نصائح فعالة للتعامل مع أسلوب التزييف المستقبلي في العلاقات

(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية

ملخص: ما من شخص كامل وما من علاقة خالية من العيوب، ومع ذلك، ينبغي أن تُبنى العلاقة بين الطرفين، أياً يكونا، سواء كانوا أصدقاء أو شريكي حياة أو زملاء عمل، على الاحترام المتبادل والصدق؛ أما في حال كان أحد الطرفين يطلق العنان لوعود جميلة ومغرية لكنه لا يلتزم بتنفيذها، ويحاول اختلاق الأعذار كلما وُوجه بها، فهذا يعني أنه يزيّف المستقبل، وإليك ما تنبغي معرفته عن هذه الحالة.

محتويات المقال

ما التزييف المستقبلي؟
ما الأسس النفسية التي يرتكز إليها التزييف المستقبلي؟
7 نصائح للتعامل مع التزييف المستقبلي

هل سبق وسمعت عن شخص يغدق فتاة، أو العكس، بوعود شديدة الرومانسية مثل الخطبة والزواج وتأسيس عائلة؛ لكنّه يظل يتهرّب ولا يبذل أيّ جهد ملموس لتحويل هذه الأحلام إلى حقيقة؟ أو هل تعرف زوجاً يَعِد زوجته، أو العكس، بأنه سيتغير بدءاً من الغد ويبدأ دعمها ومساعدتها في كل شيء؛ لكنّ هذا الغد لا يأتي وتبقى تلك الوعود كلها معلّقة إلى أجل غير مسمى؟

حسناً، لنفترض أنك لم تسمع بهذه القصص سابقاً، فهل عملت مع مدير بقي يَعِدك بترقية أو مكافأة في نهاية العام؛ لكن تلك الترقية لا تتحقق قط؟ إذاً أهلاً بك في عالم التزييف المستقبلي؛ وهو أسلوب تلاعب نفسي يستخدمه النرجسيون غالباً بهدف التلاعب بالضحية وإطالة أمد العلاقة. دعونا في هذا المقال نوضح ماهية التزييف المستقبلي وعلاماته وأسسه النفسية وكيف ينبغي التعامل معه.

ما التزييف المستقبلي؟

هو أسلوب تلاعب نفسي شائع ينطوي على تقديم وعود مستقبلية دون وجود نية فعلية بالوفاء بها، وغالباً ما يستخدمه الأشخاص ذوو الميول النرجسية من أجل تحقيق رغبات حالية أو السيطرة على الآخرين والتلاعب بهم ودفعهم الى الالتزام والاستثمار في العلاقة. وعلى الرغم من أن تحديد التزييف المستقبلي يعد أمراً صعباً، فمن الضروري الانتباه إلى بعض العلامات التحذيرية عند المتلاعب؛ مثل:

يعطي الكثير من الوعود الوردية بشأن المستقبل ويتحدث عن أمور تبدو جيدة جداً إلى درجة يصعب تصديقها.
نادراً ما يفعل ما يقول إنهم سيفعله.
يتسرع أحياناً في الالتزام واتخاذ قرارات كبرى دون إتاحة الوقت الكافي للضحية من أجل التفكير والنظر فيها.
يحاول التهرب من المسؤولية عند مواجهته بوعوده الكاذبة، أو يحاول اختلاق الأعذار؛ مثل “هذا ليس الوقت المناسب”، أو “سنفعل ذلك مباشرة بعد أن يخف بعض الضغط عنا”، أو “لننتظر قليلاً ريثما أوفّر قليلاً من المال”.
نادراً ما يعتذر أو يظهر الندم على سلوكه وعواقبه.
يحاول إلقاء اللوم عليك وجعلك تشعر بالسوء في حال توقفت عن تصديقه أو حاولت انتقاده.

تنبغي الإشارة هنا إلى ضرورة مراعاة السياق والنية، فليس كل وعد نكث به شخص ما أصبح تزييفاً للمستقبل أو غدا هذا الشخص نرجسياً قليل التعاطف؛ إذ قد يفرط بعض الأشخاص في الوعود نتيجة صراعات داخلية يعانونها؛ مثل التفكير الرغائبي (أو التفكير بالتمني؛ أي تكوين الأفكار واتخاذ القرارات بناء على الأمنيات وليس الأدلة)، أو سوء تقدير الظروف، أو تجنباً للخلاف مع الطرف الآخر، أو استجابة إلى بعض الظروف المتغيرة. وعلى الرغم من أن الوعود المتكررة في هذه الحالة تؤثّر سلباً في العلاقات والصحة النفسية؛ فإنها لا تشير بالضرورة إلى الخداع المتعمد الذي يعد جزءاً من التزييف المستقبل.

ما الأسس النفسية التي يرتكز إليها التزييف المستقبلي؟

يعمل التزييف المستقبلي على فرضية بسيطة خادعة هي استغلال رغباتك واحتياجاتك العميقة ضدك، فعندما ينخرط النرجسيون وغيرهم ممن يمتلكون ميولاً تلاعبية في تزييف المستقبل، فإنهم لا يكذبون فقط؛ وإنما يصنعون قصصاً معقدة تحاكي أعمق رغباتك القلبية. سواء كان ذلك حلماً بزواج سعيد، أو حياة مهنية مُرضية، أو مغامرات مثيرة، فإن هذه الرغبات تصبح أدوات للتلاعب، تُستخدم لإيقاعك في شبكة من الوعود والأوهام الكاذبة.

ومع تقدم العلاقة، يتسع نطاق هذه الأكاذيب على نحو يجعلك أكثر إحكاماً في قبضة المتلاعب؛ أما عندما تضيق ذرعاً بالوعود التي لم يلتزم بها، فإنه غالباً ما يتخذ بعض الإجراءات لتهدئتك مؤقتاً وإثبات أن الأمر ليس سيئاً كما تتخيل؛ من ثم وبمجرد أن تشعر بالراحة والطمأنينة، فإنه يعود إلى سلوكه القديم؛ ما يؤدي إلى إدامة دورة الخداع.

المشكلة أن قدرة التزييف المستقبلي على التلاعب بالعواطف قوية إلى درجة أنها قادرة على تشويه تصورك عن الواقع مع مرور الوقت، فقد تجد نفسك تعاني تنافراً معرفياً؛ أي تعاني التفاوت الشديد ما بين المستقبل الموعود والواقع الكئيب. وبحلول الوقت الذي تدرك فيه مدى الخداع، ربما قد أضعت الكثير من وقتك وعاطفتك وطاقتك في هذه العلاقة وربما تصبح غير قادر على فصل نفسك عن المستقبل المزيف؛ لذا تتماشى ببساطة مع المتلاعب لأن الأمر أسهل من مواجهة الحقيقة المؤلمة.

7 نصائح للتعامل مع التزييف المستقبلي

يؤثّر التزييف المستقبلي سلباً في الصحة النفسية؛ إذ يجعل الضحية تعاني الشك الذاتي، وتدني احترام الذات، وانعدام الأمان النفسي، ويثير مشاعر العجز واليأس والاكتئاب وقلة الثقة في العلاقات المستقبلية. لذلك؛ لا بد من معرفة كيفية التعامل مع هذا الأسلوب، وإليك بعض النصائح الفعالة:

راقب موثوقيته: في حال كنت تشك أن شخصاً ما يتلاعب بك ويحاول تزييف مستقبلك، فحاول أن تلاحظ مدى صدقه وموثوقيته في تفاعلاته اليومية معك ومع الآخرين، واسأل نفسك إن كان يفعل ما يقول إنه سيفعله.
ثق بحدسك: إذا كانت الوعود غير واقعية أو جميلة جداً إلى درجة يصعب تصديقها، فحاول أن تأخذ استراحة من هذا النقاش أو تغيّر الموضوع، ثم فكّر فيه وفي كيف شعرت تجاهه، فإذا شعرت أن الشخص الآخر يتلاعب بك، استمع إلى حدسك.
اطلب التوضيح: عندما يقدم شريكك وعوداً كبيرة بشأن المستقبل، فاطلب المزيد من التفاصيل؛ لأن الالتزام الحقيقي غالباً ما يكون مصحوباً بخطط وإجراءات ملموسة؛ في حين يعتمد التزييف المستقبلي على وعود وأعذار غامضة.

تتبَّع الوعود: إذا كنت قلقاً من أن شخصاً ما يزيّف المستقبل ويتلاعب بك، فحاول أن تتبع الوعود التي يقطعها عليك وتتحقق منها بانتظام، فربما يسهم ذلك في زيادة شعوره بالمسؤولية ويحفّزه على الوفاء بوعوده.
تواصل بصراحة وأشِر إلى التناقضات: إذا كنت تعتقد أن شخصاً يتلاعب بك، فمن المفيد أن تبيّن أنك تدرك ما يحدث؛ أي أشِر بلطف إلى الحالات التي لا تتوافق فيها أفعاله مع أقواله. قد يساعد هذا على معالجة السلوك المتلاعب ووضع حدود في العلاقة. تذكر أنه من المهم أن تعبّر عن مخاوفك بطريقة محترمة ومتعاطفة، مع تجنُب الاتهامات؛ وإنما توضيح أنك تحاول البحث عن الوضوح والتفاهم.
ضع في اعتبارك رفاهيتك: إذا كان شريكك، أو أي شخص آخر، يرفض باستمرار تحمل المسؤولية عن أفعاله أو يُظهر نمطاً من التلاعب، فامنح الأولوية لرفاهيتك النفسية. تذكر أنك تستحق الصدق والاحترام والالتزام الحقيقي في الشراكة.
ثق بنفسك: ثق في حكمك الخاص ولا تتردد في تقييم العلاقة أو إنهائها في حال أصبحت سامة أو غير صحية بسبب التزييف المستقبلي. يقول المعالج النفسي، أسامة الجامع، إن الشخصية النرجسية شخصية تجعلك تعتقد أنك دائماً بحاجة إليها، وأنه لا يمكنك الاستقلال عنها؛ لكنك لست كذلك. تحرر منها، وتحرر من الابتزاز العاطفي.