مدير في مؤسسة عربية؟ إليك خطة التعامل مع الاحتراق الوظيفي

3 دقيقة
الاحتراق الوظيفي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

ينتشر في محيطنا اليوم على منصات التواصل الاجتماعي الكثير من المنشورات الجادة والكوميدية أيضاً التي تشير بشكل أو بآخر إلى معاناة أصحابها الاحتراق الوظيفي، وفي الحقيقة إن هذه الظاهرة لا تحتمل المزاح، فوفقاً للطبيب النفسي إبراهيم حمدي الاحتراق الوظيفي ليس مجرد تعب مؤقت، إنما هو استنزاف للروح والجسد يضع الشخص بين مطارق الضغوط وسندان التوقعات التي لا تنتهي، فيسرق منه الشغف والحماس، لذا، حسب حمدي، يتطلب التعافي أكثر من مجرد الحصول على راحة، وذلك بالعمل على إعادة اكتشاف الذات.

وترتبط نسبة كبيرة من عملية التعافي بالدور الإداري الذي يقوم به مدير مؤسستك وما يضعه من سياسات تسهم في وقايتك من الاحتراق الوظيفي، وأيضاً تسريع عودتك للعمل بقوة حال وصولك إلى مرحلة الاحتراق وتراجع أدائك المهني، لذا سنشرح في هذا المقال العلامات التي تؤكد إصابة الموظف بالاحتراق الوظيفي، والكيفية التي يمكن من خلالها لمديره أن يتعامل مع الموقف بحكمة.

ما الذي أدى إلى انتشار الاحتراق الوظيفي في العالم العربي مؤخراً؟

تلفت مستشارة علم النفس التنظيمي، هاجر القايدي، الانتباه إلى أن احتمالية التعرض للاحتراق الوظيفي تختلف باختلاف مجال العمل، فهناك مثلاً المجال الطبي الذي تزيد نسبة تعرض العاملين به للاحتراق الوظيفي، وكذلك الأشخاص العاملون في وظائف تتطلب التواصل مع الجمهور الذي تصفه القايدي بأنه يستهلك الكثير من الطاقة.

أما الأسباب المؤدية للاحتراق الوظيفي فتنقسم بين الموظف والمؤسسة، فأحياناً يكون السبب وجود تعارض بين القيم الشخصية والقيم المؤسسية، وأيضاً قد يتمثل السبب في مهارات الموظف من حيث ارتفاع حدود توقعاته وعدم واقعيته وانخفاض قدرته على التكيف.

هناك أيضاً سبب ترى القايدي أنه يسهم في ازدياد نسبة الاحتراق الوظيفي، وهو اتساع المسافة بين المدراء والموظفين، والتي تعرف بمسافة السلطة، وينعكس ذلك في غياب الحقائق؛ فالموظف يعمد إلى مخاطبة المدير انطلاقاً من مراعاة مكانته العالية، وذلك يؤسس لقاعدة أنه كلما قلت مسافة السلطة ازدادت جودة بيئة العمل.

من جانبها تركز الطبيبة النفسية أفنان الغامدي على سمات بيئة العمل ودورها في الإصابة بالاحتراق الوظيفي مثل زيادة ضغط العمل، وتضرب مثلاً عليها بأن يعمد المدير إلى إسناد الكثير من المهام إلى الموظف في مدى زمني قصير، وتشير الغامدي في الوقت نفسه إلى دور الموظف في الموازنة بين حياته وعمله وإعطاء وقت منطقي لإنجاز مهامه دون أن يضغط على نفسه.

ووفقاً للمختصة النفسية نوف القنيبط، فالاحتراق الوظيفي يزداد بين السيدات العاملات نتيجة رغبتهن في إثبات قدرتهن على الوصول إلى مناصب قيادية، إلى جانب مواجهتهن حرباً يقودها ضدهن بعض المدراء الذين يرون أنهن غير أكفاء على المستوى المهني، لا سيما في القطاع الخاص.

10 علامات تخبرك أن الموظف الذي أمامك محترق وظيفياً

في حال كنت تشغل منصباً إدارياً في إحدى المؤسسات العربية وتود أن تكتشف الموظفين الذين يعملون معك وهم محترقون وظيفياً، فإليك أهم العلامات التي ستخبرك:

  1. ضعف الأداء وعدم القدرة على تأدية المهام العادية.
  2. زيادة معدل الأخطاء.
  3. الغضب بسهولة والميل إلى الحساسية من أبسط المواقف.
  4. تكرار الغياب أو التأخير.
  5. افتقاد الدافع أو الحماس للمشاركة.
  6. الشكوى من الشعور بالإرهاق المستمر.
  7. الميل إلى العزلة والانسحاب من المحيط الاجتماعي للزملاء.
  8. علامات جسدية مثل الهالات السوداء أو بهتان البشرة.
  9. تراجع النظافة الشخصية.
  10. علامات لتعاطي الكحول أو المخدرات.

اقرأ أيضاً: ما هو الاحتراق الوظيفي؟ وما الفرق بينه وبين الانتحار الوظيفي؟

كيف تتعامل مع الاحتراق الوظيفي انطلاقاً من منصبك الإداري؟

لنكن واقعيين ولنقل إن جزءاً كبيراً من مشكلة الاحتراق الوظيفي يقع على بيئة العمل وعلى رأسها المدير الذي يضع آلية عمل موظفيه ويتابع أداءهم، لذا في حال كنت تعمل مديراً سنمدك بمجموعة من الخطوات العملية التي تسهم في تقليل احتمالية إصابة موظفيك بالاحتراق، أهمها:

  1. اهتم بإيجاد مساحة آمنة للتعبير عن المشكلات تشجع الموظفين على مشاركة ما يشعرون به فور ظهوره، حتى لا تتفاقم أعراض الاحتراق الوظيفي بداخلهم في صمت ثم تنفجر فجأة في وجه المؤسسة مسببة لها خسائر كبيرة.
  2. أرسل باستمرار استمارات لقياس رضا الموظفين مع إتاحة الفرصة للموظف ليجيب عنها دون إضافة اسمه حتى يتمكن من التعبير بحرية وصدق عما يعانيه، واحرص على وضع أسئلة تستشف من خلالها إذا كان الموظفين يعانون أم أنهم سعيدون بوظائفهم.
  3. كن دقيقاً عند توزيع أعباء العمل، وضع في حسبانك إذا كانت تتماشى مع طاقتهم ووقتهم أم تحملهم ما لا يطيقون، لا بأس بالطبع أن تكون هناك بعض الأوقات الطارئة التي يتسارع فيها إيقاع العمل، لكن المهم ألا يستمر ذلك فترات طويلة على نحو يؤدي إلى استنزاف طاقات الموظفين.
  4. أخضع أسلوبك الإداري للتقييم باستمرار بطرائق مختلفة، مثل مقارنته بأساليب المدراء الآخرين، أو الاستعانة بمستشارين إداريين، ولا تتردد أن تصلح الأخطاء فور ظهورها.
  5. شجع الموظفين على التعبير عن حالتهم النفسية بإقامة فعاليات دورية للتوعية بأهمية الصحة النفسية، وكذلك الاستعانة بمؤسسات متخصصة تقدم خدمة العلاج النفسي لمن يحتاجها من الموظفين، أو توفير التغطية التأمينية لزيارة مختص الصحة النفسية.
  6. اجعل مكان العمل جذاباً بأن تضيف إليه لمسات مثل المقاعد المريحة والنباتات ذات الألوان الزاهية والرسومات الفنية، فجميع ما سبق يجعل الموظف يعمل بحالة مزاجية أفضل.
  7. ادفع من يعملون معك إلى أخذ إجازاتهم والانفصال خلالها عن أعباء العمل تماماً حتى يتمكنوا من الاستمرار في تأدية مهامهم بأفضل أداء ممكن، إلى جانب حرصك على أن يضعوا حدوداً فاصلة بين حياتهم المهنية والشخصية تمكنهم من عيش حياة متزنة.
  8. رسخ أحقية موظفيك في الاعتراض على القرارات التي يرونها غير مناسبة أو أنها تحول عملهم إلى معاناة لا تحتمل.
  9. اجعل نظام العمل الخاص بشركتك يتضمن سياسة مفصلة لمكافحة التحرش والتنمر، حتى يشعر الموظف بالأمان النفسي ويتمكن من العمل بكفاءة.

اقرأ أيضاً: كيف تدير طاقتك وتتجنب الاحتراق النفسي؟

المحتوى محمي