ملخص: يمكن أن يكون التفكير التضخيمي أو الكارثي خطِراً، وغالباً ما يغفل عن وجوده من يعانيه ما لم يُنبَّه إليه على وجه التحديد. استمرّ في القراءة لاكتشاف علامات هذا النمط السلبي من التفكير، وأسبابه وطرائق التخلص منه.
محتويات المقال
جميعنا اختبرنا في مرحلة من مراحل حيواتنا ذلك الميل إلى تضخيم المواقف إلى كوارث أو ما يسمى بـ "التفكير الكارثي"؛ وهو توقع السيناريو الأسوأ حتى إن لم تكن ثمّة أيّ مؤشراتٍ ظاهرةٍ على وقوعه. وعلى الرغم من شيوع هذه الحالة، فقد يختلف الأفراد في قدراتهم على إدارة هذا النمط من التفكير؛ حيث يواجه البعض نمطاً مزمناً أكثر من غيره إلى درجة قد تعوق قدراتهم على الإنجاز أو تخطي الصعاب مهما كانت بسيطة.
يوضّح الاختصاصي النفسي، أسامة الجامع؛ الذي يصف الميل إلى تضخيم المواقف إلى كوارث بـ "التفكير التضخيمي"، إن بعض الأشخاص قد يرون الحياة من خلال ثقب إبرة، وقد يصلون إلى مرحلة يعتقدون فيها أن حيواتهم قد انتهت لأسباب بسيطة أو حتى تافهة أحياناً؛ مثل التعرض إلى السرقة أو انتهاء علاقة عاطفية أو الرسوب في مادة دراسية. لكن هؤلاء الذين يحكمون على حياةٍ بأكملها من خلال تجربة واحدة سلبية أو مؤلمة، هم أنفسهم يتحسنون بعد بضعة أشهر ناسين ما ألمّ بهم.
ماذا يُقصد بتضخيم المواقف إلى كوارث (Catastrophizing)؟
يُشير مفهوم تضخيم المواقف إلى كوارث أو التفكير التضخيمي (Catastrophizing) إلى الميل إلى توقّع السيناريو الأسوأ باعتباره النتيجة الأعلى احتمالاً، أو تصوّر الموقف على أنه أكثر خطورة مما هو عليه في الواقع. ويعدّ هذا النمط في التفكير المعروف أيضاً باسم "التفكير الكارثي" واحداً من التشوهات المعرفية (Cognitive distortions). ومن ضمن الأمثلة الشائعة لهذا الأسلوب من التفكير نذكر على سبيل المثال ما يلي:
- افتراض أن أي تقصير منك في العمل سيؤدّي إلى فصلك النهائي منه.
- الاعتقاد أن الرسوب في الامتحان سوف يحبط فرصك في القبول في الجامعة، والحصول على الوظيفة المرغوبة لاحقاً.
- الاعتقاد أن ترك انطباع أولي سلبي سيترتّب عنه عدمُ نجاح العلاقة العاطفية، وبقاؤك وحيداً في نهاية المطاف.
اقرأ أيضاً: كيف تسيطر على الأفكار السلبية؟
كيف تعرف أنك تمارس هذا النمط من التفكير؟
التفكير الكارثي هو تجربة شائعة لدى معظم الأفراد في مرحلة ما من حيواتهم؛ غير أنه يصبح مشكلة حقيقية عندما يتداخل على نحوٍ كبير مع أدائك اليومي. خلال تعرّضك إلى هذا التفكير، قد تبدأ التشكيك في استحقاقك للنتائج الإيجابية أو في إمكانية حدوث أحداث إيجابية في حياتك، فتبدأ البحث عن الأسباب التي قد تؤدي إلى فشل أمورك؛ ما يزيد، عن غير قصدٍ، إمكانية حدوث تلك النتائج التي تخشى حدوثها!
ويعد الميل إلى تضخيم المواقف إلى كوارث في كثير من الأحيان أحد أعراض حالاتٍ أساسية في مجال الصحة النفسية؛ مثل القلق أو الاكتئاب. وقد يكون تحديد ما إذا كنت تعاني هذه الحالة أمراً صعباً؛ ولكن ثمة مؤشرات قد تستطيع من خلالها التعرّف إلى ذلك وهي كالتالي:
- لديك مشاعر عامة من الاكتئاب أو القلق أو التشاؤم.
- تشعر وكأنك عالق في دوامة من الأفكار، وأفكارك تتسابق في ذهنك.
- تختبر مشاعرَ غامرة من الغضب أو الخوف.
- تتعرّض إلى الحديث السلبي الداخلي.
- تفرط في البحث عبر الإنترنت عن حلولٍ لأي مشكلة تواجهك.
- تفرط في التفكير في أيّ موقف أو خيار أو حدث.
ما الأسباب التي يمكن أن تدفعك إلى تضخيم المواقف إلى كوارث؟
لم يستطع الباحثون وخبراء الصحة النفسية تحديد سببٍ واحدٍ دقيق وراء ميول بعض الأشخاص إلى تضخيم المواقف إلى كوارث؛ ولكن أدرجوا عواملَ مختلفة من المحتمل أنها تسهم على نحوٍ كبير في نشوء هذه الحالة؛ ونلخّصها كالآتي:
- وجود اختلافات في كيمياء الدماغ، أو تغيرات في العمليات المعرفية.
- اكتساب نمط التفكير الكارثي كآلية للتكيّف من العائلة أو المقربين.
- تراكم الاستجابات السلبية إلى أحداث أو تجارب حياتية رئيسة مثل فقدان الوالدين العملَ أو الطلاق أو التعرّض إلى الصدمة.
- اختبار الألم المزمن الذي قد يغيّر استجابات الغدة النخامية ومنطقة ما تحت المهاد في الدماغ، ويزيد نشاط منطقة الدماغ المسؤولة عن المشاعر المرتبطة بالألم.
- ارتباط التفكير الكارثي بالمعتقدات الأساسية الراسخة كآلية لتنظيم الاستجابات العاطفية السلبية؛ ما يؤدي إلى ظهور أعراض جسدية بسبب الضغط الناتج عن التركيز على الأفكار السلبية.
- تدني احترام الذات والخوف؛ ما يؤدي إلى الشعور بعدم القدرة على إدارة المشكلات أو إدارة الأحداث على نحو فعّال.
- الاكتئاب والقلق والألم المزمن والإرهاق.
6 تقنيات لكي تتوقّف عن تضخيم المواقف إلى كوارث
ينطوي التفكير التضخيمي أو الكارثي على أفكار سلبية متكررة تركز على أسوأ نتيجة يمكن تصورها لموقف ما، حتى لو كانت غير محتملة بتاتاً. لذا؛ يستخدم متخصصو الصحة النفسية العلاج المعرفي السلوكي (CBT) لمساعدة الأفراد على معالجة أنماط تفكيرهم الكارثية؛ حيث يساعدهم هذا العلاج على الوعي بحالاتهم، والاعتراف بسلوكياتهم، وإدارة التفكير غير العقلاني وتصحيحه. ولمساعدتك على إدارة نمط تفكيرك الذي يميل إلى تضخيم المواقف إلى كوارث، ننصح بالتالي:
- تنمية الوعي بأفكارك وعواطفك، والتعرف إلى أنماط التفكير غير العقلاني لديك.
- الاعتراف بتقلبات الحياة، فوجود يومٍ سيئ واحد أو تعرّضك إلى حدثٍ سلبي لا يعني أن حياتك كلها كذلك.
- التدرّب على كسر دائرة الأفكار الكارثية، ومقاطعة تيار أفكارك السلبية الجارف، وإعادة صياغة تلك الأفكار إلى وجهات نظر أكثر واقعية.
- تحويل التركيز على أسوأ السيناريوهات نحو الاحتمالات الإيجابية أو الأقل سلبية.
- الانخراط في تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق أو التأمل لتخفيف التوتر.
- تعزيز الحديث الإيجابي الداخلي، والتوكيدات (Affirmations) لمواجهة أنماط التفكير السلبية.
اقرأ أيضاً: 6 عقد نفسية شهيرة: إليك الأسباب الخفية وراءها
وختاماً، التفكير التضخيمي أو الميل إلى تضخيم المواقف إلى كوارث هو تشوه معرفي شائع يصيب العديد من الأفراد، ولا يُتعَرَّف إليه غالباً. ناقش هذا المقال أسباب هذا التفكير، وقدّم حلولاً ينصح بها خبراء الصحة النفسية تبدأ من اعترافك بتحديات الحياة الحتمية، وتقنيات أخرى مهمة لكي تساعد نفسك على تبني عقلية أكثر إيجابية.