لماذا قد يلازمك الشعور بعدم الاستحقاق؟ وكيف تتغلب عليه؟

3 دقائق
الشعور بعدم الاستحقاق
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: هل شعرت من قبل أنك لا تستحق منصباً ما أو نجاحاً بعينه؟ ربما يكون ذلك دليلاً على معاناتك من الشعور بعدم الاستحقاق؛ الذي تقف وراءه أسباب عديدة لكن يمكن التغلب عليه باتباع بعض الإرشادات العملية التي يستعرضها هذا المقال.

يعاني البعض شعوراً دائماً بأنه لا يستحق الأحداث السارَة أو النجاحات المفرحة في حياته، ودائماً ما يشكك في أهمية الإنجازات التي يحققها ويقلل من شأنها، وهو ما يعرّفه المختصون النفسيون بـ "الشعور بعدم الاستحقاق".

ويمتد هذا الشعور أحياناً إلى التقليل من قيمة النفس ولومها؛ ما ينعكس سلباً على حياة الشخص اليومية، فيجد صعوبة في تحقيق أهدافه نتيجة قناعته بأنه ليس بإمكانه إحداث أي فرق في محيطه، فما الأسباب التي تقف وراء الشعور بعدم الاستحقاق؟ وكيف يمكن التغلب عليه؟ هذا ما سنتعرف إليه في مقالنا.

ما الذي قد يجعلك تشعر بعدم الاستحقاق؟

تقف عدة أسباب وراء شعور الإنسان بعدم الاستحقاق؛ وأهمها:

1. التربية الخاطئة

يؤكد الاستشاري الأسري الكويتي، جاسم المطوع وجودَ أخطاء تربوية ينتج منها الشعور بعدم الاستحقاق في مختلَف المراحل الحياتية؛ وأهمها المقارنة بين الأبناء، وخصّ بعضهم بالتدليل، أو شراء الهدايا لأحدهم دوناً عن أخوته، أو تركهم يستخدمونها من بعده، وكذلك كثرة انتقاد الأبناء والمبالغة في تأنيبهم ولومهم، إلى جانب إسناد دور قيادة الإخوة الباقين إلى أحد الأبناء وإجبارهم على طاعته؛ ما يقلل ثقتهم بأنفسهم ويُضعف قدرتهم على اتخاذ القرارات.

ومن الأخطاء الشائعة أيضاً أمر البنات بخدمة الأولاد ظناً من الوالدين أن ذلك سيجعل البنت مطيعة لزوجها في بيته؛ بينما يولّد هذا السلوك بداخلها لاحقاً الشعور بالدونية وعدم الاستحقاق. ويضيف المطوع إن من الأخطاء عدم إعطاء الوالدين فرصة لأبنائهم من أجل توضيح وجهات نظرهم، والصراخ في أوجههم وأمرهم بالطاعة الدائمة دون نقاش.

2. الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية

يسهم بعض الاضطرابات النفسية في المعاناة من الشعور بعدم الاستحقاق؛ مثل اضطراب ثنائي القطب أو الاكتئاب أو القلق أو اضطراب ما بعد الصدمة. فعلى سبيل المثال؛ يؤكد المعهد الوطني الأميركي للصحة النفسية (National Institute of Mental Health) أن الشعور بانعدام القيمة يمكن أن يكون من أعراض الاكتئاب، وبخاصة في حال استمراره لمدة أسبوعين أو أكثر.

3. اجترار الماضي

ينهمك البعض في اجترار القرارات السلبية التي اتخذها في ماضيه والتفكير بها وبتأثيرها في حاضره ومستقبله؛ ما يوقعه -للأسف- في سلسلة من الأخطاء الجديدة نتيجة عدم تركيزه على الحاضر بما يكفي، ويسبب ذلك الشعور بعدم الاستحقاق والاعتقاد بأنه لا مساحة لظهور الأحداث الجيدة في حياة الشخص.

4. تدنّي احترام الذات

يُعد تقدير الذات أحد الأعمدة الأساسية للصحة النفسية السليمة؛ لذلك عندما يقلل الشخص من نفسه وتقديره لذاته سيشعر بانعدام ثقته في نفسه وعدم الاستحقاق.

5. الميل إلى الكمالية

يضع الكماليون توقعات عالية غير واقعية لأنفسهم، وعندما لا ينجحون في تحقيقها يُحبَطون إلى درجة تجعلهم يشعرون بعدم الاستحقاق، فهم ينظرون إلى الأهداف الحياتية التي يسعون إلى تحقيقها بأنها إما أن تتحقق كاملة وإما ألا تتحقق نهائياً، وليس عندهم اختيار وسط.

6. المبالغة في لوم النفس

يظن البعض أنه المسبب الرئيس للأحداث السلبية التي تواجهه؛ ما يجعله ينهمك في لوم ذاته دائماً ومن ثَم يشعر بأنه لا يستحق الأحداث الإيجابية من الأساس!

5 إرشادات عملية للتغلب على الشعور بعدم الاستحقاق

إذا كان يلازمك الشعور بعدم الاستحقاق وتعاني تأثيرَه السلبي في حياتك الشخصية، يمكنك أن تتبع العديد من الإرشادات العملية التي تساعدك في التغلب عليه؛ وأهمها:

1. تقبَّل مشاعرك

مهما بذلت من جهد في الهروب من مشاعرك السيئة، ستجد أن ذلك يزيد وضعك سوءاً؛ لذا فالخطوة الأولى هي أن تتقبل شعورك بعدم الاستحقاق وتتفهمه، وتبحث عن الأسباب الرئيسة التي تقف وراءه، حتى تنجح في التعامل معه بعد استيعابه.

2. شارِك مَن حولك

تُعد هذه الخطوة مهمة لمساعدتك على مواجهة الشعور بعدم الاستحقاق، فإلى جانب أنك ستجد مَن يستمعون إلى تفاصيل معاناتك، فهم ربما سيقترحون عليك حلولاً فعالة تطبقها للتغلب عليها كما سيرفعون معنوياتك؛ ما سيجعلك أقدر على تجاوز شعورك المزعج.

3. ابذل ما في وِسعك ولا تتطلع إلى الكمالية

ستظل في حياتك أمور خارجة عن إرادتك مهما حاولت السيطرة عليها؛ لذا فالأفضل أن تبذل جهدك في الحدود المعقولة، وألا تسعى وراء عيش حياة خالية من العيوب لأن ذلك من المستحيلات.

4. كُن لطيفاً مع نفسك

ينبع الشعور بعدم الاستحقاق في كثير من الأحيان من لوم الذات المستمر ومعاملتها بحدة؛ لذا فإن رِفقك بنفسك والنظر إليها بإيجابية سيسهم في التغلب على مشاعرك السلبية.

5. جرّب أن تساعد الآخرين

عندما تشعر بعدم الاستحقاق، سيكون من المفيد التركيز على الأفعال التي تساعدك في التغلب على شعورك؛ ومنها القيام بأنشطة تطوعية حتى لو كانت بسيطة مثل مساعدتك لشخص محتاج، فهذا يمكن أن يُشعرك بالإيجابية، ويوقف اجترار الأفكار السلبية المرتبطة بالشعور بعدم الاستحقاق بدرجة كبيرة.

أخيراً، ربما تجد أنه على الرغم من اتباعك الإرشادات العملية السابقة فلم تتمكن من تجاوز الشعور بعدم الاستحقاق، وفي هذه الحالة سيكون من المفيد اللجوء إلى معالج نفسي يضع لك خطة علاجية تساعدك في التغلب على هذا الشعور المزعج ومن ثَم تحسين جودة حياتك.

المحتوى محمي