زيادة الوزن وليس العكس، وتلك النتيجة غير المتوقعة تشير بوضوح إلى أن الإساءة المجتمعية قد تكون أحد أسباب الإصابة بالسمنة.

هذه النتيجة يمكن فهمها أكثر عندما نعرف أن الأطفال الذين يتعرضون للسخرية من أوزانهم يميلون إلى العزلة وتجنب النشاط البدني، ويلجؤون إلى الأكل باعتباره مصدراً للراحة، ما يصنع دائرة مغلقة من الألم العاطفي وزيادة الوزن.

ما سبق يؤكد حقيقة قاسية هي أن الوصمة لا تعالج السمنة بل تغذيها، فكل كلمة جارحة تتحول إلى ثقل على النفس والجسد معاً، لذا فالطريق الصحيح لا يبدأ بالحمية القاسية بل بتوفير بيئة إنسانية رحبة دافئة خالية من السخرية.

اقرأ أيضاً: هل التنمر يقتل؟ وكيف تتقي شره؟

كيف يمكن لأصحاب الوزن الزائد مواجهة التنمر؟

مثلما أوضحنا في نهاية الجزئية السابقة، فإن بداية التحول تكون بتوفير بيئة اجتماعية آمنة لكنها قد لا تتوفر على الدوام، لذا لا بد لأصحاب الوزن الزائد أن يتعرفوا إلى آليات فعالة تحميهم من الأذى النفسي والجسدي الذي قد يطالهم من التنمر، أهمها:

  1. لا تعتمد في شعورك بالرضا عن نفسك على ثناء الآخرين أو رضاهم عنك، فوفقاً للمعالج النفسي أسامة الجامع إن بنيت تقبلك لذاتك على الآخرين ستخسر خسارة كبيرة؛ لأنك في هذه الحالة ستتجنب رفضهم أو انتقادهم بأي ثمن، لذا يجب عليك تغيير طريقة نظرتك لنفسك وللحياة، وتفصل بين قيمتك ونظرة الآخرين إليك.
  2. كن واعياً بأن ما يحدث معك ليس من باب المزاح، لذا من المهم أن توثق حوادث التنمر؛ لتجد مستنداً تعود إليه في حال حاجتك إلى تصعيد الموقف قانونياً أو مؤسسياً في حال تعرضك للتنمر ضمن بيئات العمل.
  3. كن حازماً دون عدائية أي حدد كيف تود أن يتم التعامل معك، ووضح بشكل محدد رفضك تعليق الآخرين على جسمك، أو تحويل مظهرك إلى مصدر للسخرية.
  4. اعمل على تقبل جسدك ومظهرك بتمارين مستمرة مثل ترديد العبارات الإيجابية، أو تدوين الإنجازات، أو ممارسة نشاط تحبه، وافصل عموماً بين قيمتك الحقيقية ووزنك.
  5.   غير بيئتك؛ ففي حال كنت تجلس مع أصدقاء يؤذونك بتعليقاتهم أو كان لديك أصدقاء افتراضيون يعلقون بصورة مؤذية على صورك، لا تتردد في أن تخرجهم من دائرتك الاجتماعية.
  6. لا تركز على أن تخسر وزنك لتنال إعجاب الآخرين، وبدلاً من ذلك اهتم بتطبيق نمط حياة صحي هدفه تحسين حياتك، بخطوات مثل النشاط البدني والنوم الكافي والتغذية المتزنة وتخفيف التوتر.
  7. لا تتردد في أن تطلب مساعدة المختص النفسي إذا لاحظت أعراضاً عليك مثل القلق أو الاكتئاب، أو أنك أصبحت تتجنب المواقف الاجتماعية بسبب وزنك، فهو سيساعدك على تبني استراتيجيات عملية لتعيش حياة أفضل.

اقرأ أيضاً: بطلة على الرغم من التنمر: كيف صقلت الملاكمة الجزائرية إيمان خليف صلابتها النفسية؟

المحتوى محمي