ملخص: يشير ضبط النفس إلى القدرة على إدارة السلوك من أجل تحقيق الأهداف وتحسين النتائج الإيجابية وتجنب العواقب السلبية. وعلى الرغم من أنه مَلَكة تتأثر جزئياً بالوراثة، فإن التجارب والممارسة تؤدي دوراً مهماً في تعزيز القدرة على التحكم بالسلوك والعواطف. لذلك؛ وبالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يعلمون من أين يبدؤون في تعلم هذه المهارة، فيمكنهم أن يستفيدوا من شهر رمضان لتنمية قدراتهم على التحكم في أنفسهم، وذلك من خلال النصائح الموضحة في هذا المقال.
محتويات المقال
شهر رمضان شهر مقدس يحتفل به المسلمون في أنحاء العالم كافة، يتجلى بالصيام والصلاة والتأمل والأعمال الخيرية. وبالإضافة إلى فائدته الروحية، فإن هذا الشهر الكريم يقدم أيضاً فرصة فريدة للتدرب على ضبط النفس وتنمية الانضباط الداخلي. وإليك كيفية الاستفادة من ممارسات شهر رمضان من أجل تعزيز ضبط النفس وتحقيق النمو الشخصي.
اقرأ أيضاً: 10 خطوات عملية تساعدك على الانضباط الذاتي لتنجح في حياتك
8 نصائح للاستفادة من شهر رمضان في تعلم ضبط النفس
بدايةً، ماذا يعني ضبط النفس بالتحديد؟ في الواقع، ضبط النفس لا يعني فقط مقاومة الإغراءات؛ وإنما أيضاً القدرة على مراقبة الأفكار والعواطف والسلوكيات وإدارتها بما يتماشى مع القيم الشخصية والأهداف. وبالطبع، ضبط النفس أمر بالغ الأهمية لتحقيق النجاح في مختلف مجالات الحياة؛ بما فيها الصحة والعلاقات والعمل.
فقد وُجد أن الأشخاص الذين يتمتعون بقدرة أفضل على ضبط النفس يميلون إلى أن يكونوا أكثر صحة وسعادة، سواءٌ على المدى القصير أو على المدى الطويل. وإليك الآن كيف تمكن الاستفادة من الشهر الفضيل في تنمية هذه القدرة.
1. فكِّر في الصيام بوصفه أداةً لضبط النفس
أحد المبادئ الأساسية لضبط النفس هو القدرة على تأخير الإشباع الفوري للرغبات إلى أجل لاحق، وصيام رمضان يعني تأخير تناول الطعام والشراب إلى ما بعد غروب الشمس. تغرس هذه الممارسة الصبر والمرونة؛ حيث يتعلم الفرد تحمل الانزعاج الآني في السعي نحو تحقيق أهداف أسمى وأبعد أجلاً. وبالطبع، يمكن لتعلم تأخير الإشباع الفوري خلال شهر رمضان أن يمتد إلى مجالات أخرى من الحياة؛ خصوصاً عندما يُراد تبني عادات حسنة والإقلاع عن عادات سيئة.
اقرأ أيضاً: تعرف إلى الفوائد غير المتوقعة للغضب وفقاً لدراسة علمية
2. تعلّم تحديد الأهداف ووضع الخطط
غالباً ما يضع الشخص خلال شهر رمضان أهدافاً محددة تتعلق بالنمو الروحي، أو التنمية الشخصية، أو الصحة والرفاهية. ومن خلال تحديد أهداف قابلة للتحقيق وتنظيم الوقت ومراقبة التقدم مع مرور الوقت، يمكن للأفراد الاستفادة من زخم الشهر الكريم لبدء تغييرات إيجابية تستمر بعد نهايته.
لذلك؛ استغل هذا الشهر من أجل تدريب نفسك على تحديد الأهداف، وامتلاك رؤية محددة جيداً لما تريد تحقيقه، وفهم دوافعك الحقيقية، وتحديد أولوياتك، ووضع خطة مفصلة بخطوات بسيطة ومحددة زمنياً للتنفيذ؛ ما سيساعدك على تعلُّم ضبط النفس خلال رمضان وما بعده.
اقرأ أيضاً: كيف تحافظ على إنتاجيتك عندما تتدهور حالتك النفسية؟
3. مارِس التعاطف مع الذات وتعلَّم من الأخطاء
قد يواجه الشخص خلال الشهر الفضيل صعوبات في الحفاظ على ضبط النفس؛ إذ قد يشعر برغبة شديدة في تناول الطعام، أو التعب، أو يقع في هفوات الانضباط؛ لكن بممارسة التعاطف مع الذات، يمكن للفرد الاعتراف بإنسانيته، ومسامحة نفسه على الأخطاء، وإعادة الالتزام بهدفه بتصميم متجدد.
حاوِل أن تطبِّق ذلك على مجالات الحياة كافة، وفي الأوقات كافة؛ إذ وعلى الرغم من حسن النوايا والخطط الموضوعة والجهد المبذول، فإن الفشل في تحقيق الانضباط أمر جائز؛ لكن لا يعني ذلك الاستسلام؛ وإنما المثابرة والاستمرار والمحاولة من جديد. تذكّر أنه في حال فشلت في تحقيق هدف ما، فعليك أن تحدد سبب الفشل وتتعلم منه، وأن تتجنب الشعور بالإحباط أو الذنب؛ لأن هذه المشاعر ستعوق التقدم.
يقول الطبيب النفسي بندر آل جلالة إنه: "حين تسعى نحو تحقيق هدف بإتقان، ثم لا تتمكن من تحقيقه، فغالباً لا يُعد ذلك فشلاً! صحيحٌ أنك لم تحققه؛ لكنك طورت عادات والتزمت بنظام أداء ونمت لديك عضلة الانضباط الذاتي. لا تركِّز على فشلك في تحقيقه؛ ولكن ركِّز على فكرة أنك أصبحت شخصاً أفضل، وهذا ما سيعطيك القدرة على تحقيق أهدافك الأخرى".
اقرأ أيضاً: 3 عادات تزيد قدرتك على الصبر تعرف إليها
4. تأمَّل وتفكر
إن الطبيعة الاستبطانية لشهر رمضان تدعو الأفراد إلى التأمل والتفكير في قيمهم وأولوياتهم وأهداف حيواتهم، وإعادة تقييم عاداتهم ومواقفهم وعلاقاتهم ومواءمتها مع قيمهم وتطلعاتهم الأساسية. لذلك؛ استفد من هذا الاستبطان والوعي الذاتي والوقت الذي تقضيه مع نفسك في فهم أولوياتك وتحديد نقاط القوة والضعف الموجودة لديك.
تذكّر أنك عندما تحدد نقاط قوتك، فأنت تستطيع توظيفها في السعي نحو تحقيق أهدافك وتعزيز دوافعك وثقتك بنفسك. ومن ناحية أخرى، فإن الاعتراف بنقاط الضعف يعزز الوعي الذاتي؛ ما يتيح لك تحديد العقبات المحتملة أمام الانضباط، ثم اتخاذ تدابير استباقية للحد منها.
علاوة على ذلك، يمكنك أن تستغل الشهر الفضيل لتعلم التأمل الذهني؛ وهو ممارسة تنطوي على التدرب على إبطاء الأفكار المتسارعة والتخلي عن السلبية وتهدئة العقل والجسم؛ أي التركيز الكامل على اللحظة الحالية حتى تتمكن من الاعتراف بأفكارك ومشاعرك وقبولها دون إصدار أحكام. سيساعدك التأمل الذهني على تعلُّم أن تكون أكثر وعياً بذاتك لتتمكن من مقاومة الاغراءات على نحو أفضل؛ ما يعزز انضباطك الذاتي.
5. تعلَّم إدارة عواطفك وانفعالاتك
يشمل ضبط النفس القدرة على تنظيم عواطف الفرد واستجاباته إلى المحفزات الخارجية على نحو فعال. وبالطبع، يوفر شهر رمضان أرضاً خصبة لتعلم الصبر وتنظيم العواطف والوضوح العقلي؛ إذ ومن خلال مواجهة الجوع والتعب والانزعاج والمواقف العصيبة بالصبر والاتزان، فإن الفرد يعزز قدرته على التعامل مع الضغوط، وتجنب السلوكيات الاندفاعية، واتخاذ قرارات أكثر منطقية. حاوِل أن تلتزم بذلك خلال الشهر الفضيل وما يليه.
اقرأ أيضاً: لماذا بدأنا نفقد قدرتنا على الصبر؟
6. لا تستهن بطلب المساعدة ممن حولك
مما لا شك فيه أن الدعم الاجتماعي يؤدي دوراً أساسياً في تعزيز ضبط النفس والالتزام بالأهداف خلال شهر رمضان، فإحاطة النفس بأفراد الأسرة والأصدقاء وأفراد المجتمع الداعمين يمكن أن يوفر التشجيع والمساءلة في رحلة تحسين الذات.
ولا ينبغي أن يكون طلب الدعم الاجتماعي مقتصراً على رمضان؛ بل نقطة انطلاق لك في حال لم تلجأ سابقاً إلى شبكتك الاجتماعية طالباً الدعم والتحفيز والمساءلة، فوجود نظام دعم حولك سيحفزك على تقديم أفضل ما لديك، وسيساعدك على التعرف إلى العادات التي قد تعوق تقدمك ومعالجتها.
7. تدرَّب يومياً على ضبط النفس
يحتاج ضبط النفس إلى تكرار وجهد منتظم ليصبح متأصلاً في عاداتك. ومع ذلك، قد يكون الأمر صعباً؛ إذ يتطلب الكثير من التركيز والطاقة خصوصاً عند مواجهة إغراءات أو قرارات كبيرة. لذلك؛ استغل الروتين اليومي المتكرر للانضباط في رمضان من أجل بناء ضبط النفس عموماً؛ أي ركِّز على اتخاذ خطوات صغيرة بانتظام لبناء الانضباط الذي تحتاج إليه، فالتغيير الكبير المفاجئ قد يكون مخيفاً ويصعب الالتزام به. ومع مرور الوقت، ستتراكم هذه الخطوات الصغيرة على نحو يعزز قدرتك على الانضباط في مجالات مختلفة.
اقرأ أيضاً: ما سبب قلة صبر البعض على تحقق رغباته؟
8. فكِّر في العواقب
اجعل من رمضان الفترة المناسبة لتذكّر عواقب الأفعال، فالافتقار إلى ضبط النفس قد تكون له آثار سلبية في احترامك لذاتك وتعليمك وحياتك المهنية وأموالك وعلاقاتك وصحتك العامة ورفاهيتك. وتذكير نفسك بهذه العواقب قد يساعدك على البقاء متحفزاً بينما تعمل على زيادة قدرتك على الانضباط الذاتي.