7 خطوات لتتحرر من الحاجة المفرطة لاهتمام الآخرين وتبني ثقتك بنفسك

4 دقيقة
الاهتمام
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

مَن منا لا يتمنى أن يجذب الانتباه من وقت إلى آخر؟ أو أن يتلقى الثناء ويحظى بالتعاطف؟ فإشباع الحاجة إلى التقدير أمر طبيعي وصحي وضروري، وتأتي في المرتبة الرابعة بعد إشباع الحاجة إلى الطعام والماء والنوم والأمان والحب والانتماء، وفقاً لهرم ماسلو (Maslow's Hierarchy)؛ وهو إطار نفسي ينظِّم الاحتياجات البشرية الأساسية حسب أولويتها في 5 مستويات، وأعلاها هو تحقيق الذات.

ولكن، الرغبة في تلقي الاهتمام ونيل التقدير من الآخرين شيء، والحاجة المستمرة والملحة إلى ذلك شيء آخر، فقد تدفع الحاجة المستمرة الشخص إلى تبني سلوكيات معينة لإشباعها، فتغدو حينها أمراً غير صحيٍّ أو علامة على وجود حالة نفسية كامنة. لذلك، سنتعرف في هذا المقال إلى علامات هذه الحاجة الملحة وإلى أسباب نشوئها، بالإضافة إلى كيفية التوقف عنها.

اقرأ أيضاً: تصرفات تؤكد أنك عانيت نقص الاهتمام في طفولتك

ما هي العلامات التي تدل على الحاجة المفرطة إلى نيل اهتمام الآخرين؟

قد يتبنى الأشخاص سلوكيات معينة من أجل تلبية هذه الحاجة الملحة، وقد لا يدركون أنهم يلجؤون إلى هذه الأفعال، ومنها:

  1. التظاهر بالعجز: يتصرف الشخص وكأنه غير قادر على التعامل مع المهام البسيطة، حتى عندما يكون قادراً فعلاً، وذلك من أجل حثّ الآخرين على التدخل وتقديم المساعدة.
  2. اختلاق الجدالات أو تصعيدها: قد يسعى الشخص التواق إلى جذب الانتباه إلى افتعال الجدالات أو تصعيدها من أجل لفت انتباه الآخرين.
  3. السعي لنيل التعاطف: قد يبالغ الشخص في وصف مشكلاته البسيطة لإثارة القلق أو نيل الشفقة، أو ينخرط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر أو غير صحية من أجل جذب الانتباه والتعاطف. على سبيل المثال، قد يتصرف كما لو أن إصابة بسيطة تعرّض لها تمثّل مشكلة كبيرة لحمل الآخرين على مواساته أو الاعتناء به.
  4. تصيّد المجاملات: يسعى الشخص غالباً للحصول على المجاملات والاطراءات والمديح، عبر التقليل من شأن نفسه مثلاً أو تسليط الضوء على نقاط ضعفه لحث الآخرين على الثناء عليه أو طمأنته.
  5. المبالغة في القصص أو اختلاقها: قد يلجأ الشخص إلى الكذب أو تزييف القصص أو المبالغة فيها من أجل إثارة رد فعل قوي عند الناس، وهو ما يضمن نيل الانتباه والاهتمام الذي يصبو إليهما.

اقرأ أيضاً: مفتاح السعادة هو تحقيق التوازن بين الاهتمام بنفسك وبالآخرين

4 أسباب قد تفسر النزعة الملحة إلى نيل اهتمام الآخرين

تسهم بعض العوامل النفسية بالإضافة إلى بعض اضطرابات الشخصية في نشوء هذه السلوكيات، مثل:

  1. تدني احترام الذات: يقول المعالج النفسي، أسامة الجامع، إن الرغبة في لفت الانتباه تكون طبيعية عند صغير السن؛ لكن تزايد هذه الرغبة في الكبر، بحيث يكون دافع السلوكيات هو إبهار الآخرين ولفت انتباههم، قد يكون دلالة على خلل في نظرة الإنسان إلى نفسه؛ وكأن شخصية الإنسان لا تكتمل حتى ينال إعجاب الناس. بكلمات أخرى، يشعر الشخص أن احترامه لذاته مشروط بنيل مصادقة الآخرين ورضاهم، لذا قد يسعى إلى جذب الانتباه لتأكيد قيمته والشعور بالاطمئنان.
  2. الوحدة: للوحدة تأثير كبير في النفس، فقد تدفع الشخص، حتى الذي لا يتبنى عادة هذه السلوكيات؛ إلى نيل اهتمام الآخرين من أجل تلبية الاحتياجات الاجتماعية؛ أي يسعى إلى تعزيز التواصل الإنساني مع الآخرين حتى ولو عبر سلوكيات مصطنعة أو قائمة على إثارة الشفقة.
  3. الغيرة: إذا شعر الشخص بالغيرة أو التهديد من شخص آخر يحظى بالاهتمام كله، فقد يلجأ إلى سلوكيات معينة للفت الانتباه.
  4. اضطرابات الشخصية: ترتبط بعض اضطرابات الشخصية أيضاً بسلوكيات البحث عن الاهتمام. على سبيل المثال: ينطوي اضطراب الشخصية الهستيرية على رغبة مزمنة لأن تكون مركز الاهتمام، وغالباً ما تبدي سلوكاً استفزازياً أو مغرياً، أو تنخرط في أفعال درامية مبالغ فيها.

في حين يترافق اضطراب الشخصية الحدية مع صورة عن الذات غير مستقرة وخوف شديد من الهجر، ما يدفع الشخص للانخراط في سلوكيات متهورة أو جهود محمومة لجذب الانتباه أو الحفاظ على العلاقات. أما اضطراب الشخصية النرجسية، فيظهر معه تعظيم الذات والغطرسة والحاجة لإثارة إعجاب الآخرين، ما يدفع الشخص غالباً إلى أفعال تهدف إلى تأكيد تفوقه أو إثارة إعجاب الآخرين وجذب انتباههم.

إضافة إلى ذلك، قد تسهم حالات الصحة النفسية الأخرى، مثل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والقلق واضطراب ثنائي القطب، في ظهور سلوكيات السعي الحثيث لنيل الاهتمام من الآخرين.

اقرأ أيضاً: اتبع هذه النصائح الثلاث في أثناء حديثك لتنال اهتمام من حولك

كيف تسد حاجتك المفرطة لنيل اهتمام الآخرين وجذب انتباههم؟ إليك 7 نصائح

يمكن للسلوكيات غير الصحية الهادفة إلى نيل الاهتمام أن تضر بالعلاقات، وترهِق الأحبة، وتقوِّض احترام الذات، وتعوق النمو الشخصي. لذا من الضروري فهم أي مشكلات أساسية قد تكمن وراء هذه السلوكيات ومعالجتها، سواء كانت الوحدة أو الغيرة أو انعدام الأمان النفسي أو اضطرابات الشخصية. إضافة إلى ذلك، إليك بعض النصائح الرئيسية للتعامل مع هذه الحالة:

  1. تعرّف إلى سلوكياتك واعترف بها: تتمثل الخطوة الأولى في الاعتراف بهذه الأفعال وتحديدها، فكثير من الأشخاص الساعين إلى جذب الانتباه لا يدركون الغاية من سلوكياتهم، أو لا يعلمون أنها غير صحية. لذلك، حاوِل أن تلحظ الأوقات التي تبالغ فيها في المواقف، أو تسعى إلى نيل التعاطف، أو تحتال بطريقة أو أخرى لنيل المجاملات.
  2. دوِّن مشاعرك وأفعالك في دفتر يوميات: يعد الاحتفاظ بدفتر يوميات طريقة فعالة لزيادة وعيك بنفسك، إذ ستكتسب من خلال التتبع المستمر لمشاعرك وسلوكياتك نظرة ثاقبة إلى اللحظات التي تسعى فيها إلى جذب الانتباه والسبب وراء ذلك. يساعدك هذا في التعرف على الأنماط وتحديد طرائق أكثر صحة لتلبية احتياجاتك العاطفية.
  3. عزِّز احترامك لذاتك بطرائق صحية: يمكن أن يكون تدني احترام الذات أحد الأسباب الرئيسية للسعي إلى جذب الانتباه، لذا فإن العمل على بناء الثقة بالنفس وتعزيز احترام الذات سيقلِّل الحاجة إلى نيل المصادقة من الآخرين. يمكنك أن تنمّي صورة ذاتية أكثر استقراراً من خلال تقليل الحديث السلبي مع النفس، وإحاطة نفسك بأشخاص داعمين، والاحتفال بإنجازاتك، والتركيز على النمو الشخصي.
  4. مارِس الاستماع النشط: يمكن لتحويل التركيز من الذات وتوجيهه نحو الآخرين أن يقلل الدافع إلى البحث عن الاهتمام؛ لذا حاوِل عندما تكون مع الآخرين أن تصغي إليهم أكثر مما تتحدث، ما يساعد على بناء الثقة وتعزيز العلاقات.
  5. الجأ إلى العلاج: يمكن للمختص النفسي أن يساعدك على اكتشاف الأسباب الكامنة وراء انعدام الأمان لديك، وتوفير الوسائل اللازمة لإدارتها.

اقرأ أيضاً: ما الذي يجعل شخصيات البعض غير ناضجة؟ وكيف تكتشفها؟

كيف تتصرف مع شخص عزيز يستميت في طلب الاهتمام؟

سواء كان صديقاً أو شريك الحياة أو أحد أفراد الأسرة، إليك أهم النصائح للتعامل معه:

  1. أبدِ التفهم والتعاطف: تذكّر أن هذه السلوكيات قد تنجم عن مشكلات نفسية عميقة، مثل تدني احترام الذات أو الوحدة أو اضطرابات الشخصية، لذا فإن إدراك الصراع الأساسي يمكن أن يساعد على صياغة استجابتك بعطف.
  2. تواصَل بصراحة وصدق: قد لا يدرك الشخص الذي يسعى إلى نيل الاهتمام أنه يتصرف بطريقة تلفت الانتباه، لذا تواصل معه بلطف عمّا تلاحظه.
  3. ضع حدوداً: إن تلبية رغبته المستمرة في الاهتمام لن تؤدي إلا إلى تعزيزها؛ لذا وبدلاً من ذلك، عليك وضع حدود ثابتة لمساعدته على إدراك أن سلوكه غير لائق وغير مفيد.
  4. شجعه على طلب المساعدة: مثلما ذكرنا، قد يكون السعي الحثيث لنيل الاهتمام في بعض الأحيان أحد أعراض اضطرابات الشخصية، مثل اضطراب الشخصية الحدية أو الهستيرية، أو علامة على حالات نفسية أخرى، مثل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والقلق. لذا فإن العلاج المتخصص سيساعده على فهم سلوكياته وإدارتها، وإليك في هذا المقال كل ما تحتاج معرفته عن إقناع شخص عزيز على أن يبدأ رحلة علاجه النفسي.

المحتوى محمي