ملخص: يعرف معظمنا شخصاً واحداً على الأقل صعب المراس، فقد يقلل من شأنك، أو يشكك في تصرفاتك، أو يكون متسلطاً، أو يبالغ في ردود أفعاله العاطفية، أو يستحيل إقناعه، أو يرفض الاعتراف بالأخطاء. وعلى الرغم من هذه التحديات، فقد يتحتّم عليك غالباً التعامل مع هذه الشخصية، فكيف ذلك؟ أولاً، عليك أن تفهم السبب الجذري لسلوكه، وألا تنخرط في التفاعل معه ما لم تكن هادئاً ومركزاً، كما من المهم إظهار التعاطف وتفهم وجهة نظره، والتواصل بأسلوب حازم بدلاً من العدواني أو الاندفاعي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد كل من الفكاهة والتركيز على أهدافك وتعديل نهجك بناءً على الموقف على التعامل بنجاح مع الشخصيات الصعبة. ودون أن ننسى أهمية إعطاء الأولوية لرعاية النفس وطلب الدعم من الأشخاص المقربين الإيجابيين، أو استشارة المتخصص النفسي عند الضرورة للحفاظ على المرونة العاطفية. وبالطبع، لا بأس من الابتعاد عن المواقف أو تقليل التواصل مع هؤلاء أو قطع العلاقات نهائياً عند الضرورة بهدف الحفاظ على السلامة النفسية.
محتويات المقال
يعرف معظمنا شخصاً واحداً على الأقل ممّن يمكن أن نسميهم شخصيات صعبة؛ وهم أشخاص قد يقللون من شأنك، أو يشككون في كل ما تقوله وتفعله، أو متسلطون، أو يبالغون في استجاباتهم العاطفية، وغيرهم.
ويزيد على ذلك الطبيب النفسي، محمد اليوسف، قائلاً إن من الشخصيات التي يصعب التعامل معها أيضاً شخصٌ يُصعب إقناعه مهما امتلكت من أدوات وحجج في الإقناع، وإن اقتنع، فلن يعترف. بالإضافة إلى الشخص دائم التذمر والشكوى الذي يصعُب إرضاؤه، فضلاً عن ذلك الذي لا يعترف بالخطأ، فهو متلاعب ومتحايل ومستعد لاختلاق القصص الوهمية والأكاذيب فقط حتى لا يقرّ بخطئه.
وأنت تعلم بالطبع كم هو مرهقٌ التعامل مع شخص صعب المراس؛ لكن وعلى الرغم من الصعوبة، فقد لا يكون من ذلك بُدٌّ في كثير من الحالات. لذلك، سنوضح في هذا المقال أهم 10 نصائح فعالة ستساعدك على النجاح في التعامل معه دون أن يضر بصحتك النفسية.
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع شخص لا يقدر قيمتك؟
1. تفهَّم سبب سلوكه
من المفهوم بالطبع أن تستصعب التعاطف مع شخص ينكّد حياتك بطبعه الصعب؛ لكن فهم السبب الجذري وراء سلوكه يمكّنك من معرفة الخطوات اللازمة للتعامل أو التأقلم معه. ويمكن القول إن ثمة العديد من العوامل الداخلية والخارجية التي تجعل الشخص سريع الانفعال أو عدوانياً أو منعزلاً أو قاسياً. منها:
- التوتر المفرط: عندما يتعرض الشخص لضغوط شديدة بسبب العمل أو الأسرة أو الحياة، فقد يصبح قلقاً أو سريع الانفعال أو متقلب المزاج، وقد تتأثر قدرته على الصبر وإدارة المشاعر، ما يصعِّب في المحصلة التعامل معه.
- وجود المحفزات: يمكن للتجارب المؤلمة السابقة وصدمات الطفولة، مثل الإساءة اللفظية أو سوء المعاملة، أن تترك ندوباً عاطفية عميقة. لذا وعندما يحدث موقف يذكّر الشخص بتلك اللحظات، فقد يتفاعل بطريقة دفاعية أو انفعالية أو هجومية.
- مشكلات التواصل : يؤدي كلٌ من عدم القدرة على التواصل مع الآخرين أو سوء الفهم أو الافتقار إلى التعبير الواضح عن النفس إلى الشعور بالإحباط، فإذا شعر الشخص بأن الآخرين لا يستمعون إليه أو يسيئون فهمه، فقد يتفاعل بسلوك سلبي أو صعب.
- القضايا الشخصية: يمكن أن تؤثّر الصعوبات الشخصية، مثل مشكلات العلاقات العاطفية، أو الصراعات المالية، أو مشكلات الصحة النفسية، في كيفية تفاعل الشخص مع الآخرين. فقد تؤدي هذه التحديات إلى استنزاف طاقاته العاطفية والتأثير في قدرته على التعامل بهدوء أو تعاطف مع الآخرين.
- سمات الشخصية: قد يتعارض الشخص ذو الشخصية القوية أو المهيمنة مع الآخرين، وخاصة عندما تختلف الآراء، ما يسبب نشوء الصراعات والتوتر، وتحديداً عند المواجهة مع أشخاص أقوياء آخرين.
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع شخص يقلل قيمتك؟
2. حافِظ على هدوئك
ليس سهلاً أن تبقى هادئاً في حال كان شخصاً ما يهينك أو يهددك أو يستفزك بأسلوبه وكلامه؛ لكن الحفاظ على الهدوء يمنع تصعيد الموقف. لذا، انتظر 5 ثوانٍ على الأقل لمراقبة ردود أفعالك العاطفية والجسدية قبل التفاعل مع هذا الشخص، وتجنَّب الانخراط في أيّ نوع من المحادثات أو التحديات عندما تكون مشاعرك متوترة.
أي ركّز أولاً على تنظيم حالتك العاطفية عبر أخذ أنفاس بطيئة وعميقة، وقد يساعدك التركيز على اللحظة الراهنة، عبر إحدى تقنيات اليقظة الذهنية، على الهدوء. ومن المهم أن تتعرف إلى المحفزات التي تدفعك نحو فقدان صبرك أو الشعور بالإحباط عند التعامل مع الآخرين، حتى تتمكن من إدارة ردود أفعالك بصورة أفضل. عموماً، يُعد كلاً من الوعي الذاتي وتنظيم العواطف عاملان مهمان يساعدانك على إدارة تفاعلاتك والحفاظ على رباطة جأشك في المواقف الصعبة.
3. أبدِ التعاطف
عامِل الناس كما تحب أن يعاملوك، صحيح؟ في الواقع، كثير ما يتغير الآخرون فقط عندما نغيّر طريقة تعاملنا معهم. لذا، ابدأ بالاستماع الفعال إلى وجهة نظره، وركِّز على ما يحاول توضيحه، وتجنّب مقاطعته، وحاوِل تحديد احتياجاته الأساسية. ثم ضع نفسك في مكانه، وهذا يعني مراعاة وجهة نظره، دون الموافقة عليها بالضرورة، ولكن مع إظهار التعاطف والتفهم؛ فذلك من شأنه أن يخفِّف التوتر ويفتح المجال أمام التواصل المثمر.
ولإيجاد الحلول، من الضروري احترام احتياجات كلا الطرفين، فبدلاً من التنازلات التي لا يشعر أحد بالرضا عنها، ابحث عن حلول وسطى ترضي الأطراف جميعها، فهذا من شأنه أن يعزز الاحترام المتبادل، حتى لو ظلت الخلافات قائمة.
ومرة أخرى، حافِظ على هدوئك طوال فترة التفاعل، وخُذ استراحة من الموقف لاستعادة رباطة جأشك قبل العودة إلى المحادثة إذا لزم الأمر. وتذكّر أنه عليك في كثير من الأحيان أن تتقبل الناس كما هُم دون أن تسعى جاهداً إلى تغييرهم، وأن تعترف بالصفات الإيجابية التي يمتلكونها.
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الشخص الذي يختفي ويظهر وفقاً لمصلحته؟
4. تواصَل بحزم وليس بعدوانية
التواصل المباشر والمحترَم هو أفضل فرصة للتعبير عن نفسك والدفاع عن وجهة نظرك لكن مع احترام حقوق الآخرين في الوقت نفسه. في المقابل، سيفشل التواصل بأسلوب سلبي أو عدائي في توضيح وجهة نظرك؛ لأن الشخص سوف يتفاعل مع طريقتك في الكلام وليس مع فحوى كلامك.
لذا، قيّم أسلوبك في التواصل وافهم أخطاءك؛ سواء كانت سرعة الانفعال أو إلقاء اللوم على الآخرين، وذلك قبل البدء في إجراء التغييرات اللازمة. وعند النقاش، استخدم عبارات تتضمن ضمير المتكلم "أنا"، فهي عبارات تساعدك على التعبير عن مشاعرك دون إلقاء اللوم والاتهامات على الشخصية الصعبة، ما قد يخفف حدة الدفاع عندها ويفتح المجال للتواصل الصحي.
وعليك أن تحدِّد بوضوح السلوكيات التي لن تتسامح معها. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول، "لن أشارك في هذه المحادثة إذا كنا نصرخ". أخبره بما هو مقبول بالنسبة لك بطريقة حازمة ولكن محترمة.
تذكّر أن تستخدم لغة الجسد لصالحك؛ لأن التواصل لا يقتصر على الكلمات فقط، بل ينبغي أيضاً أن تكون حركاتك ونبرة صوتك تنمّان أيضاً على احترام وانفتاح. لذلك، حافظ على استقامة وضعية جسمك مع الانحناء قليلاً إلى الأمام، واحرص أن تتواصل بصرياً مع الشخص المقابل، وأن تكون تعبيرات وجهك محايدة أو إيجابية.
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الشخص المستفز دون أن تفقد صوابك؟
5. ركّز على غايتك من النقاش
من السهل عندما تتعامل مع شخصية صعبة أن تنجرف إلى حالة من الإحباط أو الغضب، ما سيشتت انتباهك عما تحاول تحقيقه أساساً. على سبيل المثال، إذا كان شخص ما وقحاً أو غير متعاون، فقد تركّز على مدى سوء تصرفه، بدلاً من التركيز على ما تحتاجه من ذلك الشخص.
لذا من المفيد أن تبقي هدفك الرئيسي في الاعتبار، سواء كان الحصول على معلومات أو حل مشكلة أو تقديم طلب رسمي بخصوص أمر ما. فمن خلال التركيز على النتيجة، يمكنك تجنب الانحراف عن المسار بسبب سلوك الشخص الآخر والتركيز على تحقيق هدفك. بهذه الطريقة، تظل هادئاً ومنتجاً.
6. عدّل نهجك في التعامل بما يتناسب مع الموقف
قد تختلف الطريقة التي تتعامل فيها مع الشخصيات الصعبة تبعاً للمواقف. ففي مكان العمل على سبيل المثال، قد يساعدك فهم دوافع الشخصية الصعبة على التعامل معها؛ فقد يشعر زميل العمل بالتوتر من ضغط العمل، أو بأن وظيفته مهددة سواء منك أو من زميل آخر.
على كل الأحوال، لا تأخذ الأمور على محمل شخصي، وقلل عدد المرات التي تتفاعل فيها معه. يمكنك استخدام قاعدة "1:3" ؛ وتعني التعامل مع زميل صعب المراس في حالة واحدة فقط من بين كل 3 حالات تقريباً يحاول فيها استفزازك أو تحدّيك. يساعدك هذا على إدارة طاقتك وتجنُّب الانجرار إلى كل مواجهة أو صراع غير ضروري. وإذا لزم الأمر، اُطلب من المشرف أو قسم الموارد البشرية التوسط إذا أصبح السلوك مزعجاً جداً.
أما فيما يخص جوّ الأسرة والأصدقاء، فغالباً ما تكون النزاعات شخصية وطويلة الأمد. لذا، حاول أن تضع حدوداً ثابتة توضح فيها السلوكيات المقبولة التي تتسامح معها وتلك غير المسموحة، وحاول أن تكون انتقائياً بشأن المعلومات الشخصية التي تفصح عنها للآخرين، خاصة إذا كان من المحتمل أن تؤدي إلى صراعات مستقبلية.
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الإهانة؟ 5 نصائح تساعدك
7. استخدم وسائل التشتيت أو الفكاهة عندما يكون ذلك مناسباً
عندما يكون الجوّ مشحوناً، يمكن أحياناً لنكتة خفيفة في مكانها أو ردّ ذكي ينطوي على فكاهة أن يخففا حدة الموقف، كما قد يساعدك توجيه المحادثة بعيداً عن الصراع إلى جانب محايد أو إيجابي على تقليل التوتر.
8. اعرف متى تبتعد
أعطِ صحتك النفسية الأولوية، فإذا كان شخص ما يتجاهل حدودك باستمرار، أو أصبح التعامل معه مرهقاً عاطفياً في الحالات معظمها، فلا بأس من الابتعاد، سواء ترك المحادثة أو الحد من التواصل معه أو إنهاء العلاقة.
9. اعتنِ بنفسك
ممارسة الرعاية الذاتية بعد التعامل مع أشخاص صعبين أمر ضروري لاستعادة التوازن العاطفي وبناء القدرة على الصمود. لذا، انخرط في أنشطة تعزز مزاجك وتخفف توترك، مثل التأمل أو الذهاب في نزهة في الطبيعة أو مشاهدة فيلم أو قراءة كتاب أو البستنة. وبالطبع، يمكن أن يكون النشاط البدني المنتظم أيضاً أداة فعالة؛ إذ يزيد إفراز الإندورفين الذي يحسِّن الحالة المزاجية.
من المهم أيضاً أن تعترف بمشاعرك دون إصدار أحكام. ويمكن لتدوينها في مذكراتك أو التحدث إلى صديق موثوق أن يمنعا المشاعر السلبية من التراكم والتأثير في حالتك المزاجية. أخيراً، من المهم جداً أن تنال قسطاً كافياً من النوم وتتبع نظاماً غذائياً صحياً ومتوازناً، ومن المفيد أن تمارس الامتنان وتقوّي علاقاتك مع الأشخاص الإيجابيين الداعمين؛ لأن ذلك سيعزز مرونتك الجسدية والنفسية على السواء، ما يسهّل في المحصلة التعامل مع المواقف الصعبة مستقبلاً.
10. اطلب الدعم
قد تحتاج في بعض الأحيان إلى مساعدة مديرك في العمل أو صديق موثوق به أو معالج نفسي متخصص للتغلب على هذه التحديات. لذا، لا تتردد في طلب المساعدة أنما شعرت أنك تحتاجها.